Skip to main content

Full text of "الرحلة العلمية لعلماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى"

See other formats


الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية 
République Algérienne Démocratique et Populaire‏ 
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 


Ministère عل‎ L’enseignement supérieur et de La Recherche Scientifique 


كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية جامعة الجيلالي ليابس-سيدي بلعباس 
Université Sidi Belabes Faculté des Sciences Humaines et Sociales‏ 


أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الوسيط الإسلامي 


الرحلة العلمية لعلماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى من 


القرن السابع إلى القرن التاسع الهجريين(15-13)م 


أستاذ التعليم العالي جامعة سيدي بلعباس 
أستاذ التعليم العالي جامعة سيدي بلعباس 
أستاذ محاضر -أ- جامعة سيدي بلعباس 
أستاذ التعليم العالي جامعة وهران1 
أستاذ محاضر -أ- ١‏ جامعة معسكر 


السنة الجامعية:1438-1437 ه /2016-2015م 


كال مال 
يردم ادن اموا مو والذين أوفوأ أل 
0 002 بر © 4 


المج ادلة: 1 


كلمة شكر وتقدير 

بعد بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الكريم» أشكر الله مولاي وخالقي الذي من 
علي بإتمام هذا العمل. 

أهدي هذا العمل إلى الذين عاشوا من أجل أن أحياء من أجل أن أصيرء إلى أمّي وأبي والى جميع 

ومن باب الاعتراف بالجميل» أتوجّه بالشكر والامتنان الكبير إلى الأستاذ الدكتور خالد بلعربي» الذي 
تفصّل مشكورا بقبول الإشراف على هذا البحث» أحيي فيه روح البحث العلمي الصارم» بملاحظاته السديدة 
حيث كان بمثابة الموجّه الناصح» والأستاذء بتواضعه الرّفيع وأخلاقه العالية فلم يبخل علي بتوجيهاته الدّقيقة: 
فجزاه الله ا أخشة الجزاء . 

كما أتوجّه بخالص الشكر إلى الأستاذ الدكتور الفاضل بوباية عبد القادر الذي ساعدني ووضع مكتبته 
رهن إشارتي» كما أجزل خالص الشكر للأستاذة الدكتورة بلهواري فاطمة على نصائحها القيمة» وكذلك أتقدم 
بالشكر الجزيل للأستاذ الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش على ما قذمه لي من توجيهات علمية سديدة من 
خلال الج-لسات العلمية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس سنة 2006. 

كما أتقدّم بالشكر الجزيل وبالغ الامتنان إلى الأساتذة الأفاضل أعضاء لجنة المناقشة لقبولهم المشاركة 
في مناقشة هذه الرسالة» فلهم مني كل الاحترام والتقدير. 

وأخيرا أتقدم بالشكر الجزيل والتقدير والاحترام لكل من وقف بجانبي من قريب أو من بعيد في سبيل 
إتمام أطروحتي وأخص بالذكر الأساتذة الأفاضل: مغزاوي مصطفىء قاسمي بختاوي حفصة معروف› 
وغيرهم من الزميلات والزملاء الأفاضل. 


شكّل التواصل العلمي بين مختلف الأقطار والمدن الإسلامية في العصر الوسيط 
ظاهرة حيوية فعَالة ساهمت في نقل واشاعة عناصر التطور الحضاري والفكري بين 
مختلف الحواضر والمراكز العلمية الإسلامية» ولم يخرج المغرب الإسلامي عموما عن 
هذه الظاهرةء فقد ساهم التواصل الحضاري بين المغربين الأوسط والأدنى في بروز 
حواضر علمية أسّست لحركة علميّة كان لها شأن كبير في تطوير البُنى العلمية 
والمنهجية لمختلف العلوم» ومن أهم الحواضر التي ساهمت في امتداد هذه الحركة 
التواصلية في المغربين الأوسط والأدنى خلال فترة البحث تلمسان وبجاية وتونس 
والقيروان. 

ولا بأس من الإشارة إلى أن هذه الحواضر العلمية في المغربين الأوسط والأدنى 
امت حضورهما العلمي إلى غاية أواخر العصر الوسيط وينسب متفاوتة وكانت حرارة 
التفاعل العلمي فيهما قائمة على امتداد هذه الفترة أخدًا وعطاءًء واستطاعت بهذه 
العلاقة أن تشارك بقوّة في صياغة القواعد الأساسية لانصهار مجتمعين وانسجام 
جغرافي وثقافي» ليس على مستوى المغرب الأدنى بفعل هذا التواصل»ء ولكن على 
امتداد مساحة هذا التواصل في شقيه الزماني والمكاني. 

وبحكم أهمية هذا التواصل العلمي بين المغربين الأوسط والأدنى» عزمنا في 
بحثنا هذاء والموسوم ب " الرحلة العلمية لعلماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى من 
القرن السابع الهجري إلى القرن التاسع الهجري / الثالث عشر و الخامس عشر 
الميلاديين".على الإجابة على بعض التساؤلات والإشكالات التي اعترضتناء ومن 
أبرزها: 

- هل أثرت العلاقات السياسية المضطرية على العلاقات الثقافية وحركية العلماء 


بين المغربين الأوسط والأدنى؟ وفيما تكمن عوامل ذلك؟ وأين تبرز مظاهر التواصل 


العلمي بين المغربين؟ وما هي الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب 
الأدنى؟ و ما هي أهم المؤلفات التي ساهمت في إثراء الحركة العلمية؟. 

هذه الأسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليهاء في الصفحات اللاحقة من البحثء 
وقد دفعنا إليه جملة من الدوافع» من بينها: 

- الميل الشخصي لمثل هذه المواضيع التي تؤرخ للتواصل العلمي بين أقطار 
المغرب الإسلامي خلال الفترة الوسيطية. 

- ندرة الدراسات الأكاديمية المتكاملة حول موضوع الرحلة العلمية بين المغريين 
الأوسط والأدنى خلال الفترة محل الدراسة» وإن وجدت فنجدها قد اقتصرت على 
معالجة الموضوع بالتحدّث على العلاقات الثقافية التي كانت موجودة بينهماء أو 
الإشارة إلى ظاهرة التصوف في المغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع 
الهجربين / الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين» كرسالة الماجستير التي قام 
بانجازها الباحث بلحسن إبراهيم من جامعة تلمسان تحت عنوان: " العلاقات الثقافية 
بين المغريين الأوسط والأدنى من القرن السابع إلى القرن التاسع الهجريين/ الثالث 
عشر والخامس عشر الميلاديين " و نوقشت الرسالة خلال السنة الجامعية (2004م- 
5م ). تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الحميد حاجيات» والملاحظ أنها أغفلت 
الكثير من الدراسات والمصادر القيّمة التي كان بالإمكان الحصول عليها من أجل 
معالجة جوانب هامة عن رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى» وابراز 
انتاجهم الفكري وتظهير إسهاماتهم العلمية هناك. 

ومن الدراسات كذلك» العمل الذي أنجزه الباحث محمد مكيوي تحت عنوان 
"العلاقات السياسية والفكرية المغاريية للدولة الزيانية منذ قيامها حتى نهاية عهد أبي 
تاشفين الأول (633ه-1235م/737ه-1337م)" وهي أطروحة دكتوراه في الفنون 
تحت إشراف الدكتور الغوثي بن سنوسي» نوقشت بجامعة تلمسان خلال السنة 


الجامعية (2008-2007) ركز الباحث في رسالته على الجانب السياسي المبني على 
تلك الصراعات دون تسليط الضوء على الجانب الفكري المتمثل في تلك الحركة العلمية 
التي عرفتها المنطقة نتيجة لعدة عوامل دون الجانب الفكري» لذا جاءت دراسته للحياة 
الفكرية مقتضبة» وغير شاملة. 

- رغبتي في تناول هذا الموضوع بوصفه دراسة مستقلة وعميقة مع محاولة» ما 
أسعفتني قراءتي للمصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع» تسليط الضوء على بعض 
الحقائق التاريخية عن أهمية الرحلة في توطيد وتقوية الصلات والروابط الثقافية 
والعلمية بين حواضر المغرب الإسلامي وفي مقدمتها حواضر المغربين الأوسط 
والأدنى. 

- إضافة إلى الدوافع الذاتية» والمتمثلة في تخصصناء إبَّان المرحلة النظرية 
للماجستير» في دراسة تاريخ المغرب الأوسط الحضاري في العصر الوسيطء مما أدى 
إلى ميلنا إلى المواضيع المتعلقة بالمغرب الأوسط » فأردنا من خلال هذا العملء 
المساهمة» بالقدر القليل» في كتابة تاريخ المغرب الإسلامي» وإثراء المكتبة التاريخية 
العربية. 

وتكمن أهمية هذه الدراسة في» اعتقادناء في جملة من النقاط لعل أهمّها: 

- محاولة الخروج عن أغلب الدراسات الحديثة» التي انصبت للتأريخ للعلاقات 
السياسية بين المغرب الأوسط والمغرب الأدنى دون الولوج في الموضوعات الفكرية 
والعلمية. 

- تبيان مدى تطور التواصل الحضاري بين المغربين» رغم الصراعات السياسية 
التي كانت قائمة بينهما إِبّان الفترة موضوع الدراسة. 

- إبراز الإنتاج الفكري للكثير من علماء المغرب الأوسط الذين شدّوا الرحال نحو 
المغرب الأدنى ومساهمتهم في تطور الحركة العلمية وازدهارها هنالك. 


وانسجاما مع قضايا البحث المتعدّدة» والمناهج المعتمدة» فقد تخ تقسيم الموضوع 
إلى مقدمة ومدخل وأربعة فصول وخاتمة. 

فالفصل الأول عنوناه ب" دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب 
الأدنى" و تناولت فيه منزلة المغرب الأدنى العلمية في الفترة وركّزت خاصة على ذلك 
الرواج العلمي السائد و الذي ميّزته حرية النقاش والحوار العلميين. 
ضف إلى ذلك وفرة المؤسسات التعليمية والمكتبات وكذلك اختصاص القيروان بالعلوم 
الفقهية. كما تطرقت كذلك إلى الرغبة في الاستزادة العلمية ولقاء الشيوخ التي كانت 
تحذو الطلاب والعلماء على حدّ سواء» ثم إلى المناخ السياسي بالمغرب الأوسط الذي 
دفع بالكثير من علمائه إلى شد الرحال نحو المغرب الأدنى. 

بينما خصصّت الفصل الثاني الموسوم ب" تطور الحركة العلمية ومظاهرها 
بالمغرب الأوسط بين القرنين السابع والتاسع الهجريين الثالث عشر والخامس عشر 
الميلاديين", للحديث عن العوامل التي أت لازدهار الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 
خلال هذه الفترة» ثم إلى العلوم المختلفة التي شملتها الحركة العلمية. 

أما الفصل الثالث : المعذون: ي" الاتشغالات: العلمية لغلماع. المغرب الأوسط 
بالمغرب الأدنى" فتعرضت فيه إلى أهم العلوم التي كانت متداولة في المغرب الأدنى؛ 
و بينت فيه منافسة علماء المغرب الأوسط للكثير من أقرانهم من علماء المغرب 
الأدنى في مختلف العلوم» بما في ذلك تولي بعضهم مناصب إدارية هامّة داخل 
اللطة الخقصيية: 

وآخر فصول الأطروحة وَسمناه ب " الإنتاج العلمي لبعض علماء المغرب الأوسط 
بالمغرب الأدنى" وتعرضت فيه إلى إسهامات علماء المغرب الأوسط وظاهرة تأليف 


المصنفات» ثم إلى الإنتاج العلمي لبعض علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى في 
مجال العلوم النقلية والعلوم العقلية. 

وأنهينا عملنا بخاتمة» سعينا فيها إلى تدوين أهم النتائج التي توصل إليها البحث. 

و لاستغلال المادة التي حصلنا عليها من المصادر والمراجع» والاستفادة منها 
بشكل علمي سليم» اعتمدت على إجرائي الوصف. و التحليل. 

استعملت الإجراء الوصفي في الفصلين الأولين من الدراسةء وذلك عند تحدّثنا 
عن دوافع وأسباب الرحلة» ثم تطور الحركة العلمية ومظاهرهاء ووظفت الإجراء 
التحليلي لدى التحدّث عن الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى؛ 
واسهامهم العلمي في الفصلين الثالث والرابع. 

أهم مصادر ووثائق الأطروحة : 

ولانجاز هذا العمل تطلب متا الأمر الرجوع إلى كل ما قدمته المصادر المعتمدة 
من مضامين تاريخية دون تغييب أي حدث أو نص كيفما كانت طبيعة المعلومة» لأن 
ما احتفظت به تلك المصادر يبقى له أهمية كبيرة» وفي كل الأحوال أمدتني المصادر 
التاريخية خاصة كتب التراجم بمادة معرفية ساعدتني في إعطاء صورة عن علماء 
المغرب الأوسط ورحلتهم إلى المغرب الأدنى إِبّان فترة الدراسة ونذكر من أهمها: 

- الد المخطوطة: 

من خلال إطلاعي على فهارس المكتبة الوطنية بالعاصمة»؛ والمكتبة الوطنية 
المغربية وقفت على نصوص مخطوطة أمدتني بمعلومات حاولت توظيفها حسب 
أهميتها بالنسبة لعناصر الفصول ومن أهمها: 

المجموع: نسخة ميكروفيلم» الخزانة العامة الرياط رقم20» هو عبارة عن نص 
مخطوط لابن مرزوق الخطيب توفي صاحبه سنة (781ه/1379) وقد اعتمدت 


عليه نظرا لما تضمنه من تراجم لعدد من مشاهير العلماء والفقهاء والصلحاء خلال 
هذه الفترة من البحث. 
كما وقفت بمكتبة الرياط على مخطوطين هامين اثنين؛ الأول بعنوان: " زبدة 

التاريخ وزهرة الشماريخ " بالخزانة الحسنية تحت رقم 170 » والثاني " فضل الخطاب في 
نثر ابن الخطاب" بالخزانة الملكية العام تحت رقم 4605 ورقة 40-39 وقد استفدت 
منهما أيّما استفادة في هذه الدراسة. 

المصادر ١‏ عةه: 
و سعيا متا وراء جمع المادّة لاستيفاء الموضوع حقهء فقد اطلعنا على عدد من 
المصادر والمراجع التي لها صلة به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة منها: 
أولا- كتب التاريخ: 

- الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية لأبي العباس أحمد بن الحسن بن علي 
الخطيب بن قنفذ القسنطيني (ت 810ه/1408م)ء قام بتحقيق هذا الكتاب ونشره 
الأستاذان محمد الشاذلي النيفر وعبد المجيد التركي. 

هذا المصدر يؤْرّخ للدولة الحفصية من بداية تأسيسها إلى غاية عهد أبي فارس 
عبد العزيز (839-797ه/1435-1394م)» وقد عرض فيه مؤلفه بإيجاز سير الحگام 
الحفصيين مع التركيز على أهمّ الحوادث التاريخية. 

احتوى المصنف على مادّة تاريخية مهمّة عن تاريخ الدولة الحفصية» وكذا 
حاضرة بجاية من الوجهة السياسية على اعتبار أنها كانت تحت النفوذ الحفصي. 

- تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية لمحمد بن ابراهيم الزركشي (ت 
4ه/1488م) اشتمل هذا الكتاب على معلومات جذ قيّمة ودقيقة عن دولتي 
الموحّدين والحفصيين» وقد قسّمه صاحبه إلى قسمين اثنين؛ الأول ضمنه الحديث عن 
دولة الموحدين» بينما القسم الثاني فخصصه للحديث عن الدولة الحفصية إلى غاية 
سنة (839ه/1435م) وهي السنة التي تولّى فيها السلطان أبو عمر عثمان الحكم في 
الدولة الحفصية. 


ويعذ هذا الكتاب من المصادر المهمة» حيث أمدنا بمعلومات دقيقة عن مدينة 
بجاية والدولة الحفصية خلال الفترة المدروسة. 

- "كتاب المؤنس في أخبار إفريقية وتونس" لأبي عبد الله محمد بن أبي قاسم 
الرعيني المعروف بابن أبي دينار القيرواني (ت 1110ه/1698م)» يتضمن هذا 
المصدر الحوادث التي عرفتها إفريقية من الفتح الإسلامي إلى غاية دخول العثمانيين 
إلى تونس» كما تضمن تراجم لسلاطين وأمراء الدولة الحفصية. 

- " المقدمة " لعبد الرحمن بن خلدون (ت 808ه/1406م) تحقيق علي عبد 
الواحد وافيءلجنة البيان العريي» ط2ء 1384ه/1965م اول قيها دراسة ما متعاق 
بالعمران البشري من قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية وعلمية» وفيها عقد 
فصلا للعلوم التي عرفها العمران البشري الإسلاميء وقد استفدنا من هذه المقدمة فيما 
يخص ترتيب العلوم بالمغرب الإسلامي مقارنة بالمشرق» وكذلك معرفة أهمّ المصنفات 
المتداولة ببلاد المغرب الإسلامي هذا بالإضافة إلى الاطلاع على مناهج التعليم التي 
كانت سائدة ببلاد المغرب» وكذلك طبيعة التأليف في العلوم التي تميّز بالاختصار 
والإيجاز وكيف كان موقف ابن خلدون منه. 

وتكمن أهمية هذا الكتاب من خلال مساهمة صاحبه هو الآخر في إثراء 
الحركة العلمية لبلاد المغرب تأليفا وتدريسا. 
ثانيا- كتب التراجم وا 

- نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأبي العباس بن أحمد بن عمر بن محمد المعروف 
ببابا التبكتي (ت 1036ه/1627م): نشر نيل الابتهاج في طبعة حجرية بفاس 
(1329ه و 1351ه) على هامش ديباج ابن فرحون. 
هذا المصدر من المصادر المهمة» حيث احتوى على تراجم العلماء والمذهب المالكي؛ 
وقد أفادنا كثيرا في المجال الثقافي حول علماء المغرب الأوسط وعلى رأسهم علماء 
مدينة بجاية وتلمسان واسهاماتهم العلمية. 

- عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية لأبي العباس أحمد 
بن أحمد الغبريني (ت 704ه/1304م) نشره لأوّل مرة الدكتور محمد بن أبي شنب 
سنة 1910م, ثح قام الأستاذ رابح بونار بتحقيقه» وطبع بالجزائر عام 1971م ثمّ نشره 


ر 


عادل نويهض في بيروت» وصدرت له طبعتان الأولى في 1929م والثانية 1979م: 
والمصدر عبارة عن تراجم لعلماء بجاية» حيث ضح مائة وثمانية ترجمة لرجال العلم 
والفقهاء والتصوف والأدب خلال القرن السابع( /13م)» كما يشير إلى عدد كبير من 
المساجد والزوايا التي أنشئت بحاضرة بجاية التي كان يقصدها هؤلاء العلماء 
والمتصوفة. 

- البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم التلمساني المتوفي سنة 
4ه/05مم). يعد من أهمّ المصادر التي اعتمدنا عليها بشكل كبير» نظرا لعلاقته 
الوطيدة بتراجم الموضوع» حيث ترجم فيه صاحبه لاثنين وثمانين ومائة من العلماء 
والأولياء الذين ولدوا بتلمسان أو عاشوا فيها أو انتسبوا إليهاء فأورد لنا من خلاله 
إشارات عن آثارهم الفكرية خاصّة في مجال العلوم وبكلٌ أنواعهاء كما تطرّق لأسماء 
شيوخهم وتلامذتهم والكتب التي عرفت تداولا في عهدهمء ومن بين هؤلاء العلماء في 
الفترة المدروسة علماء المغرب الأوسط كما أثه يمكن من خلال هذا الكتاب معرفة 
الحركة الفكرية التي عاشها المغرب الأوسط بما فيها عاصمته تلمسان. 

هذا إضافة إلى كتب أخرى منها: 

- كتاب الوفايات لابن قنفذ القسنطيني (ت 810ه/1408م)» وكتاب شجرة النور 
الزكية في الطبقات المالكية لمحمد بن مخلوف. 
ثالثا- كتب النوازل الفقهية: 

- كتاب الدرر المكنونة في نوازل مازونة لأبي زكريا يحي بن موسى المازوني (ت 

3ه|) الذي توجد منه نسخة مخطوطة في مجلدين بالمكتبة الوطنية 
بالجزائر» الجزء الأول يحمل رقم 1355 والثاني رقم 1336. 
وتعود أهمية هذا الكتاب في إعطائنا صورة واضحة على مدى التطوّر الذي وصل إليه 
علم الفقه المالكي ببلاد المغرب الأوسط خلال القرن التاسع الهجريء والذي أصبح 
عبارة عن نوازل» كما احتفظ لنا هذا الكتاب بكثير من فتاوى علماء بلاد المغرب 
الأوسطء وأمدّنا بمعلومات قيّمة عن الدولة الزيانية في جميع المجالات الحياتية 
كالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والدينية. 


- كتاب المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب 
لأحمد بن يحي الونشريسي (ت 914ه/1508م)» يعد هذا المصدر من أبرز الكتب 
في الفقه المالكي» وتتمثل أهميته في نقله لفتاوى علماء وفقهاء المغرب المتعلقة 
بالجانب الاقتصادي والاجتماعي ولاسيما الجانب الثقافي حيث أماط اللثام عن الأحوال 
التي كان عليها التعليم في المغرب الأوسط على عهده مشيرا إلى تنوع المؤسسات 
التعليمية من كتاتيب ومساجد ومدارس وزواياء وبيّن واجبات المعلّمين» وظروف 
تمدرس الصبيان والعلاقة بين المعلّمين وأولياء التلاميذء كما أكّد صاحب المعيار على 
وجود المناظرات العلمية ويروز الأسر العلمية كأسرة العقباني وأسرة ابن مرزوق اللتان 
أنجبتا علماء أجلاء ذاع صيتهم مشرقا ومغرياء كما نوّه بالمجهودات التي بذلها 
السلاطين والحكام من بني مرين وبني زيان في سبيل تشجيع الحركة العلمية في 
المغرب الأوسط في أواخر عهد بني زيان مبرّرا ذلك بإسناد هذه المهمة النبيلة إلى 
المهتمين من بني الإنسان» وغير ذلك من الجوانب التي تتعلّق بالبحث. 
رابعا - كتب الجغرافيا والرحلات: 

- التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا لعبد الرحمان بن خلدون 
(808ه/1406م) تحقيق وطبع محمد بن تاويت الطنجي وذلك بالقاهرة عام 1951م. 
هذا المصدر عبارة عن سيرة ذاتية لحياة الرجل ومشواره العلمي» وقد أفادنا في ترجمته 
لبعض علماء المغرب الأوسط من الذين أخذ عنهم. 

- رحلة القلصادي نسبة إلى أبي الحسن علي القلصادي المتوفى سنة 891 ه / 
6م) وتكمن أهميتها في أنها تعطينا صورة واضحة عن الحالة الفكرية في بلاد 
المغرب الإسلامي» ومظاهر التواصل الثقافي مع بلاد المغرب الأوسط والأدنى وحتّى 
مع المشرق الإسلامي. 

- الرحلة المغربية للعبدري البلنسي المتوفى في أواخر القرن السابع ه(/13م) 
المسماة كذلك "برحلة العبدري"» بدأها من المغرب الأقصى سنة 681ه/1282م) باتجاه 
المشرق العريي» حيث وصف في رحلته الآثار القديمة والأماكن المختلفة في مدن 
المغرب الإسلامي التي مر بها مثل تلمسان» و مليانة» وبجاية» وقسنطينة» وبونة» كما 
أشار في رحلته هذه إلى تراجم الكثير من أعيان العلم والأدب في المنطقة. 


ط 


- الروض المعطار في خبر الأقطار لعبد المنعم الحميري (ت900ه/1494م) يعد 
هذا المصدر من المصادر الجغرافية» به تعاريف لمختلف المدن مرتب حسب الحروف 
الأبجدية» وقد أفادنا في التعريف ببعض المناطق التي وردت علينا في الدراسة. 
ولم تقتصر هذه الدراسة على الاعتماد على المصادرء بل اعتمدنا أيضا على مجموعة 
من المراجع والدراسات الحديثة» التي قمنا بتصنيفها إلى: 
- الدراسات والأبحاث الحديثة العربية و المترجمة: 
من بين الدراسات الحديثة التي اعتمدنا عليها في بحثا هذا نذكر: 
- كتاب تاريخ إفربقية في العهد الحفصي من القرن 13م إلى نهاية القرن 15م» لروبير 
برانشفيك» وهو في جزئان» وقد قام بترجمته حمادي الساحليء وهو يعد من الدراسات 
المتخصصة عن تاريخ افربقية الحفصية» خصوصا فيما يخص الانتاج الفكري الذي 
تميزت به خلال القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي. 
- كتاب " أبو حمو موسى الزباني حياته وآثاره" لعبد الحميد حاجيات. 
- كتاب تلمسان في العهد الزياني 'لعبد العزيز فيلالي". وهو يتكون من جزئين 
خُصص الأول لدراسة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية» أما 
الثاني» فدرس الأوضاع الثقافية لدولة بني زيان وهو الكتاب الذي اعتمدنا عليه كثيرا 
نظرا لعلاقته بطبيعة الموضوع. 
-كتاب التعليم بتلمسان في العهد الزياني» لعبد الجليل قريان» الذي قدم فيه مادة غنية 
حول المؤسسات التعليمية والحياة الثقافية بالمغرب الأوسط خلال الفترة المدروسة. 
- كتاب معجم أعلام الجزائر من صدر الإسلام حتّى العصر الحديث» طبعة مؤسسة 
نوبهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر 983م» والذي سلط لنا الضوء على الكثير 
من الأعلام الجزائر في العصر الوسيط. 
- كتاب العلماء الجزائريون في البلدان العريية الإسلامية ما بين القرنين الثالث والتاسع 
عشر الميلادين (03ه/19م)» لمؤلفه عمار هلال»ء طبعة ديوان المطبوعات الجامعية 
الجزائرية 1995م والذي عرفنا على اتجاهات رحلة علماء المغرب الأوسط المختلفة 
والمتنوعة ودوافعها والذي خذمنا كثيرا في الموضوع. 


- كتاب الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي لألفريد بيل» وقد قام بترجمته عبد 
الرحمان بدوي. 

هذاء إضافة إلى مجموعة من المقالات ذات صلة بالموضوع» كما اعتمدت 
على مجموعة من الدراسات المخطوطة كأطروحات الدكتوراه والماجستير منها أطروحة 
بودواية مبخوت» " العلاقات الثقافية والتجارية بين المغرب الأوسط والسودان الغريي 
خلال عهد بني زيان"» و" المظاهر الحضارية في عصر بني حفص" لمبطي 
المسعودي جميلةء و" العلاقات الثقافية بين المغربين الأوسط والأدنى" لبلحسن إبراهيم. 

وفي الأخير لا يخفى على أي باحث في هذا المجال تلك الصعوبات العديدة 
التي تقف عثرة في طربقهء وإننا نحسب تبعثر المادة العلمية في مختلف المكتبات 
داخل الوطن وخارجه من أهم الصعاب التي واجهتناء إضافة إلى صعوبة الحصول 
على تلك المخطوطات الهامة المتعلقة بالموضوع نظرا لاحتكارها من طرف بعض 
الجهات الخاصة أفرادا ومؤسسات. 
ينضاف إلى ذلك أن معظم إنتاج هذه الفترة مازال مخطوطا وغير محققء كما أن 
المصادر والمراجع التي اهتمت بدراسة الإنتاج العلمي لعلماء المغرب الأوسط في 
العصر الوسيط لم تطلعنا إلا بكم قليل من ذلك الإنتاج الكثير الذي ساهم به 
أصحابه في إثراء الحركة العلمية خلال الفترة المدروسة. 

هذاء ويبقى باب البحث مفتوحا لغيرنا من الدارسين والمحققين لكي تكتمل على 
أيديهم صورة الرحلة العلمية والتبادل العلمي في حواضر المغربيين. وعلى الله قصد من 
السبيل فهو نعم المولى ونعم الوكيل. 


بوكرديمي نعيمة 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


شهد الوضع السياسي لبلاد المغرب الإسلامي تطورا كبيرا جراء ضعف دولة 
الموحدين'» فقد عرفت المنطقة في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي انقساما 
سياسيا نجم عنه قيام ثلاث دويلات مستقلة» الحفصيون” في افريقية نجحوا في تأسيس 
دولة لهم في الجزء الشرقي وجعلوا عاصمتها تونس عام (625ه/1227م)3 وينو عبد 
الواد أو الزيانيون في المغرب الأوسط؛ تمكنوا من تأسيس دولة لهم عام (633ه/1235م) 
واتخذوا من تلمسان عاصمة لهمء وينو مرين في المغرب الأقصى تمكنوا بعد قضائهم 
على النفوذ الموحدين نهائيا من تأسيس دولة سنة (668ه/1295م) » وجعلوا عاصمتها 
ا 


زللإشارة فة طت العلاقات: السيانية ميق وات الفغرت السلا فة غامة 


1 


والمغريين الأوسط والأدنى بصفة خاصة بطابع العداء المستمرء والتنافس الشديدء وذلك 


لأن كل واحدة منهما كانت تعتبر نفسها صاحبة الحق الشرعي في وراثة دولة الموحدين 


أ - ينظر البيدق» أخبار المهدي بن تومرت» تحقيق عبد الحميد حاجيات» المؤسسة الوطنية للكتاب» 
ط2 الجزائر 1986» ص75. 

2- ينظر الزركشيء تاريخ الدولتين الموحدية والحفصيةء تحقيق محمد ماضورء المكتبة العتيقة» تونس 
(د.ت.ط) 1966» ص ص 18-15. 

3- ابن عذاري المراكشي» البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب» قسم الموحدين» نشر كلية 
الآداب جامعة محمد الخامس الرياط 1963ء ج5» ص375. 

“ - ينظر حول ذلك» ابن خلدون» العبر وديوان المبتدأ أو الخبر في أيام العرب والعجم والبرير ومن 
عاصرهم من ذوي السلطان الأكبرء مطبعة بولاق المصرية» 1284ه/ م» ج7» ص حص 72-54. 

5 - يحي بن خلدون» بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الوادء تحقيق عبد الحميد حاجياتن 
المكتبة الوطنية»ء الجزائر 1980ءج1»ص ص 85-84 التنسي محمد بن عبد الله نظم الدر 
والعقيان» في بيان شرف بني زيان » تحقيق محمد بو عيادء المؤسسة الوطنية للكتاب» 
الجزائر ٠1985»ص‏ ص 112-111. 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


ومن ثم كانت تسعى جاهدة إلى الاستحواذ على أكبر قسم من أملاكهم وتوسيعه إلى 
حدود تؤمن بها الخطر من جارتها!. 


ومن هذا المنطلق» فقد حاول أبو زكرياء الحفصي” الاستيلاء على الدولة الزبانية؛ 
وخصوصا بعدما علم أن العاهل الزياني يغمراسن” قد تمكن من توطيد علاقات مع الدولة 
الموحدية» خصوصا على عهد الخليفة الرشيد الموحدي *» ومن ثم تبادل السفارات 
والهدايا بينهما.” 

أثارت هذه العلاقات الطيبة التي جمعت بين البلاطين الموحدي والزياني 
(639ه/1212م)؟ غضب واستياء الحفصين بتونس» حيث اعتبروا هذا التقارب تهديدا 


لسلامتهم واستقرارهم» وما زاد الطين بلة هو تحرك شيوخ قبائل المغرب الأوسط وعلى 


1 


رأسهم عبد القوي أمير قبيلة توجين” الزدانية» وبعض أولاد منديل بن عبد الرحمن" أمراء 


أ - عبد الرحمن بن خلدون» العبر العبر ودوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبرير ومن 
عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» مطبعة بولاق المصرية» 1284ه » ج7 ص 78 . 

2 العاله الإسلامي ورجالهاء دار العلم للملايين» ط1ء 1193ء 
ص59. 

ر و وو ا a a‏ 

- ينظر الزركشي تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية» المصدر السابق» ص163. 

5 - عبد الرحمن بن خلدون» العبر المصدر السابق ٠‏ ج7 ص 89 يحي بن خلدون» المصدر 
السابق »ج1؛»ص 205 

° -هناك تضارب في آراء المؤرخين فيما يخص السنة التي تمت فيها الاتصالات بين الطرفين» فعبد 
الرحمن ابن خلدون يرى أنها تمت سنة 637ه-1239م» بينما يذهب أخوه يحيى إلى أنها تمت سنة 
9ه مه أما ابن عذاري المراكشي فيرجعها إلى سنة 460ه/1241م» ينظر عبد الرحمن 
ابن خلدون» العبرء ج7» ص89» يحيى ابن خلدون» بغية الرواد» ج1» ص205», ابن عذاري 
المراكشي» البيان المقرب»:قنيم الموحدين» ج5 ضن360: 

-بنو توجين» كانوا من ألد أعداء بني عبد الواد مما جعل دولة بني عبد الواد أو بني زيان تجتاح 
أراضيهم من حين لآخرء كانوا يتواجدون في عدة مناطق مثل منطقة التيطري» أراضي صنهاجة؛ 

2 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


قبيلة مغرواة” الزيانيةء حيث اتصلوا بأبي زكرياء الحفصي وحرضوه على التحرك نحو 
شوال (699ه/1241م) نحو تلمسان» وجهز لهذه الحملة جيشا ضخما“ وصل به إلى 


أسوار المدينة في نهاية شهر محرم (641ه/1242م)”. 


أما بالنسبة ليغمراسن فقد أفلت من قبضة الحفصينء ولجأ إلى الجبال المجاورة 
لتلمسان مع عائلته ومجموعة من أنصاره؟ تاركا عاصمته في يد أبي زكرياء الذي عرض 


حكمها على أفراد بني زيان وبني حفص» لكن أحدهم لم يجرء على ذلك في وجود 


الونشريس وإقليم السوس» ينظر حول ذلك ابن خلدون» العبرء المصدر السابق »ج7» ص ص 318- 
9. 

Belahamisi (M)« Histoire 06 ينظر حول ذلك» ابن خلدون» العبر› ج7 ص64 كذلك.‎ - 1 
Mazouna (des origines a mosjours) S.N.E.D Alger, 1981 pp 25-29. 

2- ينظر عبد الرحمن ابن خلدون» العبرء المصدر السابق »ج7» ص50 التنسي» المصدر السابق » 
ص118 . 

3 - عن تعداد هذا الجيش ينظر ابن عذاري المراكشيء البيان المغرب» المصدر السابق »ءص361› 
ابن قنفدء الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية» تحقيق محمد الشاذلي» وعبد المجيد التركيء الدار 
التونسية للنشرء تونس» 1968 ص109 الزركشي تاريخ الدولتين»المصدر السابق »> ص09. 

4 - لقد تضاربت الروايات حول تاريخ وصول الحملة» فحسب كل من يحيى ابن خلدون وأخيه عبد 
الرحمن فقد كان وصولها في شهر محرم سنة 640ه/1242م» بينما ذكر المراكشي أن وصول 
الحملة أمام تلمسان كان في شهر ربيع الأول سنة 640ه/1242» ويبدو أن الرأي الأول أقرب إلى 
الصواب باعتبار أن الحملة الحفصية حسب الرأي الثاني تكون قد استغرقت حوالي ستة أشهر لتصل 
من تونس إلى تلمسان»ء وهو مالا يتفق مع المسافة الفاصلة بين الدولتين خصوصا وأن هذه الحملة 
لقيت كل التسهيلات بانضمام قبائل أخرى. 

° - هناك اختلاف حول تحديد تاريخ دخول أبي زكريا الحفصي تلمسان» على أن هناك من يرى أن 
تاريخ الدخول إلى تلمسان تم سنة 640ه/1242» ينظر حول ذلك يحيى بن خلدون» المصدر 
السابقء ج1» ص 205» الزركشيء تاريخ الدولتين» ص29» التنسي» المصدر السابق » ص118. 

° - الزركشيء المصدر السابق» ص29. 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


اتن واا کل .في :هاون ای تتم شملع مع والدة غر وط الفا 


نيابة عن ابنها.! 


وعليه يتضح» أن الولاء الزياني الحفصي يبدأ مع هذا الاتفاق الشهير الذي ثم بين 
والدة يغمراسن 'سوط النساء" وأبي زكرياء الحفصيء حيث يذكر في هذا الإطار أن 
يغمراسن أرسل والدته إلى أبي زكريا الحفصي لتقديم مراسيم البيعة نيابة عنه» وقد قبلها 
أبي زكرياء راضيا عن ولدهاء فاغتنمت والدة يغمراسن يومئذ هذه الفرصة وقدمت للسلطان 
اقتراحا يتضمن طلب الإعفاء عن يغمراسنء والسماح له بالعودة إلى رئاسة قومه من بني 
عبد الواد أو بني زيان تحت طاعة الخليفةء فعقد لها أبي زكريا بذلك كله» وأذن بعودة 
يغمراسن إلى تلمسان مقابل الولاء والتبعية السياسية وذلك من خلال التصرف في أهلها 
وأموالها نظير مواقفه العدائية لبني عبد المؤمن في مراكش” وقبل عودة أبي زكرياء 
الحفصي إلى بلاده» ولأنه كان يدرك ما كان يكنه يغمراسن من الحقد والضغينة للحفصين 
فأقطع القطائع حول تلمسان» وأحدث إمارات في توجين ومغراوة ومليكش» وقلد كل من 
عبد القوي بن عطية التوجيبي» والعباس بن منديل المغراوي ومنصور المليكشي ملوكا 
منافسين ليغمراسن*» وجعلهم يراقبونه» فكانوا بمثابة السد الحصين أمامه والشوكة في 


ظهره ليعيقنه عن التحرك نحو الشرق.4 


1 - ابن خلدون » المصدر السابقءج6» ص ص 81-80. 
۶ - ابن خلدون (يحيى بن محمد) » المصدر السابق » ج1» ص205» التنسيءنظم الدرء المصدر 
السابق »> ص 118. 
سيد نارول للقي »لمان لني اليه ی ر ر ا ای 1202002 
ص 22. 
4 -خالد بلعربي؛ لدولة الزيانية في عهد بغراسن دراسة تاريخية وحضارية 633ه-681ه /1235م- 
5 نان ا للش وار ته اال 154212014 

4 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


ولما علم خليفة مراكش! السيد أبو الحسن (640ه-646ه/1248-1242م) 
بأمر هذه المعاهدة التي تمت بين تونس” وتلمسان” "استاء من ذلك» وعزم على تأديب 
يغمراسن وصده عن وجهته هذه» فخرج في جيش كبير شارك فيه بالأفراد والعتاد وقبائل"“ 
أخرى عربية وموحدية» واتجه بهذا الجيش نحو مدينة تلمسان (645ه/1247م)»ء لكن أبا 
يحيى يغمراسن لم ينتظر وصوله» بل خرج إليه» وفجأة في الطريق بالقرب من قلعة 
تامزيزدكت”, ثم تحصن بها ينتظر وصول الجيش الموحدي» وبعد حرب دامية بين 
الطرفين» كان النصر حليفا ليغمراسن وهزيمة الجيش الموحدي هزيمة ثقيلة سنة 
6 مهمه. أثرت على معنوياتهم وحدت من شوكتهم أمام القبائل المختلفة بالمغرب 


أ -ينظر حولهاء عبد المنعم الحميري» المصدر السابق في خبر الأقطارء تحقيق إحسان عباس» 
مكتبة لبنان» 1975» ص540. 

2 - ينظر حولهاء الحميري» المصدرنفسه »ص 143. 

3 - ينظر حولهاء الحميري» المصدرذ فسه. ص - ص 145-143» الإصطخريء المصدر 
السابق » ص76 . 

Marcais (6) Tlemcen ville d'art et d'histoire 2°™ congres de la fondation des 
sociétés sarants de I'Afrique Algérienne, Alger, 1936, p31. 


Barges (L.6) Tlemcen ancienne capitale de royaume de ce mon satoporaphe, 
son histoire, Paris, 1859, p7. 


4 - عبد العزيز فيلالي»المرجع السابقء ج1» ص23. 

5 -يطلق الحسن الوزان على هذا الحصن قصر تمزيزدكت» بينما يسميه التنسي حصن 'تامزيزديت' 
أما صاحب البغية فيذكرها بجبل تامزجزجت» ويقع جنوب وجدة (20كلم) وكذلك سماه صاحب الذخيرة 
السنية باتامزجردت" ونعته ابن الأعرج ب'تامزدكت"؛ وهي كلمة متشابهة متقارية تدل على معنى واحد» 
ينظر الحسن الوزان» وصف إفريقياء ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر دار الغرب الإسلامي» ط2» 
بيروت» 1983» ج2» ص11» التنسي المصدر السابق ص118. ابن خلدون» المصدر السابق › 
ج1ء» ص206 ابن أبي زرع؛ الذخيرة السنية في أخبار الدولة المرينيةء تحقيق عبد الوهاب بن 
منصورء منشورات دار المنصور للطباعة والوراقةء الرباطء 1972ء ص78 ابن الأعرج» زيدة التاريخ 
وزهرة الشماريخ» الخزانة الحسنية» الرياط ج3» رقم 1/0» ورقة 37 وجه. 

5 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


الأقصى! » وقد هلل بنو عبد الواد أو بنو زيان لهذا الانتصارء كما فرح له بنو حفص» 
وقد شجع هذا الانتصار يغمراسن إلى أن يفكر في غزو مناطق أخرى من الجهة الغربية 
لسلطته» وأخذ الأمل يراوده في أن يحل محل الموحدين في عرشهم وممتلكاتهم والاستيلاء 
على المغرب الأقصى” . 

و بوفاة أبي زكرياء الحفصي ليلة الجمعة 23 جمادى الأخير سنة 647ه/1249م“ 
فإن بني عبد الواد أو بني زيان بقو متمسكين بولائهم للحفصيين» حيث كانوا يرسلون 
أبنائهم وكبار رجال دولتهم لتأكيده“» كما استمرت الإمارات التي أحدثها الحفصيون 
بالمغرب الأوسط على ولائهم لهم» غير أن المستنصر الحفصي” سرعان ما اضطر إلى 
تجهيز حملة ضد مدينة مليانة لإعادة إخضاعها لنفوذ الحفصي سنة 
(659ه/1260م)6: لم يلبت الزيانيون أن استولوا عليها سنة (664ه/1265م)“ 
وكذلك استغل الزيانيون الظروف التي طرأت على الدولة الحفصية وخاصة الحملة 


الصليبية التي شنها لويس التاسعة (9 5ألالا) ملك فرنسا على مدينة تونس سنة 


أ - خالد بلعريي» المرجع السابق» ص22. 
2 - ابن الأعرج» المصدر السابق » ج3» ورقة 37. 
3 - الزركشي» المصدر السابق » ص164. 
4 - عبد الرحمن ابن خلدون» المصدر السابق » ج7» ص90. 
5 - المستنصر الحفصي» هو أبو عبد الله المنتصر بن أبي زكرياء يحيى بويع على بونة بعد وفاة أبيه 
وجده بتونس يوم الثلاثاء من شهر رجب من سنة 647ه» ومات يوم عيد الأضحى بمرض متطاول 
عام 675ه. ينظر الزركشيء تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية» ص164. 
° - ابن أبي زرع. الذخيرة السنية» المصدر السابق ص96. 
7 -خالد بلعربي» المرجع السابق» ص155. 
*- ابن خلدون» المصدر السابق » ج6» ص ص 669-668 
6 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


(669ه/1270م) وحاولوا التخلص من ولائهم النهائي للحفصيين وتوسيع نفوذهم في 
المغرف الأوشط !إلا أن جلا هذه الحملة عن فوشن راد من أهمية الذؤلة الخقصية. 


وبعد وفاة الخليفة المستنصر (675ه/1277م) خلفه ابنه المولى أبو زكربا يحيى 
وقد خرج عليه أبو إسحاق إبراهيم الذي كان قد فر إلى الأندلس أيام المستنصر فعاد إلى 
تونس» ويويع بالخلافة سنة 678ه/1279م3, إلا أن مدة حكمه لم تدم طويلاء حيث 
خلفه ابن أبي عمارة المسيلي“ الذي استولى على الحكم 681ه/1282م» وقتل أبا 
إسحاق» بينما فر أبا زكرياء يحيى بن أبي إسحاق نحو تلمسانء والتجأ إلى يغمراسن بن 
زيان» وبقي بها يتحين الفرص لاستعادة الملك”, إلا أنه» وفي سنة 683ه/1284م تمكن 
أبو حفص عمر بن أبي زكرياء الواثق من القضاء عليه ء واستعاد ملك أبيه الواثق» وفي 
هذه الأثناء استولى أبو زكرياء الحفصي على مدينة بجاية وأعلن نفسه أميرا عليها) 
وبذلك انقسمت الدولة الحفصية إلى شطرين» القسم الشرقي وعاصمته تونسء والقسم 
الغربي وعاصمته بجاية. 


وعليه يمكن القول أن سياية يغمراسن مع جيرانه الحفصيين كانت في أغلب فتراتها 


صورة من الصراع الدائم» وذلك راجع لاختلاف أفكارهما وأهدافهماء فقد كان يغمراسن يريد 


أ - المصدر نفسه» صفحة نفسها. 
2 - ينظر حوله الزركشي» المصدر السابق » ص165. 
3 - ابن خلدون» المصدر السابق »ج6. ص 669. 
4 - هو أحمد مرزوق بن عمارة الداعي» بويع يوم الخامس عشر ربيع الثاني من سنة 681ه» توفي 
بمرض أصابه يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة 683ه وينظر الزركشيء تاريخ 
الدولتين الموحدية والحفصية» ص165. 
5 - ابن خلدون» المصدر السابق » ج6» ص699. 
° - يحيى ابن خلدون» المصدر السابق » ج1» ص209,» ب لح سزإبراهيم» العلاقات الثقافية بين 
المغريين الأوسط والأدنى من القرن 7 إلى القرن 9ه/13 إلى 15م» رسالة ماجستيرء قسم الثقافة 
الشعبية» جامعة أبو بكر بلقايد» تلمسان» 2005-2004. ص ص 32-31. 

7 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


التوسع شرقاء وينو حفص يردون التوسع غرياء وهذا ما جعل المجابهة قوية بينهاء غير 
أن طابع الصراع هذا سرعان ما أخذ يتبدد ليحل محله طابع الهدوء النسبي في العلاقات 
بينهماء حيث عمل السلطان الزياني على تصفية الجو السياسي مع جيرانه بني حفص› 
ويظهر ذلك جليا من خلال ربطه لصلة قوية معهم عن طريق المصاهرة» إذ أرسل وفدا 
هاما إلى تونس ليخطب ابنة أبي إسحاق إبراهيم (683-678ه/1284-1279م) لابنه 
الأمير وولي عهده أبي سعيد عثمان!؛ لكن شاءت الأقدار أن يتوفى يغمراسن برهيو 
بوادي الشلف» بعد أن استقبل موكب العروس بمليانة سنة (681ه/1284م) بحفاوة 
بالغة تليق بمقامها تكريما لها وإرضاء لأبيهاء وقد كان خروجه لحمايتها من غارات قبيلتي 
توجين ومغراوة” رغم كبر سنه الذي تجاوز السبعين سنةة, هذا بالإضافة إلى الهدايا 
المتبادلة فيما بينهم والسفارات... وفي هذا الصدد يذكر ابن خلدون قائلا 'كانت الدعوة 
الحفصية بإفريقية قد انقسمت بين عواصمهم في تونس وبجاية وأعمالهاء وكانت التخوم 
بينهما بلد عجيسة وشتاتة؛ وكان الخليفة بتونس الأمير أبو حفص بن زكريا الأول له 
الشفوف على صاحب بجاية والثغور الغربية بالحضرة» وفي عهده بايعه بنو زيان» 


وأصبحوا يدعون له على منابرهم باسمه»ء وكانت لهم مع الأمير أبي زكريا الأوسط 


أ - ينظر حوله؛ التنسي المصدر السابق > ص129» ابن خلدون» العبر» ج7» ص671. 
2 - ابن مرزوق» المسند الصحيح الحسن في مأثر ومحاسن مولانا أبي الحسن» تحقيق ماريا خيسوس 
بيغراء» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» 1983م» ص18» يحيى ابن خلدون» المصدر 
السابق » ج1» ص115. 
3 -ينظر برو نشفيك روييرء تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن 13إلى القرن 15م» ترجمة 
حمادي الساحلي دار الغرب الإسلامي» بيروت 1988ء ج1» ص116» عبد العزيز فيلالي» المرجع 
السابق» ج1» ص24» خالد بلعربي» المرجع السابق» ص56. 

8 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 
صاحب بجاية وصلة لمكان الصهر بينه وبينهم! ويعني بذلك المصاهرة التي تمت بين 
الأمير عثمان بن يغمراسن بن زيان والأمير الحفصي صاحب بجاية. 


وبعد وفاة يغمراسن» خلفه ابنه عثمان الزياني” (703-681ه/1303-1283م): 
وكانة د اتبع سياسة مسالمة مع المرنيين عملا بوصية أبيه رغم علاقة المصاهرة التي 
كانت بين الملك الزياني وأبي إسحاق إبراهيم الحفصي”, ومما جاء في وصيته ما يلي:'يا 
بني إن بني مرين بعد استفحال ملكهم واستعلائهم على حضرة الخلافة بمراكش لا طاقة 
لنا بلقائهم» فإياك أن تحاربهم» فإن مددهم موفور ومددك محصور ولا يغرنك أني كنت 
أحاريهم» ولا أنكص عن لقائهم لأني كنت أخشى معرة الجبن عندهم بعد التمرس به 
والاجتراء عليهم» وأنت لا يضرك ذلك» لأنك لم تحاريهم ولم تتمرس بهم فعليك بالتحصن 
ببلدك متى زحفوا إليك» وحاول ما استطعت الاستيلاء على ما جاورك من عمالات 


الموحدين أصحاب تونس ليستفحل بها ملكك وتكافئ حشد العدو بحشدك". 


1 - ابن خلدون» العبرء ج7» ص188» التنسي» نظم الدر والعقبان »> ص ص 176-175» 
الزركشيء تاريخ الدولتين » ص49. يحيى ابن خلدون» بغية الرواد» ج1» ص116 . 

2 - ينظر حوله؛ التنسي» المصدر السابق »> ص129» يحيى ابن خلدون» المصدر السابق » ج1» 
ص ص 209-208» عبد الرحمن بن خلدون؛ المصدر السابق » ج1» ص ص 190-184. 

3 - هو أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن الشيخ أبي محمد عبد الواد ولد سنة 631ه» دخل تونس يوم 
الثلاثاء خامس ربيع الأخيرسنة 678ه» وجددت له البيعة يوم الخامس عشر ربيع الثاني من سنة 
1ه توفي بمرض أصابه يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة 683ه. ينظر الزركشي› 
المصدر السابق»ء ص165. 

4 - السلاوي» الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري» دار 
الكتاب الدار البيضاءء المغرب» 1954ء ج3» ص56 محمد مكيوي العلاقات السياسية والفكرية 
المغاربية للدولة الزيانية منذ -قيامها حتى نهاية عهد أبي تاشيفني الأول (633ه-1236م/737ه- 
7 دكتوراه دولة في الفنون» إشراف الغوثي بسنوسي قسم الثقافة الشعبيةء جامعة تلمسان؛ 
2008-7»› ص 88. 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


ومما يفهم من نص هذه الوصيةء أن بني مرين أصبحوا عدة وعددا أو قوة لا قبل 
للعبد الواديين أو الزيانيين بهاء وان قتال يغمراسن لهم كان محتما عليه» ولذلك نجده يحذر 
ابنه من مواجهة بني مرين في معركة واحدة» وينصحه بالجؤ إلى الدفاع عند مهاجمتهم 
له» واللجوء إلى الحصون» وبالمقابل يحثه على تقوية جهازه الاقتصادي والبشري بالتوسع 
شرقا على حساب الحفصيين» وبالتالي يعمل على تقوية جهازه الحربي» وتدعيمه لكي 
يستطيع فيما بعد مواجهة المرينيين بحشود تعادل حشودهمء ونجده ينصحه زيادة على 
ذلك باتخاذ معقل لذخيرته في الثغور الشرقية البعيدة عن العدو المريني. 

إن هذه العناصر أو النقاط التي اشتملت عليها وصية يغمراسن كانت هي الأساس 
أو القاعدة التي بنيت عليها استراتيجية الدولة العبد الوادية أو الزيانية لمدة طويلة من 
عمرهاء حيث أنء ومنذ أن تولى عثمان السلطة سارع إلى مهادنة بني مرين'» وبالمقابل 
كثف بنو عبد الواد أو بنو زيان نشاطهم في القسم الغربي من الدولة الحفصية عملا 
بالوصية” التي تركها يغمراسن بن زيان لابنه عثمان حيث توجه هذا الأخير لتأديب 
الإمارات الشرقية الموالية للحفصيين”, وتبعه في ذلك والده أبو حمو موسى الأول وأبو 


E 
. زبان‎ 


أ - عبد الرحمن بن خلدونء العبر»المصدر السابق» ج7» ص190 . 
۶ - هي الوصية التي تركها يغمراسن لابنه عثمان يوصيه فيها بالجنوح إلى السلم مع بني مرين 
وتوسيع أرجاء المملكة شرقاء ينظر المصدر نفسه » ج7:. ص ص 190-189. 
هين و يق کا ا الشاى 722 من سن 19031897 
4 - نفسه» ج7: ص ص 215-201. 
10 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


وأمام هذا المخطط الزياني» سارع محمد بن أبي زكرياء يحيى بن المستنصر 
المشهور بأبي عصيدة! بعد توليه الحكم إلى إعادة بسط النفوذ الحفصي على القسم 
الزيانيون هذا الموقفء وأعلنوا عن إنهاء ولائهم للحفصين نهائيا. 


وهكذاء فقد ساعدت الظروف العامة التي ميزت بلاد المغرب الإسلامي الزبانيون في 
محاولة إنهاء ولائهم التام للحفصينء كانشغال المرنيين بمشاكلهم الداخلية عقب رفع 
الحصار بصفة كاملة عن تلمسان (سنة 732ه/1331م)» وانشغال الحفصيين بمشاكلهم 
الداخلية وخلافاتهم» والاضطرابات التي كانت تخص أطراف دولتهم الغربية3» حيث تمكن 
أبو حمو موسى الزباني“ (707ه-718ه/1318-1308م) في ظل ذلك من الاستيلاء 
على مدينتي دلس والجزائر سنة (712ه/1312م)» في حين فشل أبو يحيى زكرياء 
اللحياني” حاكم تونس من استعادة بجاية سنة (711ه/1311م) مما دفع أبي يحيى أبو 


أ - هو السلطان أبو عبد الله محمد المستنصر المشهور بأبي عصيدة» بويع سنة 693ه وتوفي 
بمرض الاستسقاء يوم الثلاثاء عشر ربيع الأخر سنة 709هء لم يخلف ابنا ذكرا ينظر الزركشي› 
المصدر السابق» ص165. 
2 - ابن خلدون» المصدر السابق » ج7» ص177. 
3 -ابن القنفذء الفارسية» المصدر السابق عص ص 160-156. 
4 -هو السلطان أبو حمو موسى الأول ابن السلطان أبي سعيد عثمان بن بغمراسن بن زيان ولد سنة 
5ه/1266م» وبويع بتلمسان يوم وفاة أخيه السلطان أبي زيان الأول يوم الأحد 21 شوال 
26/6 أفريل 1307م» كان شجاعا شديدا في غير قساوة» لينا في غير ضعف حازما صارماء 
وهو أول ملك زناتي الذي رتب مواسيم الملك» وهذب قواعده» ينظر التنسي» نظم الدر والعقبان 
المصدر السابق ص ص 182-181» يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ص ص 213-212» 
عبد الرحمن بن خلدون» المصدر السابق » ج7» ص98 محمد مكيوي» المرجع السابق ص98. 
5 - تولى الإمارة سنة 711ه»ء وتنازل عن العرش لصالح ابنه سنة 717ه» ينظر الزركشي» المصدر 
السابق » ص 166» محمد مكيوي» المرجع السابق» ص 34. 

11 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 
بكر الحفصي حاكم المنطقة الغريية من الدولة الحفصية إلى توجيه السعيد بن يخلف 


رسولا إلى أبي حمو الزياني لتوطيد العلاقات بينهما ضد اللحياني.! 


وقد تعددت محاولات الزيانيين في بسط نفوذهم على القسم الغربي من إفريقية في 
سبيل استكمال سيطرتهم على المغرب الأوسطء وقد تواصلت هذه الحملات» وتكررت 
حتى استولى المرينيون على تلمسان بعد حصارها سنة( 737ه/1337م)2, إلا أنهاء 
وفي كل مرة كانت تفشل لعوامل منها انعدام التنظيم والتدريب الحازم في الجيش الزياني 
وشبعف وبائل الكصعاد .3 


ولم يكن عهد السلطان أبي تاشفين الزياني“ مختلف عن عهد سابقيه» فقد استأنفت 
الحملات الزيانية على الجزء الغربي من الدولة الحفصيةء وقد شجعه على ذلك لجوء 
بعض شيوخ القبائل إلى تلمسان مصطحبين معهم عبد الواحد بن محمد اللحياني الحفصي 
حاكم مدينة المهدية” المنفصل عن السلطة في تونس. 


وللعلم» فقد وضع أبو تاشفين الزياني تحت تصرف هؤلاء الشيوخ جيشا بقيادة موسى 
بن علي الكردي؟» فالتقى بالجيش الحفصي الذي كان يقوده أبو يحيى أبو بكر الحفصي 


أ - المرجع ذ فسه. ص ص 35-34-33. 

2 - ابن خلدون» المصدر السابق » ج6» ص ص 745-744. 

3 - التنسي» المصدر السابق» ص143» يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1» ص212. 

4 - ينظر حوله»ء يحيى ابن خلدون» المصدر السابق » ج1» ص139» محمد مكيوي» المرجع 

السابق» ص 102. 

5 - ينظر حولهاء الحميري» المصدر السابق » ص 562. 

6 - ينظر حول ذلك» محمد مكويء العلاقات السياسية والفكرية المغارييةء المرجع السابق »ص105. 
12 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


برغيس قرب مر ماجنة! في شهر شعبان سنة (724ه/1323م).» وقد أسفرت المعركة 
عن انهزام الجيش الزياني وفرار قائده إلى تلمسانء وبالتاليى فشلت الحملة في الاستيلاء 
على مدينة بجاية”. 


ويبدوا أن السلطان أبو تاشفين الزياني لم يتقبل هذه الهزيمة» فجهز مرة أخرى حملة 
خاصة بعدما وفد عليه شيوخ من قبائل سليم” يستنجدون به ضد الحفصيين» وقد أوكل 
مهمة قيادة الحملة لإبراهيم بن عبد الرحمن الحفصي“ وفي هذه المرة تمكن الجيش الزياني 
من تحقيق الانتصار بالقرب من مدينة قسنطينة» كما تمكن إبراهيم بن عبد الرحمن 
الحفصي بمساعدة قبائل سليم من دخول تونس واستولى عليها في (شهر رجب سنة 
5ه غير أن هذا لم يدم طويلاء فسرعان ما استعادها أبو يحيى أبو بكر 
الحفصي في شهر شوال من نفس السنة 725ه/1325م. 

وللإشارة؛ فقد تواصات الحملات الزيانية على الدولة الحفصية في سنة 
(726ه/1325م)؛ وفي سنة (728ه/1327م)؟» ومن أهم التحرشات والغارات التي 
وجهها عبد الرحمن أبو تاشفين الأول على حساب أملاك الحفصين الغارة التي قام بها 
سنة 726ه/1326م» حيث توجه موسى بن علي بالجيوش» فنزل قسنطينة» وأفسد 


أ -مرماجنة» مدينة داخلية بإفريقية» تقع بين بونة وقسنطينة» بينها وبين مجانة مرحلتان ينظر 
الحميري» المصدر السابق »> ص 539» مؤلف مجهول» الاستبصارء تحقيق سعد زغلول عبد الحميدء 
دار الشؤون الثقافية» بغداد 1968. ص 2,262 
2 - ابن خلدون» المصدر السابق » ج6» ص ص 764-763. 
3 -عن قبائل سليم» ينظر يحيى ابن خلدونء بغية الروادء المصدر السابق ج1» ص217. 
4 - تولى الحكم في رجب سنة 725ه/1324م إلى شوال سنة 725ه/1325م» ينظر ابن بطوطة. 
تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» تحقيق على المنتصر الكتاني» مؤسسة الرسالة 
للطباعة والنشر والتوزيع» بيروت» 1985» ص ص 18-17. 
5 - نفسه» ص18. 
° - يحيى ابن خلدونء بغية الروادء المصدر السابق» ج1» ص218. 

13 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


بأرضها الزرع وعاد إلى وادي بجاية» فاختط حصن تامزيزدكت» وقسم مسافاتها على 
الجيش» فبنيت في أربعين يوماء وأمر السلطان بحمل الزرع إليها من جميع البلاد 
الشرقيةء فامتلأت مخازنهاء وعندما اشتد الحصار على أهل بجاية» فغلت أسعارهم ووهنت 
قواهم» فاستغاثوا بسلطانهم أبي يحيى فأجابهم بإرسال جميع قواعده بجيوشه» حيث التقى 
الجمعان بالأربعاء من الوادي الكبير فانهزم الحفصيون» ومات ضافرهم الكبيرء واستبيحت 
محلاتهم جملة!. 


ولما غضب السلطان من قائده موسى بن علي”» وتكب به» أرسل يحيى بن موسى 
السنوسي في العساكر إلى إفريقية ومعه القواد» فعاثوا في نواحي قسنطينة» ووصلت 
غارتهم إلى عنابة» وبذلك تمكنت الجيوش الزيانية من محاصرة قسنطينة والوصول حتى 
بونة دون أي رد فعل حفصيء حتى أن أبا تاشفين الزياني انتقل بنفسه سنة( 


09 / )إلى نواحي بجاية لمعاينة الحصار المضروب عليها عن قرب”. 


وفي سنة( 729ه/1328م)» وفد حمزة بن عمر على السلطان أبى تاشفين طالبا 
النجدة» ووفد معه عبد الحق بن عثمان من بني مرين» فبعث السلطان معهم جميع قواده 
بجيوشه بقيادة يحيى بن موسى» فلقيهم السلطان أبو يحيى بالرياس من ضواحي بلاد 


هوارة» وتخلى عنه أولاد مهلهل الذين كانوا معه»ء وانكشفت جموعهم واستولوا على 


أ - بنى أبو تاشفين في حركته الأولى سنة 721ه/1322م حصنا قرب بجايةء ثم اختط مدينة قرب 
بجاية أيضا أسماها تامزيزدكت في حملته الثانية 726ه/1326م» ينظر يحيى ابن خلدون» المصدر 
السابق » ج1» ص ص 13/7-135» عبد الرحمن بن خلدون» العبر» المصدر السابق ج7» ص ص 
223-1. 
2 - لمزيد من المعلومات عنه ينظر ترجمته في الصفحة12» تهميش رقم 6. 
3 - يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1» ص218. 

14 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


تهم! بما فيها من الحريم» وعلى ولديه أحمد وعمرء وأرسلوا بهما إلى تلمسان» ولحق 
السلطان أبا يحيى بقسنطينة» وقد أصابته بعض الجراح في ميدان المعركة» واستمر يحيى 
بن موسى وابن عمران في سيرهما إلى تونس” فاستولوا عليها ويعود يحيى بن موسى في 
جموع زناتة بعد أربعين يوما من دخولهاء حيث عاد إلى تلمسان وبلغ الخبر السلطان أبا 
يحيى بعودة زناتة» فتوجه إلى تونس» وأبعد عنها ابن أبي عمران بعد أن كان قد أوفد من 
بجاية على ملك المغرب ابنه أبو زكريا يحيى ومعه أبو محمد بن تافراكين” من مشيخة 
الموحدين مستنجدا بأبي تاشفين الذي تمكن من دخول بجايةء لكنه سرعان ما أقلع عنها 
وولي ابن مزروع من مشيخة بني عبد الواد على الجيش بتامزيزدكت» وأمره ببناء حصن 
أقرب من بجاية عن تامزيزدكت فبناه بالياقوته في أعلى الوادي تجاه بجاية وشدد عليها 
الحصار حتى تدخل السلطان أبو الحسن المريني الذي فك عنها الحصار“. 

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام» أن الحملات المتعددة للجيش الزياني قد 
مكنتهم ولأول مرة من دخول تونس في شهر صفر سنة( 730ه/1327م)» وتسليم مقاليد 
الحكم لابن أبي عمران” غير أن السلطان الحفصي سرعان ما استعاد عاصمته في شهر 


رجب من نفس السنة؟ء ولوضع حد لها استغاث هذا الأخير بأبي سعيد المريني لدفع 


أ - يحيى ابن خلدونءبغية الرواد» المصدر السابق» ج1» » ص138» عبد الرحمن بن خلدون» 
العبرء المصدر السابق ج7» ص224. 
2 -محمد بن أبي عمران» أمير حفصي» جاء من طرابلس مطالب بعرش تونس» ينظر عبد الرحمن 
بن كلذو الغ ۲6 صن حن 764-760 
3 -واحد من مشيخة الموحدين» ينظر عبد الرحمن بن خلدون» المصدر السابق ج7» ص 224» يحيى 
ابن لرن مفية-الزواد» ادن السابق 12 ضن193: 
ی اق خلاو يفنة و ا اصن 10421831 
5 - هو محمد بن أبي بكر صهر ابن اللحياني الحفصي واشتهر بابن أبي عمران» وكان يعيش في 
البلاط الزياني منذ سنوات ينظر الزركشيء تاريخ الدولتين » المصدر السابق ص65. 
6 -بلحسن إبراهيم» المرجع السابق» ص36. 

15 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


خطر بني عبد الواد أو الزيانيين» وعرض عليه عقد زواج بين ابنه أبي الحسن! واحدى 
الأميرات الحفصياتء فاستقبل السلطان المريني هذا الوفد أحسن استقبال» ووقف على 
تلبية طلب أبي يحيى وعلى عقد الزواج وكان ذلك من دون شك فرصة نادرة أراد بنو 
مرين اغتنامها ليحققوا حلما لطالما راودهم» وهو القضاء على دولة بني عبد الوادء 
والاستيلاء» على المغرب الأوسط”. 


وبناء عليه فقد بعث أبو سعيد وفودا إلى أبي عبد الرحمن بن أبي تاشفين الأول 
يطلب منه الكف عن مهاجمة بلاد إفريقية والإقلاع عن حصار بجاية» فكان الجواب 
بالرفض» وفي تلك الأثناء توفي السلطان المريني وخلفه إبنه أبو الحسن فأعاد الطلب 
الذي أقره أبوه شافعا للسلطان الحفصيء غير أن رد السلطان أبي تاشفين كان أسوأ من 
الأول» فرد عليه حيث قال له 'كف عنهم سنة واحدة ليسمع الناس أني دافعت عن صهري 
ويقدروا قدري”*, غير أن رد الأمير العبد الوادي أو الزياني كان سلبياء حيث أساء القول 
لوفد السلطان أبي الحسن» وأفحش بمجلسه بعض السفهاء في الرد عليهم والنيل من 
مرسلهم“» وعندئذ لم يبق أمل في استمرار السلم بين الدولتين» وشرع أبو الحسن بعد 
الهجوم على المغرب الأوسط يتأهب للحرب.” 


ا - أبو الحسن المريني» تولى الحكم من سنة 331ه/1331م إلى سنة 749ه/1348م ينظر ابن 
مرؤوق+الفصدون السابق كن 404-403 : 
2< الشات المضدر النايق» ج هن 123: 
3 - نفسه» ج3» ص123. 
4 - عبد الرحمن بن خلدونءالعبرء المصدر السابق » ج7» ص226» التنسيءنظم الدرء المصدر 
السابق» ص145» يحيى ابن خلدون» يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1» المصدر السابق 
ءج1» ص218. 
5 - التنسي» نظم الدر والعقبان المصدر السابق» ص146. 

16 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


وأمام هذا الرفض المتجدد من السلطان الزياني أبي تاشفين لطلب السلطان المرينيء 
غادر السلطان أبي الحسن المربني في سنة 735ه/1335م مدينة فاس على رأس 
حشود ضخمة:؛ وقد اكتسح في طريقه مدن بني عبد الواد أو بني زيان كوجدة وندرومة 
وهنين» ونزل تسالة بالغرب من سيدي بلعباس» ثم أرسل إلى حليفه الحفصي يدعوه إلى 
مهاجمه معسكر الزيانيين ببجاية للاستيلاء على حصن الزيانيين المعبأ يومئذ بالأقوات 
والجندء وقد ألحق بها ومن معه من الجند الحفصيين كل التدمير والتخريب» فنسفوها 
نسفاء وتركوها خراباء حيث نهبوا كل ما جمعه فيها السلطان أبو حمو موسى الأول وولده 
أبو تاشفين من الأقوات و الأرزاق» وحول ذلك يقول عبد الرحمن بن خلدون 'بحر لا 
يدرك ساحله»ء وذلك أن السلطان أبا حمو كان قد أمر بنقل العمال بسائر البلاد الشرقية 
منذ أن أنشأ مدينة البطحاء ونقل أعشار الحبوب وسائر الأقوات إليهاء وسار على نهجه 


وخطاه في ذلك ولده من بعده أبو تاشفين الأول إلى أن حلت بهم هذه الناظرة"!. 


ولم توشك سنة 736ه/1336 تنتهي» حتى تمكن السلطان أبو الحسن المريني من 
بسط نفوذه على جميع الممتلكات الشرقية لدولة بني زيان» وقد كان في تلك الأثناء يشرف 
بنفسه على مقاتلة بني زيان» وقد سخر لهذه الحرب أحدث المعدات أنداك» ولم يتمكن 
المحاصرون بالمقابل من حمل الجيش المريني على فك الحصار على المدينة حسب قول 
امن كنذا خن اة :احا نالسر ونظاقا من الخد و ت ا ت 
والمجانيق من وراء خندق» وشيد قبالة كل برج من أبراج البلد بركا على ساق خندقة 
ينضح رماته بالنبل رماتهم» حتى شيدوا برجا آخر أقرب» وترتفع شرفاته فوق خندقهم» ولم 


يزل يتقرب بوضع من حد إلى ما بعده حتى اختطفها من قرب على مسافة خندقهم» 


1 -عيد الرحمن عن خلدون» المصدر السابق» ج21 المصدر السابق 2 ج“ ص7 22» مكيوي» 
المرجع السابق» ص108. 
17 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


وتماضع المقاتلة بالسيوف من أعاليهاء وقربت المجانيق إلى زحمها ودكهاء فنالت من ذلك 
فوق الغاية"!. 

وفي 22 رمضان 737ه/1337م» اقتحم الجيش المريني العاصمة الزيانية؛ 
وملكها عنوة» وقد انحاز أبو تاشفين» وثلاثة من أبنائه ووزيره موسى بن علي الغزي إلى 
باب القصر يقاتلون دون الحرم والأولاد إلى أن قتلوا جميعا” فكان ذلك أول انتصار هام 
حققه بنو مرين بالمغرب الأوسط وظهر أبو الحسن المريني بمظهر الملك القوي» وذاع 
صيته في الأفاق» وفي المقابل أفل نجم بني زيان وانتهى دورهم التاريخي الأول.3 

وعليه يمكننا القول» بأن هذا التحالف أو هذه الاتفاقية التي جمعت بين الحفصين 
والمرينين» قد أنهت متاعب الدولة الحفصية» وهو ما جعل سلاطينها يتفرغون لإعادة 
الأمور إلى مجراها الطبيعي» وذلك بتأديب القبائل المتحالفة مع الزيانيين» واخضاعها إلى 
صف الدولة الحفصية“»ء وفي المقابل اختفاء الحملات الزيانية نتيجة سيطرة بني مرين 


على عاصمتهم تلمسان بقيادة السلطان أبو الحسن المربني (737ه-749ه/1336- 


احعيد الرحمن ابن خلكون)العين» النصدر السايق > ج7٠‏ ص533 مكيوي»العلاقات السياسية 
والفكرية المرجع السابق ص 108. 
- عبد الرحمن ابن خلدون» العبرء المصدر السابق ج7» ص299» التنسي» نظم الدر والعقبان 
اليكو اى ف46 تن ابن خلقون» هة لواف اليطيدو اة دا من 41 كف 
العلاقات السياسية والفكرية المغاربية المرجع السابق» ص09. 
كان ذلك في رمضان 737ه/02 مايو 1337ء عن ذلك ينظر عبد الرحمن بن خلدون» العبرء 
المصدر السابق ج7٠‏ ص536» بينما يذكر صاحب كتاب نظم الدر والعفيان أنه كان في يوم 22 
رمضان 737ه/ أفريل 1337. 
4 - من الإمارات شبه المستقلةء والتي كانت منتشرة في البلاد الحفصيةء بنو ثابت وعاصمتهم 
طرابلس» وبملول في توزر وبنو خلف في نفطه» وبنو مزنى عاصمتهم بسكرة» ينظر ابن خلدون» 
العبرء المصدر السابق ج6» ص ص 785-779. 

18 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


8م )ء وقد اغتنم الحفصيون هذه الظروف لتدعيم أركان دولتهم وتقويتهاء لكن 
سرعان ما انقسمت الدولة الحفصية ما بين سنة (754ه-758ه/1356-1353م)2: 
كما انشغل الزيانيين بدورهم بإصلاح أمور بلادهم الداخليةء وقد ساعدت هذه التغيرات 
السياسية على ظهور مواقف سياسية جديدة» حيث عقد أبو إسحاق إبراهيم الحفصي 
معاهدة سلام مع أبو حمو موسى الزياني”, وقد توج هذا التقارب بزيارة قام بها الأمير أبو 
عبد الله الحفصي إلى تلمسان في الثامن من جمادى الثانية سنة (764ه/1362م)“. 


وللإشارة» فقد انتهز أبو عبد الله الحفصي” فرصة هذا التقارب من خلال مصاهرته 
للزيانين لتصدي لابن عمه أبي العباس» وانتهى الصراع بينهما باستيلاء هذا الأخير على 
بجاية في نهاية سنة (667ه/1365م)؟»ء وتمكن من توحيد الدولة» وبالتالي انشغل 
الحفصيون بتوطيد الأوضاع في بلادهم»ءبينما واصل بنوزيان في السياسة التي وضعها 
لهم يغمراسن ضمن وصيته”» وهذا ما نقف عليه في كتاب واسطة السلوك في سياسة 


أ - الزركشيء تاريخ الدولتين المصدر السابق » ص94. 
2 - الناصري» الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصىء تحقيق وتعليق جعفر محمد ومحمد الناصري»› 
دار الكتاب» الدار البيضاءء المغرب» 1955ء ج4» ص ص 68-67. مكيوي» المرجع السابق» 
ص36 . 
3 لم يرد نص الاتفاق المبرم بينهماء بل اقتصرت المصادر على القول بأنه اتفاق سلام عند الحديث 
عنه» ينظر عن ذلك» عبد الرحمن ابن خلدون» العبر»ء المصدر السابق ج6» ص ص 777-776» 
يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1» ص29» ج2» ص ص125-123» ابن خلدون» التعريف 
بابن خلدون ورحلته غريا وشرقاء دار الكتاب اللبناني» 1979-ص97. 
4 - ابن القاضي المكناسي» درة الحجال في عزة أسماء الرجالء القاهرة» 1970ء ج2» ص 241. 
5 - صهر أبو حمو الزياني ومنافس أبي العباس الحفصي على الحكم» ينظر ابن خلدونء العبرء 
المصدر السابق ج6» ص ص 855-854. 
6 - نفسه» ج6» ص 760 . 
7 - سبق الاشارة إليها ينظر أعلاه» ص10» تهميش 2. 

19 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


الملوك لصاحبه السلطان أبو حمو موسى الزياني (760ه-791ه/1389-1359م) 
خلال سنة (776ه/1374م)1. 


وبالرغم من كل شيء» فإن السلطان أبو حمو موسى الزياني”» فقد سعى إلى تحقيق 
هذه السياسة التي وضعها يغمراسن» ونفذها أحفاده من بعده متحينا الفرص الملائمة 
ومتابعا لأحوال الدولة الحفصية؛ حيث كان يلجأ إلى احتضان المعارضين والمنشقين عن 
بني مرين وبني حفص لاستعمالهم في الوقت المناسب» وكان يهدد بهم السلطة المركزية 
في كل من تونس وفاس.3 

ومما زاد الطين بلة هو إغارته على المنطقة الشرقية المتاخمة لحدود الدولة 
الحفصية”» وحصاره لمدينة بجاية” وضرب خناقا محكما عليهاء مما اضطر صاحبها أبا 
عبد الله محمد بن يحيى إلى التنازل له على المدينة» وخرج منهاء وهو السبب الذي جعل 
بني حفص في السلطة المركزية تتوحد كلمتهم ضده لأنه في رأيهم تطاول على سيادتهم 
وأمنهم» وأصبح كيانهم يشجع طرف ضد طرف آخر في بيت الحاكم؟» غير أن أبو حمو 
موسى الثاني» وفي الوقت الذي استطاع أن يصمد أمام الخصوم والأعداء وأن يبني 
حضارة ومدينة رفيعة المستوى لمدينة تلمسان» فشل في تربية ابنه وولي عهده» حيث سقط 


أ - محمد مكيوي» العلاقات السياسية والفكرية»المرجع السابق» ص37. 
2 -أبو حمو الزيانيء1318-1307/718-707 ينظر لخضر عبدلي التاريخ الياسي والحضاري 
لدولة بني زيان عبد الواد-دارابن النديم للنشر والتوزيع وهران1 201-ص168 . 
3 - عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج1» ص 57. 
4 - يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج2» ص ص 160-151» ابن خلدون» العبرء المصدر 
السابق ج7» ص268. 
5 - يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج2» ص 151» ابن خلدونء العبرء المصدر السابق ج7» 
ص168-167. 
° - يحيى ابن خلدونء بغية الرواد» المصدر السابق» ج2. ص 182» عبد العزيز فيلالي» تلمسان 
في العهد الزياني المرجع السابق» ج1» ص58. 

20 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


في كمين أو مآمرة دبرها له أعداءه من بني مرين وحاكوا خيوطها في تلمسان» وبالضبط 
في بلاطه»ء فقد قاموا بتوسيع الخلاف القائم بينه وبين ولي عهده أبي تاشفين الثاني؛ 
ويعض مساعديه واخوانه» وغذوا هذا الخلاف بتشجيع أبا تاشفين والنهوض ضد والده 
وقد انتهى هذا باقتتال شديد سقط أثناءه أبو حمو موسى الثاني بفرسه على الأرض» 
فعجل أحد أنصار ابنه بقتله قبل أن يصل إليهء وكان ذلك سنة (791ه/1390م)1. 


ولما توفي أبو حمو موسى الثاني» وثم استخلاف الأمير أبا تاشفين ابنه على 
العرش» شهدت الدولة الزيانية ظروفا داخلية صعبة ميزتها تلك الاضطرابات القبليةء 
والصراع على السلطة بين الأمير أبي تاشفين وبين أخيه أبي زيان من جهةء وتحرشات 
بني مرين وتدخلهم في شؤونها الداخلية» وذلك من خلال تقديمهم لكل طرف من الطرفين 
المتصارعين المدد والمساعدة اللازمة حتى يستطيع الوقوف في وجه عدوه الأخرء وهو ما 
يتضح فيما قدموه لأبي تاشفين من مساعدة ضد أخيه أبي زيان عندما استغاث بهم» 
وبالتالي دفعوه إلى رفع الحصار عن تلمسان والإفراج» واللجوء إلى الصحراء»» وكذلك 
دعمهم لأبي زيان» وإمداده بالجنود والعتاد ضد أخيه أبا تاشفين والسماح له بالتوجه نحو 
تلمسان»ء غير أن لما بلغ أبي زيان مدينة تازة» وصل خبر وفاة أبي تاشفين إثر مرض 
أصابه في (رمضان 795ه/ 1392م) وهو ما جعل الدولة تدخل في مرحلة الضعف› 
حيث غلبت عليها المشاكل» وتأثرت جميع المجالات فيها بآثار المجهود العسكري الذي 
بذلته منذ نهاية القرن السابع الهجري/13م وتزامنت هذه الأعراض مع تولي حكام ضعاف 
مقاليد الحكم فيها.” 

وفي المقابل» فإن الاستقرار الذي عرفته الدولة الحفصية منذ عهد السلطان أبي 
العباس أحمد (796-772ه/1395-1371م) جعل السلطان أبا فارس عبد العزيز 


1 يحيى ابن خلدون العبر › المصدر السابق» ج21 ص 58. 
2 -عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق -ج1 ص58 . 
21 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


يترص بالملوك الزيانين وينتظر الفرصة التي تمكنه من بسط نفوذه على بلاد المغرب 
الأوسطء حيث وفي سنة (827ه/1423م) نهض بجيوشه في اتجاه تلمسان عازما على 
احتلالها بحجة أن سيرة السلطان الزياني عبد الواحد بن أبو حمو الثاني كانت غير 


محمودة. 


وبالرغم من المقاومة التي أبداها السلطان الزياني عبد الواحد في مقاومة الهجوم 
الحفصيء لكنه هزمء وبالتالي قرر نتيجتها النجاة بنفسه وذويه» حيث فر إلى الجبال ثم 
التجأ إلى المغرب الأقصىء وحينها دخل السلطان الحفصى تلمسان فى 13 جمادى 
الثانية سنة (827ه1423م) فأقام بها مدة» ثم عقد للأمير أبي عبد الله محمد بن أبي 
تاشفين الثاني المعروف بابن الحمراء على المغرب الأوسط ثم توجه إلى المغرب 
الأقصى قصد إخضاع سلطانه؛ ولما قرب من فاس بمرحلتين» أرسل إليه أبو العباس 
المربني هدية ثمينة ترمز للطاعة والولاء» ووعده بذكر اسمه على المنابر» فقبل أبو فارس 
ذلك منه» وعاد إلى بلاده بعد أن مد نفوذه على المغربين الأوسط والأقصىء ثم لحقته 
أيضا مبايعة صاحب غرناطةء ويذلك أصبح النفوذ الحفصي يهيمن على الغرب 
الإسلامي كله.! 


وللتذكيرء فقد بدأ السلطان محمد بن أبي تاشفين (ابن الحمراء) عهده بالطاعة 
للزلا لقي gak‏ عبياه الصسيرة والنياسة E‏ هدي ولتت الخرني 
كما تمكن بحسن سلوكه وسدادة رأيه أن يجلب إليه محبة الرعية ويجمعها حوله وتحت 
سلطانه» غير أنه» وبمجرد ما شعر بالاستقرار والقوة» سارع إلى خلع الطاعة للحفصيين؛ 
aA EEE a‏ لا بيقة N EES‏ 


1 - الزركشيء تاريخ الدولتين» المصدر السابق ص ص 110-109» برنشفيك» تاريخ إفريقية في 
العهد الحفصي» المرجع السابق ج1» ص257 عبد العزيز فيلالي» تلمسان في عهد الزياني » المرجع 
السابق ج1» ص70. 

22 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 
وتحصين عاصمته لأنه كان يعلم جيدا بأن السلطان أبا فارس لن يتغاضى عن ذلك» 
خاصة بعدما أصبح اسمه يذكر على منابر تلمسان وفاس وغرناطة» ولذلك نهض إليه 
بجيشه مرة أخرى وقد أرسل الخير قائد مدينة قسنطينة وحاكمها! صحبته أبا محمد عبد 
الواحد السلطان الزياني السابق لتأديب محمد بن الحمراء» وكان عبد الواحد قد طرق باب 
بني مرين لمساعدته في استرجاع عرشه؛ وكما فشل في محاولته» لجأ إلى بني حفص 


الدين احتضنوه» وقد وجدوا فيه حلا لخروج ابن الأحمر عليهم.7 


انتهت المعركة بين الجيش الحفصي والجيش الزياني لصالح ابن الحمراء بن أبي 
تاشفين» الأمر الذي دفع بالجيش الحفصي إلى العودة لبلاده» بينما لجأ أبو عبد الله محمد 
عبد الواحد إلى قبائل العرب للاحتماء بها في المناطق الشرقية في محاولة لاستمالتهم. 
وقد استطاع خلال مدة مكوثه عندهم أن يجمع الأنصارء ويكون منهم جيشاء هاجم به 
ابن الأحمر في تلمسان» واستطاع فتحها والاستيلاء عليهاء بعد أن غادرها أميرها ابن 
الحمراء فارا إلى الجبال المجاورة في شهر رجب سنة (831ه/1430م)3, وأخذ يجوب 
المناطق الشرقية والغربية بحثا عن الأنصار والمؤيدين قصد استرجاع عرشه» وهذا ما تم 
له عندما قدم بعدما تمكن من جمعه وحاصر مدينة تلمسان واحتلها سنة 
(833ه/1432م) بعد سنتين من تولي أبي محمد عبد الواحد (833-831ه/1430- 
2م الحكم فقط وأمر بإعدامه في اليوم التالي من دخوله إلى مدينة تلمسان 


4 
منتصرا. 


أ - عبد الحميد حاجيات» امتداد نفوذ الحفصين إلى المغرب الأوسطء ضمن كتاب الجزائر في التاريخ 
المؤسسة الوطنية للكتاب» 1984ء ج3» ص432» محمد العروسيء السلطنة الحفصيةء المرجع 
السابق ص586 
2 -عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج1» ص70. 
3 -التنسي» نظم الدر والعقيان» المصدر السابق ص 245. 
4 -نفسه. ص ص 246-245. 

23 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


ولما علم أبي فارس الحفصي بخبر مقتل عبد الواحد» وتولي ابن الحمراء عرش 
تلمسان» قرر النهوض إلى عاصمة المغرب الأوسط للأخذ بثأر حليفه عبد الواحد» فجهز 
الجيش للمرة الثالثة وحاصرها حصارا محكماء أجبر من خلاله ابن الحمراء على الفرار 
ليلا تاركا عرشه وعاصمته لبني حفص بعد أربعة وثمانين يوما فقط من تريعه على 


سلطان المغرب الأوسط للمرة الثانية.! 


وحتى يضع أبو فارس عبد العزيز حدا لنشاط ابن الحمراء» أرسل بقائده نبيل ليتتبع 
أثاره» حتى أدركه لاجئا عند بني يزناسن الذين لم يتأخروا في تسليمه » فأخذه السلطان 


معه إلى تونس وسجنه إلا أن توفي سنة (840ه/1438م).2 


غير أن» وقبل مغادرة أبو فارس تلمسان»ء عين عليها القائد رضوان» ثم بعد أيام 
قلائل وقع اختياره على أحد الأمراء الزيانيين المواليين له» وهو الأمير أبو العباس أحمد 
المعتصم بن أبي حمو الثاني الملقب بالعاقل» فنصبه سلطانا على المغرب الأوسط سنة 
(834ه/1432م)3: وبعد ثلاث سنوات من حكمه استطاع أن يعيد للدولة هيبتهاء ويعيد 
لها قوتها ومجدهاء ولما أحس بقوة مركزه» فأخذ يفكر في خلع طاعة بني حفص ووجد 
الفرصة لما تعرضت جزيرة جرية للاحتلال المسيحي سنة 837ه/1436م فقطع الدعاء 
لهم» فاستاء أبو فارس لهذا التصرف» ونهض بجيشه قاصدا الاستيلاء على تلمسان للمرة 
الخامسة لتأديب العاقلء إلا أنه» لما بلغ أطراف الونشريس» أصيب بمرض أودى بحياته 


1 - التنسي» نظم الدر والعفيان» المصدر السابق 2 ص 246. 
2_- الزركشي» المصدر السابق ص ص 113-112 التنسي» المصدر السابق ص 246. 
3 الزركشي» 3 المصدر السابق ص ص 248-7. 


24 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


يوم عيد الأضحى سنة(837ه/1436م)» قبل بلوغ جيشه تلمسان» فعاد حينها إلى بلاده 


دون قتال. 1 


حكم أبو العباس العاقل هذا نحو اثنين وثلاثين سنة» وهي فترة زمنية طويلة إذا ما 
قورنت بأسلافه» غير أن عهده الطويل هذا لم يكن كله هدوءا واستقرارا وأمناء بل تعرض 
فيه المغرب الأوسط إلى محاولات انقلابية قام بها منافسوه من البيت الزياني بهدف 


الوصول إلى كرسي العرش مستعملين في ذلك جميع الوسائل الممكنة للوصول إليه.2 


واذا أردنا أن نقف عن أهم الثائرين ضذه» فقد ثار ضده أخوه أبو يحيى بن أبي 
حمو الزياني الثاني سنة(838ه/1436م)» وقد تمكن من الاستيلاء على وهران بعد فشل 
محاولته في اتجاه تلمسان» ولكن سرعان ما فتحها جيش أحمد العاقل (852ه/1450م): 
ثم ثار عليه في سنة (849ه/1449م) أبو زيان محمد المستعين بالله ابن أبي ثابت 
بالناحية الشرقية للدولة» وتمكن من احتلال بلاد حمزة والجزائر وبلاد مليكش وأراضي 
الثعالبة3» واستولى ابنه أبو عبد الله المتوكل على الله على سهل متيجة والمدية ومليانة 
وتنس» فعظم سلطانه» وارتفع شأنه أمام القبائل» ففر إليه كثير من بني عبد الواد من 
العاصمة تلمسان لتدعيمه وتشجيعه»ء لكن أهل الجزائر لم يطمئنوا إليه أو ريما يكون أحمد 


العاقل هو من حرضهم على الخروج ضده وقتله سنة 843ه/41441» وخرج عليه كذلك 


1 - الزركشيء تاريخ الدولتين» المصدر السابق » ص148» عبد الحميد حاجيات» امتداد نفو 
الحفصين إلى المغرب الأوسط ص133. 
2 -التنسي» نظم الدر»المصدر السابق ص249. 
3 - نفسه» » ص250 -عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج1» ص72. 
4 - التنسي» المصدر السابق» ص 251 -عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج1» ص72. 
25 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


الأمير أحمد بن الناصر بن أبى حمو الثانى بتلمسان» فتصدى له السلطان أحمد العاقل» 
وقضى على ثورته في مهدها سنة (850ه/1446م).! 


وفي سنة (866ه/1461م): ثار ضده أبو عبد الله محمد المتوكل على الله في 
مليانة ومنها اتجه إلى تلمسان» واستولى في طريقه على قلعة بني راشد وهوارة ومستغانم 
ووهران» ثم نزل تلمسان ودخلها في أول جمادى الأولى سنة (866ه/1461م) بعد 
محاصرتها لمدة يومين» وقبض على سلطانها أحمد العاقل» فسجنه ثم نفاه إلى بلاد 


ا 


ولما بلغ خبر هذه الحوادث إلى السلطان الحفصي أبو عمران عثمان (839- 
3ه -1488م): نهض على رأس جيش كبير قاصدا تلمسان» ولما اقترب 
منها بمسافة مرحلتين بعث له السلطان الزياني رسول ينشد الطاعة ويقدم الولاء» فقبل 
السلطان الحفصي منه ذلك» وعاد إلى بلاده في (صفر سنة 867ه/1462م)3. 


وبعد بضعة أشهر عاد أحمد العاقل إلى المغرب الأوسط بعد أن حصل على 
أنصار له» فحاصر تلمسان مدة أربعة عشرة يوماء غير أنه قتل أثناء هذا الحصار في 
شهر ذي الحجة سنة (1867ه/1462م) ودفن بالعباد» وهو المكان الذي لجأ إليه أثناء 
هزيمته الأولى أمام المتوكل» ويذلك زال الخطر على سلطان تلمسان“. 

وفي أواسط سنة (870ه/1465م) وفد على السلطان الحفصي جماعة أشياخ من 
بني عامر وسويد وغيرهم» وطلبوا منه أن يخلع المتوكل على الله نظرا لما أبداه من 


1 - التنسي» المصدر السابق» ص 249. 
2 - التنسي» نظم الدر والعقيان » المصدر السابق ص254» ابن خلدونء بغية الرواد» المصدر 
السابق ج1» ملحق» ص3. 
3 - الزركشي» المصدر السابق ص ص 137-136ه» برنشيقك» المرجع السابق » ج1» ص1 29. 
4 - التنسي» المصدر السابق» ص7 25. 

26 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع المجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


استبداد نحوهم وسوء السيرة من جهة؛ ولتقريبه لعرب الذواودة الذين خرجوا عن طاعة 
العامل الحفصي من جهة أخرى» حيث زودهم أبو عمرو عثمان بالمال والرجال» وأرسل 
معهم أبو زيان عبد الواحد بن أبي حمو الثاني كعادتهم لينافس المتوكل ويحل محله؛ ثم 
بعد أيام خرج السلطان بجيوشه متوجها بنفسه لتلمسان وحاصرها وضرب سورها بآلات 
الحرب» وألزم المتوكل على الإذعان لمطالبهء فجدد له الطاعة والولاء» وقدم الاعتذارات 
والهدايا الثمينة لأبي عمر وعثمانء وزوّج ابنته البكر لأمير أبي زكرياء بن مسعود حفيد 
السلطان الحفصي! بدون إجراءات الخطبة ومراسيمها المعتادة» وكأنه بذلك دفع بها 
كرهينة لدى بني حفص» وعندها رجع أبو عمر عثمان إلى عاصمته سنة 
(872ه/1467م) بعد أن تأكد من طاعة السلطان الزياني ومن انتشار نفوذه على بلاد 
المغرب الأوسط.2 


وعليه يتضح بأن أوضاع الدولة الزيانية ظلت على هذه الحالة» تخضع للنفوذ 
الحفصي وهيمنة سلاطينهم عليها إلى أن توفي المتوكل على الله (873ه/1468م) 
فخلفه ابنه وولى عهده أبي تاشفين الثالث» ولكنه خلع من طرف أخيه أبي عبد الله محمد 


الثانى. 


غير أن الظروف لم تكن ملائمة في أيام محمد الثاني» فقد ظهر الخطر المسيحي 
على بلاد المغرب مهددا الإسلام وأرض الإسلام» في وقت كان سلاطينها وملوكها 
للأسف الشديد غارقون في الصراعات والحروب الداخلية؛ وهو ما اغتنمه هؤلاء المعتدون 
كفرصة للتدخل في شؤونهم الداخلية» وعليه» فقد أصبح الخطر هو الشغل الشاغل لدول 
المغرب الثلاث» الدولة الحفصية والدولة الزبانية والدولة المربنية. 


1 - برنشفيك» تاريخ إفريقية»المرجع السابق» ج1. ص 291 عبد العزيز فيلاليءتلمسان في العهد 
ااا اا 
2 الزركقني" التصدو ااي طن صن 1482142 

27 


المدخل: الأوضاع السياسية للمغرب الأوسط ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين 


وفي الأخيرء ومن خلال ما سبق ذكره يمكننا أن نستنتج أن العلاقات السياسية بين 
المغريين الأوسط والأدنى ما بين القرن السابع والتاسع الهجري/ 15-13م» قد تميزت في 
أغلب فتراتها بطابع اللاهدوء واللاستقرار بسبب الصراع والتنافس ورغبة كل واحد منهما 
في السيطرة على ممتلكات الدولة الموحدية وبالتالي وراثتها والإحلال محلهاء وما كان 
ليتحقق هذا الهدف إلا باستخدام كل طرف نزعة التوسع على حساب أراضي الأخرء 
وبالتالي توسيع رقعته الجغرافية» غير أن هذه الظروف السياسية التي حكمتهم لم تحد أبدا 
من نشاطهم» ولم تمنعهم عن ممارسة الرحلة العلمية كظاهرة ساهمت في تمتين الروابط 
الثقافية بين المغريين الأوسط والأدنى» وهو ما سوف نتطرق له بالتفصيل في الفصل 


الأول تضم هذا العمل أو الدراسة: 


28 


الفصل الأول 
دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب 


الأدنى. 


أولا: مكانة المغرب الأدنى العلمية. 
1-انفتاح بيئة المغرب الأدنى وحرية الأخذ العلمي. 
2-اختصاص مدينة القيروان بالعلوم الفقهية. 
3-وفرة المؤسسات التعليمية والمكتبات. 
ثانيا: الرغبة في الاستزادة العلمية ولقاء الشيوخ. 
1-الرغبة في الاستزادة العلمية. 
2-الرغبة في لقاء الشيوخ. 
ثالثا: المناخ السياسي بالمغرب الأوسط 
1 -الصراعات السياسية 
2-الضغوطات السياسية 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


تخضع الحياة الثقافية في أي عصر من العصورء و في أي بلد من البلدان إلى 
عدة عوامل و أسباب» و من أولويات هذه العوامل الاستقرار السياسي و الأمنيء فإذا 
كانت السياسة غير واضحة و الأحوال الأمنية غير مستقرة» كأن تكون الدولة في حالة 
حرب مع جيرانهاء أو تعيش فتن و اضطرابات و صراعات داخلية نتيجة حكام ضعفاء 
و مستبدين برأيهم» فإن الدولة لم تكن أرضا خصبة لذلك التعايش الثقافي و تلك الحركة 
العلمية و الإنتاج الفكري المتميز. 


و مع ذلك» و بالرغم من توتر العلاقات السياسية بين دويلات المغرب الإسلامي 
بصفة عامة و بين المغربين الأوسط و الأدنى بصفة خاصة خلال الفترة الممتدة ما بين 
القرن السابع و التاسع الهجريين (13 - 15 م)ء إلا أن ذلك لم يمنع من وجود علاقات 
ثقافية بين علماء المغرب الأوسط و علماء المغرب الأدنى و التي تحكمت في توجيهها 
عدة أسباب و دوافع نذكر منها: 


31 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


أولا: مكانة المغرب الأدنى العلمية: 


بلغ المغرب الأدنى في العهد الحفصي أوجا ثقافيا كبيرا شأنه في ذلك شأن المغرب 
الأوسط في العهد الزياني» والمغرب الأقصى في العهد المريني» ويشهد على هذه المكانة 
المتميزة التي وصل إليها ازدهار الحركة الأدبية التي حفلت بالعديد من العلماء واللغوبين 
والمفكرين »وتألقه في الحياة العلمية بفضل ميول سلاطينه إلى الآداب والعلوم وما أرسوه من 
مؤسسات علمية وثقافية جعلت قاعدته تونس بأدبائها وشعراءها وعلماءها قطبا للآداب 
والعلوم» ومركزا كبيرا للتعليم ومنتجعا للعديد من الأدباء والشعراء والعلماء والطلبة من داخل 
إفريقية والأندلس والمغرب والمشرق» أثرو الإقامة بهاء وامتزجوا بأهلها وتولوا فيها الخطط 
الإدارية والعلمية والدينية! . 


وبخصوص هذه المكانة العلمية المتميزة التي حظي بها المغرب الأدنى» وعن أهمية 
حاضرته الغلمية فونفن يذكل_الرخالة العيدري الاق مر يها في رخلقةيكة 1285/۸688 
قائلا :"ثم وصلنا إلى تونس مطمح الآمال و مصب كل برق ومحط الرجال من المغرب 
والمشرق»و ملتقى الركاب و ناظمة فضائل البرين في سلك » فإن شئت أصبحت في موكب › 
و إن شئت أبحرت في موكب كأنها ملك و الأرباض لها إكليل وأرجاؤها روضة باكرتها ريح 
بليل » إن وردت مواردها نفعت قليلة » و إن ردت فوائدها شفيت حشا عليلا جلبت بها 


عروس الغروس » و حليت بها على ممر الدهر الطموس...”. 


-أحمد الطويلي» مراكز الثقافية والتعليم بمدينة تونس في العهد الحفصي الجوامع والمدارس 
والمكتبات» مراكز الثقافة التونسية» تونس» 2000» ص 5. 

2- محمد النيفر وعلي النفير»عنوان الأريب عما نشأ بالبلاد التونسية من عالم أديب - دار العرب 
الإسلامي - ط1 - بيروت - 1986 - ص250. 


32 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


كما يقول في شأنها أيضا:" و مازالت مدينة تونس كلاها الله ذات ملك و فخامة وهي 
إلى الآن دار مملكة افريقية على ضعف المملكة بها » وانتهائها إلى حد التلاشي و مع ذلك 
فقد أربت على بلاد في كل فضيلة"!. 
ثم يشير بشأن تنوع العلوم بتونس فيقول:" لا تنشد بها ضالة للعلم إلا وجدتهاء ولا تلمس 
بها بغية إلا استنفدتها”ءكما يقول أيضا:" و ما من فن من فنون العلم إلا وجدت بتونس به 
قائما » و لا موردا للمعارف إلا رأيت بها حوله واردا وحائما". 
أما ابن الشماع صاحب كتاب الأدلة النورانية فقد قال في شأنها :"وتونس دار علم 
وفقه“» أما بخصوص صاحب كتاب عنوان الأريب في جزئه الأول » فقد وصف الأهمية 
البالغة للبلاد الإفريقية في عهد كل من الأمير أبي زكريا و عهد ابنه من بعده بقوله:" وعلى 
عهد هذا الأمير أعني أبا زكريا و عهد ابنه من بعده محمد المستنصر ازدهر العلم والأدب 
في افريقية ازدهارا عظيما بلغت به تونس في ميدان العمران والحضارة مبلغا لم تبلغه قبل 
بعد أن ضعف أمر العلم و الأدب وانطفأ نوره مما هم البلاد أولا من عبث وتخريب حواضرها 
بأيدي الأعراب الصعيدين و ثانيا باستلاء النورمان عليها..."5 
إن المتمعن لمجمل هذه النصوص يدرك جيد أنها تكشف لنا عن تلك المكانة العلمية 
الرائدة والمتميزة التي بلغها المغرب الأدنى في الفترة الممتدة ما بين القرن السابع و التاسع 
الهجري/( 13- 15 م )»> و التي يرجع الفضل في بلوغها بناء على ما ورد في هذه 
النصوص إلى ما ورثته الإمارة الحفصية من قسط مهم من العلم و العلماء عن الإمارة 
الموحدية المنهارة و كذلك إلى ما امتازت به المدن الحفصية من موقع جغرافي ممتاز ووجود 


^ - محمد النيفر وعلي النفيرءعنوان الأريب ٠‏ المرجع نفسه» ص 253. 

2 - نفسه » ص 250. 

3 - نفسه» ص 253. 

“*-ابن الشماعءالأدلة البينة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية تحقيق وتقديم الطاهر بن محمد 
المعموري »دار العريية للكتاب »تونس»1984»ص21. 

5 - محمد النيفر »المرجع السابق» ص 244. 


33 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


السلاطين الحفصيين و على رأسهم السلطان أبي زكريا يحي الحفصي و ابنه السلطان أبي 
عبد الله محمد المستنصر الذي ساعد على انتعاش الحركة العلمية والأدبية بالمغرب الأدنى 
سيما من خلال استقبالهم للكثير من علماء الأندلس الذين هاجروا إليه » ثم بفضل ذلك 
الانتعاش الذي حصل بعد ذلك في عهد أبي الحسن المربني نظرا لكثرة ما جلبه معه من 
علماء المغرب و فقهائه خاصة و أن روح العصر السائدة لدى الأمراء والسلاطين في بلاد 
المغرب الإسلامي بصفة عامة و المغرب الأدنى بصفة خاصة »كانت تتمثل في تقريب 
وجمع ما يمكن من العلماء و الأدباء حولهم و من بينهم السلطان أبو العباس الحفصي الذي 
سلك ذلك المنهج شأنه شأن سلاطين بني مرين و حتى الزيانيين منذ أن كان أميرا على 
قسنطينة!. 

وخير دليل على ذلك .الموقف الذي اتخذه اتجاه عبد الرحمن ابن خلدون عندما 
احتضنه و حماه طيلة السنوات الأربعة التي قضاها في تونس» و قد كان يحرص كثيرا على 
أن يبقيه بجانبه حتى أنه حاول الضغط عليه من خلال عدم السماح لعائلته بالالتحاق به 
إلى المشرق أملا من هذا السلطان في عودته إلى تونس لولا إصرار ابن خلدون على الهجرة 
خوفا من المؤامرات التي كانت تحاك ضده. 

هذا زيادة على أن المغرب الأدنى كان محطة مناسبة للحجاج و لأولئك المسافرين إلى 
بغداد لطلب العلم و المعرفة أو لغرض التجارة » و قد كان لهؤلاء العلماء و المفكرين الأثر 
البالغ في ازدهار الفكر و الثقافة في المغرب الأدنى من خلال المؤسسات العلمية والفكرية 
المختلفة كالمساجد و الكتاتيب و الزوايا و المدارس أكسبته مكانة علمية راقية جعلت منه قبلة 
من قبل العلماء و طلبة العلم الشغوفين بالعلم و المعرفة”. 


1 بلحسن ابراهيم» المرجع السابق» ص 89. 
2 نفسه»ص90. 


34 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


1-انفتاح بيئة المغرب الأدنى وحرية الأخذ العلمي: 


شهدت الفترة الممتدة ما بين القرن السابع و التاسع الهجربين/الثالث عشر 
والخامس عشر ميلاديين تزايد في عدد الرحالة من علماء المغرب الأوسط نحو بلاد 
المغرب الأدنى و بالأخص نحو حواضره العلمية المتعددة وعلى رأسها تونس و 
القيروان.وترجع عوامل ذلك إلى انفتاح أبواب المغرب الأدنى أمام جميع علماء وطلبة 
المغرب الإسلامي الراغبين في الاستزادة والتحصيل العلمي على أشهر فطاحل العلم 
وشيوخه سواء كانوا من المغرب الأدنى من المقيمين أو من الوافدين عليه من الأندلسيين 
من أمثال ابن عربية وأحمد الغساني والتيفاشي القفصي وابن الأبار وابن سعيد وابن سيد 
الناس وأبا الحجاج يوسف البياسي وابن عميرة وابن عصفور وابن خلدون! الذين جعلوا 
من توئس مركزا 'لاحتكاك الأفكار والمتاقشات: الفقهية والخصومات الأدبية والمطارحات 
الثقافية بتشجيع من سلاطين بني حفص» في مقدمتهم السلطان أبي زكريا الحفصي الذي 
حرص مع غيره على دعم الأدباء والعلماء والشعراء من خلال ما أسنده لهم من جوائزء 
وما قدمه لهم من هدايا وما أولاه لهم من خطط إدارية وعلمية» وضمه لهم لمجالسه 
العلمية وما أسسه لهم من مدارس وما أنشأه لهم من مكتبات دفعتهم من خلال ذلك إلى 
تأليف العديد من الكتب” ومن ثم المساهمة في ازدهار الحياة العلمية والثقافية والأدبية بما 
كانوا يلقونه من دروس في هذه المدارس وما كانوا يلقونه من تاليف في مختلف الفنون 


000 . 3 
وفي شتى ميادين المعرفة . 


وقد كان العلماء والأدباء يتخذون من منازلهم مواطن للتدريس والاجتماع بزملائهم 


أو بضيوفهم المارين بتونس من الأندلس والمغرب إلى المشرق» فكان أحمد بن الغماز 


“أحمد الطويلي» تاريخ مدينة تونس الثقافي والحضاري من الفتح إلى أواخر القرن التاسع عشرء 
“نفسه» ص 61. 


3 نفسه.)عص 61. 


35 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


يجلس بداره للتدريس من أول النهار إلى قرابة الظهرء ومن العصر إلى المغرب » وكان 
يلتزم الضبط والإتقان» وكان بيت عبد الحميد بن أبي الدنيا الصدفي مزارا خاصة للطلبة 
فيعتني بهم ويخرج إليهم كتبه» وكان محمد بن عبد السلام يقرأ في الضحى بمنزله» وقد 
أخذ عنه البلوي هناك شرحه لابن الحاجب الفرعي» وكتاب "الموطأ", كما إختار بعض 
العلماء سقيفات دورهم كي يتصلوا فيها بطلبتهم مثل أحمد البسيلي الذي كان يجتمع 
بطلبته في سقيفة منزله يسألونه عن مواضيع فيجيبهم» وهناك بعض الأدباء من اتخذ بيتا 
في المسجد كان يزوره فيه من يرغب في ملاقاته من الأدباء !. 


وللإشارة » فلما أقيمت الزواياء وانتشرت خاصة في العهد الحفصي في جميع 
أنحاء المغرب الأدنى» أعدت لإقامة المسافرين و"الفقراء", فقد أنشأ أبو فارس زاوية بباب 
البحر” وزاويتين أخرتين بباردو وسيدي الفتح” وحول ذلك يذكر الزركشي قائلا:'وأحدث 
في أيامه بتونس حسنات دائمة فمنها بناؤه لزاوية باب البحر بتونس بعد أن كانت بقعة 
معدة للمعاصي وأنشئت سنة 801ه وأحدث معها مدرسة لطلبة العلم وحبس عليها ما 
يقوم بها “ وغيرها ممن كانت نقاط التقاء للمشايخ المتصوفة والفقراء والمريدين الواردين 
من كل مكان” وهو ما أفسح المجال لعلماء المغرب الإسلامي خلال هذه الفترة الزمنية 
من الانتقال بكل حرية إلى حواضر المغرب الأدنى لطرح القضايا والمشاكل التي كانت 
تشغل أذهانهم» ومحاولة إيجاد الحلول الخاصة بهاء والمشاركة في العديد من المناظرات 
الفكرية6. 


1 أحمد الطويلي؛ المرجع السابق» ص ص 66-65. 

7 الزركشي» المصدر السابق » ص 116. 

7 نفسه »ص‌116. 

4 الزركشيء تاريخ الدولتين» المصدر السابق › 120. 

” أحمد الطويلء تاريخ القيروان الثقافي »المرجع السابقء»ص 185. 
نفسه» الصفحة نفسها. 


36 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ولم يعرف عن الحفصيين الانفتاح فحسبء وإنما عرفوا كذلك بحرية الأخذ والميل 
العلمي ويظهر ذلك من خلال عدم تدخلهم في توجيه الفكر توجيها معاكساء وانما باركوا 
لمن يهمهم الأمر حرية الاختيار» حيث نجد فقهاء المغرب الإسلامي بما فيهم فقهاء 
المغرب الأدنى هم الذين اختاروا بمحض إرادتهم العودة إلى المذهب المالكي» بينما اكتفت 
الدولة حينها بدور التشجيع فقط وهو ما انعكس إيجابيا على نهضة الفقه المالكي خلال 
هذه الفترة المعنية بالدراسة! هذا بالإضافة إلى ترك للطالب كامل الحرية في اختيار مادة 


اختصاصه. واختيار الشيوخ الذي يرغب في التتلمذ عليهم. 
2-اختصاص مدينة القيروان بالعلوم الفقهية 


اشتهرت مدينة القيروان عبر تاريخها الطويل بإشعاعها الثقافي والديني الفقهي 
بالرغم من فقدانها لبعض إشراقها السياسي كعاصمة في خضم تلك الأحداث التي أفضت 
إلى تأسيس عواصم جديدة مع انفصال الأندلس والمغرب الأوسط والأقصى عنهاء ويعود 
الفضل في شهرتها هذه إلى بداية فتحها في عهد معاوية بن أبي سفيان» حيث توارد عليها 
أيام الفتح جماعات من الصحابة والتابعين والمتفقهين في الدين ليعلموا البرير واجبات 
الدين وأحكامه» ومن هؤلاء الأعيان عبد الرحمن بن رافع التنوخيء وهو أول من ولي 
القضاء بالقيروان» وكانت مدينة القيروان يومئذ مقر الإمارة» وأصبح جامعها الذي أسسه 
الفاتحون الأولون مهد للعلوم الإسلامية ومصدر للفتاوى والأحكام”» ومما ساهم في تميزها 
بالعلوم الفقهية رحيل عدد كبير من أهلها لتلقي علوم الشريعة» ومن هؤلاء الراحلين عبد 
الرحمن بن زياد المعافري الذي تلقى العلم عن جماعة من التابعين» ثم عاد إلى القيروان 


بعلم غزيرة وعلي بن زياد» أول من دخل تونس 'بموطأ مالك بن أنس" وأسد بن 


“أحمد الطويلء تاريخ القيروان الثقافي »المرجع السابقء»عص ص 186-185. 
محمد الخضر حسين» تونس وجامع الزيتونة» جمع وتحفيق علي الرضا التونسي »د ط » 1981» 
ص 7. 


نفسه» ص 7. 


37 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الفرات "الذي تلقى الفقه عن الإمام مالك بالمدينةء والإمام عبد السلام بن سعيد المعروف 
بسحنون ”» وهو واحد من الذين نشأوا في القيروان قبل رحيله إلى مصرء وتلقيه فقها كثيرا 
وتأليفه كتاب المدونة الذي استطاع بفضله أن ينشر المذهب المالكي في تونس بل وفي 
المغرب كله» كما تخرج على يديه رجال خدموا الفقه بالاستنباط والتدريس والتأليف7. 


وعلى هذا الأساس ارتفع صرح الفقه في المغرب الأدنى» وطبعت القيروان بالطابع 
الفقهي وهو ما جعل الدباغ صاحب كتاب معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان يقول 
عنها ما نصه :'أما القيروان» فهي البلد الأعظم» والمصير المخصوص بالشرف الأقدم 
قاعدة الإسلام والمسلمين بالمغرب» وقطرهم الأنخر الذي أصبح لسان الدهر عن فضله 
يعرب وبشرفه يغرب قرارة الدين والإيمان والأرض المطهرة من رجس الكافرين وعبادة 
الأوثان» فقبلتها أول قبلة رسمت في البلاد المغربية» وسجد لله فيها سرا وعلانية ناهيك 
بأرض كانت منازل أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ومحط رجالهم ومعقلهم للإسلام 
؛والبقعة التي تخيروها مقر للإسلام والمسلمين مصرا مؤسسا على التقوى إلى يوم 
ال 


ˆ هو أسد بن الفرات بن سنان من موالي بن سليم بن قيس» قيل أصله من خراسان» درس على مالك 
في المدينة كما درس بالعراق ومصرء حيث أعد الأسدية وجمع في معظمها آراء بعض تلاميذ مالك 
وروايتهم عنه» ينظر السراج» الحلل السندية في الأخبار التونسية» تونس» 1970ء ج1» ص ص 
755-754. 

* هو سحنون بن سعيد (854/777)) ولد بالقيروان» ورحل إلى مصر والحجازء للتفقه في الفقه 
المالكي» ينظر رشيد الزوادي» التبادل العلمي بين المشرق والمغرب الإسلامي مقال ضمن مجلة 
الحضارة الإسلامية» العدد 1وهران» 1993-ص 333. 

محمد الخضل خسن المصفر السايق» حصن 8. 

* الدباغ (عبدالرحمان)ء معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان؛ المكتبة العتيقة »تونس»1968 ٠‏ ج1»؛ 
ص ص 7-6» يوسف بن أحمد حوالةء الحياة العلمية في إفريقية 'المغرب الأدنى منذ إتمام الفتح 
منتصف القرن الخامس الهجري 450/90ه جامعة أم القرى» مكة المكرمة» 2000. ص 146. 


38 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


وللإشارة فقد استمر جامع القيروان في تخريج أكابر الفقهاء الذين بلغوا درجة 
الإستنباط وألفوا فأحكموا صناعة التأليف من أمثال محمد بن إبراهيم بن عبدوسي› 
والقاضي موسى بن عمران المعروف بالقطان في المائة الثالثة» وعبد الله بن أبي زيد 
صاحب كتاب "النوادر" في المائة الرابعة» وعبد الحميد المعروف بالبن الصائغ» وعلي بن 
محمد المعروف باللخميء وعبد الخالق السبوري في المائة الخامسة »وعلى أيدي هؤلاء 
الأساتذة تخرج الإمام محمد بن علي المعروف بالمازري (ت ق6ه/12م) الذي كانت تشد 
إليه الرحال من طرف طلبة العلم للتتلمذ عليه نظرا لتقدمه في علوم القرآن» ومنهم الفقيه 
الصوفي القلعي النحوي أبو الفضل يوسف دفين قلعة بني حمادا. 


أما عن إشعاعها خلال العهد الحفصيء فقد أصبح مزدوجا في الدراسات الدينية 
والفقهية خاصة دراسة الحديث النبوي الشريف من جهة وفي الأدب والشعر والنحو واللغة 
والتاريخ والتصوف من جهة أخرى” ومن أشهر فقهائها في هذا العهد نذكر المؤلفين 
الثلاث الشبيبي(ت782ه/1380م) وابن ناجي (839ه/1435) والبرزلي (ت 
11 )2. 


أ- الشبيبي: هو أبو محمد عبد الله بن يوسف البلوي دفين زاوية سيدي عبد الله بن 
أبي زيد كان مفتي القيروان وخطيبها ومدرسا فيها لأكثر من 35 سنة كان يدرس الفقه 
والنحو والفرائض والحساب والتنجيم» وقد تخرجت على يديه أجيال كثيرة من العلماء من 
بينهم محمد بن مرزوق الحفيد توفي بتلمسان( 1438-842)» اشتهر بشرحه لرسالة عبد 


7 بوبة مجاني» إشعاع القيروان عبر العصور المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون» ط1» تونس» 
9ء ج1: ص 140. 

7 أحمد الطويلي» تاريخ القيروان الثقافي المرجع السابق» ص 185. 

7 أحمد الطويلي» تاريخ القيروان الثقافي المرجع السابق» ص 185. 


39 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ب- ابن ناجي: هو أبو الفضل أبو القاسم بن عيسى التنوخي» وقد سمي كذلك 
بحافظ المذهب اقترن إسمه بابن الدباع مؤلف 'معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان" كما 
اشتهر بشرحه لرسالة عبد الله بن ابي زيد» وقد كانت شروحه 'لمدونة سحنون" و'مختصر 
ابن الجلاب" في الفقه مستفيضة في أجزاء متعددة ومتنوعةء تكون بالقيروان على أيدي 
علماء ها منهم الشبيبي والبرزلي وأبو عبد الله ابن فندار» ثم انتقل إلى تونس حيث أكمل 
تكوينه على أيدي أساتذتها من أمثال ابن عرفة والأبي والغبريني والأبلي ولي الخطابة في 
الواحدة والعشرين من عمره» وكان خطيبا مفوها يرتجل خطبه بطلاقة وفصاحة » يقول 
عن صدى خطبه في القلوب :'ألفت خطبة وخطبت بهاء فبكى الناس منها وفرحواء وفرح 
بذلك شيخنا المذكور (البرزلي) فرحا شديدا لما أعلموه"! . 


ج- البرزلي: هو أبو القاسم أحمد السلوي صاحب تأليف 'جامع مسائل الأحكام ' 
لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام المشهور بنوازل البرزلي» كان مدرسا ومفتيا وخطيبا 
بجامع الزيتونة طيلة ربع قرن» وكان يعتبر فريد زمانه علما وتأثيرا في النفوس حتى أن 
الناس كانوا يبكون تأثرا به» جلس إلى ابن عرفة نحو 40 سنة» وكان أستاذه ابن عرفة 
يقول كيف أنام وأنا بين أسدين: الأبي بفهمه وعقله والبرزلي بحفظه ونقله؟”» تخرج على 
يديه فطاحل من العلماء أمثال ابن ناجي والرصاع وأحمد حلولو وعبد الرحمان الثعالبي 


الجزائري صاحب مؤلف "الجواهر الحسان في تفسير القرآن'”. 


ومنه يتضح لنا أن مدينة القيروان شكلت عبر تاريخها مركزا علميا وفقهيا بفضل 
أولئك العلماء والأدباء الذين عرفتهم» وتلك العلوم الشرعية التي سادت بهاء وجعلتها مدار 
اهتمام العلماء وطلبة العلم من كل حدب وصوب بما فيهم طلبة المغرب الأوسط وهو ما 


“الدباغ, المصدر السابق» ج23 ص ص 29-8. 
2 التنبكتي» نيل الإبتهاج» المصدر السابق» ص 287. 
7 أحمد الطويليء تاريخ القيروان الثقافي والحضاريءالمرجع السابق» ص 186. 


40 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


انعكس بالإيجاب على الحركة العلمية بالقيروان والمغرب الإسلامي عموما بحيث 
أصبحت القيروان بفضل ذلك محطة للقاءات الفكرية والحضارية والعلاقات الإنسانية. 


3- وفرة المؤسسات التعليمية والمكتبات(الخزائن العامة) 


لقد حظي الحفصيون بالأسبقية في إنشاء المؤسسات التعليمية في كل بلاد المغرب 
الإسلامي والأندلس» وقد تركزت معظمها في العاصمة تونس التي حوت الكثير من 
الجوامع والمدارس» وهو ما جعل الناس بعد أن يتلقون مبادئ العلوم في مدنهم التي 
ينتسبون إليها يهاجرون إليها لتلقي العلم على كبار علمائها في جامع الزيتونة» وقد خص 
ابن الشماع مكانتها الراقية والمتميزة التي بلغتها في مقدمة كتابه الأدلة البينية النورانية 
قائلا عنها:"هي قاعدة البلاد الإفريقية وأم بلادهاء وحضرة السلاطين من الخلفاء 
الحفصيين"! كما وصفها الرحالة العبدري الذي زارها سنة( 688ه- 1289 )قائلا حول ما 
بلغته من مجد وعزة وجمال قائلا في شأنها :"'مدينة تونس مطمح الآمال» ومصب كل 
برق ومحط الرحال من المغرب والمشرق »لا تنشد بها ضالة من العلم إلا وجدتهاء ولا 
تلتمس فيها بغية معوزة إلا استنفدتهاء أهلها ما بين عالم كالعلم رافع بين أهله للعلم» فاقت 
بحسن واتقان معانيها غيرها من المدن ولو نطقت لقالت: 

انا الغادة الحسناء فاق جمالها فآلت يمينا لخطبت على زوجي” 


ومن أهم المؤسسات التعليمية التي حظي بها المغرب الأدنى وعلى رأسها مدينة تونس 
نذكر: 


1 ابن الشماع» المصدر السابق» ص المقدمة. 
2 العبدري› الرحلة المغردية, المصدر السابق »ص 74/. 


41 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


أولا : الزوايا: 


عرف المغرب الإسلامي على مدار القرون الثلاثة الأخيرة من العصر الوسيط 
بداية ظهور ثم تطور و تبلور الزواياء و لم تكن تعني حسب ابن مرزوق التلمساني (711 
- 781 ه / 1311 - 1379 م) المعروف بالخطيب على عهده ما كان شائعا تسميته 
في المشرق بالربطء حيث يذكر قائلا:'و الظاهر أن الزوايا عندنا في المغرب هي 
المواضع المعدة لإرفاق الواردين و إطعام المحتاج من القاصدين» و أما الريط على ما هو 
المصطلح عليه في المشرقء فلم أر في المغرب على سبيلها و نمطها إلا رباط أبي محمد 
صالح» و الزاوية المنسوبة لسيدنا أبي زكرياء يحي بن عمر نفع اللهم بهم» سبلا غربي 
الجامع الأعظم منها و لم أر لهما ثالثا على نحوهما في ملازمة السكان وصفاتهم و 
شبههم بمن ذكر نفع الله بهم "'. 

لكن مفهوم الزوايا مح مرور الزمن استقر على المكان الذي يلتقي فيه المتعبدون» 
الراغبون في الحياة بمعزل عن العالم يصلون و يتلقون القرآن» و يقيمون ممارسات أخرى 
مثل الذكر و الإنشاد» كما احتفظت الزوايا بوظائفها كمرفق لاستقبال عابري السبيل 
الصوفية» حيث أصبحت كل زاوية تنتسب إلى شيخ و لها أورادها الخاصة بها”. 

و لقد خص سلاطين دول المغرب الإسلامي خلال مرحلة هذه الدراسة الزوايا 
برعايتهم الخاصة» ففضلا عن عمليات بناء هذه الزوايا و النفقة عليها بادروا بوضع 


الكثير من الممتلكات حبسا عليها و ذلك سعيا منهم لإضفاء الشرعية على عروفهم 


+ ابن مرزوق» المسند الصحيح, المصدر السابق» ص 413. 

2 عبيد بوداود» انتشار ظاهرة الأوقاف في المغرب الاسلامي ما بين القرنين السابع و التاسع الهجربين 
(ق15-13 م ) ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعيةء أطروحة الدكتورا في التاريخ الوسيطء قسم 
التاريخ جامعة وهران»2006-2005 » ص 82. 


02 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


و كسب الود للمكانة التي أصبح يتمتع بها رجال التصوف في نظر العامة من شعوب 
المغرب". 

لقد تعددت المؤسسات ذات الطبيعة المختلفة التى كانت تدين بوجودها واستمرار 
نشاطها إلى مبادرات الواقفين» و لعل أهم هذه المؤسسات المساجد و المدارس والمكتبات 


(الخزانات) و الزوايا و الأريطة و غيرها. 


و إذا نظرنا إلى الخدمات الجليلة التي كانت تضطلع بها هذه المؤسسات أدركنا 
مدى الإسهام الكبير الذي كانت تقوم به الأوقاف في مختلف مناحي حياة مجتمع المغرب 
الإسلامي في الثلث الأخير من العصور الوسطى”. 


إن أصل الزاوية من المغرب على عكس المدرسة التي أتتنا من المشرق وللإشارة 
فقد عرفت هذه المؤسسة أيضا بالمغرب الأدنى ازدهارا شبيها بازدهار المدارس» وهى 
على صنفين: الزاوية المبيت ومهمتها إيواء المسافرين الذي يباغتهم الليل» والزاوية الحاوية 


لجثمان ولي وهي التي يقصدها الناس للزيارة والتبرك”. 


-الزواية المبيت: ظهرت لأول مرة في عهد الخليفة أبي فارس عبد العزيز الذي 
يرجع له الفضل أيضا في بناء أول مارستان(مستشفى) بتونس“ » وقد أقيمت هذه الزوايا 


على أبواب الحاضرة لاستقبال المسافرين الواردين عليها من كل الآفاق وقد أضيفت 


0 عبيد بوداود 2 المرجع السابق» ص 0. 

#نفسه ع ص 245. 

31 عبد العزيز الدولاتي» مدينة تونس في العهد الحفصيء تعريب محمد الشادلي و عبد العزيز 
الدولاتي» دار سوراس للنشر› تونس1981» ص 141. 

4 الزركشي: المصدر السابق»ء ص 116» ابن أبي دينارء المصدر السابق »ص 240. 


43 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


زاوية لجامع الملاسين المؤسس سنة( 801ه/1398م)"» وبنيت أخرى خارج باب أبي سع 


دون” وثالثة خارج باب عليوة ورابعة خارج باب البحر”. 


وعلى أيام الخليفة أبي عمر وعثمان» اتسع نطاق هذه المؤسسة الخيرة بظهور 
زوايا على الطرقات المؤدية إلى العاصمةء وهي بمثابة المراحل التي يستريح فيها 
المسافرء أو يقضي فيها ليلته قبل متابعة طريقه» كزاوية عين الزميط“ بين تونس وباجة» 
وجعل فيها جامعا للصلاة ومكانا للعلم ورياطا للمقيمين والواردين” وزاوية الفندق على 


طريق القيروان” وزاوية بنونة وزاوية النزول وغيرها'. 
الزاوية المقبرة (أو التربة): 


وهي التي ترث المكان الذي كان يسكنه الرجل الصالح أو موقع خلوته سواء كان 
خارج المدينة أو داخل أسوارهاء أي هي المكان الذي يتخذه الرجال المتصوفة ويمارسون 
من خلاله نشر علومهم بين عامة الناس» وبالتالي يصبح نتيجة ذلك مقصدا للزيارة 
والتبرك؟» وتعد كتب المناقب من. أثرق المؤلفات بالمعلومات الخاصة بتلك الأماكن 


1 الزركشي: المصدر السابق »ص 116. 

* الباجي بن مامي» مدارس مدينة تونس من العهد الحفصي إلى العهد الحسيني» المعهد الوطني 
للترات 2006 < ص 107« Brunshrig.quelques remarque historique sur les‏ 
medersas de tunisie.R.T.N6.1931. P 87.‏ 

3 الزركشي » المصدر السابق» ص 144. 

“ الزميت» مدينة بناها السلطان أبي عمرو عثمان» وبني زاويته هذه وهي من الاراضي الخصبة 
وكانت بها بها أبراج عديدة استخدمت للمراقبة ينظر الحسن الوزان »وصف افريقياء المصدر السابق» 
ج2» ص ص 188-187. 

7 الوزير السراج » المصدر السابق » ج2» ص ص 188-187. 

“الزركشي-المصدر السابق» ص 144. 

“الوزير السراج المصدر السابق» ج2» ص 197. 

* عبد العزيز الدولاتي» مدينة تونس في العهد الحفصيء المرجع السابق» ج2 ص 141. 


44 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


المقدسة التي بقيت أخبار أصحابها إلى اليوم عالقة بذاكرة أهل المدينة كسيدي علي 
القرجاني وسيدي حسن علي الحطاب وسيدي أبي الحسن الشاذلي وسيدي حسن 
السيجومي وسيدي عبد الوهاب وسيدي سفيان وسيدي عبد القادر الجيلاني وسيدي أبي 
سعيد الباجي وسيدي منصور بن جردان والسيدة عائشة المنوبية وسيدي الأنصاري 
وغيرهم كثير '. 

وللعلم» فقد شهدت الحركة الصوفية اتساعا وتوغلا بين مختلف الطبقات 
الاجتماعية خلال القرن التاسع الهجري/ الثالث عشر الميلادي» فقد تمتع هؤلاء المتصوفة 
في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي» بعطف وحماية السلطان ذاته كالخليفة 
التقي المنتصر بالله الذي أمر بتحويل فندق الرصاص وهو من أملاك الدولة المجاور 
لجامع الزيتونة إلى زاوية للولي سيدي بن عروس وحبسها عليه”» ولا يزال باب هذه الزاوية 
يحمل إلى اليوم نقيشة تشير إلى أشغال الترميم التي قام بها المزوار أبو زيد عبد الرحمان 
المصري في سنة( 896ه/1490)م بأمر من الخليفة أبي زكريا يحيى”. 


وللعلم» توجد في نفس الشارع تجاه نفس الزاوية نقيشة أخرى تشير إلى أشغال 
مماثلة قام بها نفس العريف وتخص زاوية سيدي الكلاعي“» وقد حظي هؤلاء الأولياء 
المتصوفة بتقدير الحفصيين» وخير دليل على ذلك ما يروى عن سيدي قاسم الزليجي 


الذي عرف بتقدير الحفصيين له» حتى أن بعضهم دفن بجوار قبره داخل الزاوية التي كان 


ˆ عبد العزيز الدولاتي» مدينة تونس في العهد الحفصيء المرجع السابق» ج2 ص 141. 
7 ابن أبي دينارء المصدر السابق» ص 156. 
* عبد العزيز الدولاتي: المرجع السابق» ج2» ص 142. 
“الباجي بن مامي»مدارس مدينة تونس في العهد الحفصيء المرجع السابق» وكذلك 
Brunschrig :un califie hafside meconnu .return.AL.E.O 1934 .‏ 


45 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


شيدها بنفسه» وبعد سقوط غرناطة سنة( 698ه/1492م )أضيفت لها غرف لإيواء 
المهاجرين الاس : 


ولكن رغم التقدير والإجلال الذي كان يتمتع به هؤلاء الأولياء المعاصرون لبني 
حفص» فإن الشيخ محرز ابن خلف ومقامه حافظا على شهرته بقي إلى اليوم محل 
الإكرام والتبجيل» ويبدو أن الزاوية التي وصفها أدورن وعين مكانها خطأ في أحد 
الأرباض هي في الحقيقة زاوية الشيخ محرز بن خلف إذ يقول في شأنها نقلا عن 
الدولاتي:'وفي ريض من أرياض المدينة (ريما يعني حيا من أحياءها) يوجد منزل بديع 
شاهق كالقصرء كان يقطنه ولي من أوليائهم» وبه قبور كل سلاطينهم وهو بناء ملكي 
رائع حقا بحجارته وأعمدته المرمرية المجلزة فقد تدلت في سقوفه عدة قناديل لإضاءة 
القبور» وهو شديد الارتفاع كغيره من الروضات ( أو التربات) ولكنه لا يشبه أمثاله من 
بناءاتها المأتمية» إذ تغطي إحدى قاعاته قبة عالية وفسيحة؛ كما لو كان محلا للسكن” › 
وفعلا فقد عرف عن الفاطميين دفن ملوكهم وأمراءهم في جوار ضريح سيدي محرز مما 


يفسر فخامة المبنى الذي تحدث عنه الرحالة البلجيكي”. 
ثانيا- الجوامع: 


اعتبرت عمليات بناء الجوامع من أهم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولا 


كما تعتبر عملية البناء في حد ذاتها وقفا حتى و إن لم يصرح الباني بذلك» على اعتبار 


* ابن أبي دينار: المصدر السابق» ص ص 174-170-167-160-135. 
3 نفسه» ص 142. 


46 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


المساجد بيوتا لله و ليس ملكا لأحد لقوله تعالى: " وَأنَّ الْمَسَاجد يه قلا كدعوا مَع اله أَحَدًا 


"!.ولقوله تعالى: قُنْ إِنَّ صّلاتِي وَتْمْكي وَمَخيَاي وَمَمَاتِي يله رَبَ الْعَالَمِينَ”2 


و للإشارة» فإن مختلف المصادر التاريخية و كتب النوازل تكشف أن الإقبال على 
بناء المساجد من قبل سكان المغرب الإسلامي حكاما و محكومين خلال مرحلة هذه 
الدراسة كان كبيراء كما أن هذه المساجد استأثرت بأغلب الموضوعات» فبالإضافة إلى 
عمليات البناء كانت الأوقاف تضطلع بأعمال السير الحسن لهذه المؤسسات الدينية 
المتعددة المهام مثل أجرة القائمين عليها من الأئمة المؤذنين و غيرهم» و استصباح 


المساجد و حزمتها و إيصال المياه إليها و ترميمها إذا ما خريت. 


لم يكن نشاطها العلمي وليد لهذا العهدء بل كان الجامع منذ العصور الغابرة يقوم 
بوظيفة التربية والتعليم . 


- جامع الزيتونة: يعد جامع الزيتونة3 أقدم الجوامع في القطر التونسي بل هو أقدمها في 
العالم الإسلامي؛ وكان أهم مقر تقرأ به العلوم منذ تأسيسه؛ لكن التعليم لم ينتظم به إلا 
خلال فترة خلفاء بني حفص حيث تعشعشت أنواره بفضل ما أضافوا له من خزائن الكتب 
الجامعة وتفننوا في تحسينه وتعميره بالمجالس العلمية التي كان يترنم فيها بقراءة القرآن 
الكريم وتلاوة الحديث الشريف“. 


3 سورة الجن الآية [18]. 

#-سورة الأنعام » الآية,[162]. 

تبناه عبد الله بن الحبحاب في العصر العباسي عام 114ه/752م» وأعاد بناءه محمد بن الأغلب عام 
4ه/40م.: ولم يصبح جامعة حقا ويزدهر فيه التعليم إلا في عهد الحفصيين» ينظر السراجء الحلل 
السندسية المصدر السابق» ج1» ص ص » 821-551. 

4 أحمد الطويلي؛ مراكز الثقافة والتعليم »المرجع السابق» ص 15. 


47 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


وبالرغم ما أصيب به في نهاية القرن العاشر من ضعف نشاطه شأنه في ذلك 
شأن مختلف المعاهد العلمية بسبب الاحتلال الإسبانى لتونس وانصراف الولاة العثمانيين 
عنه إلى جوامعهم التي أنشاؤها تبعا لسياسيتهم العلمية» لكن تاريخه الحافل الذي أمده 
بكثير من الأوقاف ومكانته في قلوب أهل البلاد جعله يصمد أمام هذا الإهمال» ولم تكن 
الدراسة في هذا الجامع مقتصرة على أبناء العاصمةء بل كان يؤمه الطلاب من كل مكان 
كما هو الحال مع الشيخ علي النوري والكثير من أقرانه وتلامذته' نظرا لتعدد القراءات 
فيه» وتنوع الدروس التي كان يقوم بها أشهر العلماء في عصرهم» وكثرة مؤلفاتهم العلمية 
من الكتب الدراسية التى خلفوها والمصادر العلمية المهمة التى حبسها عليه عدد من 
خلفاء بني حفص الذي تنافسوا في جعله من أعظم جوامع هذه البلاد وأشرفها وأبهجها كما 
يقول عنه عبد الباسط بن خليل المصري في رحلته إلى البلاد التونسية في أواسط القرن 
العاشر الهجري”» وكما وصفه الرحالة العبدري قائلا:"هذا الجامع من أحسن الجوامع 
وأتقنها وأكثرها إشراقا” . 


ولم يقتصر أمر الجوامع على الزيتونة فقطء بل كان التعليم نشيطا في الجوامع 
التي أنشأتها الدولة في ريوع البلادء ولكن لم يكن منها من ينافس جامع الزيتونة“ وعن 
هذه الجوامع” نذكر: 


ˆ أحمد الطويلي» مراكز الثقافة والتعليم »المرجع السابق»ء ص15. 

7 أحمد الطويلي» تاريخ مدينة تونس الثقافي »المرجع السابق» ص ص 57-56. 

3 العبدري» المصدر السابق» ص 25. 

“وقد بقي جامع الزيتونة محافظا على مكانته هذه »فلم يزاحمه غيره حتى بني يوسف داي أحد أمراء 
الأسرة الحسينية جامع الحلفاوبين» فكادت الدروس تنقطع منه لولا تدارك الأمر فيما بعد. -ينظر محمد 
بن الخوجة» صفحات من تاريخ تونس تقديم وتحقيق حمادي الساحلي والجيلالي بن الحاج يحيىء دار 
الغرب الإسلامي بيروت» د ت » ص 289. 

George Marçais architecture Musul mane لمزيد من المعلومات ينظر كتاب‎ _5 
d’occident , edition Afrique orient , Paris,1955 , P41-42. 


48 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


- جامع القصبة: ويسمى بجامع الموحدين أو الجامع الحفصي أو جامع أبي زكريا الذي 
أسسهء وهو من دون شك كان من الأماكن العلمية والنوادي الأدبية التي كان يشرف 
عليها السلطان بنفسه» حيث خصه أبو زكريا بعليه القوم من الموحدين والمقربين إليه من 
العلماء والأدباء الذين استدعاهم من داخل إفريقية والأندلس» كما كانت تقام فيه الدروس 
الخاصة بالمذهب الموحدي» وتجري فيه منافسات شعرية بين شعراءه من أمثال ابن عربية 
والكومي والأصولي» وابن أبي الحسين وابن الأبار وابن عميرة وابن سعيد وحازم 
القرطاجي وأحمد الغساني! .وقد استطاع هذا الجامع منافسة جامع الزيتونة لكن هذه 
المنافسة لم تدم إلا لفترة وجيزة» لم تتجاوز عهد أبي زكريا الحفصي ٠»‏ فما لبث جامع 
الزيتونة حتى رجع إلى مكانته الأولى” . 

- جامع الهواء: ويسمى جامع التوقيف» بنته الأميرة عطف زوج أبي زكريا وأم الخليفة 
المستنصر سنة( 650ه/1252م) في عهد ابنها هذا بعد أن جاءته البيعة بالخلافة من 
مكة» أقامته في الحي السلطاني حيث كان يسكن عدد من أهل المخرن وشيوخ الموحدين 
وخدمة البلاطة على ريوة جنوبي القصبة أصبحت فيها قبلة للمتصوفين والمرابطين 
والمتعبدين الباحثين على خلوة الدرس والعبادة“ وقد رتب فيه المستنصر دروسا في العلوم 
ومختلف الفنون حضي بها عدد من العلماء الوافدين من الأندلس» وتولى فيه التدريس من 
بعد المنتصر علماء من إفريقية كابن عرفة» وبعض تلامذتهء وقد أنشأت الأميرة عطف 


بجواره مدرسة تعرف بنفس الاسم ولئن انقرضت اليوم المدرسة. فإن الجامع مازال شامخاء 


17 أحمد الطولي» المرجع السابق» ص ص 24-23. 
نفسه» ص 23. 

3 عبد العزيز الدولاتي» المرجع السابق» ص124. 
4 نفسه» ص 124. 


49 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


يمثل مع مدرسته مجمعا ثقافيا يعج بالطلبة وخاصة بأهل التصوف! منذ نشأته حينما 
اختار الشيخ أبو القاسم الزليجي مقر إقامته ونشاطه التصوفي قبالته”. 


- جامع باب البحر: أنشأه الداعي أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة المسيلي سنة 
2ه/1283م) مكان فندق كان يباع به الخمر وترتكب فيه الفواحش” وقد أراد الداعي 
ببناءه له أن يجاري أبا زكريا الحفصي في تشييده لجامع القصبة» وكان يرغب من خلاله 
الى إقامة مركز علمي يضاهي به جامع الزيتونة والقصبة ويستقطب به نشاطا علميا يشع 
به على المدينة» لكن رجوع الحكم إلى أصحابه الشرعيين أسدل ستارا كثيفا على أعمال 
الداعي العلمية والثقافية وجعله قتالا سفاكا للدماء ظالما“وفي عهد الاحتلال الإسباني حول 


إلى مستودع لذخيرته ومركزا لعملياته” . 


-جامع أبي محمد: يعرف باسم محمد عبد الله المرجاني المتصوفء الشاذلي الطريقة (ت 
9 ه-1299م) بني بباب السويقة في عهد الخليفة أبي حفص عمرء تولى فيه 
الخطابة والإفتاء والتدريس علماء من أمثال عبد الله البحيري مفتي جامع الزيتونة؟ ومحمد 


البيدموري مدرس المنتصرية وناظر الأحباس” كان قد اتخذه المرجاني محلا لتأديب العوام 


مه مو هم 


ونشر معرفة الحقيقة الربانية» كان يردد لأبي عبد الله بن سلطان أحمد مريدي الشاذلي 


ˆ أحمد الطويليء مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس في العهد الحفصي المرجع السابق» ص 24. 
2 نفسه» ص 25. 

3 نفسه» الصفحة نفسها. 

4 الزركشي »المصدر السابق» ص 47. 

5 عبد العزيز الدولاتي» المرجع السابق» ص ص 125-124. 

“ينظر ملاحظة المحقق ص 148 من كتاب الزركشي تاريخ الدوليين. 

7 أحمد الطويلي» مراكز الثقافة والتعليم» المرجع السابق» ص 26. 


50 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


اء E‏ 5 نؤدب 5 تۇد ن . 1 قد تا : . 1 1 EEN‏ 
قائلا: نحن نؤدب العوام وأنتم تؤدبون الخواص"! » وقد التجأً المرجاني إلى تأسيس مدرسة 


- جامع باب الجزيرة: يرجع بناءه إلى القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي» أسسه 
المتصوف أبو محمد المغربي بمشاركة أميرة حفصية» تولى فيه الخطبة والفتوى علماء 
أمثال الغافقي والزنديوي المدرسين بمدرسة المعرض والقاطنين بباجة وقد أراد أبو محمد 
المغربي من خلاله أن ينافس المرجاني بتأسيس مركز تبث فيه علوم التصوفء فألحق 
بالجامعة مدرسة كانت معهد من معاهد العلم والمعرفة“ويهذا الجامع انتظم سلك للجوامع 
تحيط بالمدينة خارج السور وهي جامع الهواء وجامع باب البحر وجامع باب السويقة 
وجامع باب الجزيرة» مما مكن سكان الأحياء الخارجية بالإضافة إلى أداء فريضة الجمعة 
في أحسن الظروف”ة من تلقي العلوم وشتى المعارفء وقد أثرى هذا السلك بإنشاء جوامع 
أخرى في تونس وهي: 

- جامع سيدي يحيى السليماني: في أطراف حي باب العسلء كان السليماني يعتكف 
فيه للتدريس والعبادة© »وقد أحدث فيه الأمير عمر بن أبي بكر الخطبة سنة 
67م . 


ˆ ابن الطواح التونسي» سبك المقال لفك العقالء تقديم وتحقيق عبد الواحد الزغلامي» الاستاذ سعد 
غراب» 1978 نسخة مرفوقة بمكتبة الكلية» رقم 228. 

7 أحمد الطويليء مراكز الثقافة والتعليم» المرجع السابق» ص 26. 

3 محمد بن الخوجة» صفحات من تاريخ تونس» المصدر السابق» ص 182-181. أحمد الطويلي؛ 
مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس» المرجع السابق»ء ص 26. 

* المرجع نفسه» ص 26. 

7” عبد العزيز الدولاتي» المرجع السابق» ص 126. 

° أحمد الطويليء مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس» المرجع السابق »ص 9. 

7 نفسه» ص 29. 


51 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


- جامع سيدي جعفر: يقع في باب السويقة و يسمى ايضا به في سوق التبانين ويسمى 
أيضا بهم أي جامع التبانين» أنشأ فيه أبو عمرو عثمان الخطبة سنة 855ه/1451م)! 


- جامع الحلق: بسوق العصر بالباب الجديد » أنشأته أمة زنجية كانت تملك حلقا ذهبيا 


وأسورة فابتاعتها لتقييم بثمنها هذا الجامع» وصار فيما بعد جامع خطبة2 . 


- جامع القصر: كان هذا الجامع مركزا علميا نشيطا يعج بالطلبة والدارسين وكان ملتقى 
للعلماء» جلس فيه للتدريس ابن الطواح مدة ثلاثة عشرة سنة 3 ومن أئمته ومدرسيه الذين 
كان لهم إشعاع علمي كبير عبد العزيز بن المعطي (ت 837ه/1433م) كان يتزاحم 
الناس على حلقته لنبوغه العلمي الرفيع“ . 


ثالثا: المدارس: 


تعد المدارس بعد جوامع الخطبة من المؤسسات التي نالت حظوة كبيرة ابتداءا من 
أواسط القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلاديء ولم تظهر هذه المؤسسة بتونس إلا 
بعد أن قطعت شوطا بعيدا منذ ظهورها في المشرق الذي يعود بها إلى مائتي سنة” حيث 
ظهرت لأول مرة في خراسان بإيران ثم بالعراق وسوريا وأخيرا بمصر ومنها انتقلت إلى 


.5 6 
دولس 


زه انس الكلفاغ. والأمراع -والأميراك. الحفضديق المذارفن> وقة يكوا بلك سنة 


حميدة لوزرائهم وأصحاب الجاه والثروة في عهدهمء فبنوا أيضا مدارس تنسب إليهم 


1 أحمد الطويليء مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس »المرجع نفسه» ص29. 
2 نفسه» الصفحة نفسها. 

3 ابن الطواح» المصدر السابق» ص ص 149-148. 

4 الزركشي»المصدر السابق» ص 73. 

7 عبد العزيز الدولاتي» المرجع السابق» ص 139. 

° نفسه» ص139. 


52 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


إشتهر أمرها في تدريس الفقه والحديث وتفسير القرآن! وقد كان إنشاؤها بمدينة تونس في 
البداية سعيا لخدمة الدعوة الموحدية» ورغبة في نشر المذهب الموحدي”» فقد رأى أبو 
زكريا الأول مؤسس الدولة الحفصية أن تثبيت قواعد حكمه لا يكون إلا بنشر المذهب 
الذي تستند إليه دولته» وذلك بإنشاء مدرسة يكون مسيطرا على التدريس فيهاء فتعينه على 
الصمود في وجه المالكية لكون الحفصيين كانوا يعتبرون دولتهم وريثة الموحدين”. 


وهكذا أراد أبو زكريا الحفصي أن تكون المدرسة معهدا لفئة من الطلاب يتلقون 
فيها أصول المذهب الموحدي على أساتذة مناهضين للمالكية لكي يقوموا بدورهم في نشر 
المذهب بين جموع العامة التي ظلت متشبثة بالمذهب المالكي“. 


ولم يكن الغرض من إنشاء المدارس الحفصية مذهبيا فقطء 'فقد كان يرمي أبو 
زكريا الأول من وراء تأسيسه للمدرسة الشماعية إلى تكوين موظفين أكفاء واطارات 
مخلصين وأمناء لخدمته وخدمة دولته” فقد كان يرى أن تلتزم المدرسة بمبادئ الحكومة 
واتجاهاتها أكثر من المساجد والزوايا؟» ومع ذلك» فرغم تدخل الحكم القائم في نظام 
المدارس» إلا أن السلاطين الحفصيين لم يبنوا بمدينة تونس سوى المدرسة الشماعيةء أما 
بقية المدارس فهي من إنشاء بعض الأمراء والأميرات والفقهاءء ففي حوالي 
0 ما بنت أم الخليفة المستنصر المدرسة التوفيقية وحوالي 680ه/1281 ) 
أسس ابن السلطان أبي إسحاق المدرسة المعرضيةء وللإشارة فإن بناء المدارس في هذه 


“عبد العزيز الدولاتي» مدينة تونس في العهد الحفصيء المرجع السابق » ص 139. 

2 محمد الباجي بن ماميء المرجع السابق» ص30. 

3 نفسه» ص31. 

Brunschrig(R) ibn as-samma historien hafside.A.|.E.0 نفسه < ص 31« كذلك‎ 4 
1934-1935.1.1.PP193-212. 


5 Brunschrig(R) quelque remarques historiques sur les medersas en tunisie 
R.T.N6 1931.pp261-285 . 


53 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الفترة لم تعد له نفس الأهداف التي رسمها ابو زكريا لتشييده للشماعية إذ يبدو أن 
المدارس التي شيدت بعده كان الهدف منها أساس القيام بعمل خيري والتقرب إلى الله » ثم 
أيضا التقرب من عامة الشعب» كما أن السلاطين الحفصيين لم يبقوا متشبثين مع الزمن 
بالمذهب الموحدي ومحتواه عكس ما كان عليه السلاطين الأوائل للدولة الحفصية ومن 
أشهر المدارس الحفصية نذكر: 


- المدرسة الشماعية: + تعد من مدارس القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي› 
أسست في حدود سنة( 635ه/1237 )من طرف أبو زكريا يحيى الأول إبان فترة 
الإستقلال عن الدولة الموحدية أي بعد أن أتمم أبو زكريا بناء صومعة الجامع الموحدي 
سنة 633ه/1235م)” الذي عرف بتشجيعه للحياة الثقافية من خلال جلبه لجمع غفير 
من مثقفي الأندلس الذين ساهموا في إعطاء الحياة الثقافية والعلمية أهمية بالغة» وصفه 
الزركشي في هذا الصدد قائلا: كان فقيها عارفا ظريفا له شعر كثير مدون". 


وللإشارة لا يزال بناؤها إلى اليوم قائما يشهد على أناقتها وفخامتهاء وهي لا تبعد 
عن جامع الزيتونة إلى بقليل من الأمتارء وقد تواصل بها عقد الدروس العلمية إلى القرن 
الماضيء ويخبرنا ابن الشماع في شأن ذلك قائلا :'لقد زارها البلوي بعد رجوعه من الحج 
سنة ( 739 ه/1338م)» ونزل بها واجتمع بإخوانه من الطلبة والمدرسين وسر بوجودهم 
وعدم تفريق شملهم» والتقى بهم فيها مرة أخرى على المذاكرة والانتفاع“ . ومن أشهر 
مشايخها أبو القاسم ابن البراء الذي أخذ يسأل عن أحباسها لما وليها 'فقيل له فيها الإمام 


1 كان هذا السوق يسمى في العهد الحفصي سوق الشماعين ثم انتقل بيع الشمع إلى العطارين »ينظر 
محمد ابن خوجة»ء تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديد» تونس» 1939» ص ص 178-176. 

7 الطاهر معموري» جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهد بن الحفصييين والتركي من سنة» 
13 إلى سنة 1705/117 الدار العربية للكتاب» د ت 1980» ص 81. 

3 الزركشيء تاريخ الدولتين » المصدر السابق» ص 25. 

4 ابن الشماع »الأدلة البينة النورانية» المصدر السابق» ص 45. 


54 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


فقال: الطلبة كلهم عدول من خضر منهم يؤم» قيل له: فيها الوقاد فقال: لا حاجة إليهء 
من أتى يشعل الفتيلة والقنديل» وقيل له: فيها النقيب فقال: إنما كان النقباء في بني 
إسرائيل» هذا كله إسراف"'! ومنهم أبو علي عمر بن قداح الهواري” قاضي الأنكحة بتونس 
المتوفى سنة( 734ه/1333م)» وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام الهواري شيخ ابن 
عرفة وشارح ابن الحاجب الفرعي” » سكنها ابن عرفة والبرزلي والأبي“ وتولى التدريس 
بها أبو القاسم القسنطيني وأبوعبد الله البحيري” المتوفى سنة851ه/1454م)» وعند وفاته 
خير السلطان أبو عثمان الأعظم فاختار الإمامة» وأضاف له المدرسة الشماعية؟ كما 
تولاها الشيخ محمد الزنداوي'. 

وقائمة أساتذة المدرسة الشماعية لا تقتصر على هؤلاء »لأن مكانتها العلمية التي 
واكبت العهد الحفصي بأكمله» وامتدت حتى العهد التركي تجعلنا نتأكد من وجود عدد 
كبير من العلماء درسوا في رحابهاء واستفاد منهم الطلبة” . 

لهذه المدرسة تاريخ حافل جعل منها مدرسة هامة جداء إذ ثبت أن هذه المدرسة 
كانت في العهد الحفصي على مستوى علمي يضاهي مستوى أهم الجامعات العلميةء فقد 
كان شيوخها يختارون من بين كبار العلماء والمدرسين الأجلاء» والدليل على ذلك أن 
أغلب مدرسيها كانوا تولوا خطة قضاء الجماعة أو قضاء الأتكحة أو الفتيا أو إمامة 


الجامع الأعظم» ولم يكن للمدارس الأخرى نفس المستوى الذي كانت عليه إلا البعض 


1 محمد ابن عرفة » التفسير مخطوط عدد 10110 دار الكتب الوطنية» تونس» ص 116» ب. 
2 الزركشيء المصدر السابق» ص 70. 

3 نفسهء»ص 71. 

“محمد ابن الخوجة» تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديدء المرجع السابق» ص ص 178-176. 
5 الزركشيء المصدر السابقء ص141. 

° نفسه» ص 149. 

شض 151 

* الطاهر المعموري» المرجع السابق» ص 82. 


55 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


منها كالتوفيقية والعنقية والمنتصريةءولذلك فمن المحتمل أن أهم العلماء قد تنافسوا على 
نيل منصب التدريس بالشماعية نظرا لأهميتها وللمداخيل التي تدرها على شيوخهاء ونظرا 
أيضا للشرف الذي كان يلحق بهم من جراء تدريسهم فيها!. 

وتزخر المصادر في هذا المضمار بأسماء مدرسين كثيرين درسوا بهاء وهي ظاهرة 
لا تتكرر بالنسبة إلى جل المدارس الأخرى» ولا شك أن هذا يدلنا على أهمية المدرسة 
التي يمكن مقارنة مستواها بالمستوى الجامعي في أيامنا هذهء خصوصا في الفترة 


الحفصية» إذ اعتبر الجميع هذه المدرسة أهم المدارس أثناء هذه الحقبة الزمنية2. 


ومن الملاحظ أن أغلب شيوخ الشماعية درسوا قبل تولي التدريس فيها أو بعده أو 
في آن واحد بمدرسة أخرى أو أكثر» وهي ظاهرة منتشرة بين جميع المدرسين الذين تولوا 
التدريس في عدة مدارس» وذلك حسب مشيئة صاحب السلطة» وقد اختير أغلب شيوخ 


الشماعية من بين قضاة الجماعة وأئمة جامع الزيتونة. 


إلا أنه لم يصلنا اسم أول من تولى خطة التدريس بالشماعية» واسم أول شيخ 
وصلنا عن طريق المصادر ابن البراء التنوخي”؛ ومن الممكن أن القاضي أبا القاسم بن 


زيتون هو الذي تولى المدرسة من بعده“ إذ لا نملك معلومات حول السنة التي بدأ فيها 


^ محمد الباجي: مدارس مدينة تونس في العهد الحفصي- ص136. 

2 نفسه» ص 136. 

7 هو أبو القاسم بن علي بن عبد العزيز البراء التنوخي المهداوي» تولى قضاء الجماعة والفتيا 
بالزيتونينة» ولد بالمهدية حوالي 580ه/1184م وتوفي بتونس سنة 677ه/1278م» ينظر ابن 

خلدون: ج6» ص 670. 

4 هو أبو الفضل أبو القاسم بن أبي بكر بن مسافر بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرفيع اليمني 
المعروف بابن زيتون ولد سنة 621ه/1224م» وتوفي سنة 749ه/1348م» تولى قضاء الجماعة 
ومنصب الفتيا وهو أول من أدخل مصنفات الفخر الرازي بعد عودته من المشرق ينظر ابن خلدون:- 


56 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


التدريس بالشماعيةء إلا أنه من الممكن أنه تولاها في آخر حياته ثم في بداية سنة 
1 مه إلى أن انفرد بالمدرسة ابن قداح! المتوفى سنة 734ه/1333م» لكن 
ليس لدينا أي معلومات عن السنة التي عين فيها ابن قداح للتدريس بالشماعية» غير أنه 
من الثابت أنه بعد وفاته مباشرة» تولى الشماعية وقضاء الجماعة في آن واحد محمد بن 
عبد السلام”» ومن الراجح أن قاضي الجماعة عمر بن عبد الرفيع هو الذي عين في هذه 
الخطة سنة 750ه/1349م» أي بعد أقل من سنة من وفاة ابن عبد السلام »وابتداء من 
سنة 765ه/1363م إلى سنة 773ه/1371م تولى التدريس بالشماعيةء العالم ورجل 
السياسية ابن مرزوق الجد الذي نستطيع أن نقارنه بعبد الرحمن بن خلدون في بعض 


أوجه حياته السياسية. 


إلا أننا لا نملك أية معلومات عن المدرس الذي تولى هذا المنصب مكانه بعد 
هجرته إلى القاهرة. 


وبعد هذه الفترة من الفراغ تعلمنا المصادرء أن أبا مهدي عيسى الغبريني قد نصب 
للتدريس بالشماعية”» وعين لقضاء الجماعة سنة 785ه/1383م» إلا أننا لا نعلم شيئا 


-المقدمة» ص 397» وابن فرحون: الديباج ص 99 الزركشي: تاريخ الدولتين» المصدر السابق» ص 
ص 52-44 الغبريني» البستان» المصدر السابقء ص 114. 

ˆ هو أبو حفص عمر بن علي بن قداح الهواري» تولى قضاء الأنكحة وتولى الفتيا عدة مرات خلف 
ابن عبد الرفيع في قضا الجماعة 733ه/1332م» توفي سنة 734ه/1334م» ينظر الزركشي: تاريخ 
الذولفين: المصدن السايق مصن 70 ابن فرجرن؛ النيباج» المصدر السايق» صن 187: 

7 هو أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير الهواري المنستيري» من أشهر علماء 
افريقية في العهد الحفصي ولد سنة 676ه:1277م توفي بالطاعون سنة 749ه/1348» ينظر ابن 
فرحون الديباج» المصدر السابق» ص 336. الزركلي: الأعلام » المصدر السابق» ج7» ص 77. 
هو أبو إسحاق ابراهيم بن حسن بن عبد الرفيع» تولى قضاء الجماعة خمس مرات» وتولى الخطابة 
بالزيتونة 633ه/733-1237ه/1322م: ينظر الزركشيء تاريخ الدولتين» ص 62. ابن أبي الدينارء 
الزن المضدن الاي رصن 4142 :اين فرجرن النيياج«النصسن السايق ض 142: 


57 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


عن السنة التي تولى فيها هذه المهمة» فلريما بدأ قبل هذا التاريخ ومن الممكن أيضا أنه 


ومن الأدلة التي تدل على أهمية هذه المدرسة واهتمام النظام الحاكم بهاء تدريس 
محمد الحسين أحد أعضاء العائلة الحفصية بها وعند وفاته سنة 839ه/1435م 
عوضه السلطان أبو عمرو عثمان بقاضي الجماعة أبي القاسم القسنطيني”» ولما وافاه 
الأجل عين في منصبه الشيخ البحيري7» وبعد وفاته عين في جميع خططه“ أبو العباس 


القلشاني”, وقد دام تدريس أحمد القلشاني بالشماعية ست سنوات» وعند وفاته أتى دور 


1 هو أبو مهدي عيسى بن أحمد بن محمد الغبريني حفيد صاحب عنوان الدراية ينظر الزركشي 
»المصدر السابق ص 124- الرصاع- الفهرست» المصدر السابق» ص 180. 

2 هو أبو عبد الله محمد الحسين ابن الخليفة أبي العباس أحمد عم أبي عبد الله أبو السلطان أبي 
عمرو عثمان الذي لما تولى الحكم فر أبو عبد الله الحسين وبعض أولاده من تونسء إلا أن السلطان 
قبض عليه فهلك هذا المدرس في سنة 839ه/1435» ينظر الزركشي: تاريخ الدولتين »المصدر 
السايق: ض ص 4137-1386 محمد ين مخلوف»: شنجرة التوو + الفضيدر السايق "ص 245, 

3 هو أبو الفضل قاسم القسنطيني بن سالم الوشتاني» أخذ عن ابن عرفة وعيسى الغبريني والزغبي» 
ودرس عليه ابن ناجي» ولي قضاء الجماعة والإمامة بجامع الزبتونة سنة 833ه/1429م» مات قتيلا 
بعد أن ضرب بمغروس اثر صلاة الصبح بالزبتونة ينظر الرصاع :الفهرست» المصدر -السابقء 
ص 4126 الزركشي: تاريخ الدولتين» المصدر السابق » ص 140-128» والتنبكي: نيل الابتهاج» 
المصدر السابق »ص 22. الوزير السراج» الحلل؛ المصدر السابق» ج1» ص 613. 

* هو أبو محمد عبد الله بن سليمان بن قاسم البحيري أصيل بنزرت» عين في قضاء الأنكحة» وتولى 
التدريس بالشماعية والخطابة والفتيا بالزيتونة. وولي الفتيا بالزيتونة سنة 852ه/1448م ينظر 
الرصاع: المصدر السابق » ص 78. الزركشي: تاريخ الدولتنين» المصدر السابق» ص ص 135- 
0ه 

° هو أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد القلشاني» ولد سنة 779ه/1377م بباجة» عين في 
مناصب عديدة من بينها القضاء بقسنطينة مدة 17 سنة» ثم انتقل إلى تونس ثم درس بمدرسة سيدي 
محرز وبعد ما تولي المدرسة المنتصرية وقضاء الجماعة عام 851ه/1447م» ثم عين في جميع- 


58 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الشيخ الزنديوي للتدريس بها!. وهنا نلاحظ لأول مرةء أن مدرسا ورث منصب والده في 
التدريس بالشماعية» إذ بعد موت أبي عبد الله عين ابنه أبو الحسن في جميع وظائفه” إلا 
أنه لم يبق طويلا في الشماعية إذ عزل عن جميع وظائفه خلال سنة 875ه/ 1470م)ء 


وأخذ مكانه الشيخ أبو عبد الله محمد الرصاع”. 


- المدرسة التوفيقية: تسمى أيضا مدرسة جامع الهواء» بنتها مع الجامع المسمى بجامع 
التوفيق الأميرة عطف؟ زوجة أبي زكريا الحفصي وأم المستنصر الذي وصف ابن قنفذ 
أيام تونس في عهده على أنها :كانت أيام أعياد وأعيادء أيام كانوا يبثون المكارم بثا 
ويفيضون الإحسان فيضاء اقتنى الرجال بهم الأموال» ونال أهل الانقطاع إليهم كبار 
الآمال"» أما عن تأسيسهاء فيرجح أنها تأسست قبل( 657ه/1261م) وهو تاريخ وفاة 
أول مدرس بها وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعموري الإشبيلي؟ أما 
برنشفيك فيستدل على أنها بنته بعد وفاة أبي زكريا الحفصيء وذلك في عهد المستنصر 


-خطط البحيري» له عدة تاليف هامة درس البعض منها في مدينة تونس منها مختصر الفقه لابن 
الحاجب» ينظر الزركشي: المصدر السابق» ص 19» القلصادي» المصدر السابق» ص 116. 

ˆ هو أبو عبد الله محمد الزندوي بن محمد بن عيسى العقدي التونسي ولد بقسنطينة» قدم إلى تونس 
فتولى مدرسة المعرض والخطابة والفتيا بجامع باب الجزيرة والقضاء بباجة» ينظر الرصاع المصدر 
السابق- ص 137» الزركشي: المصدر السابق » ص 135. 

7 المضيدن. نفسة» كن 158: 

3 هو أبو عبد الله محمد بن قاسم الأنصاري» عرف الرصاع من أشهر علماء مدينة تونس تولى 
التدريس بالمدرسة الشماعية > صاحب الفهرست ينظر السخاوي» الضوء اللامع -ج8» ص 287. 

4 هي جارية من بني الجلالقةء أهداها بعض أجداد ابن خلدون إلى أبي زكريا أيام ولادته بإشبيلية؛ 
اتخذها أم ولد وكان له منها أبو يحيى زكريا وولي عهده المتوفى في أيامه وأخواه عمر وأبو بكر ينظر 
ابن خلدون» التعريف» ص 11. 

5 ابن قنفذء الفارسية» المصدر السابق» ص ص 141-140. 

° أحمد الطويل» مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس» المرجع السابق» ص 39. 


59 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


قبل جمادى الثانية( 659ه). بين سنة( 648ه و659ه/1260-1250)! وقد كانت قبالة 
زاوية الشيخ أبي القاسم الزليجي” أهم المدرسين بها فنذكر ابن سيد الناس الحافظ الرواية 
والأديب الشاعر (ت 659ه/1261م) الذي استدعاه المستنصر الحفصي ليدرس الحديث 
بهاء كما تولى التدريس بها محمد بن نصر البسكري والإمام ابن عرفة (ت 
1400/3م) وكانت دروسه فيها من بعد صلاة الصبح إلى الزوال في فنون مختلفة 
يبدؤها بالتفسيرء أخذ عنه فيها الأبي وسائر تلاميذته وأصحابه وكان هؤلاء التلامذة 
يسكنون بها ومن مشايخها أيضا في أواخر العهد الحفصي أبو عبد الله محمد المسراتي 
(ت 848ه/1444م) ثم أخوه أبو العباس أحمد المسراتي الذي تولى الخطبة بالجامع 


الأعظم بعد وفاة الإمام أبو عبد الله محمد المسراتي*. 


- المدرسة المعرضية: هي من أقدم المدارس في العهد الحفصيء أسسها الأمير أبو 
زكريا يحيى بن الخليفة الحفصي أبي إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا في حدود 
0ه/1281م) مكان فندق لبيع الخمر بسوق الكتبيين» ويفترض برنشفيك أنها بنيت قبل 
فرار أبيه من الداعي أحمد بن مرزوق ابن عمارة المسيلي( 683-681/ 1283- 
4م( . 


ويفيدنا الزركشي أن مؤسسها الأمير أبا زكريا كان يتابع الدروس من خلال نافذة 
تشرق على المدرسة ويحضر بصورة منتظمة دروس يومي الإثنين والجمعة وكان يوزع 
على التلاميذ قطع الذهب والفضة سعيا لاستجلابهم ويخصص لهم وجبات الأكل فأقبلوا 


من كل المدارس حتى لم يبق فيها مكان وعين لها مدرسا أبا العباس أحمد الغرناطي 


1 الطاهر المعموري» المرجع السابق»ء ص 83 
2 نفسه»الصفحة نفسها. 
7 الأبي» إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم» مصرء 1328ء ج6» ص33. 
4 الطاهر المعموري» جامع الزبتونة»المرجع السابق» ص 84. 
Brunschvig «+ merolsa.opcit.p267.‏ 5 


60 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


صاحب كتاب المشرق في علماء المغرب والمشرق وأجرى على المدرس رزقا كثيرا قدره 
عشره دنانير في الشهر"!. 

أما فيما يتعلق بأسماء من درسوا بهذه المدرسة» فإننا لا نملك معلومات تكشف لنا 
عن ذلك سوى ما ذكره الرحالة البلوي قائلا :"من أنه لقي في وجهته المشرقية أبا عبد الله 
بن عبد الستار في مدرسة الكتبيين التي استوطنها وسمع عليه كثيرا في التفسير والحديث 
والفروع والأصول وانتفع به"” وما ذكره الزركشي قائلا:"من أن الفقيه أبا عبد الله محمد 
الزندوي تولى التدريس بمدرسة المعرض” أو ما أشار إليه الرصاع قائلا :"من أن عبد الله 


محمد الباجي كان أحد مكرسيها"ة: 


- المدرسة العصفورية: ويرجح أنها منسوبة إلى الأديب النحوي أبي الحسن علي بن 
عصفور (ت669ه/1270م) صاحب كتاب المغرب في النحوء وهي تقع بدرب ابن عبد 
السلام قرب جامع الزيتونة” »ويحتمل أن تكون المدرسة من تأسيس الجالية الأندلسية 
الوافدة على تونس» فسميت باسم أحد علمائها أو لعله كان أول من نصب للتدريس بها 
فنسبت إليه° ويشير صاحب تراجم سبك المقال حولها قائلا :"أنه كانت تدرس فيها تآليف 
ابن عصفور النحوية والصوفية ومصنفات الأدباء الأندلسيين ودواوينهم خاصة شعر حازم 


القرطاجني وابن الأبار وابن حبيش ابن الغماز وأبي المطرف بن عميرة"”. 


ˆ الزركشي» المصدر السابق» ص51. 

7 خالد البلوي» تاج المفرق في تحلية علماء المشرق» مخطوط عدد 14792 المكتبة الوطنية تونس 
6ب» 17 

3 الزركشي تاريخ الدولتين» المصدر السابق» ص 145. 

4 الرصاعء المصدر السابق م1 »ص 185. 

” محمد السراج» المصدر السابق» ج1» ص518. 

° محمد بن الخوجة؛ المرجع السابق» ص 180.» الطاهر المعموري» المرجع السابق» ص 86. 

7 ابن الطواح» المصدر السابق» ص 228. 


61 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


- المدرسة العنقية: هي من مدارس القرن الثامن الهجري/ 14م )تسمى انشا مدرسة 
عنق الجمل! لموقعها في نهج يشبه عنق الجمل في انحنائه وتعريجه؛: أسستها الأميرة 
الحفصية فاطمة ابنة أبي زكريا الحفصي أخت السلطان أبي يحيى أبي بكر المتوكل على 
الله وابنة أم الخلائق التي أهداها أحد أجداد ابن خلدون إلى أبي زكربا يحيى الحفصي 
سنة( 742ه/1341)م» وكانت قد انتدبت لإرادتها وللتدريس بها قاضي الجماعة محمد 
بن عبد السلام الهواري والذي يذكر لنا الزركشي بشأنه على أنه :"كان يدرس بالمدرسة 
الشماعية» ولما بنت أخت السلطان أبي يحيى مدرسة عنق الجمل طلبت من أخيها أن 
يكون قاضي الجماعة ابن عبد السلام بمدرستها فأسعفهاء فكان يقسم الجمعة بين 
المدرستين الشماعية والعنقية'”» لكن سرعان ما تم عزله من منصبه وتعويضه بالشيخ 


محمد بن سلامة بسبب اتهامه بالتفريط والتقصير من قبل الأميرة الحفصية”. 


تعتبر العنقية من بين المدارس التي كان لها شيء من الأهميةء إذ درس فيها 
مشاهير العلماء بإفريقية في العهد الحفصيءوأول من تولى من الشيوخ التدريس بها هو 
قاضي الجماعة محمد بن عبد السلام» إلا أن مدته لم تطل بها إذ اتهمته مؤسسة المدرسة 
بالتفريط وعوضته بأبي عبد الله محمد بن سلامة كما سبق وذكرناء وقد كان تقدمه 
للتدريس بها بعد سنة( 742ه/1341م) وهي سنة تأسيس المدرسة العنقية وقبل سنة 
9 سنة وفاته“ء وكذلك من بين الشيوخ الذين درسوا بها تلميذ ابن عرفة 
وقاضي الجماعة أبي مهدي عيسى الغبريني الذي دام تدريسه بها حتى سنة وفاته أي 
سنة( 813ه/1410م)» وعند وفاته قدم السلطان أبو فارس عبد العزيز أبا عبد الله محمد 


“الزركشي 3 المصدر السابق» ص 77-71“ السخاوي» المصدر السابق» ج8» ص107. 
2 الزركشي» تاريخ الدولتين»المصدر السابق» ص 71. 
3 نفسه الصفحة نفسها. 


62 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


القلشاني! للتدريس فيهاء وعند وفاته سنة 837ه/1433)م تولى عوضه قضاء الأنكحة 
والتدريس بالعنقية ابنه أبو حفص عمرء وكان قد ناب والده في المدرسة قبل وفاته وذلك 
أثناء مرضه” وبعد موت أبي حفص عمرء نصب عوضه للتدريس في نفس المدرسة ابنة 
أبو عبد الله محمد وهكذا نرى أن عائلة القلشاني قد استحوذت على التدريس بالعنقية مدة 


ا 


5 


أما عن طلبتها الذين درسوا بها فنذكر محمد الواصلي الذي أخذ عن عمر 
القلشانى الذي أخذ عنه بالعنقية أبو العباس أحمد السلاوي» وابن عرفة الذي درس فيها 


على ابن سلامة» كما درس بها أبو عبد الله الرصاع عدة سنوات4. 


- مدرسة ابن تافراجين: أسسها حاجب الخليفة أبو محمد عبد الله ابن تافراجين المتوفي 
سنة 766ه/51364 أما عن موقعهاء فيذكر السراج "'أنها تقع بقنطرة ابن ساكن داخل 
باب السويقة6ءإلا أنه وعلى الرغم من أهمية هذه المدرسة» فلم تمدنا المصادر إلا بأسماء 
أربعة شيوخ درسوا بها وهو البرزلي» وكذلك حفيد مؤسس المدرسة العصفورية ابن 


عصفور الذي ولي التدريس فيها بعد الشيخ أبي القاسم وعند موته تقدم إلى منصبه أبو 


17 أبو عبد الله القلشاني ولد سنة 753ه/1352م بباجة وأخذ عن ابن عرفة وابن حيدرة وغيرهم »ولاه 
أبو فارس قضاء الأنكحة تعويضا للزغبي الذي تولى قضاء الجماعة وفي آن واحد صدره للتدريس 
بالعنقية» ينظر الرصاع عفهرس الرصاعء المصدر السابق» ص ص 164 

2 محمد باجي بن ماميء المرجع السابق» ص 177. 

7 أبو عبد الله محمد بن أبي حفص عمر القلشاني» أخذ عن والده وعن عمه وعن البرزلي تولى قضاء 
الجماعة بعد إقصاء عمه أبي العباس عنهاء توفي سنة سنة 890ه/1485» ينظر التنبكتي» نيل 
الابتهاج» ص 323» محمد بن مخلوف» شجرة النور الزكية» ص 951 

* محمد الباجي ٠‏ المرجع السابق» ص 179. 

” ابن خلدون» العبر» المصدر السابق »ج6» ص 856 الزركشي» المصدر السابق» ص101. 
#تقع اليوم بنهج سيدي ابراهيم الرباحي بمدينة تونس ويها قبر مؤسسهاءينظر محمد الباجي »المرجع 
السابقء»ص 180. 


63 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


عبد الله محمد الغافقى وحول ذلك يعلمنا السنوسى:'أنا ابن عصفور ترك ابناء تولى هو 
الآخر مشيخة مدرسة ابن تافراكين ثم خطبة وامامة جامع الزيتونة"!. 


أما عن طلبتهاء فقد أمدنا الرصاع باسمي طالبين حضرا دروس البرزلي بهذه 
المدرسة وهما الشيخ أبو الحسن على العلويء وكان يعد من بين الأولياء الصالحين» 
وكذلك الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد بن محمد بن مسعود الجزيري”, كما درس 
الرصاع هو الآخر على البرزلي» واخذ عنه عدة مصنفات في كتب الحديث ذكرها 
مفصلة من أهمها الصحاح الس 


ويعلمنا البرزلي بوجود بعض الموظفين في مدرسة ابن تافراجين فمع المدرس 


والناظر» كان يوجد مؤذن وبواب وإمام» وكذلك نقيب وقارئ7. 


- المدرسة المنتصرية: تعد من أشهر مدارس القرن التاسع الهجري/15م» شرع في بنائها 
الخليفة محمد المنتصر سنة 838ه/1434م» وهي أول مدرسة تسمى باسم أمير 
حفصي“» وقد أكمل بنائها بعد وفاة المنتصر شقيقه الخليفة أبو عمرو عثمان سنة 
1 .» وقد أوقف عليها أوقافا حتى عمرت عمارة قوية وأصبحت تحتوي على 
6 بيتاء ورتب بها السلطان دروساء وعين بها مدرسين حسب تعبير ابن الشماع الذي 
ذكر بشأن الخليفة أبو عمر عثمان ما يلي:" أنه من مآثر أبي عمرو عثمان تكملة بناء 
مدرسة سوق القلعة التي شرع في بناءها المنتصرء فأكملها على أكمل بناء وأتقنه وأوقف 
عليها وقفا كافيا لها ولمن بها من الطلبة". 


3 محند السنوسيء مساهرات الريك م1 توفينء 41298 ج1 ص ض 116-107 
تنفسه » ص 103. 

البرئلي؟ الحاو :4 ررك 1 قت الاج ين ماس » الفرجم الاق هن 191 

ابن الشماغ» النصكن السايق» صن 2155 الزركشي «المصدن السنايق + ض 1132 

” ابن الشماع؛ المصدر السابق» ص164. 


64 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


لقد بلغت هذه المدرسة أهمية كادت أن تضاهي بها أهمية المدرسة الشماعيةء فقد 
عين للتدريس بالمنتصرية شيوخ نستطيع أن نعدهم من خيرة علماء إفريقية نذكر منهم 
محمد بن عقاب الذي قدمه الخليفة أبو عمرو عثمان للتدريس بهاء وأحمد القسنطيني 
قاضي الأنكحة وأحمد القلشاني كما اشتغل الإمام الرصاع فترة من حياته معيدا بها! وقد 
اقتدى أبو عمرو عثمان بعمل شقيقه فأسس مدرسة أخرى تضاهيها سميت باسمه وهي 
المدرسة العثمانية” . 


وهكذا فقد كان إنشاء هذا الزخم من المدارس عامل من عوامل إزدهار الحياة 
العلمية بتونس ساهم في إقبال الطلبة من كل بلاد المغرب الإسلامي على طلب العلم 
والرغبة في الاستزادة» وذلك من خلال توفير بيوتات سكنية لطلبة العلم القادمين للدراسة 
من خارج المغرب الأدنى» والذين ينتمون في غالب الأحيان إلى الطبقة الضعيفة التي لا 
يمكن لها توفير معلوم الكراء بسهولة» وبذلك سهلت لأهل البوادي والمدن الصغيرة وحتى 
من المدن الكبرى الأخرى مزاولة التعليم والأخذ عن علماء عصرهم في تونس» وزيادة 
على وظيفتها الدراسية والسكنية» فقد ساهمت في تكوين موظفين مخلصين للعمل لفائدة 
النظام المركزي وتحديدا المدارس التي تأسست في بداية العهد الحفصي من طرف 
السلاطين الحفصيين على عكس تلك التي أسسها بعض الأثرياء احتسابا لوجه الله تعالى 
وطلبا للمثوبة والتي اقتصر دورها على نشر العلم فقط 


رابعا: المكتبات والخزائن العامة 


يوق الحتصيوك.في. آرك الاس رتاس الات بجاح ال دة و إا كرا 


في مكتبات خاصة بهم ومن ذلك نذكر: 


1 أحمد الطويليء مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس» المرجع السابق» ص 46. 
نفسه» ص 46. 


65 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


-مكتبة ابي زكرباء الأول: 


و تعرف بخزانة القصبة (قصر الحكم) بتونس أنشأها أبو زكرياء يحي الأول 
الحفصي مؤسس الدولة الحفصية سنة (627ه / 1229 م) و قد إحتوت على أكثر من 
ثلاثين مجلدء و قد كان جمعه لهذا الكم الهائل من الكتب ناتج عن ولوعه بالكتب 
وحرصه الكبير على إقتنائها من كل مكان» ويذكر العمري في شأنه قائلا: 'و كان من 
إهتماماته اليومية سؤال صاحب العلامة عن الكتب الواردة من البلاد و عما تحتاج إليه 
خزانه الكتب"! و منه يتضح أنه كان یزود مكتبته دوما بالجديد و يستفسر عن طلبات 
القراء و ما تتطلبه من نفقات و ما يلزمها من خدمات و بهذه الطريقة جمعت مكتبته ذلك 
العدد الهائل من الكتب” خلفها لابنه المستنصرء فكانت أعظم مكتبة في عصرهء وأصبح 
يؤمها طلبة العلم من جميع أنحاء العالم الإسلامي للإستفادة من كنوزهاءبعد أن إنقرضت 
مكتبة بغداد على إثر غزو التتار لها و إضمحلت مكتبة قرطبة بإحتلال النصارى لهاء 
وبيعت كتب المكتبة الفاطمية بمصر بعد زوال دولة الخلفاء الفاطميين بها" »غير أن أبا 
زكرياء يحي اللحياني الحفصي (717-711ه / 1317-1311م) لما أيقن إفلات زمام 
الحكم من يده» جمع أموالا كثيرة و أخرج كل الكتب المحتواة بهذه الخزانة للكتبيين بتونس 
فباعها و غادر تونس إلى الإسكندرية» و حول هذه الحادثة يشير الزركشي قائلا: 'ثم إن 
السلطان أبا يحي زكرياء جمع الأموال وباع جميع الذخائر التي كانت في القصبة و حتى 


1-شهاب الدين العمري» وصف إفريقية و المغرب و الأندلس أواسط القرن الثامن للهجرة »مقتطف من 
كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار تعليق حسن حسني عبد الوهاب» مطبعة النهضة »تونس» 
دت» ص 25. 

ابن الشماع: المصدر السابق» ص 46. ابن قنفد» الفارسيةء المصدر السابق» ص 113. 

3-أحمد الطويلي: الثقافة و التعليم بمدينة تونس» المرجع السابق» ص 55. 


66 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الكتب التي كان الأمير أبو زكرياء الأكبر قد جمعهاء و أخرجت للكتبيين'! و قد مضى 
وقت طوبل حتى تمكنت من إستعادة مكانتها. 


| لمكتبة الفارسية: 


و تعرف بمكتبة دار الكتب »يعود ظهورها إلى عهد السلطان أبو فارس عبد العزيز 
الحفصي الذي ذكره صاحب المؤنس قائلا في شأنه: "أنه كان مغرما بالكتب ملازما لقراءة 
العلم بين يديه في الإقامة والسفر” و لذلك فقد أمر في أول عهده سنة 822ه / 
9 م) بإنشاء مكتبة داخل حرم جامع الزيتونة» و عند إنتهائه من أشغالها في أواخر 
ربيع الثاني من نفس السنة هبط إليها ما عنده من الكتب» وجعل لها خدمة وأمر أن تفتح 
أبوابها كل يوم من آذان الظهر إلى صلاة العصر وإشترط عدم إعارة كتبهاء و مع مرور 
الزمن شهدت خزانة دار الكتب أو المكتبة الفارسية كما تعرف تطورا حتى أصبحت تشت 
على ما يريو عن مائتي ألف مجلد و حول هذا يشير الزركشي قائلا: 'وكانت هذه المكتبة 
تحتوي على مؤلفات في العلوم الشرعية و العربية و اللغة والطب و الحساب والتاريخ و 
الأدبيات و غير ذلك" الأمر الذي زاد في شهرتها و جعلها قبلة لطلبة العلم الشغوفين 
على التحصل و حب الإطلاع والإستزادة بما فيهم طلبة المغرب الأوسط. 


أما عن سبب توفرها على هذا العدد الهائل من المؤلفات فيعود إلى تزويدها من 
طرف الكثير من علماء الدولة الحفصية و أدبائها بتأليفهم الخاصة و التي سماها 


بعضهم بإسم السلطان الحفصي أبو فارس من ذلك كتاب "الفارسية في مبادئ الدولة 


زر کا المصدر السابق» ص 63. 
2-إبن أبي دينار» المؤنس» المصدر السابق» ص 350. 
*-الزركشي 3 المصدر السابق» ص 6 . 


67 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الحفصية" لإبن قنفد» و "المختصر الفارسي" ت الطب لمحمد بن محمد بن عثمان 
الشريف التونسي.! 
-المكتبة العثمانية: 


و تعرف بخزانة الكتب بجامع الزيتونة» تنسب للسلطان أبي عمرو عثمان الذي 
أمر ببنائها في أوائل سنة( 854ه / 1450م)» شرقي جامع الزيتونة و فرغ منها في 


0 e. 
رجب من نفس السنة.‎ 


و نظرا لإزدهار تجارة الكتب في أيام أبي عمرو و عثمان» فقد إحتوت هذه المكتبة 
على عدد هائل من المؤلفات التي تتصل بالعلوم الشرعية و اللغة و التاريخ والطب و 
الحساب و غير ذلكة3 وقد أثرت هذه المكتبة بما أهداه إليها بعض العلماء والأدباء في 
تأليفهم مثل تلك النسخة المذهبة في سبعين ورقة ذات الخط الجميل و التي تحتوي على 
جملة من الحكم المفيدة التي أهداها الأديب محمد بن محمد المشدالي البجائي إلى خزانة 


أبي عمرو و عثمان سنة (866ه / 1461م)4 »كما يفيدنا صاحب الفهرست عن سر 


3-هاجر صاحب هذا التأليف إلى الحجاز سنة 800: ألفه بعرفات حين سمع بها الدعاء للسلطان 
الحفصي» فشعر بأنه "أحق من يرغب في التقرب بمقام و الخطوة لديه دون غيره من الملوك يحتوي 
المختصر الفارسي على المقالتين 1.تدبير الصحة»ء 2.تدبير الهواء عند حدوث الوفاء ينظر مخطوط 
بدار الكتب الوطنية بتونس رقم 10865. 

2-الزركشيءتاريخ الدولتين» المصدر السابق»ء ص 144. 

2-حسب إبن أبي الدينار» فإن هذه الكتب لم يبق منها شيء» و تلاشت لما ملك الإسبان تونس» ينظر 
أبن أبي الدينار المؤنس»المصدر السابق»ص139» الوزير السراج» الحلل السندسيةء المصدر السابق» 
ج4» ص 1083. 

“-مخطوط رقم 5090: بدار الكتب الوطنية» تونس. 


68 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ثرائها هذا بقوله: 'فكانت المراكب تأتي محملة أحيانا بهاء و يقصد بها الكتب و من ذلك 
خزانة وردث من الأتدلين و 'فيها تعض الكتت المفقوكة من العامة ' 

و هكذا فقد ساعدها هذا التمويل بمختلف المؤلفات على أن تكون كغيرها من 
المكتبات الحفصية الأخرى قبلة لتوافد العديد من طلبة العلم من كل حدب و صوب 
للإستفادة من ذخائرها وكنوزها المعرفية وعلى رأسهم طلبة المغرب الأوسط المولوعون 
بحب الإطلاع و المعرفة. 


-المكتبة العبدلية: 


أسسها أبو عبد الله محمد بن الحسنى بن المسعود بالله بن أبي عمرو عثمان 
سنة( 905ه / 1499م) بجامع الزيتونة بتونس و قد حملت إسمه (المكتبة العبدلية) هي 
لا زالت قائمة إلى اليوم.” 


و قد أثرى أبو عبد الله محمد مكتبته هذه بأهم الكتب في شتى الفنون و جعل لها 
قومة يقومون بهاء و وقت للمظالعة فيها حدده عند أذان الظهر و يعد ضبلاة العفسع 
وأوقف عليها وقفا يموينهاء وجعل سقاية بأسفل منها للمطالعين بهاء و كلف إمام جامع 
الزيتونة أبا البركات بن عصفور برعاية شؤونهاة و في هذا الصدد يذكر إبن أبي الدينار 
قائلا في شأنها : "أن أبو عبد الله محمد هو الذي بنى المقصورة بطرف صحن الجامع 
الأعظم بتونس من الجهة الشرقية مما يلي الجوفي...على سوق العطاريين و سوق 
الطيبين و جعل فيها كتبا مفيدة» و جعل سقاية بأسفل منها مما يلي الشرقي» حيث كانت 


-الرصاع» الفهرست› المصدر السابق» ص 148. 

-عبد الرحمن الغزاوي» تاريخ المغرب العربي في العصر الإسلاميء دار الخليج» ط1 الأردنء 
1 ص 158. 

3-أحمد الطويلي» مراكز الثقافة و التعليم » المرجع السابق» ص 61. 


69 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


سقاية المولى المستنصر بالله »و جعل النظر لإمام الجامع الأعظم و كان الإمام انذاك 
العالم العلامة أبو البركات بن عصفور".! 
و بالإضافة إلى هذه المكتبات الثلاث نجد مكتبات أخرى مهمة بمختلف المدارس 

التي أنشأها بنو حفص و وزراؤهم خاصة التوفيقية و العنقية و مدرسة إبن تافراجين و 
مدرسة القائد نبيل بوقطاية ومدرسة المعرض التي تحتوي على كتب نفيسة في كل فن من 
فنون العلم” و قد زود كثير من علماء الدولة الحفصية و أدبائها هذه المكتبات بمؤلفاتهم 
الخاصضة:3 

و بفضل هذه الوفرة من المكتبات و الخزائن إستطاع المغرب الأدنى أن يجلب 
أنظار علماء المغرب الإسلامي و خاصة منهم أولائك المتعطشين لحب الإطلاع 
والإستزادة العلمية من علماء المغرب والأوسط بالرغم مما كانوا يمتلكونه من معارف كانوا 
قد حصلوها بمسقط رأسهم عن الوطن الأم. 

4-نظام التعليم في المؤسسات التعليمية: 


شهدت الثقافة بالمغرب الأدنى نهضة شاملةء كان من مظاهرها اتضاح الشخصية 
العلمية بالمغرب الأدنى» وقد تضافرت أسباب عدة في قيامها كان من أبرزها النظام 
التعليمي المضبط الذي ألزمتهم به المؤسسات التعليمية التي عرفها المغرب الأدنىء 
والخاضع لجملة من التعليمات التي كان ملزم بها الطالب من بينها: 


-الالتزام والعكوف على القراءة من الصباح إلى المساءء وفي مختلف العلوم. 


1-إبن أبي الدينار» المصدر السابق» ص 142. 

#-الزركشيءتاريخ الدولتين » المصدر السابق» ص 51. 

2-نذكر من ذلك كتاب "القدح المعلى في التاريخ المحلى لإبن سعيدء ألفه للسلطان أبي زكرياء يحي 
بن المستنصر وتاريخ إبن خلدون أهداه لأبي العباس أحمد ينظر برنشفيك» المرجع السابق» ج2» ص 
4 . 


70 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


-تحديد مدة الدراسة في هذه المراكز بخمسة سنوات» وهو ما جعل ابن خلدون يقول في 
شأن ذلك :"أن هذا دليل على تفوق أهل تونس» لأن الدراسة في بلاد المغرب ستة عشر 
عاما مع تنوع برامج الدراسة كذلك"!. 
أما بالنسبة للعطل» فهي قليلة إذا ما قيست بالعطل في الوقت الحاضرء فقد شملت 
أيام الأعياد (عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين) إضافة إلى يومي الخميس والجمعة» 
ويبدو أن المدارس شددت على هذا النظام حيث كان بعض الشيوخ يضيفون يوم الاثنين 
إلى يوم الخميس والجمعة ”. 


وللإشارة» فقد كانت بعض المدارس بيوت لإيواء بعض الفقراء ملحقة بها وعلى 
الرغم من معاينة الطلاب من الفقراء إلا أنهم كانوا مقبلين على العلم برغبة وحب» وكان 
الشيوخ يقدمون لهم العون إذا لمسوا منهم الحاجة”. 

ومن جهة أخرى»ء لم تكن الامتحانات الحالية مأخوذا بها آنذاك» وانما هناك 
(إجازة) من الشيخ إلى تلاميذه الذين استطاعوا التفوق والإتقان والحفظ فيمنحون رخصة 


تسمح لهم بالتدريس“ مكان شيوخهم وهي رخصة عرفت بالإجازة © وكان الطلبة لا 


“ابن خلدون» المقدمة» ص 436. 

* روبرت برانشفيك » المرجع السابق» ج1» ص 378. 

7 ابن ناجي: معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان» تحقيق محمد الأحمديء دار الفكرء تونس» 
4ء ج4» ص 111. 

* الغبريني: المصدر السابق» ص ص 156-149. 

” الإجازة :هي إذن وتصويغ أي إذن من المعلم لتلميذه بنقل العلم عنهء وقد بدأت مع علم الحديث › 
ينظر ابن فرحونء الديباج » المصدر السابق» ج2» ص252. 


71 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ينتقلون من أهم المراكز العلمية الموجودة مثل القيروان إلى العاصمة لمواصلة دراستهم إلا 
لمن يريد مزيد من التحصيل في القضاء أو طلب الشهادة أو هما معا!. 


أما عن طريقة التدريس فلم يكن هناك طريقة معينة ولا منهج متبع» بحيث لم يكن 
هناك كتب محددة للدراسة» وإنما لكل شيخ طريقته ومنهجه في التدريس فمثلا الشيخ 
محمد الرماح كلف تلاميذه بأن يتولوا عنه كل صباح تدريس التفسير والحديث 
وفروعهماء وكلف آخرين بتدريس النحو والفرائض والحساب» وكان كل يوم جمعة يجتمع 
مع هؤلاء المدرسين فيعرضون عليه ما أشكل عليهم» أما الشيخ عبد الله الشبيبي”» فكان 
يجلس بعد صلاة الصبح» فيبدأ الحصة الأولى التي يخصصها لتفسير بعض الآيات 
القرآنية » ثم الحصة الثانية التي تستمر إلى أذان الظهر وتخصص للفقه ومبادئه» وكان 
يحضر هذه الحصص خمسة عشر طالبا من الطلبة المبتدئين3: أما الحصة الثالثة فهي 
مخصصة للطلبة الكبار الذي يبلغ عددهم نحو العشرة ثم يصلي الشيخ الظهرء ثم يتناول 
طعامه» وقبل أذان العصر بقليل يتولى تعليم تجويد القرآن إلى أذان المغرب» حيث يتحول 
إلى زاوية من الزوايا للقيام بالتعليم» ولا يعود إلى بيته إلا بعد العشاء» حيث يعد الدروس 


التي سيلقيها في الغد“. 


^ ابن ناجي : المصدر السابق» ص 265. 

2 عبد الله محمد بن يوسف البلوي الشبيبي» مقرأ وفقيه وراوية »أخذ عنه ابن ناجي» وله مؤلفات منها 
شرح الرسالة وشروط التكليف» توفي في 782ه ينظر محمد محفوظ تراجم المؤلفين» المرجع السابق: 
ضن 145: 

3 ابن ناجي» امصدر السابق» ج4» ص 206. 

“ نفسه» ج4» ص 225. 


72 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ويتضح أن الطريقة السائدة هي طريقة الإلقاء والتي تتمثل في إلقاء الشيخ بعض 
الأسئلة على تلاميذه ومناقشتهم في المواضيع المطروحة!. 


وعليه نستنتج أن الحياة العلمية بالمغرب الأدنى قد شهدت نهضة ونشاط ثقافي 
مهم» جعل منه مركز إشعاع حضاري عظيم وذلك بفضل تلك المؤسسات التعليمية 
المتنوعة من زوايا وجوامع ومدارس ومكتبات» كما كان للنظام التعليمي الذي انتهجته 
الدولة دورا كبيرا في جعل الطلبة يقبلون من كل مكان لطلب العلم والتحصيلء وبالتالي 


صار المغرب الأدنى قبلة لتوافد العديد من العلماء والمفكرين. 
ثانيا: الرغبة في الإستزادة العلمية و لقاء الشيوخ 
1-الرغبة في الإستزادة العلمية: 


لم يكتفي علماء المغرب الأوسط بتلك المعارف التي حصلوها داخل إقليمهم على 
كبار شيوخ العلم و فطاحله. و إنما دفعهم شغفهم و تعطشهم العلمي إلى الرغبة في 
الإستزادة و التحصيل إلى شد رحالهم كغيرهم من الرحالة العلماء إلى الحواضر الكبرى 
في العالم الإسلامي و على رأسها حواضر المغرب الأدنى طلبا في المزيد من الدراسة 
وإتمام معلوماتهم و الإحراز على الرواية و على علو السند لا في الحديث فقطء و لكن 
أيضا في رواية الكتب و العلوم الأخرى” »و رغبة في إكتساب مناهج علمية جديدة وطرق 
وأساليب متطورة في التدريس و التأليف .أو فك مفاهيم بعض المصطلحات الغامضة:؛ أو 
العامة و الحصول على الإجازة العلمية التي تمكن من يتوج بها من أن يصبح شيخا وهو 


1 الغبريني: المصدر السابق» ص 6. 
-الحسن الشاهدي» أدب الرحلة في العصر المريني» منشورات عكاظء الرباطء 1990ء ج1» ص91. 


73 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


لقب الأستاذية الذي يجعله في مصاف العلماء الفقهاء والأدباء »و يصبح له بذلك مكانة 
متميزة بين أقرانه من العلمية بحكم ما يمتلكه من تكوين علمي سليم و رفيع المستوى! . 
و عليه يتضح أن الرحلة للقاء الشيوخ مطلب ضروري لدى طلبة العلم لإستكمال 
تعليمهم وإرتقائهم إلى مصاف الشيوخ الكبارء خاصة و أن البشر يأخذون الفضائل تارة 
علما و تعليما و إلقاء وتارة محاكاة وتلقينا بالمباشرة” إلا أن حصول الملكات عن 
المباشرة و التلقين يكون أشد إستحكاما وأقوى رسوخاء كما أنه كلما تعدد الشيوخ كلما 
تنوعت لد ى طالب العلم المصطلحات و الطرق بحكم أن لكل شيخ طريقته الخاصة في 
التعليم ”و هو ما يؤكده إبن خلدون في قوله: 'إن الرحلة في طلب العلم و لقاء المشيخة 
مزيد كمال في التعليم“ و يضيف في ذات الشأن قائلا: "و السبب في ذلك أن البشر 
يأخذون معارفهم و أخلاقهم و ما يتحلون به من المذاهب و الفضائل تارة علما و تعليما 
والقاء .و تارة محاكاة و تلقينا بالمباشرة'”. 
2-الرغبة في لقاء الشيوخ 
لقد كانت تونس مقصد الكثير من علماء المغرب الأوسط في القرن السابع 
الهجري و ما بعده لا لكونها كانت في طريق الرحلة إلى المشرق فحسب» و لكن لما 
كانت تزخر به من علماء» و ما كانت تشهده من نهضة ثقافيةء و الدليل على ذلك ما 
كان يخصصه الحاج الرحالة من وقت هناك لمجالسة علمائها طلبا في المزيد من الدراية 


و الإحراز على الرواية و عالي السند من جهةء و رغبة في إكتساب مناهج علمية جديدة 


1- الحسن الشاهدي» المرجع السابق» ص 92. 
-إبن خلدون» المصدر السابق» ص 507. 

3 نفسه)»ص567. 

4- نفسه» ص 567. 

5-نفسه؛ ص 567. 


74 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


و طرق وأساليب متطورة في التعليم و التأليف من جهة أخرى ! »و في هذا الشأن يقول 
ابن خلدون أن: "من كان قليل البضاعة في الحديث فيتعين عليه طلبه وروايته و الجد و 
التشمير فى ذلك”. 


فهذا عبد الرحمن الثعالبي لما إنتقل إلى تونس سنة(1406/809 م)لقي بها جلة 
من أكابر العلماء فأنتفع بهم و منهم الإمامان الآبي و أبي القاسم البرزلي تلميذ ابن عرفة 
و أبو مهدي عيسى الغبريني؛ و لما عاد إليها سنة (819ه/1416م) فلازم بها العلامة 
ابن مرزوق الحفيد الذي أجازه وأثنى عليه كما إستمع بها إلى أبي عبد الله القلشاني و 
عبد الواحد الغريالي و أبي القاسم العبدوسي»ء و هؤلاء كلهم من جهابذة العلم المحققين 
فأجازوه و أذنوا له في التدريس و التأليف .ثم عاد إلى وطنه مبرزا على أقرانه بنشر العلم 
و المعرفة» فولى القضاء من غير رضى منه» ثم خلع نفسه و تصدر للتدريس و التأليف 
فتخرج عليه جمع كبير من أعلام المغرب الأوسطة و حول هذا يذكر الكتاني: "أن عبد 
الرحمن الثعالبي لم رجع من رحلته »وقد حصل على ما أراد من الإسناد العالي الذي نال 
به إعجاب محدثي عصره كان يقول:" و كان بعض فضلاء المغارية هناك و يقصد تونس 
التي حل بها سنة( 819ه / 1416 )في إطار رحلته يقول لي لما قدمت علينا من 
المشرق رأيناك أية للسائلين في علم الحديث".4 


4 تلن الشاهدي» المرجع الاق تصن 196 

2-ابن خلدون» المقدمة» المصدر السابق» ص 76. 

-لخضر عبدليء التاريخ السياسي و الحضاري لدولة بني عبد الوادء دار ١‏ إبن النديم للنشر والتوزيع» 
نك وهراق 42011 هن 263 

وميد الح اك رن الان و القات ر جم الم اجو اماك ر السات حفن 
إحسان عباس» دار الغرب الإسلامي» ط2 بيروت» ص 732. 


75 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ثالثا: المناخ السياسي بالمغرب الأوسط: 


نظرا لتميز المناخ السياسي ببلاد المغرب الأوسطء بل وفي كل منطقة المغرب 
الإسلامي بطابع اللااستقرار واللاأمن من جهة» وانتشار الضغوطات والمضايقات من 
جهة أخرى» فضل سكان المنطقة وفي مقدمتهم علماء المغرب الأوسط ترك تلك المضار 
والرحلة اتجاه أماكن بعيدة عن الأماكن المتصارع عليها ومنها المغرب الأدنى علا وعسى 
يجدون فيه ما لم يجدونه في إقليمهم من استقرار وكامل الحرية» وإذا أردنا الوقوف عند 
جملة العوامل السياسية التي دفعتهم إلى الرحلة باتجاه المغرب الأدنى نجد: 


1-الصراعات السياسية: 


1-1- الصراع بين دويلات المغرب الإسلامي الثلاثء والذي بدأ بعد هزيمة الخليفة 
الموحدي في حملته على تلمسان» والذي استفحل أمره بسبب النزعة التوسعية لدى كل من 
الحفصيين شرقاء والمربنيون غريا والإدعاء لأنفسهم أحقية وراثة دولة الموحدين ومما زاد 
في استمرار هذا الصراع وهذه الحروب والفتن وقوع دولة بني عبد الواد موقع وسط بينهماء 
الأمر الذي دفع يغمراسن الزياني إلى القيام بتحصين دولته بسياج من جهة» وتحالفه مع 
بعض القبائل العربية التي استقرت بالمغرب الأوسط من جهة أخرى! وهو ما أشار إليه 
أبوراس المعسكري قائلا :'لقد أحاط يغمراسن دولته بسياج من القبائل العربية والزيانيةء 
فكانت له درعا واقيا وخطا دفاعيا أماميا ضد خصومه بني مرين وبني حفص'”. 

2-1- صراع الأسر على العروش السلطوية وتأثيراته السلبية على الشعب بمختلف 
شرائحه بما فيهم العلماء» وعن تلك الصراعات الداخلية على السلطة الصراع بين فروع 
الأسر الحاكمة» بل وداخل الفرع الواحد» ومنها الصراع الطويل بين أبي حمو موسى 
ˆ بوداود عبيد: ظاهرة التصوف في المغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجري (ت 
3م ) دراسة في التاريخ السوسيوثقافي دار الغرب للنشر والتوزيع» وهران» 2008» ص 163. 

7 أبو راس المعسكري: عجائب الأسفار ولطائف الأخبارء دار الكتب التونسية» تونس» رقم 262» 
ورقة 14 -أ-. 


76 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الثاني وابن عمه أبي زيان بن سعيد الذي عرفته الفترة الممتدة ما بين( 762ه- 
1381-3م). والذي تحول مع مرور الزمن إلى حرب عنيفة بين الطرفين 
أثرت بشكل سلبي على الجو السياسي ببلاد المغرب الأوسط "» وقد وصف يحيى ابن 
خلدون ما تعرض له أبو حمو موسى الثاني ورفقائه خلال المعركة التي وقعت بينه وبين 
أحد خصومه من أبناء عمومته وهو أبو زيان بن عثمان بن أبي تاشفين سنة 
(769ه/1368م )بحكم كونه كان كاتب ديوانه وواحد ممن فرو معه حين لم يعد الموقف 
يحتمل سوى الفرار وصفا دقيقا قال فيه :"...إلى أن أفرد» الناس سوى شرذمة قليلة» وأنا 
منهم» وبلغ هو مأمنه» فسر خلصاؤه بسلامة ثم حملوا ذخائرهم ونبذوا الأهل والمال 
عرضة للنهب» وساروا مع مولاهم فجددنا السير يومنا وخمسة بلياليها بعد لم نطعم 
فيها...قوتا ولا ذقنا النوم إلا غرارء وبعد غروب الشمس من اليوم السابع» وبعد السبت من 
شوال دخل أمير المسلمين دار ملكه”.إن هذا النص على جانب كبير من الأهمية» لأنه 
يعد صورة وصفية بل نموذجا للصراع الذي كابده أبو حمو موسى الثاني ضد منافسيه 
على العرش من بني زيان وأعدائه من بني مرين» وقد حضر المؤرخ يحيى ابن خلدون 
الكثير من المعارك» ووصفها وصفا دقيقا في مؤلفه بغية الرواد» وهو صراع شديد انتصر 
فيه أبو حمو حيناة وانهزم فيه أحيانا“ ويبدو أن سبب انتصار العاهل التلمساني على 
خصومه يعود بالدرجة الأولى إلى روابط المودة والصلات الحسنة التي كانت تربطه 
بمعظم القبائل العربية والزيانية وقد دعم هذه الروابط ببذل المال ٠‏ والإقطاعات التي لم 


يبخل بها أبو حمو موسى الثاني على مناصريه وخلفائه”. 


1 بوداود عبيدء المرجع السابق » ص166 . 

* يحيى بن خلدون:بغية الرواد» المصدر السابق» ج2» ص-ص 206-203. 
3 نفسه» ج2» ص 112 

4 نفسه» ج2» ص حص 149-140. 

” نفسه» ج2» ص 149. 


77 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


3-1- انتشار ظاهرة قطاع الطرق في بلاد المغرب الأوسط شأنه في ذلك شأن باقي 
بلاد المغرب الإسلامي التي كانت تعيش هذه الظاهرة و تعاني منها » و في هذا الصدد 
فقد أورد البلوى في أكثر من مناسبة تعرض القافلة التي كان من بين أعضائها إلى 
هجمات قطاع الطرق ٠‏ و في نقاط متفرقة من بلاد المغرب الأوسط سواء أثناء مروره 
ذاهبا إلى بلاد المشرق أو أثناء عودته »حيث يذكر أنه :'نجا بأعجوبة من قطاع الطرق 
وهو يغادر بلاد العناب في رجب 736 ه / 1335م) وكذلك في أثناء عودته" ' 
2- الضغوطات السياسية: 

وتتمثل في محاولة ورغبة سلاطين وحكام المغرب الأوسط احتواء شريحة العلماء 
وتقريبها منهم بهدف تسخير علومهم ومعارفهم» ومكانتهم في أوساط المجتمع لخدمة 
مآريهم الشخصية أو السياسية”. 

ويبدو أن سلاطين المغرب الأوسط كانوا يفضلون العائلات العلمية في تولي 
المناصب الإدارية في الدولة» ومن بين تلك العوائل عائلة ابن مرزوق» وفي هذا الصدد 
يقول ابن مرزوق:"'واذا بالفقيه القاضي أبي عبد الله بن هديةء وشيخ الدولة داود بن علي 
وغيرهم قد دخلوا المسجد الذي يجاورنا ودعوني قال: فجئتهم فقالوا لي إن السلطان أبو 
حمو موسى الأول يسلم عليك ويقول لك: أني قد رفعت أيدي العدول وتخيرت للمسلمين 
أربعة» أنت أحدهم» تجلس للناس لعقد الشروط والشهادة بينهم» قال :فقلت لهم هذا شيء 
لأعلمه وشغلي بنفسيء فقالوا أن عزم السلطان اشتد على هذاء وقد جالس أصحابك وهم: 
الفقيه الخطيب الصالح أبو محمد المجاصي والفقيه أبو عبد الله بن أبي عمر وذلك قبل 


1 بوداود عبید» المرجع السابق.ص166. 
7 صارة خطيف: فقهاء تلمسان والسلطة الزيانية (791-633ه/1388-1235م) الجهاز الديني 
والتعليمي» رسالة ماجستير »جامعة الأمير عبد القادر» قسنطينة» 2003»ص108»ء 


78 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


ولايته القضاء الرابع» قال فامتنعت» فقالوا لي: نحن لا نقل عنك الامتناع» فأنت تعرف 
حاله» وكان شديد البأس والبطش"!. 

ومما يستنتج من النص: أن ابن مرزوق قد اختاره السلطان أبو حمو موسى لتولي 
القضاء إلى جانب أريعة قضاةء وهنا نلاحظ أن الدولة الزيانية لم تكتفي بقاضي في 
تلمسان» بل كانت توظف القضاة حسب التخصصات من بينها قاضي الأنكحة الذي 
يختص بالأمور المتعلقة بالزواج. 

كما يوضح النص أن الاختيار لا يمكن أن يقابل بالرفض من قبل المرشح للمنصب 
لأن سلاطين المغرب الأوسط كانوا يلجؤن للعنف في حالة الرفض» مما جعل البعض من 
المرشحين يفر من تلمسان مثل ما حدث للعالم محمد بن ابراهيم العبدري التلمساني 
الشهير بالآبلي (ت 757ه/1356) الذي يرجع عبد الرحمن ابن خلدون سبب هروبه إلى 
رغبة أبو حمو موسى ابن السلطان أبي سعيد في تعيينه كضابط لحماية أمواله وذلك لعلم 
السلطان بتقدمه في علم الحساب” وحول ذلك يذكر ابن مريم قائلا:" ثم أراد أبو حمو 
صاحب تلمسان إكراهه» ففر إلى فاس» واختفى هناك عند شيخ التعاليم خلوف المغيلي 
اليهودي» فأخذ فنونها ومهر فيها3 كما يضيف قائلا:"'فارتحل إلى مراكش» ونزل على 
الإمام ابن البناء شيخ المعقول والمنقول» فلازمه» وتضلع عليهء واجتمع عليه طلبة العلم 
فكثرت إفادته واستفادته"4. 

ويبدو من خلال هذه النصوص أن رفض الأبلي لمطلب السلطان الزياني راجع 
لعزوفه عن الأمور السياسية» وذلك لارتباطها بمصالح العباد والسلطةء أي المصالح 


ˆ ابن مرزوقء المناقب المرزوقية» تح سلوة الزاهري» منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميةء 
مراکش» ط1ء 2008؛ص229. 

اتن علذوقء العين» المصون اسان جا هن :1120 

“ابن هريد ال الا سن 205: 

4 نفسه» ص 215. 


/9 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


الدنياوية» وخشية من أن يسخر علمه في قضاء مأرب السلطان الشخصية» ويكون ذلك 
على حساب أهدافه العلمية باعتباره رجل علم وليس رجل سياسية. 

ومن علماء المغرب الأوسط الذين فضلوا الرحيل عن الديار بحثا عن مكان آخر 
يجدون فيه الطمأنينة وتحترم فيه مكانتهم العلمية بعيدا عن كل الإغراءات والضغوطات 
السياسية محمد بن عبد الكريم المغيلي (ت 909ه/1503م)الذي لم يتعرض من ترجموا 
له لدوافع خروجه من تلمسان إلى الواحات الصحراوية» والتي يبدو أنها تعود إلى سوء 
أوضاع الدولة الزيانية» وموقف سلاطينها وخاصة أمرائها المتأخرين الداعم لازدياد نفوذ 
الجالية اليهودية التي استبدت بشؤون الدولة ليس في عاصمة! الدولة فقط » بل حتى 
بالواحات الصحراوية وبالتالي كانوا بذلك قد خرجوا عن العلاقة التي حددها الإسلام لهم 
وهو ما دفع المغيلي وغيره من علماء الدولة الزيانية أن يقفوا موقفا معارضا لليهود“ وفي 
مقدمتهم العالم أبو عبد الله التنسي“ :ورسالة الإمام السنوسي” .حيث خرج مع أتباعه 
لقتالهم بواحات توات» وحول ذلك ذكر صاحب المعيار قائلا:" وعندما وصل جواب 
التنسي ورسالة السنوسي أمر المغيلي أتباعه فتسلحوا وقصدوا معابد اليهود » ومنح لكل 
من قتل يهوديا مثاقيل من الذهب". 

وللإشارة» لم يتوقف عمل المغيلي علي توات فقطء بل توجه إلى إمارة مالي وبلاد 
كنورش وتكرو حيث المراكز التجارية لليهود» فاجتمع بسلاطينهاء ودعى على طريقته 
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرء وقد استمع هؤلاء إليه واستفادوا منه في تسيير أمور 


1 ابن الأعرج» المصدر السابق» ج3» ورقة 136. 

7 حساني مختارء الحواضر والأمصار الإسلامية الجزائرية- دار الهدى الجزائر» 2011- ج4» 
ص128. 

3 الونشريسي » المصدر السابق» ج2» ص ص 199-198. 

* عن جواب التنسي ينظر الونشريسيءالمعيارءج2» ص189» التنسي المصدر السابق» ص33-32. 
5 التنبكتي» نيل الابتهاج» المصدر السابق» ص 356. 

° الونشريسيء المصدر السابق» ج2» ص ص 201-188. 


80 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


المسلمين» وهو ما دفع به أن يكتب لهم رسالة تتعلق بشؤون الدولة استمدها من مبادئ 
التربية الإسلامية! »كما انتفع به وتخرج عليه مجموعة من طلبة العلم تركهم ينجزون ما 
بدأه هو”» وهكذا نجده قد جمع بدل المهمة الواحدة» مهمتين الأولى جهادية والثانية 

ومن العلماء كذلك نجد أحمد بن يحيى الونشريسي (ت 914ه/1508م) الفقيه 
المالكي» الذي كان سبب رحلته من تلمسان إلى فاس موقفه الغير مؤيد لسياسة أمراء بني 
زيان» ومنهم السلطان أبو عبد الله محمد بن أبي ثابت المتوكل على الله الذي حاول 
إخضاعه. وعندما رفض صادر امواله» واقتحم داره عكس بعض علماء عصره» وقد صرح 
عن موقفه هذا في كتابه المعيار قائلا:" أن شر العلماء هم الذين يتقريون من سلاطين 
الول" 

وهناك كذلك العالم الكبير عبد الرحمن الثعالبي“ الذي فضل واختار حياة العزلة 
والتصوف» بالرغم من دراسته لأحوال عصره» وتنقلاته بين مختلف حواضر العالم 
الإسلامي وخاصة الحاضرة تونس والظاهر أن ضغط السلاطين كان عاملا أساسيا في 
هذا التوجه الذي اختاره» وقد أشاد الثعالبي بالذين لا يعرفون الأمراء ولا يخالطونه” مؤكد 


1 الرسالة مخطوطة بالخزانةا لعامة بالرياط » رقم 1130. 

2 الونشريسي» المصدر السابق» ج11» ص 199 

التنبكتي» نيل الابتهاج» المصدر السابق» ص 356. 

* عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي» من كبار علماء الجزائر وصلحائها رحل إلى المشرق» 
ورجع إلى الجزائر وتوفي بها سنة 875ه/1470م »ينظر ترجمة عند السخاوي :الضوء اللامع؛ 
المصدر السابق »ج4» ص152. التنبكتي:النيل » المصدر السابق» ص257» محمد بن مخلوف › 
شجرة النور »المصدر السابق »ص264 الحفناوي»تعريف الخلفء المرجع» ج1» ص68» نويهض› 
معجم الأعلام» المرجع السابق » ص 88. 

° عبد الجليل قريان :التعليم بتلمسان في العهد الزياني» جسور للنشر والتوزيع ط1» الجزائر» 2011ء 
ص ص 108-107. 


81 


الفصل الأول:........ دوافع وأسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 


أن حياة العزلة هذه لم تكن من اختيارهم» بل كانت حياة مفروضة عليهم نتيجة لضغط 
بعض السلاطين عليه ' . 

و بناء عليهء نستنتج أن دوافع و أسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب 
الأدنى لم تكن واحدة » و إنما اختلفت من عالم الأخر بحكم ظروفهم ٠»‏ فهناك من كانت 
رحلته رغبة في الاستزادة العلمية و لقاء كبار الشيوخ ٠‏ و هناك من كانت رحلته إجبارية 
اضطرارية » كما نجد منهم من كان استقراره مؤقت سرعان ما انتهت رحلته بمجرد من 
كن من اكل تم التلمي رالو اي ات و هن ك عدت إلى اد 
ال اقرب اأ و هاا هن كان اران ان > اهر إلى عا رات امب 


الأدنى 


*الونشريسي» المصدر السابق» ج211 ص 200-199 


82 


الفصل الثاني : 


عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين 
القرنين السابع والتاسع الهجربين/ الثالث عشر والخامس 
عشر الميلاديين. 


٠‏ عوامل تطور الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 


أولا: دور السلطة السياسية بالمغرب الأوسط في تشجيع العلم والعلماء . 
1-احتفاء سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء 

2-أسباب اعتناء سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء 

ثانيا: انتشار المؤسسات التعليمية. 

1 -المؤسسات الدينية 

2-المؤسسات التعليمية 

ثالثا: عقد المجالس العلمية وتنظيم المناظرات. 

1-عقد المجالس العلمية 

2-تنظيم المناظرات 

رابعا :انتشار المراكز العلمية. 

1 -المراكز الرئيسية 

2الرا اللاو هة 


« مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 


أولا:أصناف العلوم المتداولة 
1 -العلوم النقلية 
2-العلوم اللسانية 
3-العلوم العقلية 
4-العلوم الإجتماعية والرحلات 
ثانيا:مراحل التعليم وطرق التدريس ومناهجه 
1- مراحل التعليم 
2- طرق التدريس 


3- مناهج التعليم 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
لقد شهدت الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجربين/ 
الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين تقدما ملحوظاء تجلت مظاهره خصوصا في مجال 
العلوم الدينية التي احتلت الصدارة وحظيت بعناية قصوى! وكانت هذه العلوم تتخذ من 
القرآن الكريم والسنة النبوية أساس لها » وما تتصل بها من علوم اللسان العربي»وللإشارة 
فقد اهتمت العلوم الدينية أو الشرعية كما يطلق عليها بعلم التفسير وعلم القراءات وعلم 
الحديث وفقه ومواريث وأصول العقد والعقائد وعلم الكلام وعلم التصوف» أما علم اللسان 


فكان يهتم بعلم اللغة وعلم النحو والأدب”. 


وقد شاد هذا "الطايم فين تعلى: انار رادار العلوم النقلية بأنواعها :ركان هذا 


اشتهر الكثير منهمك. 


ولعل السر من وراء هذا الازدهار في الحركة العلمية يعود إلى جملة من العوامل 
الح معني كلك نكر مده نا نل : 


٠‏ عوامل تطور الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 
أولا: دور السلطة السياسية بالمغرب الأوسط في تشجيع العلم والعلماء . 
1-احتفاء سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء 
عرف حكام المغرب الأوسط بنصرتهم للعلم» وتأييدهم للعلماء بداية من عهد 


السلطان يغمراسن بن زيان وخلفائه من بعده» ويعود سر اهتمامهم هذا بالجانب العلمي 


1 عبد الحميد حاجيات وآخرون» الجزائر فى التاريخ 2 المرجع السابق»ص»105. 
2 ابن خلدون » المقدمة المصدر السابق »ص 550. 
3 نفسه. 
4 مكيوي : المرجع السابق» ص 15 . 
86 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


إلى كونهم هم في حد ذاتهم كانوا من العلماء والشعراء» والفقهاء والفنانين والمؤرخين 
والأدباء أ كما يعود من جهة أخرى إلى المنافسة التي كانت بينهم وبين غيرهم من ملوك 
بني حفص وبني مرين.7 

وتظهر عناية السلطان يغمراسن بن زيان بالحركة الثقافية والعلمية بتلمسان من 
خلال تشجيع وترغيب رجال العلم في القدوم إلى عاصمته. وإغداقهم بالأموال والهداياء 
وتخصيص لهم أماكن الإقامة» واحترامهم وتقديرهم حق قدرهم» وتمكينهم من ممارسة 
نشاطهم» وتوفير الأمن لهم» هذا فضلا عن مجالسته لهم والإكثار من زيارتهم وتشجيعهم 
على التأليف» حيث في عهده استقر في تلمسان كل من الشيخ العالم أبي إسحاق إبراهيم 
بن يخلف التنسي (680ه/1280م)» وأخوه الحسن (760ه/1306م)» وحول هذا الشغف 
الذي أولاه يغمراسن للعلماء يقول التنسي: "وله في أهل العلم رغبة عالية »يبحث عليهم 
اينما كانواء ويستقدمهم إلى بلده » ويقابلهم بما هم أهله .”وبحکم ما اشتهر به يغمراسن 
من عناية للعلم والعلماء» فقد وفد عليه من الأندلس خاتمة أهل الآداب المبرز في عصره 
على سائر الكتاب أبو بكر محمد بن عبد الله بن داود بن الخطاب المرسي الأندلسي 
(686ه/1287م)» فأحسن نزله ومثواه» وقريه من بساط العز وجعله صاحب القلم الأعلى 
في الدولة4 


تين :خلذون زى المتصدن السابق: 1ض 216 

7 - عبد الحميد حاجيات» الحياة الفكرية بالجزائر في عهد بني زيان» ضمن كتاب الجزائر في التاريخ» 
المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1984 ج3» ص437. 

3- التنيسي» المصدر السابق»ص126. 

4 - عبد العزيز فيلالي» تلمسان في العهد الزياني» ج2»المرجع السابق» ص 222. 


87 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


حيث اختاره لكتابة الرسائل الموجهة للعاهل الحفصي! في تونس وإلى الدول الإسلامية 


الأخرى. 7 


ولم يكن السلطان أبي حمو موسى الأول أقل تشجيعا واهتماما بالعلم والعلماءء فقد 
تحولت في عهده تلمسان عاصمة المغرب الأوسط إلى منارة علمية يقصدها العلماء 
والأدباء وأهل الفكر من كل النواحي والجهات» وعلى رأسهم ابن الإمام أبو زيدة وأبو 
موسى؛ اللذان بنى السلطان لكل واحد منهما منزلا وأسس لهما مدرسةء كانت أولى 
المدارس التي تشيد بمدينة تلمسان» وقد منحها اسمهما”, كما كان يكثر من مجالستهما 
والاستماع إلى نصائحهما وعلمهماء واختصهما بالفتوى والشورى؟» وفي هذا الصدد ذكر 
ابن خلدون قائلا: 'واختط لهما المدرسة المعروفة بهما بتلمسان وأقاما عنده على هدي 


أهل العلم و InN ue‏ 


أ - يقال أن السلطان الحفصي المستنصر أبا عبد الله بن أبي زكريا الحفصي طلب من ابن الخطاب 
ليكون كاتبه الخاص» إلا أن هذا الأخير اعتذر ورد له أمواله ينظر ابن الخطيب» الإحاطة في أخبار 
غرناطة» ج2 المصدر السابقء»عص ص 227-226. 

2 -الطاهر توات» أدب الرسائل في المغرب العربي في القرن السابع والثامن» ديوان المطبوعات 
الجامعية» 1991 ص 113. 

3 - أبو زيد عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله أكبر ابني الإمام أصلهما من برشك من أعمال دولة 
بني عبد الواد من أكابر الفقهاء في العالم الإسلامي» ينظر ابن مريم»البستان» المصدر السابق» ص 
9. 

4 -أبو موسى عيسى ابن الإمام أصغر ابني الإمام» عرف بالإمامة فإنهال عليهما طلبة العلم من كل 
حدب و صوب ٠»‏ ينظر :ابن مريم »البستان»المصدر نفسه» ص 280. 

5 - عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج2» ص 232. 

° -يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1» ص130» ابن مرزوق» المصدر السابق» ص ص 
266-5. 

“عبد الرحمن بن خلدونءالعبر»المصدر السابق»ج7عص ص .464-463 . 


88 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

وللإشارة» فإن كتب التاريخ تحفل بالعديد من الأمثلة حول الاهتمام الذي كان يوليه 
السلاطين للعلم والعلماء على اختلاف مشاريهم وتخصصاتهم. فهذا السلطان أبو تاشفين 
الأول» قد قرب إليه أبو موسى عمران المشدالي البجائي (ت745ه/1345م)» وعينه 
مدرسا بالمدرسة الجديدة التي أسسها بتلمسان» وقد ذكر لنا المقري ما فعله مع عمران 
المشدالي الذي فر من بجاية من الحصارء واستقر بمدينة الجزائر قائلا:'فبعث إليه أبو 
تاشفين» وقرّبه وأحسن إليه وأنزله من التقريب والإحسان بالمحل المكين '! وكذلك الشأن 
بالنسبة للسلطان أبي حمو موسى الثاني الذي عرف بتقديره للعلم والعلماء لما كان يتمتع 
به من إلهام واسع بالعلوم والفنون ولاسيما الأدب وخاصة الشعر” ونلمس ذلك من خلال 
مؤلفه الشهير واسطة السلوك في سياسة الملوك*»الذي نصح فيه إبنه وولي عهده قائلا: 
'يابني» وأما فقهائك فلتتخير لنفسك فقيها عالما”.وهو ما يوضح اعتناؤه الخاص بالعلماءء 
وهو ما أكده التنيسي بقوله:'وأما اعتناؤه بالعلم وأهله »فأمر يقصر اللسان عن الإجابة 


ا 


2-أسباب اعتناء سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء : 


كان سلاطين المغرب الأوسط على دراية واسعة بأهمية العلماء والفقهاء فى 
الاستعانة بهم في تسيير شؤون الدولة » فاستقدموهم واستعملوهم كحجاب وكتاب في ديوان 
الإنشاء وأصحاب الأشغال وقضاة » مدركين أن الدولة لا يمكنها ان تقوم بكثير من 


'-المقري» نفح الطيب,المصدر السابق»ج5»ص 223 . 

۶ - التنسي» المصدر السابق» ص161. 

3 - عبد العزيز فيلالي» المرجع السابق» ج2» ص 323. 

4 أبو حمو موسى الثاني الزياني» واسطة السلوك في سياسة الملوك» تح» محمود بوترعة» دار 
النعمان للطباعة والنشرء الجزائر» 2012» ص85 . 

#التنسي؛ المصدر السابق» ص1 16. 


89 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
وظائفها الضرورية إلا إذا أسندتها إلى علماء يملكون ناصية العلم وبتصرفون على هديه 
»وقد خص ابن الخطيب في نظريته السياسية السلاطين بقاعدة ذهبية قال فيها : 'واعلم 
أن مواقع العلماء من ملكك مواقع المشاعل المتألقة والمصابيح المتعلقة وعلى قدر 


تا هذه ذل من الحساء توا رها هوو الا" 


وهكذاءفقد سار ملوك المغرب الأوسط على درب يغمراسن بن زيان حيث عملوا 
على تثبيت الأسس الثقافية والحضاريةء والإبقاء على مشعل الثقافة الإسلامية الزيانية 
فنجدهم يحبون العلم ويقريون العلماء من مجالسهم ويكرمون وفادتهم» ويبالغون في الإكرام 
والعطاء لأهل العلم تشجيعا لهم على الإبداع في شتى مجالات العلوم. 


ثانيا: انتشار المؤسسات التعليمية. 


كان للمؤسسات التعليمية على اختلاف أنواعها دورا بارزا وأساسيا في تنشيط الحركة 
الثقافية في بلاد المغرب الأوسطه وذلك نظرا لما كانت توفره من ظروف وأسباب 
للتحصيل والنجاح مثل حسن استقبال طلبة العلم» وتوفير أماكن الإقامة لهم والتكفل بهم 
عند حاجتهم» هذا زيادة على بساطة لوائح الالتحاق بهاء وعدم تميزها بين أبناء البلاد 


والوافدين عليها من البلدان الإسلامية الأخرى.”ومن هذه المؤسسات نذكر: 


أ ابن الأزرق الأندلسي بدائع السالك» في طبائع الملك »تح»محمد بن عبد الكريمءدار العربية 
للكتابط3ءبيروت 1980ء ج2»ص 375. 


2 - نفسه» ص ص 142-139. 


90 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
1-: المؤسسات الدينية 
1 -1-الزوايا 


تعتبر الزوايا! من المؤسسات التعليمية التي ساهمت في نشر وتعميم التعليم في 
أوساط الفئات الدنيا في مجتمع المغرب الأوسطء ويعود انتشارها في بلاد المغرب الأوسط 
إلى النصف الثاني من القرن السابع الهجري(/13م)ء وذلك نظرا لانتشار الفكر 
التصوفيء”وقد كانت تمثل ذلك المكان الذي يقصده الطلبة والمريدون لحفظ القرآن الكريم» 
ومختلف العلوم الأخرى بأسلوب بسيط وفي متناول الجميعءالأمر الذي جعلها مقصدا 
للكثيرين من الطلبة »وقد عبر المقري عن ذلك قائلا: "إنها تجذب الطلبة بكثرة'” 


وللإشارة» لم يقتصر دور الزوايا في المغرب الأوسط على الجانب الديني التعليمي؛ 
وانما كان لها دور اجتماعي وإنساني» نقف عليه من خلال إيواءها واطعامها للمسافرين 
وأبناء السبيل والمحتاجين خصوصا خلال القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر ميلاديء 
وخير دليل على ذلك قول ابن مرزوق بخصوصها "إن الزوايا عندنا في المغرب تأوي 


المتجولين ودار مجانية تطعم المسافرين” وكذلك قول أبي عبد الله بن أبي بكر الخطيب 


أ - ينظر خالد بلعريي» الدولة الزيانية في عهد بغمراسن» ص ص 316-315», الطاهر بوزيانيء 
التصوف في الجزائر من خلال القرنين 6 و7 الهجريين /13-12م» دار الهدى للطباعة والنشر 
والتوزيع» عين مليلة» الجزائرء 2004» ص 223. 

2 - كانت الزاوية في المغرب الأوسط قبل هذا التاريخ هي الربط» ينظر حول ذلك محمد الأمين 
بلغيث» الربط بالمغرب الإسلامي ودورها في عصر المرابطين والموحدين» رسالة ماجستير معهد 
التاريخ» جامعة الجزائرء 1406ه/1987-1986.: ص 223», خالد بلعريي» المصدر السابق 
ص316 . 

3 - المقري» المصدر السابق» ص 143. 

* - ابن مرزوق» المصدر السابق» ص 411. 


91 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


(ت781ه/1379م) في شأنها 'والظاهر أن الزوايا عندنا في الغرب»ء هي المواضع المعدة 
لإرفاق الواردين» واطعام المحتاجين من القاصدين"! 

أما عن أشهر زوايا المغرب الأوسط ولاسيما عاصمة تلمسان التي تعرف بكثرة 
أضرحتها. نذكر زاوية سيدي أبي مدين” التي كان لها علاقة على ما يبدوا بالزاوية 
الملارية التي أسسها أبو يعقوب بن عمرن اليوسفي جد ابن قنفد للام 
(ت717ه/1317م)3: والتي كانت تهتم بالتعليم» واستقبال المسافرين» وزاوية سيدي 


السنوسي وزاوية سيدي الحلوي» وزاوية أحمد الغماري» وزاوية عين الحوت“. 


ولم يكن الأمر مقتصرا على عاصمة المغرب الأوسط فقد كانت الجزائر بدورها 
نع نراق اذا نز ANOS‏ طني GAN‏ ونه ay ED‏ 
عبد الرحمن الثعالبي» وزاوية ولي دادةء وزاوية عبد القادر الجيلالي”, أما وهران» فقد 
شتهرت هي الأخرى بزاويتين» زاوية سيدي الهواري» وزاوية الولي الصالح سيدي إبراهيم 


التازي نزيل وهران؟. 


وقدء كان يساهم في إنشائها أهل الخير و كبار رجال الدولة من أموالهم الخاصة أو 


تشترك جماعة في إنشائهاء ويوقفون عليها أوقاف لتغطية نفقاتها وتوكل إدارتها ورعايتها 


1 - ابن مرزوق» المصدر السابق» ص 431. 


2 - ابن قنفدء أنس الفقير وعز الحقيرء تحقيق: محمد الفاسي و أدولف فورء منشورات المركز 
الجامعي للبحث العلمي» جامعة محمد الخامسء الرياطء 1965 »> ص 40. 

3 - نفسه» ص40. 

4 - أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى الرابع الهجريين(20-16م)» 
الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» 1981ء ج1» ص264. 

5 - نفسه » ج1» ص264. 

° -ابن مريم» المصدر السابق» ص238. 


52 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
إلى ناظر وجماعة من المساعدين» ويحدد الموقفون في عقودهم الأوجه التي تصرف فيها 
عوائد أوقافهم وطربقة إدارتها!. 
2-1-الكتاتيب 

كانت الكتاتيب” فى بلاد المغرب الأوسط خلال هذه الفترة المعنية بالدراسة» بمثابة 

المدارس الابتدائية التي يتلقى فيها المتعلم العلوم الأولى» والتي غالبا ما تكون تشمل حفظ 
القرآن الكريم عند الصبيان الذين يحتمل أنهم بلغوا سن السابعة” وذلك حفاظا على 
المساجد من النجاسةء“وقد كان يشرف على التعليم في الكتاتيب معلم قارئ حافظ للقرآن 
الكريم”, قد يكون متقنا لبعض القراءات» وأحيانا يكون من كبار القواد» حيث يتعاقد مع 
أولياء التلاميذ على أجر معين» ويمكن أن يتعاون معلمان في أداء مهمة التعليم إذ زاد 


عدد التلاميذ على حد معين» وكان المعلمون يتصلون بولي أمر كل تلميذ ليتفقا على 


أ -ابن القنفدء أنس الفقير وعز الحقير»المصدر السابق» ص 40» خالد بلعريي» الدولة الزيانية في 
عهد يغمراسن» المرجع السابق» ص16 3. 
2 - الكتاب» هي عبارة عن مؤسسات تعليمية خاصةء يقوم بإنشائها خواص في الغالب من أهلء 
ينظر الونشريسيء المعيار المعرب» دار الغرب الإسلامي» بيروت» 19981» ج8» ص156. 
3 -المغراوي» جامع جوامع الانتصار والتبيان فيما يعرض للمعلمين وآباء الصبيان» تحقيق أحمد جلول 
بدوي» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» بدون تاريخ» ص 47. 
4 - أبو الحسن علي القابسي» الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين» تحقيق 
وترجمة أحمد خالدء الشركة التونسية للتوزيع» ط1»ء تونس» 1986ء ص 145» خالد بلعريي» المرجع 
السابق» ص18 3. 
5 - عاشور بوشامة؛ علاقات الدولة الحفصية بدول المغرب والأندلس» رسالة ماجستير» كلية الآداب» 
قسم التاريخ» جامعة وهران» ص423. 

93 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


المادة أو المواد التي سيتم تعليمها له والزمن المخصصء كما يتفق المعلم مع الولي 


حول شروط دفع الأجر.” 


وعلى العموم» فقد كان التعليم يتم في هذه المؤسسة بعقود فردية أو جماعية يبرمها 
أولياء التلاميذ مع المعلمين» وغالبا ما يكون الاتفاق محددا بمدة شهور أو سنة أو بحفظ 
جزء معين من القرآن الكريم» أو بتعليم مبادئ مادة معينة.3 

ومنه يمكن القول» بأن مؤسسة الكتاب» هي مؤسسة صغيرة تعتمد على أولياء أمور 


التلاميذء وبالتالي حددت مكانة معلميها وفق لذلك الأساس. 
3-1-المساجد 


كانت منتشرة في كل أنحاء المغرب الأوسطء لم تكن مخصصة للعبادة فقدء وإنما 
كانت تؤدي أعمالا مختلفة» حيث وإلى جانب كونها مكان للعبادة تقام فيه الصلاة 
وتخطب فيه الخطب» كانت المساجد محكمة للتقاضي» ومكان تدرس فيه العلوم الدينية 
واللغوية» وبالتالي غدت ملتقا عاما للناس» ومن ثم صارت مركزا للعلماء ومقصدا لطلبة 
العلم» تلقى في أركانها الدروسء وتنظم فيها المناظرات العلمية ودروس الوعظ والإرشادء 
كما يتم فيها تدريب الطلبة على القراءة والكتابة“ وبالتالي ساهمت من خلال دورها هذا في 


تكوين أجيال من العلماء الذين أناروا درب أهلها.” 


1 ابن سحنون محمد آداب المعلمين» تحقيق محمود عبد المولى» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» 
2 -نفسك ص90 . 


3 -نفسهك ص90. 


4 - خالد بلعربى» الدولة الزيانية ف عهد يغمراسن» المرجع السابق ص 9. 


5 - نفسه» ص320. 


04 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


-مسجد أغادير: 


تم تأسيسه على يد إدريس الأول مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى مسجد 
أغادير الذي » حين ضم تلمسان لدولته سنة 174ه/790م)» حيث بناه بإتقان ووضع فيه 
منبرا وكتب عليه حسب قول صاحب القرطاس 'بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به 
إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه"! »كما قام 
ابنه إدريس من بعد بإعادة ترميمه وتوسيعه» وأمر بوضع منبر آخر جاء فيه "هذا ما أمر 
به الإمام إدريس بن إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين في 
شهر محرم( 199ه/814م')”ء وهو يعد من بين المساجد التي جمعت بين الدور الديني 
والتعليمي وقد حظي هذا المسجد بدوره بعناية الأمير يحيى بن يغمراسن الذي قام ببناء 
مئذنته” ومما هو جدير بالإشارة» أن منزلة هذا المسجد كانت بمنزلة جامع القروين بفاس» 
والزيتونة بتونسء والأزهر بالقاهرة وذلك نتيجة لحلقات العلم التي كان يعقدهاء والدروس 
التي كانت تلقى فيه4. 


5 


-المسجد الأعظم: 
تم تشييده على يد يوسف بن تاشفين المرابط سنة( 450ه/1036م)”5 أثناء بناءه 


لمدينة تاكرارت عام( 473ه/1080م): وقد وصف الرحالة العبدري هذا الجامع قائلا : 


أ -ابن أبي زرع» الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس» 
تحقيق عبد الوهاب بن منصورء دار المنصور للطباعة والوراقة» الرباطء 1972. ص 68. 
2 -نفسه» ص 69)» رشيد بورويبة» جولة عبر مساجد تلمسان؛ مجلة الأصالةء العدد 26. ص ص 
172-1. 

3 Marcais (G)« Tlemcen ville d'art et d'histoire 2°" congres publie 

soin de la société historique Algérienne tom Alger 1936, p34. 

4 -عبد الحميد حاجيات» الحياة الفكرية بتلمسان في عهد بني زيان» مجلة الأصالةء السنة الرابعةء 
العدد 26» جوبلية-أوت 1975؛: ص138. 
5 - رشيد بوروية» جولة عبر مساجد تلمسانءالمرجع السابق» ص172. 


55 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


'ولها جامع عجيب ومليح متسع "!1 وجدت بالمغرب الأوسط مساجد جامعة كانت أخرى 
بمثابة معاهد عليا متخصصة» قصدها الطلبة والعلماء المشهورين وحتى السلاطين 
الزيانين» وعلى رأسهم يغمراسن الذي كان يحضر حلقات الذكر بها كالمسجد الجامع أو 
المسجد الأعظم الذي شيده الأمير وقد أضاف له يغمراسن الجزء الشمالي من بيت 


الصلاة والقبة والصحن والمتذنة.2 


ومما يجدر ذكره عن هذا المسجد أنه قد أدى رسالة مقدسة» إذ أضحى جامعة على 
النمط القديم» كما أصبح معهد للتدريس خاصة بعد الهجرة الأندلسية نحو بلاد المغرب 
الإسلامي وقبلة للعلماء وطلبة العلم الذين توافدوا عليه للأخذ عن علمائه وشيوخه» وظل 
دوره الديني التعليمي وإشعاعه الثقافي هذا قائما طوال العهد الزياني وصارت بفضله بلاد 
المغرب الأوسط بصفة عامة وتلمسان خاصة بفضله حاضرة من الحواضر العلمية في 
العالم الإسلامي حيث نبغ فيها عدد كبير من العلماء في الأدب والشعر والنحو والصرف 
وعلم الحديث.3 


مسجد أبي الحسن: 


أسسه السلطان الزياني أبي سعيد عثمان بن يغمراسن( 696ه/1296م)“» وحمل 
اسم الفقيه أبي الحسن التنسي أحد علماء تلمسان المعروفين بتقواهم وصلاحهم وكذلك 
أعلمهم بالفتوى في مسائل مختلفة قال عنه عبد الرحمن بن خلدون في رحلته :"ابو الحسن 


أ- العبدري »المصدر السابق»ص 48. 
Marcais, l'architecture musulmane d'accident, Paris 1955, (7‏ -2 
3 - عبد الحميد حاجيات» الحياة الفكرية»المرجع السابق» ص138. 
4 -محمود بوعياد» جوانب من الحياة في المغرب الأوسط في القرن التاسع الهجري/15م» الشركة 
الوطنية للنشر والتوزيع» 1982 ص1 8. 
56 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


التنسي كبير أهل الفتيا بتلمسان"!» وللإشارة فقد كان يلقي دروسا به إكراما له وهو يعد 


من أروع المنشآت الزبانية”. 
-مسجد ابني الإمام: 


شيده الأمير أبي حمو موسى الأول (710ه/1310م) بحوالي أريعة عشر عام من 
بناء مسجد أبي الحسن التنسي» ومن مميزاته أنه يختلف في بناءه عن غيره من مساجد 
المغرب الأوسطة وقد كان ملحقا بالمدرسة التي بناها ابني الإمام الذي قال عنهما ابن 
خلدون مايلي: 'كانت لهما( ابن الإمام) شهرة في أقطار المغرب أثبتت لهما في نفسية 
السلطان عقيدة صريحة"3: 


- مسجد ابراهيم المصمودي5: 


أسسه السلطان أبي حمو موسى الثاني (791-760 ه/ 1395-1359م) إلى 
جانب القبة والزاوية والمدرسة»ء وهو يصنف ضمن العمارة الدينية بتلمسان من حيث 


التصميم والزخرفة وفن العمارة» 


.264 أ- عبد الرحمن بن خلدونءالرحلة»المصدر السابق»ص‎ 
2- Marcais (G) et William« les monument arabes de Tlemcen, Paris 1905, 
م‎ 

3  1/131هوأ5,‎ I'architecture musulmane d'accident, tinisie, Algérie, Maroc, 
Métiers graphiques, Paris 1954, pp 115,116. 

4 عبد الرحمن بن خلدونءالرحلة»المصدر السابق »ص 47. 

° هو ابراهيم بن موسى المصمودي التلمساني شيخ الولي الزاهد ابو اسحاق أحد شيوخ ابن مرزوق 

الحفيد» ينظر محمد الحفناوي» تعريف الخلف برجال السلفء المرجع السابق»ج2»ص ص 19-17. 

8 علوي مصطفىءالمرجع السابقءعص 265. 


97 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


يعد من أهم المساجد المربنية التي شيدت بالمغرب الأوسط بأمر من السلطان أبي 
الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني سنة (739ه/1339م) عندما 
استولى على تلمسان!» بنى هذا المسجد بقرية العباد. وأعطاه اسم ضريح الوالي الصالح 
4ه مم) وقد كان له عدة وظائف منها الوظيفة الدينية والإصلاحية والتعليمية 
طوال الفترة الزيانية» وعن تأسيس هذ المسجد يقول عبد الرحمن بن خلدون في رحلته:'قد 
شيد السلطان ابي الحسن بالعباد مسجدا عظيما »وكان عمه ابن مرزوق خطيبا به على 


عادتهم في العباد'” 


أما بخصوص مسجد سيدي الحلوي» فقد أسس بأمر من السلطان أبي عنان فارس 
المريني سنة 754ه/1359م)» حينما استولى على المغرب الأوسطهء وقد تم بناؤه بجانب 
ضريح الوالي الصالح أبي عبد الله الشوذي الملقب بالحلوي المتوفي أوائل القرن السابع 
الهجري(/13م)»: حينما هاجر من الأندلس» واستقر بتلمسان سنة( 665ه/1266م في 
عهد السلطان يغمراسن بن زيان”»كما وجدت إلى جانب ذلك مساجد أخرى أدت نفس 


الدور التي كانت تؤديها مساجد عاصمة الزيانين كمسجد وهران ومستغانم والمدية ومسجد 


أ -التنسي» المصدر السابق» ص ص 146-145. 

عبد الرحمن بن خلدون > الرحلةءالمصدر السابق»ص 61. 

3 - عبد العزيز لعرج» المباني المرسية في إمارة تلمسان الزيانية» دراسة أثرية معمارية وفنية رسالة 
دكتوراه في الآثار الإسلاميةء إشراف عبد الحميد حاجيات» جامعة الجزائر» معهد الآثار» 1999ء 
ج1» ص235. 


58 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


مدينة الجزائر وندرومة التي يعود بناؤها إلى عهد المرابطين من قبل الأمير يوسف بن 


تاشفين في أواسط القرن الخامس الهجري (/11م)1. 


وعليه يتضح بأن المساجد في المغرب الأوسط قد جمعت بين الوظيفتين التعليم 
والعبادة و استطاعت من خلالهها المساهمة في عملية الإشعاع الثقافي والحضاري ببلاد 
المغرب الإسلامي على العموم وبلاد المغرب الأوسط على وجه الخصوص. 


2-المؤسسات التعليمية 


أولا- المدارس: اقتدى سلاطين المغرب الأوسط بنظرائهم الحفصيين بالمغرب 
الأدنى» والمرينيين بالمغرب الأقصى في بناء المدارس العليا للتعليم» وتكوين الموظفين 
في سائر الوظائف الإدارية للدولة على غرار المدارس النظامية” التي أنشئت في المشرق 
وما ثم تشييده بعدها في سائر أنحاء العالم الإسلامي”ءوللإشارةء فقد كان ظهورها ابتداء 
من النصف الأول من القرن الثامن الهجري(/14م) وقد وجدت من أجل المذهب المالكي 
الذي سجل انتصارا للسنة وعودة إلى المالكية كمذهب» وإبطالا لبدعة الموحدين ومذهبهم 
في الاعتقادء “كما كانت هذه المدارس حكومية رسمية تابعة كلها للدولة. أما بخصوص 
الوظيفة الرئيسية للمدرسة:؛ فقد ارتكزت في حقيقة الأمر على تعليم وتدريس العلوم 
الإسلامية» ودراسة علم الشريعة بالإضافة إلى بعض العلوم الأخرى المساعدة كالفلسفة 


أ -بورويبة رشيد»المرجع السابق» ص181. 

2 -نسبت هذه المدارس إلى منشئها 'نظام الملك", ينظر أحمد شلبيء المرجع السابق»»؛ ص ص 99- 
100 . 

3 -عبد الحميد حاجيات» أبو حمو موسى الزياني» حياته وأثاره» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع»› 
الجزائر» 1974: ص 36. 

4 - ألفريد بيل» الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي» ترجمة عبد الرحمن بدوي» دار الغرب 
الإسلامي» بيروت» 1967- ص354. 


59 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


والآداب والتاريخ!» وقد وصل عدد المدارس التي أنشئت بالمغرب الأوسطهء والتي أصبحت 
معاهد عليا للتعليم وتكوين الإطارات السامية في مختلف المجالات إلى خمس حسب 
الحسن الوزان الذي قال في شأنها 'وتوجد بتلمسان مساجد عديدة جميلة لها أئمة وخطباء 
وخمس مدارس حسنة:؛ جيدة البناء مزدانة بالفسيفساء وغيرها من الأعمال الفنية» شيد 
بعضها ملوك تلمسان» وبعضها ملوك فاس”.وعن هذه المدارس نذكر: 

-مدرسة ابنا الإمام: 


هي أول مدرسة بنيت بالمغرب الأوسط وكان ذلك سنة( 710ه /(1310م من قبل 
سلطان أبو حمو موسى الاول»ء وقد حملت اسما العالمين ابن الإمام هما أبي زيد عبد 
الرحمن ابن الإمامءوأخيه أبي موسى عيسى ابن الإمام»هما عالمان جليلان من آهل 
برشك”فكانت هذه المدرسة بمثابة حجر الأساس في تكوين قاعدة صلبة للثقافة والعلوم 
بالمغرب الأوسط فقد تولى ابنا الإمام التدريس فيها ونشر العلم بين رجالها فازدانت 
بالطلبة من مختلف الأعمار فأصبح لديها صيت لدى علماء المغرب والمشرق وفي هذا 
الصدد قال أحد الطلبة للمقري الجد عندما ذهب إلى القدس الشريف وناقش بعض 
المسائل:'فإن سئلت فانتسب لهما(ابنا الإمام) »فقد سمعت منهما»وأخذت عنهما ولا تظهر 
العدول عنهماءفتضع من قدرك فإنما أنت عند هؤلاء خليفتهماء...ولا أحد فوقهما"4 


المدرسة التاشفينية: 


هي ثاني مدرسة بالمغرب الأوسط » أسسها أبو تاشفين بن أبي حمو الأول بين 
E AOA‏ حافت ا ا ع و کے فى ی 


أ - عبد العزيز لعرج» المرجع السابق» ص299. 

2 - الحسن الوزان» المصدر السابقء ج1» ص19. 

ابن مرزوقء المناقب المرزوقية» تح: سلوة الزاهري» منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية » 
مراكش» ط1ء ۰2008 ص 203 وكذلك اع rachib borouiba,l’art religieux musulman‏ 
Algérie N.E.D.Aleger, 2eme edition 1981p197.‏ 

4 المقريءنفح الطيب» المصدر السابق» ج5»ص218. 


100 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


الروعة و الجمال! وقد وضح ابن خلدون القصد من بناءها في رحلته و المتمثل في 
المنافسة العلمية الشريفة لمدرسة ابني الإمام » و يبرز ذلك جليا من خلال قوله " و بنى 
السلطان ابو تاشفين مدرسة بتلمسان ٠‏ فقدمه ( المقري )7 للتدريس بها » يضاهي به أولاد 
الإمام وتفقه عليه بتلمسان جماعة » كان من أوفرهم سهما في العلوم أبو عبد الله المقري 


هذا". 
وقد كانت المدرسة التاشفينية من أشهر المدارس التلمسانية التي توافد عليها الطلاب 


من أقطار مجاورة وبعيدة منحتهم إجازات ٠‏ كما ساهمت في تخريج دفعات من الفقهاء 
والعلماء: 


- المدرسة اليعقوبية: 


أسست من قبل السلطان أبو حمو موسى الثاني ( 791-760ه / 1389-1358م) 
و كان أول من أسند إليه التدريس بها العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف 
التلمساني7»وقد كان السلطان أبو حمو موسى الثاني يخص مجلس قرائه فيها بحضوره 
جالسا على الحصير تواضعا للعلم و إكرامه له“ءو مما تجدر الإشارة إليه أن المدرسة 
اليعقوبية أنها استقطبت طلاب كثيرون من تلمسان وخارجها و حواضر بلاد المغرب 


أ مختار حساني» المرجع السابق »-ج2 ص 275. 

2 هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمان القرشي المقري التلمساني › 
باحث » أديب » قاض من أكابر علماء المذهب المالكي في وقته »عادل نويهضء المرجع السابق 
.32. 

3 هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني » أحد رجال الكمال علما و دينا لا يعرف عن 
عمله فن عقلي و لا نقلي إلا و قد أحاط بهء ينظر يحي ابن خلدونءبغية الرواد» المصدر السابق » 
ص 120. 

* التنسي ٠‏ المصدر السابق. ص 180. 


101 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


والألالن نين ا الريكالة القون دروا مها الزكالة الف ادي لذ قال :في 
شأنها: ' ولازمته ( أحمد بن زاغوا ) في الحضور مع الجمهور في المدرسة اليعقوبية "! 


- مدرسة العباد:2 


وتعرف بمدرسة أبي مدين 3 أسسها السلطان أبي الحسن المربني في منطقة العباد 
سنة 747ه/1346م) عند استيلائه على المغرب الأوسط » و قد كانت ملحقة بضريح 
أبي مدين شعيب الذي يوجد بجوارها 4 والذي قال ابن القنفذ القسنطيني في شأنه :" 
وبجواره مدرسة العلم" “»وقد كان الهدف من انشائها ابراز قيمة أبي مدين شعيب بين أهل 
تلمسان جميعاء و قد فتح السلطان المريني أبوابها كذلك أمام علماء مراكش و فاس 
واغمات لمن أراد الإلتحاق بها » و بذلك فقد كانت على صلة بمدارس المغرب وحواضر 
الأندلس “»وصفها ابن بطوطة قائلا في شأنها :"... لا نظير لها في المعمورة اتساعا 
وحسنا و ابداعا كثرة ماء و حسن موضع » ولم أرى في مدارس الشام مصر و العراق 
وخراسان ما يشبهها.” وهي تعد من أهم مدارس تلمسان ٠»‏ ومما زادها شهرة المستوى 
الرفيع لعلمائها » ووجودها بالقرب من ضريح الولي الصالح أبي مدين شعيب الإشبيلي. 


أأبو الحس القلصادي : المصدر السابق . ص 109. 

“مدينة صغيرة » تقع في الحيل على بعد نحو ميل جنوب تلمسان » ينظر الحسنى الوزان » وصف 
إفريقيا © المضندر الاق 22 ص 24 

3 هو أبو مدين شعيب بن حسين الأصاري الإشبيلي الأصل » إمام العباد و الزهاد » قوفي سنة 
4ه ٠‏ و دفن بتلمسان » ينظرالغبريني» عنوان الدراية» المصدر السابق » ص 65.55. 

4 نفسه ص 65. 

“ابن قنفذ: انس الفقيرء المصدر السابق ص 106 

علوي مصطفى: تلمسان من خلال كتب الرحالة والجغرافيين»المرجع السابق »ص 262. 

7 ابن بطوطة: المصدر السابق ص450. 


102 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
ب مدرسة أبى عنان المريني : 


أسست من قبل أبو عنان المريني ابن أبي الحسن المريني سنة( 754ه/1353م 
بجانب مسجد الوالي الصالح سيدي الحلوي الإشبيلي › وصفها ابن الحاج النميري في 
رحلته فيض العباب قائلا :" مدرسة متعددة البيوت ٠»‏ رفيعة السماوات ٠»‏ بديعة النعوت 
... و قد أشاد ابن بطوطة بفضائل مؤسسها أبي عنان المريني قائلا عنه ." وأما 
اشتغاله ( أبي عنان المريني ) بالعلم » فهو أيده الله تعالى بعقد مجالس العلم في كل 
يوم بعد صلاة الصبح ".7 


2-2-المكتبات: 


مثلما لم تقتصر الكتب المتداولة في بلاد المغرب الأوسط على الكتب المؤلفة في 
هذا البلدء بل شملت بلدان العالم الإسلامي» لم تنحصر المكتبات هي الأخرى على 
المؤسسات التعليمية والثقافية كالمساجد والمدارس والزوايا والكتاتيب» بل نجدها لدى 
الخاصة؛ وفي بيوت الأسر العريقة بالعلم” ولدى الوراقين”»ومن المكتبات العامة التي 
أنشأها ملوك بني زيان بالمغرب الأوسط المكتبتان العامتان اللتان كانت بالمسجد 


الأعظم» والتي كانت كلتاهما حافلتين بالكتب النفيسة التي كان يستفيد منها الطلبة.5 
فبالنسبة للمكتبة الأولى» فقد أنشأها السلطان الزياني أبو حمو موسى الثاني سنة 


9/0 بالجامع الأعظم بتلمسان على يمين المحراب من الجدار القبلي بالمكان 


أ ابن الحاج النميري: المصدر السابق. ص488. 
2 ابن «تطرظة: المصذن 'الشايف هن 488 
3 - عاشور بوشامة» علاقات الدولة الحفصية بدول المغرب المرجع السابق»ص 453. 
4 - حيث يذكر ابن الخطيب أن أحد المشتغلين بالعلم وهو محمد بن محمد العبدري الغرناطي 
(753-680ه/1352-1281م) أصبح يشتغل بتجارة الكتب إلى جانب انشغاله بالعلم» فأثرى منها 
وحسنت حالة ينظر ابن الخطيب» الإحاطة في أخبار غرناطة» ج3» ص ص 31-27. 
5 - لخضر عبدليء المرجع السابق» ص253. 
103 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


والتى لازالت فيه الخشية ذات الكتابة المنقوشة التى كانت فوق بابها وكتب عليها "أمر 
بعمل هذه الخزانة المباركة السلطان أبو حمو موسى ابن الأمراء الراشدين أيد اللّه مره 
وأعز نصره» ونفعه بما وصل ونوى» وجعله من أهل الفتوى» وكان الفراغ من عملها يوم 


الخميس الثالث عشر من ذي القعدة عام سبعمائة وستين"!. 


ومما تجدر الإشارة له» أن لهذه المدرسة أهمية خاصة نظرا للفترة التي أنشئت فيها 
والتي تميزت بنشاط فكري دؤوب» وللأهمية التي أولاها لها الملك أبو حمو موسى الثاني 
صاحب المكانة العلمية كأديب ومؤلف ومطلع على جملة من معارف عصره» ولاسيما 
المتصلة منها بالأدب السياسي والسير مع الأخذ بعين الاعتبار الثقافة الدينية التي طبعت 
فكر العصر الإسلامي الوسيط وعليه فليس غريبا إذا كانت تزخر بالكتب المختلفة في 
جميع العلوم والفنون» وفي مقدمتها علوم القرآن”والتي لم تفقد إلا حوالي عام 
(1266ه/1850م)»: حينما قامت مصلحة الآثار التاريخية بترميم الجامع الأعظم بعد 
تغيير طرفيه الجنوبي والشمالي.3 

أما بخصوص المكتبة الثانية» فقد أنشأها السلطان أبو زيان محمد الثاني بن أبي 
حمو موسى الثاني حوالي( 796ه/1393 م)؛ كانت هذه المكتبة بالقسم الأساسي من 


المسجد الأعظم» وكان يوجد بها زيادة على الكتب والمخطوطات نسخا من القرآن باليد 


أ - محمد بن رمضان شاوش» المرجع السابق» ص107 . 

2 -عبد الحميد حاجيات» أبو حمو الزياني» المرجع السابق» ص183» محمد بن رمضان شاوش» باقة 
السوسان» المرجع السابق»عص10/7. 

3 -صابرة خطيف» فقهاء تلمسان والسلطة الزيانية (791-633ه/1388-1235م)؛ الجهاز الديني 
والتعليمي رسالة ماجستير في التاريخ الإسلامي الوسيط إشراق محمد قرقاني» جامعة الأمير عبد 
القادر» قسنطينة» 2004/2003» ص289. 


104 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


ونسخة من صحيح البخاري ونسخة من كتاب الشفا! لأبي الفضل القاضي عياض ” 
نسخهما السلطان أبو زيان بنفسه وحبسهما على المكتبة العامة بالمسجد الأعظم 
بتلمسان.3 


ومنه نستنتج أنه بفضل وفرة هذه المؤسسات التعليمية وتنوعها بالمغرب الأوسط 
عموما وبعاصمة تلمسان على وجه الخصوصء اكتسبت هذه الأخيرة مكانة مرموقة 
وشهرة كبيرة جعلتها قبلة لطلبة العلم» وكل الشغوفين على العلم والمعرفة والتحصيل من 
جميع أصقاع العالم وجهاته شأنها في ذلك شأن كل من بغداد والقاهرة ببلاد المشرق 
وقرطبة ببلاد الأندلس. 


ثالثا: عقد المجالس العلمية وتنظيم المناظرات. 
1-عقد المجالس العلمية: 


لا يخفى على أحد تشجيع سلاطين المغرب الأوسط ءوبذلهم في هذا المجال 
مجهودات كبيرة في سبيل استقطابهم والحاقهم بمجالسهم العلمية التي كانوا يعقدونها 
لاختيار كبار الكتبة والأدباء والفقهاء» وادراجهم في مجالسهم العلمية والدواوين من جهة. 
والالتجاء إليهم عند تأزم الأمور لطرح عليهم ما تعسر عليهم طالبين النصح والمشورة كما 


يتمتعون به من خيرة في تصريف شؤون الدولة.“ءوفي هذا السياق تشير معظم المصادر 


أ -التنسي» المصدر السابق» ص211. 

2 -القاضي عياضء هو أبو موسى (ت544ه/1149م) من كبار علماء وقته في الفقه والحديث» 
وأشهر تصانيفه 'الشفا بتعريف حقوق المصطفى" بقي كتابه هذا يتمتع بشهرة كبيرة في أرجاء المغرب 
کله» كان قد نسخه بيده السلطان أبو زيان محمد بن أبي موسىء ينظر التنسي› المصدر نفسه » 
ص211. 

3 - لخضر عبدليء التاريخ السياسي »المرجع السابق» ص253. 

4 - عطاء الله دهنيةء الحياة السياسية والإدارية ضمن كتاب الجزائر في التاريخ» ج3» ص407. 


105 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


إلى إسهامات سلاطين بني زيان في تفعيل الحركة الثقافية بالمغرب الأوسط والبداية كانت 
مع موطد أركانها السلطان يغمراسن بني زيان الذي أرخت له بسيرته وخاصة معاملته 
لأهل العلم على أنه كان "...يبحث عنهم أينما كانوا ويتقدمهم إلى بلده'! ومثال ذلك 
الشيخ العالم أبو إسحاق إبراهيم بن يخلف التنسي” ويستقدمهم (ت680ه/1281م) الذي 
ركب إليه بنفسه لاستقدامه بحضرته لنشر العلم على حد قوله 'ما جئتك إلا راغبا منك أن 
تنتقل إلى بلدنا تنشر فيه العلم» وعلينا بجميع ما تحتاج" وفي رواية أخرى أنه قال 


'جئتك راغبا منك أن تقيم ببلدنا لتحي بها العلم'4. 


وخير ما يؤكد على المكانة العلمية المرموقة لهذا الشيخ» أن السلطان يغمراسن كان 


يعقد مجالسه العلمية به» وكان يفد إلى سماعه الفقهاء والقضاة وأكابر رجال الدولة وحتى 


أ -التنسي» المصدر السابق» ص126 . 

2 -هو إبراهيم بن يخلف بن عبد السلام بن عيشون المطماطي التنسي سليل أسرة معروفة بالعلم 
والصلاح نشأ بمسقط رأسه تنس» وأخذ عن مشايخهاء ثم انتقل إلى مدن مليانة والشلف والجزائر 
ويجاية» وانتهت إليه رئاسة التدريس والفتوى في تلك الأقطارء ثم رحل إلى المشرق فزار مصر والشام 
والحجاز» وبعد عودته إلى المغرب استقر بتلمسان يدرس بها وبها توفي سنة 680ه/1281م ومدفنة 
بالعباد» ينظر يحيى ابن خلدون» المصدر السابق » ج1» ص 114» ابن مرزوقء المناقب المرزقيةء 
ص293-283-281-281-278-274-251» التنسي» المصدر السابق »> ص126» ابن مريم» 
المصدر السابق »> ص ص 67-66 التنبكي» كفاية المحتاج» ج1» ص81 عبد العزيز فيلالي 
تلمسان في العهد الزياني» ج2» ص229» حاجيات» أبو حمو موسى الزياني» ص42» عادل 
نوبهض» معجم أعلام الجزائر > 983» ص122. 

3 - ابن مرزوقء المناقب المرزقية» المصدر السابق» ص ص 75. 


4 - نفسه» ص275. 


106 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


يغمراسن نفسه» وكذلك تقريبه لكل من الشيخ أبو عبد الله محمد بن مرزوق! واستقطابه 


للعالم أبي بكر محمد بن عبد الله بن خطاب المرسي إلى بلاطه”. 


وللإشارة» فقد سار ملوك المغرب الأوسط على درب يغمراسن بن زيان» فهذا 
السلطان أبو حمو موسى الأول (718-707ه/1318-1308م) وبعد ما جعل من 
تلمسان منارة للعلم يقصدها العلماء وأهل الفكر من مختلف أصقاع العالم الإسلامي 
استطاع أن يقرب إليه الفقيهين الكريمين أبني الإمام أبا زيد (ت 749ه/1348م) وأبا 
موسى(ت 757ه/1356م) وأكرمهما وينى لهما مدرسة باسمهماء وقد كان هذا السلطان 
يكثر من مجالستهما والاستماع إلى خصائصهما وعلمهما الغزير* واختصهما بالشورى.4 

وكذلك الأمر عند السلطان أبي تاشفين الأول” (718ه-1337-1318/737م) 
الذي كان يحرص كل الحرص على إقامة المجالس العلمية والأدبية في حضرته؛ وكان 
يحضرها باستمرار» وكانت تدار فيها المناقشات بين خيرة علماء العصر وأجلهم من فقهاء 
وعلماء وأدباء شملت مختلف الجوانب العلميةء وقد لعب فيها الشيخ الفقيه العالم موسى 
بن عمران المشالي البجائي (ت745ه/1345م) أعرف أهل عصره بمذهب مالك بعد 


تقريبه منه وتعينه مدرسا بالمدرسة الجديدة التي أسسها بتلمسان دورا بالغ الأهمية بين 


أ - ابن مرزوقء المناقب المرزقية» المصدر السابق» ص285 . 

2 - ابن مريم» المصدر السابق» ص227. 

3 -يحيى ابن خلدون» المصدر السابق » ج» ص130» ابن مرزوقءالمناقب المرزوقية» المصدر 
السابق» ص ص 266-265. 

4 - التنسي» المصدر السابق» ص 129. 

5 - هو أبي تاشفين؛ عبد الرحمان الأول "737-718م'واحد من السلاطين بني زيان الذين عرفوا 
بإنشائهم للمؤسسات التعليمية ليضاهوا بها سلاطين بني حفص بتونس وبني مرين بفاس»ينظر 
حاجيات»أبو حمو موسى» ص61 ٬لخضر‏ عبدلي التاريخ السياسي المرجع السابق»-ص 244 . 


107 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


أقرانه الفقهاء فى المسائل الفقهية التى كانت محور الحديث والنقاش وحول التقليد والتقييد 


والاجتهاد وأصول المذهب المالكي.! 
2-تنظيم المناظرات 


لم يكن حرص سلاطين المغرب الأوسط على إقامة المجالس العلمية إلا لتشجيع 
وفتح باب المناظرات والجدل في ما بين علماء المغرب الإسلامي بما فيهم علماء 
المغربين الأوسط والأدنى في ما يخص مختلف المسائل المطروحة للنظر فيها بحكم ما 
يمتلكونه من خبرة ودراية وسعة في ذلك » وإذا أردنا الوقوف عند المادة المتصلة بموضوع 
المجالس فنجدها تتمثل في نصين من تقييد أبي عبد الله المقري عندما كان طالبا. 


-النص الأول: متعلق بالمناظرة التي دارت بين أبي زيد بن الإمام وأبي موسى المشدالي 
حول أحد أقطاب المذهب المالكي» وهو ابن القاسم” حول كونه مقلدا للإمام مالك أنه 
مطلق الاجتهاد» وقد دافع كل منهما عن وجهة نظره» ومن العلماء الذين ورد ذكرهم في 
هذا المجلس الفقيه أبو عبد الله بن أبي عمرو التميمية الذي طلب منه أبو موسى تدعيم 


أيه» وانتهت هذه الجلسة بتدخل الطالب السالف الذكرء وكان حينها حديث السن على 


نحو مادکره 


1 - المقري» نفح الطيب» المصدر السابق » ج1» ص ص 219-218. 
2 - المقري» أزهار الرياض في أخبار عياض نشر مصطفى السقا وإبراهيم الأباري وعبد الحفيظ 
شلبي» القاهرة» 1942» ج5» ص 19. 

3 - نفسه» ج5» ص19 . 
4 - ابن الخطيب الإحاطةء ج2 المصدر السابق»ص ص 217-215 القرافي» المصدر السابق» 
ص ص 148-147. 


108 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


-النص الثاني: متعلق بمجلس أخر بين يدي السلطان نفسه؛ وجه فيه أبو إسحاق 
السلوي سؤالا لأبي زيد بن الإمام حينما قرأ الحديث الشريف 'لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"! 
وتعليق المقري على ذلك مما قرأه على أستاذه أبي زيد. 
ففيما يخص النص الأول» فإنه مرتبط بأصول الفقه» أما الثاني فبفقه الحديث 
والمجال المشترك يبنهما هو الفقهء ففيما يخص الشخصية الأولى والبارزة في النصيين» 
فهي شخصية أبو زيد بن الإمام» أخذ مكانته في البلاط الزياني بما يزيد عن ثمانية عشر 
سنة» حين عقد هذين المجلسين”» ويعد من كبار فقهاء تلمسان المجتهدين في إطار 


المذهب المالكي3, وأصبح دون منازع صاحب الفتيا“ بدولة أبي حمو موسى الأول 


أ -أبو نعيم إسحاق الأصفهاني (ت 460ه) المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم» تحقيق 
محمد حسنء محمد إسماعيل الشافعي» دار الكتب العلمية» ط1» بيروت» 1996ء ج3» ص ص 5- 
6» وورد عليه حديث متقدم محمد بن حيان بن أحمد التميمي السيتي (ت 354ه/965م) ينظر 
صحيح ابن حيان» تحقيق شعيب الأرنوط مؤسسة الرسالة» ط2» بيروت» 1993ء ج7» ص 271 
بلفظ 'لقينوا موتاكم لا إله إلا اللّه' 

2 - ولد أبو عبد الله المقري (714ه/1314م)ء فإذا اعتبر أن ميلاده سنة (7145ه/1315م) فكان 
عمره عندئذ عشر سنوات حين حضر للمجلس الأول أي سنة (725ه/1324م) وأبو زيد بن الإمام 
قد التحق بالبلاط الزياني بنهاية عهد أبي زيان (707-703ه/1307-1303م)» وما يدعم هذا 
الطرح أيضا أن أبا إسحاق السلوي التحق بتلمسان بعد سنة (270ه/1307م) وتكون بها ولا يمكن أن 
يتم له ذلك في فترة وجيزة ذلك لأنه كان أستاذ حين عقد المجلس الثاني وسؤاله الموجه لأبي زيد كان 
سؤال عالم متمرس» ينظر المقري» أزهار الرياض» ج5 المصدر السابق» ص19. 

3 - الونشريسيء الوفيات» تحقيق محمد حجيء مطبوعات دار الغرب للتأليف والترجمة والنشرء 
الرياط 1976ء ص 333» ابن مريم» المصدر السابق» ص124. 

4 - الفتياء هي أخبار عن حكم شرعي لا على سبيل الإلزام وصاحبها المفتي يحظى بأهمية بالغة 
بوضعه قائما مقام الرسول في تبليغ أحكام الله كما يجد نفسه ملزما بتطبيق تلك الأحكام من قناعات 
شخصية باعتباره يحكم إلى عالم يمثل روح الشريعة الإسلامية ونظرا لخطورة هذا المنصب» فقد كان 
على أولى الأمر (السلطان) رد الفتيا إلى من هم أهل لها ورعايتها ينظر محمد جمال الدين القاسمي» 
الفتوة في الإسلام» تحقيق» محمد عبد الحكيم القاضيء إشراف المكتبة السلفية لتحقيق التراث» قصر- 


109 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
واستمر على تلك المكانة إلى وفاتهء وكان له شأن هام في التدريس والملاحظة:» والأهم 


من ذلك أنه منذ عهد أبي إسحاق التنسي وأخيه أبي الحسن» لم تعرف تلمسان فقيها في 


أما عن الشخصية الثانية» فهي شخصية أبو موسى المشدالي من كبار فقهاء 
بجاية» استوطن تلمسان في عهد أبي تاشفين الذي قدمه للتدريس بمدرسته الجديدةء كما 
تولى بها الإفتاء إلى جانب مداركه الفقهية» فقد كان متمكنا من الحديث وأصول الفقه 
والمنطق والجدلءأما الشخصية الثالثة أو الفقيه الثالث» فهو أبو عبد الله بن عمرو 
التميمي من بيت علم ورئاسة”» أصله من أفريقية» نزل تلمسان في عهد أبي سعيد عثمان 
الأول ما بين (695-689ه/1295-1290م)3: تولى القضاء بوجدة“» ثم قضاء 
الخماغة تان 


إلى جانب التدريس» له عدة مؤلفات أهمها مصنف في الفقه؟.أما الأخر فهو الأستاذ 


أبو إسحاق البلوي» تلقى تعليمه الأول بتلمسان7 وأخذ بأستاذه أبو موسى المستدالي! إلى 


=التراث» البليدة الجزائر (دت) ص ص 48-46» يوسف بلمهديء المرجع السابق» ص ص 6-1 
ابن الأزرق» بدائع السلك في طبائع الملك» ج1» ص ص 241-241», ابن الصلاح» أدب المفتي 
والمتفتي» دراسة وتحقيق» موقف بن عبد الله بن عبد القادرء دار الوفاء» (دت) ص73» الونشريس» 
المعيار» ج1» ص ص 105-104. 

1 - ابن خلدون» العبر» ج3» ص106. 


۶ - يحيى ابن خلدون» بغية الرواد» ج1» ص131. 


3 - نفسه » ج1» ص 131. 

4 - نفسه. ج1» ص 131» المقري» أزهار الرياض» ج5 المصدر السابق»ء ص49. المقري» نفح 
الطيب» ج5 المصدر السابق»ء ص135. 

5 - نفسه» ج1» ص131. 

° - يحيى ابن خلدون» المصدر السابق» ج1٠‏ ص 131» ابن مريم» المصدر السابق» ص115. 
* -ابن خلدون» التعريف بابن خلدون» المصدر السابق» ص59. 


110 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

أن برز في العلوم إلى حيث لم تلحق غايته”» وكان له شأن هام في التدريس بتلمسان“ 
وللإشارة» فإن هذه المجالس لم يكن يحضرها الطلبة فقطء بل العلماء والسلاطين أيضا4 
وقد كان أهم ما يميزها تناولها للفقه المالكي بالدرجة الأولى إلى جانب التفسير والتصوف 
والكلام واللغة والنقد الأدبي وغير ذلك.”والواقع» إن انعقاد المجالس العلمية بحضرة 
السلطان كانت تخضع لشرطين أساسين أثبتهما الواقع التاريخي: 
1-الاستقرار السياسي للدولة وضمان موارده مالية قادرة على ضمان الاستقرار للسلطان 
في مقر حكمه. 
2-شخصية السلطان نفسه المبنية على حبه للعلم وتقريه من العلماء والإحسان إليهم 
والمبادرة لاستدعائهم لمجالسه» يجب أن يكون على جانب من العلم والثقافة» ومثال ذلك 
السلطان أبو تاشفين والسلطان أبو حمو الزياني الثاني. 

ولما كان العلماء من أهم عناصر بعث الحياة العلمية سعى كل طرف إلى اجتذاب 
أكبر عدد منهم إلى حضرته وتقريبهم من مجالسه والعناية بهم» حيث أتاحوا لهم الفرصة 
للحوار والمناظرة والتعمق في البحث والإقبال على دراسة مختلف المؤلفات الفقهية وغيرها 
حتى صارت مدينة تلمسان في عهد بني زيان من المراكز التي تستقطب الطلاب وأهل 


العلم» حيث أقبلوا على الدراسة والاستفادة من علمائها المقيمين والزائرين بشكل مباشرء 


1 - ابن خلدون» التعريف بابن خلدون» المصدر السابق» ص60. 

2 - نفسه» ص60. 

3 -قال ابن خلدون في المقدمة» ص60 "وبني السلطان أبو تاشفين مدرسة بتلمسان قدمه للتدريس بها 
به أولاد الإمام وتفقه عليه بتلمسان جماعة كان أوفرهم سهما في العلوم أبو عبد الله المقري". 

4 -ابن مرزوق» المسند الصحيح» ص ص 391-390» التنسي» نظم الدر والعقيان» ص 2276 
ابن مريم» المصدر السابق» ص ص 119-118. 

5 - ابن مريم» البستان المصدر السابق» - ص 119. 


111 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


حتى صار لهم حصول ملكات عن المباشرة والتلقين أشد استحكاما وأقوى رسوخاء فعلى 
قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها حسب تعبير ابن خلدون!. 

وللعلم» فكثيرا ما كانت تفتح تلك المجالس بقضية يثيرها السلطان» وله أن يشارك 
في مناقشات الفقهاء والعلماء” وهذا يدل على علم واستعدادات السلطان الذي كانت تعقد 
في حضرته» وقد كانت تدار فيها مناظرات ومحاضرات تنم عن المستوى العلمي الراقي 
للعلماء المشاركين فيهاء وتكون عادة بين فقهاء وعلماء وصلوا إلى درجة معينة من العلم 
والرواية» وعليه يمكن القول بأن هذه المجالس والمناظرات ساعدت على تنشيط الأبحاث 
الفقهية والدراسات العقلية» وذلك يظهر من خلال استعمال علماء تلمسان أو المغرب 
الأوسط للحجج والبراهين لتدعيم موقفهم معتمدين على كتب المالكية المشهورة كالموطأ أو 
المدونة» كما ساهمت من جهة أخرى في إبراز عبقرية هؤلاء العلماء ومنهم على سبيل 
المثال ناصر الدين المشدالي الذي تعصب في أغلبها لمختصر ابن الحاجب وصفه 
صاحب الدرر المكنونة 'بخاتمة المجتهدين في زمانه'”. 


رابعا: انتشار المراكز العلمية. 


مثلت مراكز النشاط العلمى فى بلاد المغرب الأوسط مظهرا من مظاهر التكامل فى 
كثير من المجالات السياسية والاجتماعية والفكريةء فقد كانت مقصدا لطلاب المغرب 


الأوسط تستهويهم وتجذبهم نظرا لما تضمه من مجالس وحلقات علمية كانت تعقد 


أ - عبد الرحمن بن خلدون» المقدمة» المصدر السابق» ص62 

۶ -حاجيات,الحياة الفكرية في عهد بني زيان»المرجع السابق»-ص 66. 

3 -يحيى المازوني» الدرر المكنونة في نوازل مازونة» الخزانة العامة الرياط تحت رقم ق 2»521 
ج3» ص211. 


112 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

بالمساجد والزواياء وكذلك لما تتوفر عليه من مكتبات عامة وخاصة وغيرها من عوامل 
النشاط الفكري. 
1-المراكز الرئيسية 
1-1-مركز تلمسان الثقافي 

يبدو أن العهد الذهبي لمركز تلمسان الثقافي هو العهد الذي تحولت فيه تلمسان 
كعاصمة سياسة للمغرب الأوسط ومقر سلطته المركزية» هذا رغم ما عرفته من تطور 
ثقافي على عهد المرابطين بفضل ما حل بها من العلماء ورجال التصوف. 

تعد تلمسان من مدن المغرب الأوسط التي نالت شهرة كبيرة كمركز من المراكز 
الحضارية و الثقافية التي عرفتها المنطقة » و من العوامل التي ساعدت على نمو الحركة 
الثقافية بها نذكر النزعة العلمية و الفكرية التي اتصف بها بعض سلاطين أمراء المغرب 
الأوسط بداية من مؤسس دولتهم كتشجيعهم للعلماء و نصرتهم لهم ءزيادة على مشاركتهم 
في الاحتفاء بهم وتبجيلهم » و هذا ما تؤكده المصادر التاريخية و التراجم التي تزخر 
بأمثلة كثيرة عن ذلك » و لعل ما أورده محمد التنسي! في كتابه " نظم الدر والعقيان' 
من أخبار حافلة عن المدارس التي شيدها الأمراء الزيانيون وحفاوتهم لأهل العلم 
وتبجيلهم لأصدق دليل على ذلك سواء أكان هؤلاء العلماء من ابناء البلد أو الوافدين عليه 
من مختلف الحواضر المغربية و الإسلامية » و ما لاقاه علماء العدوة الأندلسية خصوصا 
لدليل على ذلك ” و قد كان للجوء علماء الأندلس للمغرب و ما حملوه معهم من عام 
وفكر ذا وقع كبير على مجربات الحياة الثقافية بعاصمة المغرب الأوسط تلمسان » و هذا 
ما أكده ابن خلدون في قوله 'و أما المغرب فانتقل إليه من دولة الموحدين من الأندلس 


أعبد العزيز فيلالي» تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق» ج2» ص497. بوكريديمي نعيمةء 
الرحلة العلمية» المرجع السابق»ء ص170. 

عبد الحميد حاجيات.تلمسان مركز الإشعاع الثقافي في المغرب الأوسط؛مقال ضمن مجلة الحضارة 
الإسلامية»العدد 1 »وهران.:1993 .ص40 


113 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

حظ كبير من الحضارة »واستحكمت من عوائدها » لما كان لدولتهم من الاستلاء على 
بلاد الأندلس"! 
1 -2-مركز بجاية الثقافي: 

شهدت مدينة بجاية حياة ثقافية مزدهرة في القرن السادس والسابع الهجريين /الثاني 
عشر والثالث عشر الميلاديين» حيث عرفت الحركة العلمية والفكرية بها تقدما كبيرا »ونبغ 
بها أعلام كثيرون ءاثبت الكثير من تراجمهم صاحب عنوان الدراية »والذي يرجع له 
الفضل في التعريف بالمكانة العلمية والأدبية المتميزة بها »وبنشاطها الثقافي ولقد ساعدت 
عوامل عديدة في علو شأن مركز بجاية الثقافي نذكر منها موقعها الجغرافي الممتاز الذي 
وصلها بالأندلس وصقلية والمشرق وبكل المدن الساحلية بحرا كما وصلها برا بكل 
المناطق في إفريقية والمغرب الأقصى وليس بالمغرب الأوسط فحسب» وهذا الموقع هو ما 
دفع الإدريسي بتسميتها ببجاية القطب.” 

وللإشارة لم يكن الموقع الجغرافي وحده عاملا من عوامل ازدهارها الثقافي» بل لقد 
شهدت بجاية نهضة علمية وفكرية هائلة خلال هذا العصر والعصور التي تلته حيث 
قامت بها مدارس ومعاهد علمية ذات شهرة ومساجد جامعة وزوايا صوفية عريقة ونبغ بها 
علماء أجلاء ذوي رأي في الشريعة الإسلامية وشعراء فحول وحكماء ومتطلعون في 


الفلسفة والحكمة وعلم التوحيد ولغويون مبرزون ومحدثون » ومتفقون في الرواية ومتصوفة 


1 ابن خلدون»المقدمة.المصدر السابقء»ص 104. 


2 - الإدريسيء المغرب العريي» من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الأفاق» تحقيق محمد حاج 


صادق» ديوان المطبوعات الجامعية» الجزائر» 13 ص116 . 


114 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


في الفقه ورياضيون مبتكرون وطلاب علم ومعرفة من كل أنحاء العالم الإسلامي شرقه 
وغريه » ومن أوروبا خاصة إيطاليا وجنوب فرنسا وبلاد اليونان.! 

وحسب رواية أبي حامد الصغير المسيلي» فإن بجاية وحدها كان بها تسعون مفتيا 
أواخر القرن السادس الهجري/ الثاني عشر ميلادي” وقد ذكر ياقوت الحموي بأنه حتى 
العوام والعمي في بجاية كانوا يحفظون عن ظهر قلب كتب البخاري والمدونة والموطأ 
والتلقين ويشرحون من ما ذكراتهم.3 

وعن أبرز أعلامها على الإطلاق والذين نوهت المصادر التاريخية بنبوغهم في علم 
الفقه نذكر عبد الله بن الحجاج المعروف بابن السكان (641-562ه/1243-1166م) 
الذي اشتهر في الفقه المالكي والعالم الفقيه أبو يوسف عبد السلام يعقوب الرواوي البجائي 
(ت690ه/ 1291م) الذي كان يدرس الفقه على مذهب الإمام مالك في المدينة كما يعد 
القاضي عبد الرحمن الوغليسي أشهر فقهاء ببجاية في القرن الثامن الهجري الرابع عشر 
ميلادي» إذ كان قطبا بالجامع الكبير ببجاية» وكان يلتف حوله الطلبة والعلماء من 
مختلف الأعمار ألف العديد من الكتب في الأحكام الفقهية في الفقه المالكي والمسماة 
بالوغليسة وهو الكتاب الذي يتصدر أهم مصادر الفقه المالكي طيلة القرن الثامن والتاسع/ 


الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين» وظل مرجعا مهما يرجع إليه الطلبة في أغلب 


1 - يحيى بوعزيز» مركز بجاية الحضاري ودوره في إثراء الحضارة العربية الإسلامية في نهضة 
إيطاليا وجنوب غرب أوروباء مقال ضمن مجلة الحضارة الإسلاميةء العدد1ء وهران»1993عص ص 
22-7. 

2 -عبد الرحمن الجيلالي» المرجع السابق» ج1» ص ص 321-320. 

3 -يحيى بوعزيز» المرجع السابق» ص ص22-7. 


115 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
الحواضر العلمية من طلبة بلاد المغرب الإسلامي» وقد تخرج على أيد هذا العالم العديد 
من الطلبة الذين كان لهم الفضل في تكوين مدرسة حملت لواء الثقافة ببجاية ونافست 
جارتها من الحواضر العلمية كتونس وغيرهاء ولذلك فلا غرابة إذن أن تذكر المصادر 
التاريخية أن أغلب علماء القرن التاسع والعاشر الهجريين/ الخامس عشر والسادس عشر 


الميلاديين» كانوا من تلاميذ الوغليس بطريقة مباشرة أو'تلمذوًا على تلاميذه.! 


إلى جانب علم الفقهء اهتم علماء بجاية بعلم التفسير منذ القرن السابع الهجري/ 
الثالث عشر ميلاديء وبكتبه المتداولة في ذلك العصرء وكان في طليعة هذه الكتب 
كتاب التفسير الذي قام به المفسر عماد الدين أبو الفدا إسماعيل (ت 774ه/ 1372م) 
الذي يتكون من خمسة أجزاء .2 

ومع ذلك» فقد وجدت كتب لبعض هؤلاء العلماء الأجلاءء اهتمت بالعلوم العقلية 
والتجريبية خاصة الطبء الأمر الذي جعل من بجاية مقصدا لطلبة علوم الطب والأطباء 
من مختلف الأمصار خاصة من الأندلس كما اهتموا بعلم الفلك وعلم الرياضيات» حيث 
حضت بجاية بتطوير علم الحساب الهندسة والجبر والميكانيك بسبب استفادتها من علوم 
الأولين كالإغريق والهنود بعد دراستها والاستفادة منها”. 

وهكذاء فقد ساهم هذا الحشد من العلماء والمفكرين في هذا المركز الثقافي 
والحضاري البجائي في إثراء الحضارة العربية الإسلامية إثراء واسعا في مختلف مجالاتها 


الفكرية والمادية والروحية والأدبية» وفي كل أصقاع المغرب والأندلس وبلدان المشرق» 


1 - بن الديب عيسى وآخرونء الحواضر والمراكز الثقافية في الجزائر خلال العصر الوسيط المرجع 
السابق» ص125. 
2 - نفسه » ص130. 


3- نفسه ص136. 


116 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


وشاركوا في نهضتها وتطورهاء وتوسيع مجالاتها ومفاهيمها علما ودراية واستيعابا وتأليفا 
وابداعاء وعبدوا الطريق لمن جاء بعدهم من الأحفاد في سائر المغرب الأوسط كله. 

ومنه نستنتج أن مدينة بجاية شكلت منارة حضارية ومركزا علميا نافست به 
الحواضر العلمية الأخرى داخل المغرب الأوسط وبلاد المغرب والعالم الإسلامي 
كتلمسان» وفاس وقسنطينة والقيروان وتونس وغيرها من مراكز الإشعاع الفكري خلال 
العصر الوسيطهء وقد قال العبدري فى شأنها 'وهذا البلد بقية قواعد الإسلام» ومحل جلة 


من العلماء الأعلام» وله من حسن المنظر طيب المخبرء ومع المرى الرائق المعني 
الفائق والحصانة ووثاقة البنيات بآرام وغمدان"! 


2-المراكز الثانوية: 


إن من جملة التغيرات التي أثرت على حياة الثقافة بالمغرب الأوسط في العصور 
الأخيرة من عمره بروز مراكز ثانوية» أصبحت هي الأخرى تنافس المراكز الرئيسية 
كتلمسان نفسهاء ومن بين هذه المراكز نذكر على الخصوص ما يلي: 
1-2-مركز أو مدرسة مازونة الفقهية: 
عرفها أبو راس الناصري المعسكري بقوله: "المدرسة هي التي تبنى لدراسة العلم أي 


لتعليمه و تعلمه”» واشتهرت مدينة مازونة التاريخية العريقة منذ أقدم العصور بمدرستها 
الدينية المختصة في العلوم والمعارف والدراسات الفقهية المختلفة كالفقه وأصوله الفرائض 


1 -العبدري»› الرحلة, المصدر السابق 2 ص 26. 
7 أبوراس الناصري : عجائب الأسفار » مخطوط غير مرقم - بمخبر مخطوطات شمال إفريقيا- 
جامعة وهران ورقة 79. 


117 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


و علم التوحيد وعلم الحديث وعلم اللغة العربية من نحو وصرف علم البلاغة وغيرها من 
العلوم» كما عرفت بكثرة مجالسها و نجابة طلابها وقريحة شيوخها وعلمائها الأجلاء !. 


كفا اشتهرت حش نعطن الماد الشفوية :يؤحود -مدرسة فقهية أخرئ: اتات 
على أيام ولاء مازونة للدولة الزيانية » و كان اسمها المدرسة الزيانية التلمسانية اليوسفية 
وقد شيدت بحي تنصارت "تيسارت” و قد أخدت على عاتقها تعليم كل من يريد من أفراد 
المجتمع العلوم الدينية » و من مشايخها نذكر محمد بن إدريس المازوني » كما عرفت 
المدينة بروز عدة علماء و فقهاء ذاعت شهرتهم في كل أقطار العالم الإسلام » نذكر 
منهم أبو عمران موسى بن عيسى بن يحيى المغيلي المازوني الذي نشأ في مازونة وتعلم 
بها والذي خصه الحفناوي بقوله: "تمكن من السنة حتى لم يدع للبدعة مدخلا إلا سده ولا 
لأهلها مقتلا إلا قده” و لذلك فلما سئل أبو راس الناصري المعسكري عن الغرض من 
قصده مدينة مازونة في رحلته العلمية رد باختصار: 'لقراءة الفقه* فالفقه تمثيل رأسمال 
المدينة الثقافي الذي تجدر بها منذ الفترات الأولى لانتشار الإسلام إلى غاية عصر الإمام 
يحي المازوني” للإشارة » فقد ارتبط الفقه في المدينة بالمسجد باعتباره مركزا من مراكز 


1 بوكفة يوسف .مدرسة مازونة الفقهية » النهضة و السقوط » رسالة ماجيستر قسم علم الإجتماع- 
جامعة وهران- 2008- ص 29, كذلك © Jean lion I'Africaine ,descripti0(¬‏ 


Afrique trd par A.Epoubord libraire dq’ amerique dQ’orient paris 1981 مم‎ 
348-349. 


2 بوكفه يوسف » الرجع السابق -حص78. 

3 الحفناوي » المرجع السابق- ج2- ص 448. 

“أبو راس الناصري : فتح الإله منته في التحدث بفضل ربي و نعمته » تحقيق - محمد عبد الكريم 
الجزائري » المؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر - 1990- ص20. 

فنموح فريد»الدررالمكنونة في نوازل مازونة للمازوني (ت883ه/1478م) دراسة و تحقيق لمسائل 
الجهاد و الإيمان و النذور - مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجيستير في التاريخ الوسط- جامعة منتوري 
قسنطينة.2011-2010- ص 204. 


118 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


التعليم الديني لمسجد سيدي عيسى و عزوز بن يحي المغراوي في القرن السابع هجري/ 
الثالث عشر ميلادي!. 

2-2-مركز وهران الثقافي: شهدت مدينة وهران” ازدهارا ثقافيا خاصة في القرن التاسع 
الهجري/ الخامس عشر ميلادي» وتعود عوامل هذا الازدهار الثقافي إلى استقرار العالم 
محمد بن عمر الهواري بها وانشائه لزاوية لتطوير الحركة العلمية بهاء وهذا ما يؤكده ابن 


صعد بقوله "وكان لا يخلو مجلسه من معارضة علمية ومحاضرة أدبية"3. 


ومن خلال هذا النص» يتبين أن العلوم التي كانت تقدم لطلاب الزاوية لم تقتصر على 
فن أو علم التصوف فقط وإنما اشتملت على مجموعة من المعارف الأخرى» سبق 
الهواري أن أخذها عن شيوخه في كل من بجاية وفاس» كما اعتبر ابن صعد من جهة 
أخرى الهواري من كبار علماء عصرهء وهذا ما نقف عليه من خلال قوله:'حدثني جماعة 
من الأصحاب أنه كان ريما يعرض الطلبة العلم من أهل وهران وتلمسان وغيرهما من 
سائر البلدان من المسائل العريضة. يستفتون فيها شيوخ الوقت» لا يجدون غيرهم... 
وعندما يأثرن إلى مجلس الهواري» ويحضرون في جملة من يحضرون من الناس يجدون 
الجواب» لأن الشيخ إذا أخذ في الدرس يصل إلى تلك المسائل". 
وبناء على رأي ابن صعدء نستنتج أن الهواري كان يستقبل طلبة العلم من مختلف 
المراكز الثقافية بما فيها تلمسان نفسها التي عرفت ازدهارا ثقافيا في عصره»وعن 


مساهمتها الفكرية الثقافية» فيتضح ذلك من خلال استقبال مدن المغرب الأوسط وعلى 


أ بوكفة يوسف .مدرسة مازونة» المرجع السابق ص22 فنموح فريد » الدرر المكنونة في نوازل مازونة 
للمازوني المرجع السابق - ص 204. 

2 - بن الديب عيسى وآخرونءالمرجع السابق»ص138. 

3 - ابن صعدءالمصدر السابق» رقم 2569» ورقة 40. 

4 - نفسه»ءرقم 2569» ورقة 50-49. 


119 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


رأسها مدينة وهران للمهاجرين الأندلس الذين توافدوا عليها منذ بداية سقوط المراكز الأولى 
للدولة الإسلامية بالأندلس في أيدي المسيحيين» واستقرار علماء الأندلس بها وهو ما جعل 
العلماء يقبلون عليها للأخذ عنهم» ومن هؤلاء محمد الشريف الحسني أبو عبد الله الذي 
قال:'لقيت بوهران سيدي عزوز بجبل المرسى بوهران سنة 582ه/1448م)» وقرأت على 
سيدي محمد بن سعد الشريف الغرناطي قاضي وهران عام 860ه/1453م).أمن خلال 
هذا النص الذي أورده الشريف الحسني عندما تعرض لرحلته لوهران يتبين أن دور 
الأندلسيين لم يقتصر على الحياة الفكرية فقط بل امتد أيضا إلى تولي وظائف الدولة 
منها القضاء» ودبدو أنه لم يكن الوحيد الذي هاجر إلى وهران» بل هناك علماء آخرين لم 
يأتي ذكرهم في كتب التراجم التي أطلعنا عليهاءومن بين العلماء الذين نسبوا لمدينة وهران 
انجد سيدي بختي دفين ناحية غمرة» عرف من قبل المترجمين له بأنه قد جمع بين العمل 
والعلم وجودة الحفظ وقوة الفهم والديانة» كما تميز بكثرة النصح فانتفع بعلمه خلق كبير 
من الطلبة خصوصا في علم التصوف» وذلك لكونه درس كل من الشيخ العلامة محمد 
الهواري الذي تلقى التصوف بمدرسة بجاية التي كانت من أبرز المدارس في القرن التاسع 
الهجري/ الخامس عشر ميلادي» كما درس أيضا على تلميذه وخليفته إبراهيم التازى الذي 


طور علم التصوف بمدرسته في وهران.” 


وببدوء أن هذا التكوين الذي حضي به الشيخ بختي ساعده على الانتفاع بالعلوم 
الدينية وجعله ينال بركاته في كل شيء وجعله محبوبا لدى أحد رجال التصوف في 
تلمسان وهو الشيخ أبو علي الحسن بن مخلوف دفين تلمسان الذي يعد من كبار 
المتصوفة في عصره» ويكفي أن السلطان الزياني كان يطلب وده» وود محمد الهواري أيام 
الفترة التي شهدت اضطرابات بسبب محاولات سلاطين الدولة الحفصية بسط نفوذهم على 


1 - مختار حساني» تاریخ الدولة الزيانية »المرجع السابق» ج22 ص 239. 
2 - نفسه » ج22 ص 241. 


120 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

مدينة تلمسان عاصمة المغرب الأوسط حتى نعرف مكانته العلمية المتميزةأءغير أن هذا 
الازدهار الذي عرفته مدينة وهران مع باقي مدن المغرب الأوسط لم يستمر طويلا بسبب 
سقوط مدن المغرب الإسلامي» ومن بينها مدينة وهران في يد الاحتلال الاسباني» وقد 
كان لسقوطها أثر سلبي على الحياة الثقافية والفكرية بها خصوصا بعدما نهبت مكتبتها 
التي كانت بزاوية محمد الهواري» والتي كانت تحتوي على كتب نفيسة لعلماء المغرب 
الإسلامي والأندلس ونقلها من طرف الكردينال أخسميناس إلى مسقط رأسه بالقلعة الغريية 
من مدريد.” 

وعليه يمكننا القول» بأن هذه المراكز العلمية الثقافية بالمغرب الأوسط سواء كانت 
رئيسية أو ثانوية ساهمت بمجهود كبير في بناء وارساء معالم الحضارة العربية الإسلامية 
الزيانية وحضارة العالم الإسلامي برمته من جهة» كما ساهمت بدورها في محارية كل 
أنواع الغزو الأجنبي الذي تعرضت له بلاد المغرب الأوسط بصفة خاصة وبالتالي جمعت 
بين المهتمين بالثقافة والعمل السياسي التحرري الوطني. 

ه مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 


أولا: أصناف العلوم 


شهد المغرب الأوسط في الفترة الممتدة من القرن السابع إلى التاسع الهجري/ الثالث عشر 
والخامس عشر الميلاديين» تطورا ملحوظا فى الحركة التعليمية »و نلمس مظاهر ذلك فى 


انتشار الكثير من العلوم وازدهارهاة › والتى كانت تنقسم إلى قسمين و هما: 


أ - لمزيد من التفصيل عن هذه الأحداث ينظر التنسي» نظم الدرر والعقيان» المصدر السابق»عص 
ص 250-243. 
۶ - مختار حساني» المرجع السابق»ج2»ص250. 
لفن ر الفرجع اعاب هن 41 
121 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 

1 -العلوم النقلية : 

و تتمثل في العلوم الدينية أو الشرعية التي تتخذ من القرآن الكريم و السنة أساسا لها 
وتشمل: 

1 -1-علم القرآن و التفسير : 

اهتم أهل المغرب الأوسط بدراسته و حفظه وتفسيره »انوا يدرسونه في الكتاتيب والمساجد 
و المدارس » ! أما عن أهم علماء المغرب الأوسط الذين عملوا واشتهروا في حقل التفسير 
»الفقيه أعلم الناس في وقته بالتفسير أحمد بن زاغوا(745ه/1341م) الذي قام بتأليف مقدمة 
في التفسير »وتفسير سورة الفاتحة > و كذلك سعيد العقياني (811ه/1408م)الذي اجتهد في 
تفسير سورة الفاتحة والأنعام” و المفسر ابن مرزوق الحفيد (ت842ه/1438) الذي قام بتفسير 
عدة سور من القرآن الكريم هي "الإخلاص" و"المائدة " و'مريم" حتى قيل فيه بأنه فارس التفسير 
اقتدى فيه طريقة الأسلاف مثل الزمخشري و إبن عطية و أبي حيان“ »ومن أهم كتب التفسير 
التي كانت تدرس بالمغرب الأوسط نذكر لامية الشاطبي وتفسير بن عطية و أنوار التنزيل 
للبيضاوي والكشاف عن حقائق التنزيل لأبي القاسم الزمخشري والتهذيب للبيهقي” 

1 -2-علم القراءات : 

و يتضمن عدة فروع منهاءفن القراءات»و فن الرسم ويتناول هدا الأخير أوضاع حروف 
القرآن في المصحف و رسومه الخطية هو للإشارة » فقد تعددت القراءات إلى أن استقرت في 


أمحمد المتولي» حضارة الموحدين دار توبقال- دار البيضاء -1989 حص 35 عبد العزيز فيلالي 
تلمسان في العهد الزياني ج2»المرجع السابق »ص437 . 

بن مريم» المصدر السابق حص ص42-41. الحفناوي » المرجع السابق حص 47. 

3 - ابن مريم » المصدر السابق - ص 42 

4 - ابن خلدون» المقدمة؛» المصدر السابقع»عص ص 788-786» الغبريني نعنوان الدراية»- المصدر 
السابق» ص26» حاجيات أبو حمو موسىءالمرجع السابق» ص 39. 

5 -المرجع نفسه» ص 39. 


122 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


سبع طرق معينة »و نسبت كل طريقة إلى من اشتهر برواتهاء فصارت بذلك هده القراءات 
السبع أصولا للقراءة »ومن بين العلماء الذين اشتهروا في هدا الميدان بالمغرب الأوسط » الإمام 
محمد بن يوسف السنوسي (859ه/1490م) صاحب العلوم الظاهرة والعلوم الباطنة و التوحيد 
و القراءات و التفسير و الحديث و المنطق! و كذلك المؤرخ الحافظ محمد بن عبد الله التنسي 
(899ه/1493م) »الذي اعتنى برسم القرآن الكريم وألف فيه كتاب عنوانه 'الطراز في شرح 
الخراز " و هو شرح لكتاب محمد بن محمد الأموي الشهير بالخراز و المسمى 'مورد الظمأن 
في رسم القرآن ” و هي منظومة في ضبط القرآن نظمها سنة( 703ه/1303م). اشتهرت في 
بلاد المغرب و اقتصر الناس على حفظها”. 


1 -3-علم الحديث : 


يراد به حفظ ما نقل على الرسول صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل » وما نقل عن 
أصحابه » وقد ظهر علم الحديث نتيجة إهتمام المسلمون بنقل سيرة نبيهم محمد صلى الله عليه 
وسلم ^ 


و الواقع » لقد اهتم أهل المغرب الأوسط بهذا النوع من العلوم نظرا لماله من قيمة كبرى 
في الدين الإسلامي »حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد رتبة القرآن الكريم » بالإضافة لدلك 
فنجده يعنى بتفاصيل حياة الرسول الكريم و ملامح شخصيته و سيرته ذات الأهمية لكبرى في 


حياة المسلمين و ضرورة الإقتداء به في حياتهم الخاصة كما هو واضح في قوله تعالى : ١‏ لَقَدْ 


1 - ابن مريم» المصدر السابق» ص 246» الحفناوي» المرجع السابق -ج1» ص 181» عبد العزيز 
فيلالي- دراسات في تاريخ الجزائر والغرب الإسلامي › دار الهدى للنشر والتوزيع الجزائر 2»2012 
ص 192» عبد العزيز فيلالي» تلمسان في العهد الزياني ج2» المرجع السابق»عص 439 
2 - ينظر المخطوط بالمكتبة الوطنية » الجزائر تحت رقم - 391-ورقة -140 . 
3 - ابن خلدون » المقدمة» المصدر السابق» ص 70 

“ابن خلدون » المقدمة»المصدر السابق - ص 534 


123 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
كان لَكُمْ فِي رَسُولٍِ اله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لَمَن كان يَرْجُو اله وَالَيَوْمَ الآخِرّ وَدَكَرَ اله گثيرًا4 »أما عن أهم 
مؤلفات الحديث التي تناولها طلاب المغرب الأوسط بالبحث و الدراسة كتاب الموطأ الإمام 
مالك (179ه/ 795 م) » جامع البخاري للبخاري” » و مسند مسلم لمسلم بن الحاج (261ه/ 
5 م) وسنن أبي داود ين داود (275ه/588م) وجامع الترميدي ا عيسى الترميدي 
(275ه/ 888م ) » و جامع النسائي لأبي عبد الرحمان شعيب النسائي (303ه/ 915م ). 


أما فيما يخص أبرز علماء المغرب الأوسط الذين اشتهروا في علم الحديث الفقيه العالم 
أبي إسحاق إبراهيم (680ه/ 1281م )الذي تربع على عرش الحديث ٠‏ و كان إنتاجه فيه وفير 
و كذلك أبوزيد عبد الرحمان بن عتيق البلولي الذي كان منافسا في هدا الميدان وكذلك بن 
هدية الذي اشتغل بتدريس مادة الحديث”3 والفقيه المحدث أبو زكريا يحي بن عصفور أبي 
إسحاق التنسى اللذان كان يدرسان علم الحديث لطلاب تلمسان زيادة على أبو عبد الله بن 
مرزوق العجيسي جد الخطيب الذي اعتنى هو بدوه بهذا العلم “وعن أهم مصنفات علماء 
المغرب الأوسط في هذا الميدان نذكر شرح الجامع الصحيح و الحلق السميح الذي قال عنه 
ابن مرزوق مايلي:'لم يرى الراؤون مثله لأبو الفضل محمد بن أحمد بن مرزوق الحفيد الذي 
صنف من كل فن من فنون العلم»" ” و كتاب المغيلي في علم الحديث المعروف ب'مفتاح 
النظر" و شرح محمد السنوسي كبير علماء تلمسان في أواخر القرن التاسع الهجري/ الخامس 


أسورة الأحزاب - الآية 21 

الغبريني» المصدر السابق - ص 216- 

ابن المرزوق » المجموع- ورقة 45 - عبد العزيز فيلالي »تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق 
- ج1-ص 443 . 

“ابن المرزوق»المصدر السابق» ورقة 45. 

”نفسه ورقة حص 50 


124 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


عشر ميلادي» كل من صحيح البخاري في كراسين و مختصر الزركشي! و مختصر إكمال 


الأكمال» وقد زاد فيه السنوسي نكتا غريبة و دررا حسب تعبير الملالي ‏ 
1 -4-علم الفقه : 


عرف ابن خلدون الفقه بقوله "هو معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين بالوجوب 
الحظر و الندب والكراهة و الإباحة » وهي مشتقات من الكتاب و السنة عموما نصبه الشارع 
لمعرفتها من الأدلة فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها فقه 3 و هو يعالج جميع 
المسائل التي تواجه الإنسان في حياته الشخصية و الدينية والاجتماعية والاقتصادية » و يضع 
القواعد التي تنظمها حيث دخل في تنظيم العبادات من الصلاة و الصوم وزكاة و حج وتنظيم 
أمور الحياة و قوانين إدارة الدول و دستورها و أمور الحرب » و هو في الأصل في التشريع 
الإسلامي كما أنه الدستور المنظم للإنسانية جميعا“و هو يستند على أريعة مصادر و هي 
الكتاب و السنة والاجتهاد و القياس ”عأما عن أهم المؤلفات الفقهية التي درست من قبل 
طلاب المغرب الأوسط نجد كتاب المدونة لسحنون عبد السلام بن سعيد؟ » و التهذيب الأبي 


1 - هو بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المصري » توفي سنة 794/ 1391 بنظر 
فيلالي »تلمسان في العهد الزياني -ج2- ص 483 . 
#الملالي > المذاهب القدسية في المناقب السنوسية -دار الكتب الوطنية التونسية - رقم 6253 ورقة 
144 
عبد الرحمان بن خلدون » المقدمة »المصدر السابق»عص 798 
“خالد بلعربي » الدولة الزيانية في عهد يغمراسنءالمصدر السابق» ص 326 
تاين خلدون » المقدمة »المصدر السابقعص ص 801- 802 
6- البرذاعي هو أبو سعيد خلف بن ابي القاسم بن سليمان الأزدى القيرواني من حفاظ المذهب املكي 
و هو من أصحاب أبي زيد القيرواني و أبي الحسن القاسمي و له كتاب التهذيب في إختصار المدونة 
-ينظر ابن غازي » فهرس ابن غازي -ص129» ابن فرحون » الدياح المذهب في معرفة أعيان 
علماء المذهب مطبعة السعادة -ط 1- مصر 1932-1351-ص 113 »عمر رضا كحالة » معجم 
المؤلفين - دمشق -1961 »ص82 » الغبريني » المصدر السابق» ص 266 . 


125 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


سعيد البر ادعى و الرسالة الأبي زيد القيرواني ! » وكتاب الإمام عياض بن موسى ” » أما في 
ما يخص أشهر علماء الفقه بالمغرب الأوسط فنجد الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن يخلف بن عبد 
السلام لتنسي لمطماطي (680ه/1281م ) الذي استقدمه السلطان يغمراسن إلى تلمسان 
(666ه/ 1267م ) لتدريس العلوم الدينية بها » وقد أخد عنه خلق كثير » وقد حظي أبو 
إسحاق التنسي بسمعة طيبة في كل الأقطار التي زارها 3 و بشأن هذه السمعة الطيبة التي تمتع 
بها قال عنه السلطان المريني أبو يعقوب: 'ما صفحني أحد قط إلا أحسست بإرتعاش يده لهيبة 
للسلطان إلا الفقيه أبو إسحاق التنسي فعندما يصافحني تدركني منه مهابة » فكانت يدي ترتعش 
من هيبتة*»أما عن أشهر تأليفه شرح كتاب تلقين المبتدأ وتذكرة المنتهي الأبي محمد عبد 
الوهاب المالكي في عشرة أجزاء » غير أنه قد ضاع أثناء الحصار الطويلءومن الفقهاء كذلك 
نجد أبوزيد عبد الرحمان بن أحمد الوغليس؟ (786ه/1384م) نشأ ببجاية وولي الفتيا بهاء و 
أخد عنه كثير من علمائها كأبي الحسن علي بن عثمان وغيره كثيرون؟»ومن أشهر تأليفه 


الجامعة في الأحكام الفقهية في الفروع الوغليسية » و له المقدمة المشهورة وفتاوى 7 وصفه ابن 


الى افدر ااي من :226 

#الزشسى : و اا حصن 293-232 

Eg E 

4 -ابن مرزوق»المجموع»المصدر السابق» ورقة 44 

5 - بن وغليس »هم من قبائل البربر في جنوب بجاية باعلي واد الصومام ينظر عادل النويهض› 
معجم أعلام الجزائر» - ص 342 . 

6- بوداوية مبخوث ,العلاقات الثقافية و التجارية بين المغرب الأوسط و السودان الغربي في عهد 
دولة بن زيان - دكتوراه دولة في التاريخ - إشراف عبد الحميد حاجيات .جامعة تلمسان - 2005 - 
86- ص 118. 

7- عبد الحميد حاجات » الحياة الفكريةءالمرجع السابق» ص 443 


126 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


زكرياء الزواوي بأنه الفقيه الأصولي المحدث المفسرء عمدة أهل زمانه و شيخ الجماعة في 
بجاية! . 


1 -5- علم التوحيد: 


هو علم يبحث عن وجود الله » و ما يجب أن يثبت له من صفات و ما يجوز أن يوصف 
به و ما يجب أن ينفى عنه » و عن الرسل الإثبات رسالتهم » وما يجب أن يكونوا ما يجوز 
أن ينسب إليهم و ما يمنع أن يلحق بهم ”ءأما عن أهم أعلام المغرب الأوسط الذين برزوا في 
هذا العلم نذكر أبو محمد عبد الله السنوسي محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب (832ه- 
5ه/1428م-1490م) تلمساني الأصل .والذي تتلمذ على أشهر علماء تلمسان »اشتغل في 
الحقول المعرفية التالية الفقه و التفسير و المنطق و علم التوحيد وعلم الكلام »أما فيما يخص 
أشهر مؤلفاته » فنجد عقيدة أهل التوحيدء العقد الفريد في حل مشكلات التوحيد » توفي بتلمسان 
سنة 795ه/ 1490م) عن عمر يناهز 63حولاة. 


1 -6-علم الكلام : 


ظهر علم الكلام كنتيجة لظهور الحاقدين على الإسلام و سمي بعلم الكلام لأن أهم 
مسألة وقع الخلاف فيها في كلام الله "القرآن الكريم'وهو علم أشبه بالمنطق» وهو يبحث في 
المسائل المعقدة و الدقيقة مثل التوحيد و الآخرة و الصفات الإلهية» والخير و الشرء و الحقيقة 


أ - عبد الحميد حاجات » الحياة الفكرية» المرجع السابق» ص 443. 

2-عبد الرحمان ابن خلدون » العبر»المصدر السابق -ج2- ص 584 الأخضر عبدلي - مملكة 
تلمسان في العهد بني زيان شهادة التعميق في البحث كلية العلوم لإنسانية و الاجتماعية جامعة تونس 
- 1987 - ص 45 
#عبد القادر بو عرفة الهلالي »أعلام الفكر و التصوف بالجزائر ما قبل الملا دالي القرن السادس عشر 
ميلادي - دار الغرب لنشر والتوزيع وهران 2004 -ج1- ص 81 . 


127 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


النبوية» والقرآن وما إلى ذلك 'ءأما عن أشهر علماء المغرب الأوسط الذين برزوا في هذا العلم 
فنجد محمد بن عيسى العابدي الملكي المشهور بابن عباس (871ه/1467م) »نشأ بمدينة 
تلمسان تولي مهمة الإفتاء وعد من كبار العلماء اشتهر في الحقول العلمية التالية المنطق › 
وعلم الكلام والفقه و الفتوى و اللغة و النحو 5 

أما عن أهم المؤلفات التي ألفت في هذا النوع من العلوم فنجد شرح جمل الخونجي تحقيق 
المقال و تمهيل المنالء والاعتراف في ما لفظ أبي هريرة من الإنصاف,أما عن أهم المؤلفين 
فنجد أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمان بن أبى العيش بن محمد 
(986ه/1041م) التلمساني الأصل ٠‏ الذي تتلمذ على يد عمه أبي عثمان سعيد بن أحمدء 
وبرع في الفنون والعلوم التالية علم الكلام» التاريخ » علم التجويد » الأدب»و عن أشهر مؤلفاته 
التي تركها نخص بالذكر نفح الطيب » البدأة وأزهار الرياض في أخبار القاضي عياض روض 
الآس العاطر الأنفاس» كما له مجموعة من القصائد والمطارحات الشعرية والأدبية المليحة 
ومنها قوله: 

تركث رسومَ عزي في بلادي وصرث بمصرّ منسي الرسومَ 

1 -7-علم التصوف : 

يعرف علم التصوف 'بأنه الأخذ بالحقائق و اليأس مما في أيدي الخلائق " أما عبد 
الرحمان بن خلدون فقد عرف التصوف الحقيقي في قوله :"التصوف رعاية حسن الآداب مع 
الله في الأعمال الباطنية و الظاهرة بالوقوف عند حدود مقدما الإهتمام بأفعال القلوب مراقبا 


أابن خلدون العبر -ج2المصدر السابق»ص 787 » بلحسن ابرهيم »المرجع السابق - ص 44 . 
2 -عبد القادر بوعرفة الهلالي »أعلام الفكر والتصوف » المرجع السابق-ج1- »ص 97 . 
3 السهروردي شهاب الدين» عوارف المعرفة دار المعرفة حييروت -1982 حص 62 . 


128 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
خفاياها حريصا بذلك على النجاة! » و كذلك عرفه بأنه "علم من العلوم الشرعية الحادثة في 
الملة و أصلها العكوف عن العبادة و الإنقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا 
وزينتها و الزهد فيها يقبل عليه الجمهور من لذة و مال وجاه “»وكان المتصوفة الأوائل يؤكدون 
دوما على لالتزام بالكتاب و السنة فعن الجنيد أنه قال 'ما أخذنا التصوف عن القيل و القال 
»لكن عن الجوع و ترك الدنيا و قطع المألوفات والمحسنات لأن التصوف من صفاء المعاملة 
مع الله سبحانه و تعالى و أصله التفرق عن الدنيا "3 


و عليه » فإن علم التصوف يقصد به العبادة و الزهد »و يطلق عليه أيضا بعلم الباطن أو 
علم الحقيقة مع الإلمام بعلم الظاهر و هو الشريعة الإسلامية “عأما الغاية منه فهي البعد عن 
الدنيا و التحكم في النفس حتى تقضى على القوى الحسية ”. 


و للإشارة » فقد برزت ظاهرة التصوف في بلاد المغرب الأوسط بصفة خاصة مع ظهور 
الزوايا و انتشارها خلال القرن السابع الهجري( /13م ) ومن العوامل التي ساعدت على 
انتشارها الظروف السياسية و الأمنية التي عرفها المغرب الأوسط و المتسمة باللاإستقرار 
واللاأمن بسب الحروب المستديمة بين الدويلات المغاربية والصراعات الداخلية على السلطة 
ودور القبائل العريية و كذلك الخطر الخارجي و المتمثل في الحملات الصليبية على بلاد 


المغرب الإسلامي ٠١‏ لأمر الذي دفع بأعداد كبيرة من الشعب إلى الانكماش في حياة العزلة 


أ -عبد الرحمان ابن خلدون » شفاء السائل لتهذيب المسائل -تحقيق أغناطيوس عبده الخليفةالمطلعة 
الكاثوكلية -بيروت -1959 حص 50. 

۶ابن خلدون » المقدمة »المصدر السابق ص 462. 

ابن الجوزي البغدادي » تلبيس إبليس - دار الكتب العلمية -بيرت - الطبيعة البثانية - 1987- 
ص ص 192- 193. 

“عبد العزيز فيلالي » دراسات في تاريخ الجزائر »المرجع السابق»ص 109 . 

#بلحسن ابراهيم »المرجع السابق - ص 44. 


129 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


الانزواء و الهروب من المشاكل اليومية ابدون أن ننسى دور سلاطين المغرب الأوسط في 
تعمينا و E a‏ فاتك مد فاتك aad GR E‏ 
التصوف. 


ومن بين شيوخ التصوف الذين اهتموا بعلم التصوف في المغرب الأوسط خلال هذه الفترة 
المعنية بالدراسة وبرزوا في التصوف الفلسفي إبراهيم محي الدين بن عربي” 
(638ه/1240م)الذي مر ببجاية أواخر القرن السادس الهجري/10م و عبد الحق بن سبعين3 
(669ه/1270م) حيث كون مدرسة تركت أثارها في تلمسان ويجاية وغيرها“ محمد بن 


خميس(708ه/1308م) الذي تصدى له و لأفكاره بعض فقهاء تلمسان على رأسهم القاضي 


أبوداود عبيد » طاهر التصوف المرجع السابق» ص 33 . 

2 - هو محي الدين بن عزلي المرسي » ولد يوم الإثنين 17 رمضان سنة560 ه أصله من مرسية » 
رحل إلى شرق وفي طريقة الدخل بجاية في رمضان 597ه عرف برحلاته المتعددة » بعد قطب من 
أقطاب التصوف الفلسفي له العديد من المؤلفات منها كتاب النصوص - الفتوحات و هو أعظم 
مؤلفاته لمزيد من المعلومات ينظر المقري » نفخ الطيب المصدر السابق» - ج 14. 

3 - هو أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين » عرف بسعة علمه و معرفته و نباهته 
و بلاغته » عرف رحل إلى المشرق » و إستقر ببجاية » لهة مشاركة في العلوم القلية و العقلية بنظر 
التنبكتي » نيل الإتهاج المصدر السابق»ء حص 184 المقري » نفخ الطيب المصدر السابق» - 
ج2- ص 356. 

^ محمد مكيوى ٠‏ المرجع السابق - 143 : 

5 هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن خمسي الحمري النسب » معظم المصادر لما تتحدث عن الشيوخ 
الذين أخذ عنهم » عاش مجهول عند أهله و بين بلدته ن و لم ينشر له ذكر حتى في الكبر يوم أصبح 
فارس حلبة البيان » ينظر أبن خلدون » التعريف برجال السلف - ج2- ص 366- 382» المقري › 
نفح الطيب المصدر السابق» -ج7- ص ص 277- 297 يحي ابن خلدون المصدر السابق - 
ج1-ص 109. 


130 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


و رئيس الوزراء أبن هدية! (737ه/1337م) الذي عرف بتفرده السياسي في الدولة الزيانية و 
اتهامه لابن خميس بالكفر و الزندقة” من المتصوفة أيضا الشيخ العالم أبو عبد الله بن أبي بكر 
بن مرزوق (ت681ه/-128م) الذي انكب على التصوف » انقطع للعبادة ”و منهم الشيخ 
المتصوف أحمد بن عبد الرحمان الشهير بابن زاغو لتلمساني (782ه-845ه/1370- 
1) الذي عرف بتأليفه و شروحه الكثيرة لاسيما في ميدان التصوف » قال عنه تلميذه أبو 
الحسن القلصادي في رحلته :"'شيخنا الفقيه الإمام المضيف المدرس أعلم الناس في وقته 
بالتفسير ... »وله قدم راسخة في التصوف مع الدوق السليم والفهم المستقيم و به يضرب المثل 
في الزهد والعبادة” . 


و عليه يمكننا القول أن ازدهار العلوم الدينية بالمغرب الأوسطهء و كثرة الإقبال عليها 
يعود للإحترام الذي يكنه عامة الناس المتخصصين فيها هذا من جهة » و من جهة أخرى 
كونها كانت تمكن الطلبة من الحصول على وظائف هامة في القضاء و في الدواوين الإدارية 
والتدريس و الإمامة و غير ذلك من المناصب التي كان يتهافت عليها الناس” »كما أنه لا 


يمكن الاستفادة من كل هذه العلوم » إلا إذا كان الطالب ملما بعلوم اللسان العربي وهي علم 


أ هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن منصور بن هدية القرش كبير علماء نبامة و جاما و قوة في الحق 
و صرامة كان كاتب سر السلطان » و كان يستشيروه في ملكه وفي كل الأسور ينظر ابن مريم 
المصدر السابق» ص 105 . 

2 نفسه عص 106 

3 - يحي ابن خلدون المصدر السابق -ج1 »ص ص 114 -115 ابن مريم »المصدر السابق» - 
ص 226 

4 - القلصادي (علي بن محمد)ء رحلة القلصادي ءدراسة و تحقيق محمد ابو الاجفان »الشركة 
التونسية للتوزيع -تونس - 1978 ص .69 

5 - الحسن الوازن » المصدر السابق - ج2 - ص21, عبد الحميد حاجيات » الحياة الفكرية 
بالجزائر »المرجع السابق» ص 439. 


131 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


النحو و علم الأدب وحتى الحساب التي كانت تعد مادة يجب على الطالب إتقانها في الفرائض 


والمواريث. 
2-العلوم اللسانية : 


و نقصد بها العلوم التي تتصل بالعربية من نتاج أدبي نثرا كان أو شعرا و هي تشمل 
اللغة والنحو و الأدب الذي تتفرع عنه علوم أخرى كالصرف و البلاغة و البيان و المعاني 
والبديع والعروض » أما المراد من دراستها فيتمثل في الاستعانة بها على فهم الدين الإسلامي 
ذلك لأن الأحكام الشرعية كلها مشتقاه من الكتاب و السنة وهي باللغة العربية لذلك فلابد من 
معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان»و يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام هي كالتالي : 


1-2 -اللغة العربية : 


تعد اللغة العربية من أرقى اللغات السامية » لكثرة مفردتها !»و للإشارة فقد خطيت 
الدراسات اللغوية من قبل علماء المغرب الأوسط و أدبائه بإهتمام واقبال الكبير : وذلك 
لارتباطها الوثيق بعلوم القرآن و الحديث خاصة:» وبالعلوم الدينية على وجه العموم” ذلك أن 


الدارس لا يستطيع أن يصل إلى أسرار القرآن و معانيه و تعبيره دون الإلمام باللغة و البيان 


أما عن أبرز علماء اللغة العربية في هذا العهد فنجد إبن مرزوق الحفيد الذي كان يدرس 


لطلابه جملة من الكتب تتعلق بالنحو و الصرف مثل كتاب سيبويه» و ألفية ابن مالك والمغنى 


أبرجستراسر » التطور النحوي اللغة العربية سلسلة محاضرات ألقاما في الجامعة المصرية - المطبعة 
السياح -1929 حص 75ء عبد العزيز الفيلالي تلمسان في العهد الزياني - ج2 »المرجع 
السابقعص 452 - 

عبد الحميد حاجيات » الحياة الفكرية بالجزائر في عهد بن زيان »المرجع السابق»ص 146 - عبد 
العزيز فلالي تلمسان في العهد الزياني - ج 2 المرجع السابق» ص 452 ٠‏ خالد بلعربي » الدولة 
الزيانية في عهد يغمراسن »المرجع السابق»ص 3306 


132 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


لأبن هشام » و ألف شروحه الثلاثة على البردة » الأكبر الأوسط والأصغرءاتطرق فيها إلى 
البيان والإعراب » و من مؤلفاته كذلك 'المفاتيح القوطاسية في شرح الشقراطيسية وغيرها من 
المؤلفات”2. 

و من أئمة اللغة العربية الذين برزوا في هذه الفترة المعنية بالدراسة بالمغرب الأوسط 
نذكر: شيخ أبو عبد الله محمد الشريف (ت847 ه/1443) اهتم بتدريس تلخيص المفتاح 
لطلابه و بعض ألفيته » والتسهيل لابن مالك في النحو »و جمل الزجاجي »وتنقيح 
القوافي821(.3ه/1461م) و محمد بن العباس التلمساني الذي كتب كتابا في الصرف سماه 
'شرح لامية الأفعال ' » و ظهر على رأس أعلام هذه العلوم التي كانت شائعة في المغرب 
لأوسط الشيخ الفقيه محمد بن قاسم بن تومرت التلمساني الذي كان متطلعا في علم الخط 
والنحو“. 

2-2- الأدب : 


تأثر أدب المغرب الأوسط في هذه الفترة المعنية بالدراسةء بأدب بلاد المشرق والأندلس 
من دون أن يفقد شخصيته و ما يحتويه من مميزات» كما شهد من جهة أخرى تطورا ملموسا 
بفعل عدة عوامل منها عناية سلاطين المغرب الأوسط بالأدباء و العلماء »وهو ماساهم في 
تنشيط الحركة الفكرية و الأدبية » كذلك موقع مدينة تلمسان و مناظرها الخلابة التي فجرت 
المواهب ولأحاسيس لدى الأدباء الذين أثرو بإنتاجهم الجانب الفكري والأدبيء ومن ذلك النتاج 


الاد بالمغرب الأوسط نذكر : 
بي بالمغرب الاوسط نذكر 


“ابن مريم »المصدر السابق» ص ص 210- 211 
2 - نفسه» ص 211. 

نفسه» ص 222 

“ابن مريم البستان» المصدر السابق» »> ص 237. 


133 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
3-2-الشعر: 
شهد فن الشعر إزدهارا كبير في المغرب الأوسط » ومن العوامل التي ساهمت في 
إزدهاره حاجة رجال التصوف في القرن السابع الهجري (/13م) إلى نقل أحاسيسهم الدينية 
وزهدهم و تجاريهم الصوفية في قصائد ساهموا من خلالها في إضفاء على الشعر أغراضا ذات 
طابع ديني منها الزهد و المدحأقرض كثير من سلاطين المغرب الأوسط للشعر و اغذاقهم 
الأموال على الشعراء واهتمامهم و عنايتهم بأهل العلم و الأدب ”ومن بين شعراء المغرب 
الأوسط الذي غلب على قصائدهم المسحة الصوفية خلال هذه الفترة »نذكر الشاعر ابن خميس 
(650ه-705م) الذي يكشف لنا في أحد أبيات قصيدته عن سيرته التي كانت تجنح إلى 
التعفف عما في الدنيا و الترفع عن ملذاتها بالصيام المتواصل والاعتكاف الدائم» واللجوء إلى 
الاحتفاظ كي تتطهر النفس و تسمو عن متاع الدنيا فيقول في بيت من قصيدته الحائية: 
أما بعد صيامِي واعتكافي وخلوتي....يقال فلانَ ضيق الصدر نائخ3 
كما يقول في مقاطع من قصيدته الهائية مصورا لنا طبيعة التجارب التي خاصها ما يلي : 
عجبًا لها أيذوق طعمَ وصالها ...من ليس يأمل أن يمرَ ببالهَا 
وأما الفقيز إلى تعلة ساعة.... منها وتمنعني زكاة جمالها 


وابن السبيل يجيي يقتبس نارّها....ليلا فتمنخه عقلية مألها4 


'الطاهر بونابي » التصوف في الجزائر خلال القرنين ال6 و7 الهجريين /12 - 13 م الملاديين 
“دار الهدى للطباع والنشر وتوزيع الجزائر - 2004» ص 254 - خالد بلعربي » المرجع السابق» - 
ص 342 
2-الأخضر عبدلي » الحياة الثقافية »المرجع السابق» حص 184 . 

المقري » نفح الطيب -ج 9 .المصدر السابق»ص 393 
4- نفسه» حص 268 


134 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


أما عن شعراء المغرب الأوسط الذين نظموا قصائد في المدح السلاطين ومنهم السلطان 


أبي حمو موسى الثاني نذكر الشاعر الطيب أبو عبد الله التلالسي الذي يقول فيها : 
فيا جنة الدنيا التي راق حسنها.....فحازت على كل البلاد به الفضلاً 
ولا عجب إن كنت في الحسن هكذا.... وموسى الإمام المرتضى قيلاً قد حلا" 
4-2-النثر: 


يعرّف ابن خلدون النثر بأنه كلام الغير الموزون '” ٠‏ و يتفق معه ابن البناء العددي 


(721ه/ 1321م) في تعريفه للنثر بقوله 'و هو الكلام الغير الموزون "3 


وعليه فالنثر هو الطريقة الاعتيادية في أداء المعنى بدون إيقاع أو وزن أو قافية موحدة: 
وهو ينقسم إلى عدة فنون منها الأمثال و الخطب و الرسائل و المقالات و النقد والتاريخ 
والقصة والبحث و الوصايا وغيرها . 


5-2- الرسائل الرسمية (الديوانية): 


ومن بين الرسائل الرسمية تلك التي و جهها الوزير هلال القطلاني إلى جاسمة الثاني 
بإسم السلطان أبي تاشفين الأول » و التي تتعلق بتحرير الأسرى المسحيين الموجدين في 


سجون تلمسان و الذين يعدون با لآلاف حيث أصبحوا فى عداد العبيد #» و قد رد عليها 


أمحمد الطمار » تاريخ الأدب الجزائري - الشركة اللنشر و التوزيع - الجزائر 1973 ص 241» عبد 
العزيز فيلالي » تلمسان في العهد الزياني ج2 المرجع السابق »ص 646 

۶ابن خلدون » المقدمة »المصدر السابق» - ص 1093 

ابن البناء المراكشي العددي » الروض »مرجع في ضاعة البديع » تحقيق رضوان بن شقرون دار 
النشر المغربية دار البيضاء - 1985 - ص 81 - نافلة عن عبد العزيز فيلالي» تلمسان في العهد 
الزياني - ج 2 - ص 455 

“نفسه -ج2 - ص 457 


135 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


السلطان أبو تاشفين في رسالته الجوابية بالرفض على صاحب آراغون جاء فيها : 'أما ما 
أشرتم إليه من تسريح من عندنا من الأسرى فذلك لا يمكن أن يكون » لأن ما عمر بلادنا إلا 
الأسرى و أكثرهم ضاع ولو طلبتم ما يستغني عنه الحال في تسريح خمسة أو ست لا يسعنا 
مطلبكم » أما تسريح الجميع فصعب الآن ذلك يخلي المواضع و يعطل ما يحتاج إليه من 
أنواع الضائع "!»أما عن الرسائل الرسمية التي كانت تحمل في طياتها مراسيم و اوامر 
وتوجيهات ووصايا إدارية مختلفة والتي كان السلطان الزياني يوجهها من تلمسان إلى الولاة و 
العمال حكام الأقاليم » فلم يبق منها إلا القليل كالرسالة التي و جهها أبو حمو موسى الثاني 
إلى عبد الرحمان بن خلدون » وهو بمدينة بسكرة يطلب منه جمع القبائل العريية خاصة قبائل 
رياح للإستعانة بهم في هجومه على مدينة بجاية 7 كذلك الظهير الذي كتبه أبو بكر بن خطاب 
على لسان مخدومه يغمراسن و المتعلق بمنح الأندلسيين المهاجرين الحق في السكن و التملك 
لأراضي زراعية 3 

6-2-الرسائل الاخوانية : 

اشتهر العديد من كتاب المغرب الأوسط و أدابائه بالتنوع في إنشاء الرسائل الاخوانية أو 
الأدبية» وخاصة منهم ابن الخطاب » و محمد بن خميس » و ابن هدية » و ابن مرزوق 


Dhina (A) le Royaume Abdalwadide a 1'époque أ- نفسه - ج 2 - ص 459 - كذلك‎ 
d'Abou Hamou Moussa 1%“ et d'abou Tachfine 1 ,op.v Alger 1985, p 227 
عبد العزيز فيلالي »تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق -ج2 -ص459‎ - 

3- حول هذا الظهير » ينظر أبو بكر بن خطاب » فصل الخطاب في نثر أبي بكر بن خطاب - 
مخطوط بخزانة لملكية بالرياط - تحت رقم 4605- ورقة 39.40 


136 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


غير أن رسائلهم هذه لم يدونها المؤرخون و الأدباء » و لولا رد كتاب و أدباء الأندلس 
عليها لما كنا علمنا مضامينها و فحواهاء! أما بالنسبة لمواضيعها فقد تشمل الرسائل الاخوانية 
فقد كانت تشمل بصفة عامة أغراض الوصف و العتاب و الشكر و المدح و التهنئة والتعزية و 
الشفاعة والتهادي و الشوق و التحية وغيرها من المواضيع المتداولة عند الأدباء2 

و عليه » يمكننا القول بأن بلاد المغرب الأوسط شهدت نهضة أدبية بصفة عامة ونثرية 
بصفة خاصة خلال العهد الزياني » جعلتها تضاهي من تزامن معها من الدول وتنافسها »وخير 
الدليل على ذلك الكم الهائل الذي أنجنبتة من فطاحل الكتاب في هذا الحقل الأدبي العلمي 
ا 


3-العلوم العقلية. 


إعتنى علماء المغرب الأوسط كغيرهم من العلماء المسلمين بالعلوم العقلية و الطبيعية 
بحكم أن الناس لا يستغنون عنها في قوائم أمور دنياهم” و تعمقوا في دراستها » و كانت تشمل 
مايلى: 


1-3-الرباضيات( العلوم العددية): 


تعد الرياضيات من العلوم العقلية البالغة الأهمية »عرفها ابن خلدون: 'بأنها معرفة 
خواص الأعداد من حيث التأليف إما على التوالي أو بالتضعيف”»: و من فروعها علم الحساب 


و علم الجبر والمعاملات و الفرائض و الهندسة ”» وهي من العلوم التي لا يستغنى عنها الناس 


أعبد العزيز فيلالي » تلمسان في العهد زياني - ج 2»المرجع السابق» ص 457 
خفسهءص 460. 

3 - الغزالي»إحياء علوم الدين - ج 1 - المصدر السابق»ص 62 . 

“ابن خلدون » المقدمة »المصدر السابى»ص ص- 894 

#نفسه حص حص 894 - 903 . 


137 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


في المعاملات › و لهذا ألفوا فيها الكثير !»مما تجدر الإشارة إليه هو أن الدراسات الرياضية 
بالمغرب الأوسط ارتكزت منذ القرن السابع الهجري( /13م) على ابن الياسمين في الجبر ” 
وتلخيص أعمال الحساب الابن البناء (721ه/1134م)» واقليدس في الهندسة 4 


وقد أصبحت هذه المصنفات و الدراسات في حواضر بلاد المغرب الإسلامي محور 
الحلقات الدراسية ”أما عن أبرز علماء المغرب الإسلامي الذين برزوا في هذا النوع من العلوم 
نذكر العالم أحمد التلمساني المعروف بالحباك (ت867ه/1463م) صاحب شرح تلخيص 
أعمال الحساب .؟ وسعيد بن محمد.العقياني التلمساني (ت811ه/ 1418م) الذي قام بشرح 
كتاب الحوفي في الفرائض و إستخدم فيه الكسور "» وأحمد بن محمد بن عبد الرحمان الشهير 
بإبن زاغو التلمساني صاحب شرح الكتاب التلمسانية في الفرائض 5عأما عن أبرز من تميز 
بالتعمق في دراسة هذا العلم فذكر أبو عبد الله الأبلي تلميذ ابن البناء الذي قرأ عليه علم 
المخزونات » و هي أعلى مراتب علم الهندسة » و لهذا كان يسمى هذا العلم بعلم الأشكال 


أعبد العزيز فيلالي » تلمسان في العهد الزياني -ج 2 المرجع السابق» ص 470 

تخفسه -ج 2 - ص470 

تنفسه -ج2- ص 470 

“المراكشي » إعلام ممن حلى بمراكش من إعلام - المكتبة الملكية - الرياط - 1983 - ج4 - ص 
ص 356 - 357 » ابن خلدون » التعريف بأبن خلدون ص 840 ابن مريم » المصدر السابق - 
ص - ص -153 - 154 

محمد المنوني » نشاط الدراسات الرياضية في مغرب العصر الوسيط - مجلة المناهل تصدرها وزارة 
الشؤن الثقافية العدد 33 سنة 1985 - ص 78 - هو أبو عبد الله محمد بن أحمد يحي المعروف 
بالحياك » نشأ وعاش بتلمسان خلال القرن التاسع الهجري / 15م ينظر عنه محمد الطمار » جوانب 
من حياة المغرب الأوسط - ص 62 

#عبد العزيز الفيلالي » دراسات تاريخ الجزائر و المغرب الإسلامي المرجع السابقءعص 193 

"ابن مريم » المصدر السابق» - ص 106 » ابن فرحون » المصدر السابق» - 124 

گنفسه» ص 124. 


138 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
العجيبة '» وكذلك ممن برز في علم الحساب إسحاق بن إبراهيم الأنصاري التلمساني نزيل 
سبتة عرف بنظمه أرجوزه محكمة بعلمها و هو لا يتجاوز العشرين من عمره 
(ت690ه/1291م) 0 


2-3-علم الفلك : 


لقد إهتم بعض علماء المغرب الأوسط بعلم الفلك كعلم يعنى بدراسة حركات الكواكب 
والمواقع و الأمكنة على ظهر الأرض ٠‏ و معرفة القبلة و حساب الأشهر والسنين” ومواقيت 
الصلات و الحج » و تحديد شهر رمضان ومن أشهر علماء المغرب الأوسط الذين إشتهروا 
بعلم الفلك و تخصصوا فيه إلى جانب العلوم الرياضية » الشيخ الفقيه الرياضي محمد بن أحمد 
التلمساني المعروف بالحباك (867ه/1462م) الذي تميز بتدريس علم الأسطرلاب » ووضع 
فيه أرجوزة سماه 'بغية الطلاب في علم الاسطرلاب ". وكذلك تلميذ محمد بن يوسف السنوسي 
الذي قام بشرح قصيدة أستاذه بغية الطلاب في علوم الأسطرلاب » و سماها" عمدة ذوي 


الألباب و نزهة الحساب في شرح بغية الطلاب في علم الأسطرلاب". 

3-3-علم المنطق : 

إعتبر المتأخرين من العلماء المنطق اشبه بعلم الكلام » و قد كان يتناول مسائل العقيدة 
الدقيقة مثل التوحيد والآخرة» والصفات الإلهية » و خلق القرآن وما إلى ذلك ”, ومن فوائده 


تمييز الخطأ من الصواب» وبه يعرف الصحيح من الفاسد في الحدود المعرفة للماهيات والحجج 


أعبد العزيز فيلالي » تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق» ج 2 - ص 471 
۶ابن مريم » المصدر السابق - ص - 73 
عبد العزيز فيلالي »تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق » ج 2> ص 475 
“نفسهء ج2» ص 475. 
”إبراهيم حركات » المرجع السابق -ج1- ص 399», الأخضر عبدلي تلمسان في عهد بن زيان» 
المررجع الننايق طن 215 


139 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


المفيدة للتصديقات» وذلك لأن الأصل في الإدراك إنما هو المحسوسات بالحواس الخمس 'ءأما 
فيما يخص أبرز علماء المغرب الأوسط الذين اهتموا بهذا العلم ونشره بتعليمه بالمدارس محمد 
بن يوسف السنوسي» صاحب كتاب شرح مختصر ابن عرفه”.و مختصر في علم المنطق 
والذي يعتبر أهم ما ألف السنوسي في علم المنطق » قال عنه تلميذه الملالي " هو شرح عجيب 
جدا لم ير مثله " 3 وتظهر أهمية هذا الكتاب من خلال قيام العديد من علماء المغرب الأوسط 
والمغارية على وجه العموم بشرحه؟»و مع ذلك فان هذه الدراسات المنطقية التي قام بها علماء 
المغرب الأوسط وغيرهم » تعد ضئيلة إذا ما قورنت بالمؤلفات الأخرى كالفقه و النحو والأدب 


ا 
4-3-العلوم الطبيعية : 


يقول أبن خلدون في شأنها: ' هي علم يبحث عن الجسم من جهة » و ما يلحقه من 
الحركة والسكون » فينظر في الأجسام السماوية و المعنوية » و ما يتولد عنها من إنسان 
وحيوان و نبات و معدن » و ما يتكون في الأرض من العيون و الزلازل و في الجو من 
السحاب و البخار و الرعد و الصواعق" ” ومنها علم الطب الذي يهتم بالإنسان من حيث 


المرض و الصحة ؟ ٠‏ و عن أشهر المؤلفات التي كانت تدرس في علم الطب أرجوزة ابن سينا 


"ابن خلدون » المقدمة »المصدر السابق»ص 931 

عبد العزيز فيلالي »تلمسان في العهد الزياني» المرجع السابق -ج2-ص 478 

نفسه» ج2» ص 478. 

4 لمزيد من المعلومات عن شرح مختصر السنوسي في المنطق - بنظر علوان سعيد » محمد بن 
يوسف السنوسي و شرحه لمختصر في المنطق (دراسة و تحقيق ) »معهد الفلسفة - جامعة الجزائر 
7 ص ص 72- 75 

“ابن خلدون » العبر - ج2- »المصدر السابق.»عص ص 72- 75 

تنفسه - ج2 حص 619 


140 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


في الطب وجزء من كتاب المنصوري للرازي'.» وزادا المسافر في الطب لأحمد بن الجزار ”أما 
عن أبرز علماء الطب بالمغرب الأوسط و الباحثين فيه فنذكر محمد بن أبي حمعية التلاليسي 
من أهل القرن الثامن الهجري( /14م) الذي كان أديبا و ماهرا في الطب و قد سمحت له براعته 
في الطب و العلاج أن يجمع بن الجبر ووهن الأجسام و مواساة حركات القلوب والأرواح » وقد 
كان من أطباء أبي حمو موسى الزياني الثاني 3 »و ابن قنفد القسنطيني من أهل القرن الثامن 
الهجري (/14م) الذي أنجز بعض الأعمال الطبية »لكن للأسف أكثرها الأن مفقود “ والفقيه 
المشارك محمد بن يوسف السنوسي من أهل القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر ميلادي 
وأبو القاسم محمد الحكم التلمساني الطبيب الخاص للعاهل التلمساني أبو تاشفين الأول 
(718ه/1317م) “عو لعل خير دليل على تطور الحركة الطبية بالمغرب الأوسط هو حلول 
المصري عبد الباسط بن خليل خلال القرن التاسع الهجري( / 15م) بتلمسان لدراسة الطب 
على كل من محمد بن علي قشوش ٠‏ و اليهودي بن الأشقر الذي كان شيخ أطباء تلمسان 
آنذاك 7 وعلم الفلاحة والكيمياء الذين اهتم بهما علماء المغرب الأوسط كغيرهم من العلوم. 


4-العلوم الإجتماعية والرحلات: 


أالقلصادي »المصدر السابق»ءص 117 
2 - ابراهيم حركات» المرجع السابق» ج1ء» ص 408. وكذلك 
Hady Roger idris« le berberie orientale sous les zivides , paris p 810.‏ 
عبد الرحمان الجيلالي ٠»‏ تاريخ الجزائر العام - مكتبة بيروت - 1965- ج1 - ص 250- ابراهيم 
حركات مدخل إلى تاريخ العلوم - ج1 -المصدر السابق»ص 411 بوكر ديمي نعيمة » المرجع 
السابق ص- 67. 
“إبراهيم حركات » المرجع السابق -ج1- ص- 412 . 
#نفسه - ج 1- ص 412 . 
“عبد العزيز فيلالي ٠‏ دراسات في تاريخ الجزائر »المرجع السابق »ص 194 
“عبد الرحمان الجيلالي » المرجع السابق -ج1- ص 250 . 


141 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


مثلها إهتم علماء المغرب الأوسط بالعلوم العقلية ( الدينية ) والعلوم العقلية » كان لهم حظ 
و نصيب في الرحالات و العلوم الإجتماعية » و على رأسها علم التاريخ بإعتباره أصل وهوية 
الشعوب والأمم» و لو كان ذلك بإنتاج قليل و ذلك بحكم الفترة الزمنية المعنية بالدراسة ومن بين 
المؤلفات التي اشتهروا بها هي في متناول الباحثين اليوم في مجال التأليف التاريخي السياسي 


نذكر : 


بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد من تأليف ابي زكريا » يحي ابن خلدون 
وهو كتاب تاريخي سياسي جعل موضوعه عن الدولة العبد الوادية منذ نشأتها إلى عصر 
المؤلفء ودبدوا أنه قام بتصنيفه بطلب من السلطان الزياني أبي حمو موسى الثاني بهدف 
تخليد دولته» و جاء في ثلاثة أقسام » احتوى كل قسم على ثلاثة أبواب » إنتهت حوادثه في 
أواخر سنة( 776ه/ 1374م) أي قبل اعتقاله بأربع سنوات (780ه/1373م)ءزهرة البستان في 
دولة بني زيان لمؤلف مجهول عاش في ظل الدولة الزيانية و عاصر سلطانها الزياني » أبو 
حمو موسى الثاني» غير أنه و للأسف قد ضاع الجزء الأول من هذا الكتاب ولم يبق منه 
سوى السفر الثاني الذي سلط الضوء فيه للحديث عن تاريخ أبي حمو موسى الثاني خلال 
الخمس سنوات الأولى من حكمه أءونظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان من تأليف 
الحافظ محمد بن عبد الله التنسي وهو من نتاج القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر ميلادي» 
وكتاب العبر وديوان المبتدأ و الخبر في التاريخ | لعرب و العجم و البرير ومن عاصرهم من 
ذوي السلطان الأكبر لمؤلفه المؤرخ و عالم الاجتماع الكبير أبوزيد عبد الرحمان بن محمد بن 
خلدون الذي يعد مصدر بالغ الأهمية بالنسبة للأحداث المعاصرة له و القريبة من عصره من 


هذه الدولة 2» أما عن كتب التراجم » فتجدر الإشارة إلى كتاب عنوان الدراية فمن عرف من 


“عبد العزيز فيلالي » تلمسان في العهد الزياني المرجع السابق -ج2- » ص 467 
۶ابراهیم حركات 2 المرجع السابق» -ج 1-> ص267 
142 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


العلماء في المائة السابع ببجاية لمؤلفه الغبريني (ت741ه/1314م) من أهل القرن السابع 
الهجري/ الثالث عشر ميلاديء وبداية القرن الثامن/ الرابع عشر ميلادي!. 

النجم الثاقب فيما لأولياء الله من مفاخر المناقب لعبد الله محمد بن أحمد بن صعد 
الأنصاري التلمساني (ت901ه/1495م) في ثلاثة أقسام »غير أن في القرن التاسع تضاءلت 
كتب الطبقات و التراجم كما و كيفا وكادت كتب المناقب تستأثر بميدان التراجم ومن بين أعمال 
هذا القرن نذكر: مناقب الأربعة رجال المتأخرين لمحمد بن عمر الهواري إبراهيم التازي» وعلى 
بن مخلوف أبركان » ومحمد بن لحسن لغماري و كلهم من القرن التاسع الهجري/ الخامس 
عشر ميلادي» لمؤلفه محمد بن يوسف السنوسي ”و كتاب الوفيات لإبن قنفذ القسنطيني الذي 
يتضمن تراجم قصيرة للعلماء و الصلحاء ومن التراجم الذاتية نذكر التعريف بإبن خلدون لمؤلفه 
عبد الرحمان بن خلدون و هو من المؤلفات النادرة مطبوع و متداول ومناقب إبراهيم بن موسى 
الصنهاجي المصمودي نزيل تلمسان (805ه/1402المحمد بن أحمد بن مرزوق الحفيد 3 

كما قد اهتم طلبة المغرب الأوسط إلى جانب ذلك بفن الرحلات سواء كانت داخلية أو 
خارجية أو كليهما معا » وقد دفعت الى ذلك جملة من العوامل من بينها الإضطرابات الداخلية 
نتيجة الصراع بين أمراء الدولة الزيانية » و محاولة دول المغرب الإسلامي الجارة السيطرة على 
تلمسان“» وإذا أردنا الوقوف عند عينة من رحالة المغرب الأوسط فنذكر بهذا الخصوص سعد 
الدين إبراهيم بن أعراب» وأبو البركات التلمساني » الذي يجهل تاريخ مولده”,ومن التلمسانيين 
الذي أثرو الحقل العلمي برحالتهم نذكر أحمد بن سعيد بن إبراهيم التلمساني الملقب بشهاب 


أنفسه -ج1 حص 270 

۶ابراهيم حركات » مدخل تاريخ العلوم»المرجع السابق -ج1-ص 272 
نفسه -ج1- ص 273 

4- نفسه -ج1- » ص 274. 

5- ابراهيم حركات » مدخل تاريخ العلوم» المرجع السابق -ج1 حص 274. 


143 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 
الدين الذي تولى قضاء المالكية ببلاد الشام سنة( 845ه/ 1441م )» وأحمد المقرى الذي رحل 
إلى حواضر المغرب الإسلامي ومنها الحاضرة فاس التي زارها مرتين طالبا للعلم والتدريس 
وغيرهم كثيرون. 

ثانيا: مراحل التعليم و طرق التدريس و مناهجه 

1 -مراحل التعليم: 

لقد مر التعليم في المغرب الاوسط بثلاثة مراحل : 

المرحلة الاولى: تبدا هذه المرحلة بقراءة و حفظ القران الكريم» و تنتهي بتمكن التلميذ من 
استظهار كتاب الله تعالى من حفظه قراءة تامة »و بالقراءات المشهورة »و بعد ذلك ينتقل الى 
المرحلة الثانية!. 
المرحلة الثانية :يبدا التلميذ في هذه المرحلة بدراسة مجموعة من المواد المتعلقة بالعلوم النقلية 
كالحديث و الفقه و العربية”. 

المرحلة الثالثة: يتناول الطالب فى هذه المرحلة جملة من المواد النقلية والعقلية يبدو 


وكأنها مرحلة اخيرة في التعليم »اذ يصبح الطالب عندها مؤهلا للتدريس والتأليف. 


2- طرق التدريس: 
لقد كان المدرس او الاستاذ محور العملية التعليمية في النظام التعليمي في 


المغرب الاوسط و غيره من بلاد المغرب الاسلامي/ءفقد كان بمثابة المنبع الذي ينهل 


آابن خلدون “العبرءج7»المصدر السابقء»ص457. 
گرشید بورودبة وآخرونءالجزائر في التاريخ »ج3 المرجع السابق »ص7 43. 


144 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


منه التلاميذ و الطلاب علومهم و معارفهم و الموجه الذي يهتدي به الطلبة في مشوارهم 
التعليمي ٠‏ ولذلك كان لكل عالم حلقته المشهورة في المدرسة او الجامع او الزاوية التي 
يتوافد اليها الطلبة من انحاء مختلفة من العالم الاسلامي”. 


اما عن طريقة القاء الدروس فقد تميزت بجلوس المدرس على الكرسي”.بينما يجلس 
الطلبة على الحصير“. وببدا المدرس عادة مفتتحا درسه بمقدمة دينية و يمهد 
لموضوعه”»ءثم يبدا احد الطلبة بقراءة نص من الكتاب المعد سلفا للدراسة »و يقوم الاستاذ 


بشرحه فقرة بعد فقرة »و خلال ذلك يقوم الطلبة بتقييد ما يلقيه المدرس او ما يمليه”. 


3-مناهج التعليم : 

لقد كانت المناهج التعليمية بالمغرب الاوسط في العهد الزياني تعتمد في بداية 
الامر على تحفيظ القرآن الكريم كلا او جزءا مع مبادى العلوم الدينية علما وعملا من 
وضوء وصلاة وغيرها. 
كما كان التعليم يزاول بالمساجد عبر انحاء المملكة» بحيث تدرس العلوم الدينية والدنيويةء 
وكان المعلم لا ينتقل من فن الى الآخر حتى يتقنه المتعلمون'. 


كانت هذه جملة العلوم و مراحل التعليم و مناهجه التي شهدها المغرب الأوسط خلال 
هذه الفترة المعنية بالدراسة والتى تعكس لنا ذلك التطور فى حركة النهضة العلمية التى 


أسعد الله ابو القاسم .تاريخ الجزائر الثقافي »ج1 ءالمرجع السابق»ص 34. 

نفسه» ص 34. 

الونشريسي ,المعيار »ج2»المصدر السابق »ص ص 486-476. 

“التينسي» المصدر السابق»ص180». ابن مريم» المصدر السابق» ص171. 

عبد الجليل قوريان» المرجع السابق ص 549. 

گنفسه » ص 549. 

“بلعربي خالد »المرجع السابق »ص 313»عبد الجليل قوريان» المرجع السابق» ص549. 


145 


الفصل الثاني: عوامل و مظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين/15-13م 


شهدها هذا الإقليم» أما عن الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط من وراء رحلتهم 


للمغرب الأدنى» فهذا ما سوف نفصل له في الفصل الثالث والموالي من هذه الدراسة. 


146 


الفصل الثالث : 
الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى ما بين القرنين السابع 


والتاسع الهجربين/الثالث عشر-الخامس عشر الميلاديين 


أولا: دراسة العلوم المتداولة في المغرب الأدنى 

1. العلوم النقلية 

2. العلوم اللسانية 

3. العلوم العقلية 

4. العلوم الأخرى 

5. نماذج عن اختصاصات علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 
ثانياً: منافسة علماء المغرب الأوسط لعلماء المغرب الأدنى 
ثالثاً: تكوين شخصيتهم العلمية 


رابعاً: تولي المناصب والوظائف الإدارية الهامة 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الأوسط والأدنى خصوصاء وقد جسد هذه العلاقات أولئك العلماء والفقهاء الذين رحلوا من 
المغرب الأوسط إلى حواضر المغرب الأدنى للقاء أشهر علماء عصرهم» والأخذ عنهم أو 
للتدريس أو تقلد مناصب إدارية سامية كوظيفة القضاء ووظيفة الكتابة والإنشاء وغير ذلك 


من الوظائف. 


وقد استفادت معظم الحواضر المغريية من هذا التبادل النشيط .ومن بينها حواضر 
المغرب الأدنى والأوسط التي كان لها حظ وافر في النهوض بالعلوم ونشرها خاصة 
العلوم الدينية ويذلك سعت إلى خدمة الحضارة الإنسانية وتطويرهاء يشهد على ذلك العدد 
الكبير من العلماء والفقهاء الذي أنجبتهم هذه الحواضر أو استقطبتهم واحتضنتهم في 
مدارسها ووفرت لهم شروط التعلم والتعليم والإبداع الفكري ومنحتهم فرصة تقلد مناصب 
إدارية عدة منها التدريس والقضاء والشورى والخطابة»كما وض حته لنا العديد من الكتب 
التراجم والنوازل كنوازل المازوني في كتابه الدرر المكنونة في نوازل مازونة خلال العهد 
الزياني والتي كشفت لنا عن تلك الانشغالات التي شغلت علماء المغرب الأوسط بالمغرب 
الأدنى نظرا لما امتازوا به من شغف علمي وكفاءة علمية وفقهية منقطعة النظير وسمعة 
طيبة وبروح مسؤولة فيما يخص آدائهم لمهامهم الإدارية ومن جملة هذه الانشغالات 
العلمية نذكر منها : 


148 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أولا: دراسة العلوم المتداولة في المغرب الأدنى 

لقد كان للمكانة الراقية التى بلغها المغرب الأدنى فى عهد الدولة الحفصية الفتية 
بفضل علماءه وصناع ثقافته ومنشط حركته الفكرية مساهمة كبيرة في ازدهار علومه 
وتنوعها »الأمر الذي جعل منه محط أنظار علماء المسلمين من كل مكان بصفة عامة 
وعلماء وطلبة المغرب الأوسط الذين توافدوا عليه لينهلوا من علومه ويستفيدون من معارفه 
بشكل خاصءويمكننا الوقوف على هذه المكانة المتميزة التي حظي بها من خلال اعجاب 
الرحالة العبدري الذي زار تونس سنتين من بعد رحلة ابن الرشيد .والتي لم يعترف بوجود 
العلم الصحيح بعد خروجه من المغرب في بلد من بلدان الشرق إلا بمدينة تونس! حيث 
يقول :" وما من فن من فنون العلم إلا وجدت بتونس به قائما ولا موردا من موارد المعارف 
إلا رأيت بها حوله واردا وحائما 2 »وعن جملة العلوم المتداولة بالمغرب الأدنى عوالتي 
لقيت اقبالا كبيرا من قبل طلبة المغرب الأوسط الشغوفين على دراستها نجد : 
1 - العلوم النقلية: 
1 الفقه : 

حظي علم الفقه بالنصيب الأوفر من اهتمامات طلبة المغرب الأوسط بالمغرب 
الأدنى»وذلك نظرا لمكانة الفقهاء في أوساط المجتمع وأهمية فتاويهم في تسيير امور الناس 
من جهةءولما يوفره لهم هذا الاختصاص من مناصب عليا في الدولة من جهة 


أخرىءوعن ابرز المؤلفات التي اهتم بدراستها طلبة المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى في 


“محمد الفاسي »الرحالة المغارية وآثارهم .مقال ضمن مجلة دعوة الحق .العدد 2 السنة الثانية .نوفمبر 
87ص /07. 
العبدري »المصدر السابق .ص 23. 


149 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


هذا المجال كتاب 'المدونة" للإمام عبد السلام بن سعيد الملقب بسحنون! الذي اجتمعت 
فيه خصال قل ما اجتمعت في غيره منها حسب الكناني 'الفقه البارع والورع الصادق 
'7»وعن مكانتها »فقد أكد صاحبها نفسه نقلا عن القاضي عياض قائلا: "عليكم بالمدونة 
»فإنها كلام رجل صالح »وروايته ” »ومن هنا كانت محط رغبات الفقهاء في المغرب 
والأندلس اختصارا وشرحا وتعليقا“ءأما فيما يخص أبرز الشيوخ المدرسون لها بالمغرب 


الأدنى »وعن تلاميذهم من طلبة المغرب الأوسط فنجد أو نذكر : 


- ابن زيتون(ت 691ه/1226م) :هو تفي الدين أبو القاسم بن أبي بكر بن مسافر 
بن أبي بكر بن أحمد اليمني التونسي المعروف بابن زيتون الفقيه القاضي التونسي ولد 
سنة( 620ه/1250م)” » عرف بأسفاره ورحلاته إلى بلاد المشرق؟ »لقي خلالها حلة من 
العلماء وخيار الفضلاء الذين سمع منهم وأجازوه في مختلف فنون العلم خصوصا في 
الأصلين »ومنهم نذكر الزكي المنذري »والشرف المرسيء والرعيني »كما التقى مع تلاميذ 
فخر الدين الرازي (543هم/1148) أوحد أهل زمانه في المعقول والمنقول» صاحب 


ˆ سحنون »هو أبو سعيد بن حبيب التنوخي (160ه-340ه) نشأ بالقيروان »ثم بتونس» وأخذ عن أسد 
بن الفرات كتاب الأسدية »ثم رحل إلى المشرق ولازم ابن القاسم ودون فتاواه وروايته عن مالك في كتاب 
ضخم سماه المدونة حثم عاد إلى افريقيا سنة191 ه وتفرغ لنشر المذهب المالكي ومحارية البدع » ينظر 
حاجيات .مساهمة المغرب العربي»المرجع السابق» ص05 

”محمد القيرواني الكناني »تكميل الصلحاء والأعيان لمعالم الايمان في الأولياء بالقيروان »تحقيق عبد 
المجيد فيلالي دار الكتب العلمية ط1 بيروت.2005.ص 44. 

3 القاضي عياض اليحصبيء ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك »تحقيق أحمد 
بكير محمود .ج1.ص 473. 
“يوسف بن أحمد حوالة »الحياة العلمية في افريقية "المغرب الأدنى'المرجع السابق» ص337. 

7” أبن القاضي المكناسي ءدرة الحجال في عزة أسماء الرجال .تحقيق مصطفى عبد القادر عطا.دار 

الكتب العلمية .ط1 بيروت.2002.ص 420. 
° ابن الشماع »المصدر السابق» ص7. 


150 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المؤلفات ! كما سمع عن عز الدين بن عبد السلام الدمشقي (ت 660ه/ 1262م ) أحد 
العلماء البارعين في علوم الفقه والأصول واللغة العربية صاحب الكتب العديدة منها 
"التفسير الكبير" و"الفوائد والإلمام" وغيرها > » وبعد جولته العلمية التي قادته إلى بلاد 
المشرق عاد إلى تونس بعلم كثير »وبذلك ساهم ابن زيتون في بناء ودعم الحياة الثقافية 
بالمغرب الأدنى »وخصوصا فيما يتعلق بالحركة الفقهية منها »وهو ما جعل من المغرب 
الأدنى يحظى بإقبال وتوافد العديد من طلبة العلم » وفي مقدمتهم طلبة المغرب الأوسط 
الشغوفين على العلم والمعرفة ” »ومن أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط نجد: 


الغبريني(644همل/1246م): هو أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علي» من قبيلة 
بني غبرين البريرية بأعالي واد سباو قرب مدينة العزازقة » تلقى علومه الأولى بمسقط 
رأسهءقبل ان ينتقل إلى بجاية »وبلاد المشرق واخذه على العديد من شيوخ العلم الذي ناهز 
حسب ما سجله هو نفسه سععين عالما منهم أبي القاسم بن زيتون (ت691ه 
2 )لذي خصه بقوله:"ومنهم شيخنا الشيخ الفقه القاضي الامام المجد المجتهد أبو 
القاسم بن أبي بكر اليمني الشهير بابن زيتون من أهل تونس علقيته ببجاية وتونس »هو 
رجل له علم وجلال وأبهة وكمال وفضل واعتدال”*»وقد ساعده هذا الاحتكاك برجال العلم 


على سعة علمه واشتهار أمرهءوتوليه قضاء بجاية » ولم يختصر الأمر على ذلك بل 


"السبكي» طبقات الشافعية الكبرى.تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الضاحي ط1.القاهرة 
د.ت »ج4.ص 285 البغدادي .هدية العارفين مكتبة المثنى بغداد 1951. ج1 .ص784. 
2 ابن ثغري بردي» النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة .ط القاهرة .1933ءج7 »ص208»الزركلي 
»الأعلامءالمصدر السابق» .ج4.ص21عمبطي المسعودي ءالمظاهر الحضارية في عصر بني حفص 
منذ قيامها سنة621 وحتى سنة 893 رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في التاريخ الاسلامي »كلية 
الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة أم القرى .المملكة العربية السعودية .2000.ص185. 
7 نفسه .ص421. 

“الغبريني »عنوان الدراية »المصدر السابق» ص115-114. 


151 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


خاض ميدان التعليم حيث اشتهر بكتابه في التراجم لمشاهير أعلام بجاية وهو كتاب 
'عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء بالمائة السابعة ببجاية "»عرف فيه بشيوخ العلم 
ورجال الدين والتصوف والأدب التي ازدانت بهم بجاية في القرن السابع (7ه/13م) وقد 
أوضح ذلك في مقدمته بقوله:'إني قد رأيت أن أذكر في هذا التقييد من عرف من العلماء 
ببجاية في هذه المائة السابعة التي نحن في بقية العشر الذي هو خاتمها »ختمها الله 
بالخيرات وجعل ما بعدها مبدأ للمسرات أذكر منهم من اشتهر ذكره ونبل قدره وظهرت 
جلالته وعرفت مرتبته في العلم ومكانته "! 


- الصفاقسي(ت 744ه/1343م): هو ابراهيم بن محمد بن براهيم عيسى الصفاقسي 
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن التنبكتي بشانه:" ولد في حدود سنة سبع وتسعين وستمائة 
أخذ علومه عن شيوخ بجاية والقاهرة ودمشقء"عرف بمؤلفاته الفقهية العديدة منها 'تفييد 
على ابن الحاجب الفرعي وجزء ألفه في اسماع المؤذنين خلف الامام” ومع ذلك لم يذكر 
من مصنفاته سوى إعراب القرآن الكريم » أما صاحب كتاب توشيح الديباج »فقد ذكر من 
مؤلفاته 'الروض الأريج في مسألة الصهريج 'حيث كان قد سئل عن أرض ابتيعت فوجد 
فيه صهريج مغطى هل يكون به تواجد الأحجار أم لا ألف فيها وخالف فيها كثيرا من 
المالكية »وعمل على مذهبه فيها ‏ »أما عن أبرز من تتلمذ عليه من طلبة المغرب 
الأوضط نکر + 


2 التند لتنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق »ص20. 
القرافي »توشيح الديباج»المصدر السابق ص21 


152 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


-الخطيب ابن مرزوق الجد781-710(1ه /1379-1310م) إمام جامع الزيتونة” زاره 
ابن مرزوق وأخذ عنه .والإمام العلامة برهان الدين الصفاقسي شيخ ابن مرزوق والذي 
قال في شأنه :"ومن شيوخي ابراهيم الصفاقسي نزيل القاهرة »وأحد أئمتها »أحمل عنه 
مصنفاته سمعت من لفظه كتابه الذي أعرب فيه إعراب القرآن وتحدث فيه مع شيخنا أبي 
حيان في أبحاثه وقرأت عليه بعض تأليفه في نوازل الفروع التي سئل عنها ومنها:الروض 
الأريج في مسألة الصهريج سئل عن أرض ابتيعت فوجد فيها صهريج مغطى هل يكون 
به توحد الأحجار أم لا؟ وأبدع فيها وخالف كثيرا من المالكية وعمل على مذهبه فيها "3 
»كما يقول كذلك في شأنه :"قرأت عليه أكثر تقييده على ابن الحاجب الفرعي وتركته لم 


4 | كلك المفتاح لشيخنا وشية القزويني“ 


و عليه ومن خلال هذا النصصص التي تقدمنا بها فيما يخص بعض الشيوخ 
الذين تتلمذ عليهم الفقيه ابن الخطيب الجد ندرك فضل تلك الرحلات والسفارات التي قام 
بها هذا الأخير في تنمية رصيده الفكري وتنمية تلك المكانة الراقية التي حضي بها بين 
أقرانه من لعلماء وحتى شيوخه »لدرجة أن بعض المصادر ومنها صاحب الديباج المذهب 
الذي :"علم الأعلام فخر المغرب على المشرق .وهو نادرة الزمان وأية شتى أصناف 
العلوم بإتقان'” غير أن هذا لا يعني أبدا أن ابن مرزوق الخطيب لم يستفيد من العلوم 
والعلماء الذين كان قد احتك بهم بمسقط رأسه تلمسان . 


ˆ ينظر حول ذلك » ابن مرزوق المجموع ورقة 47»المقري»نفح الطيب .ج5 ص414. 

جامع اا هو جامع كير قى غا الجمال والنبعة ككر الستخدمين .وعظيم الموازد ينظر ايوق 
الافريقي» وصف افريقيا ج2» المصدر السابق.ص76. 

التنبكتي ءنيل الابتهاج »المصدر السابق»ص21. 

4 سا .سن 21 

تابن فرحون المصدر السابق»ج2.ص290. 


153 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- بن عقاب(ت851هم/1447م): هو محمد بن محمد بن ابراهيم الجذامي التونسي 
المعروف بابن عقابءواحد من أئمة وعلماء تونس وقاضي الجماعة بها »وصفه صاحب 
نيل الابتهاج بقوله "الفقيه العلامة الحجة المحصل المحقق العارف الناقد النظار ذو الفنون 
الصافية والتحقيقات والبارعة"! » احتك ابن عقاب بنخبة من علماء المغرب الأدنى ومن 
الوافدين عليهء وقد أخذ عنهم زاد وفير وأجازوه”» وكان من نتيجة هذا الزاد العلمي الكبير 
لعفل المي الممقان أن هيدا له رن في موان ارون في مات ار 7 
“أما عن أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر : 


- ابن مرزوق الكفيف(ت 901ه/1496)“ : ولد بتلمسان سنة (824ه. / 1421م)” نشأ 
بها وأخذ عن علماءها الأجلاء وعلى رأسهم والده ابن مرزوق الحفيد (ت842ه/1439م) 
وعلماء الحواضر الأخرى من بلاد المغرب بفاس وبيجاية وتونس »أما عن شيوخه الذين 
أخذ عنهم بتونس »فنجد محمد بن محمد بن ابراهيم بن عقاب الذي قال في شأنه ابن 
القاضي المكناسي ما يلي:" اشتهر بعلمه وتدريسه بتونس »وممن أخذ عنه الكفيف وغيره 


»وقد شهدوا له ببروزه في ميدان التدريس في مختلف العلوم زيادة على إمامته بجامع 


1 التنبكتى» نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص 545»كفاية المجتاج» المصدر السابق»ج2.ص166. 
#التنبكتى »نيل الابتهاج »المصدر السابق». ج2 .ص166»ءابن القاضي المكناسي »“درة الحجال» المصدر 
السابق »ج2 .ص294 »السخاوي »الضوء اللامع »المصدرالسابق؛م3. ج6.ص161» وكذلك 


brosselard(ch) ‘les indriptions arabesde tlemcen tombeaux des familles el 
makkari et el kbani revue africain 5 ‘eme anneé n30 novembre 1861 p416. 


7 التنبكتي » كفاية المجتاج »المصدر السابق .ج2 .ص166ءنيل الابتهاج » ص546. 

“دحي محمد .فهرس الخزانة العلمية الصبحية بسلا .منشورات معهد المخطوطات العريية للتربية والثقافة 
والعلوم .الكويت .1985.ص315. 

“التنبكتي نيل الابتهاج »المصدر السابق»عص574. 


154 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الزيتونة »وتوليه قضاء تونس وللإشارة فقد توفي يوم الاثنين 17 جمادى الأولى 
1ه" . 


وبعد جولته الدراسية والتكوينية في حواضر العلم الإسلامي مشرقا ومغريا »يعود ابن 
مرزوق الكفيف سنة(872ه/1467م) إلى تلمسان ليتولى مهمته الأساسية والمتمثلة في 
التعليم والتدريس في مختلف العلوم الدينية التي برع فيها »وقد أخذ عنه في هذا المجال خلق 
كثير»ذكره صاحب النيل قائلا في شأنه :"الإمام علم الأعلام وفخر خطاب الإسلام'2 


وعليه يمكننا القول بأن ابن مرزوق الكفيف قد بلغ مرتبة كبيرة من العلم والمعرفة 
جعلته يصل درجة الافتخار كإمام وخطيب ومدرس بارز بتلمسان »وخير دليل على قولنا 
هذا ما وصفه به في هذا المقام صاحب النيل بقوله "الإمام علم الأعلام وفخر خطباء 
الاسلام 31 . 


- بن هارون التونسي (ت750ه /13م) : هو محمد بن هارون الكناني التونسي 
الإمام العلامة الحافظوصفه “ تلميذه الامام بن عرفة نقلا عن صاحب توشح الديباج 


'ببلوغ درجة الأحتياذ"3 1 


وعليه »ومن خلال هذه النص يظهر لنا أن محمد بن هارون الكناني التونسي هو 


أحد شيوخ الامام ابن عرفة التونسي» اشتهر ليس في المغرب الأدنى فحسب وانما في كل 


“التنبكتي ءنيل الابتهاج »المصدر السابق»» ص527. 

2 نفسه» »ص 574. 

"نفسه»ص574. 

القرافي » المصدر السابق»ص50.التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص 412. 
“القرافي » المصدر السابق »ص49. 


155 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أصقاع العالم الاسلامي بفضل منزلته العلمية الرفيعة التي حظي بها في عصره»"أما عن 
أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر: 


-أبو عبد الله المقري(ت 759ه/1358م) هو محمد بن أحمد بن أبي بكر المقري أحد 
أكابر علماء المذهب المالكي المتأخرين عرف برحلاته في سبيل العلم والتحمصيل حيث 
دخل تونس»وأخذ عن امامها محمد بن هارون الكناني الفقه وأصول الدين » وعن شيوخه 
الذي تتلمذ عليهم يذكر صاحب البستان قائلا :'ويتونس أخذ عن ابن عبد السلام وأبي 
محمد الأجمى وابن هارون شارح ابن الحاجب 2»وبفض ل هذا النبوغ العلمي الغزير 
»والمستوى العلمي الرفيع الذي وصل إليه أبو عبد الله المقري بفضل رحلاته »واعتكافه 
على التدريس على العديد من علماء مسقط رأسه بالمغرب الأوسط وعلماء المغرب الأدنى 
والمغرب الأقصى وعلماء حواضر بلاد المشرق »ذاع صيته بين طلبة العلم في أصقاع 
العالم الإسلاميءومن ثم تسابقوا عليه للأخذ عنه »وفي مقدمتهم طلبة المغرب الأوسط 
وعلى رأسهم أبو عبد الله محمد بن مرزوق” . 

الخطيب ابن مرزوق (781ه/ 1379 م):هو من طلبة محمد بن هارون الكناني التونسي › 
خصه التنبكتي بقوله "إمام عالم حافظ يعد من المجتهدين في المذهب المالكي »تولى 
التدريس بتونس «وعنه أخذ الخطيب ابن مرزوق »ثم القضاء ءمولده كان سنة 680ه 


ووفاته سنة 750ه وهي سنة وباء الطاعون * . 


- الأجمي(القرن السابع الهجري/الثالث عشر ميلادي): هو أبو عبد الله محمد التونسي 
»أحد فقهاء تونس وقاضي الأنكحة بها »ثم الجماعة بعد ابن عبد السلام »كان من الفقهاء 


1 القرافي » توشيح الديباج»ص50 

2 ابن مريمءالبستان »المصدر السابق»ص156. 

3 القرافي»المصدر السابق» ص246. 

4 التنبكي نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص407. الزركشي »المصدر السابق .ص88. 


156 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


العلماء الأعلام »أخذ عنه الكثير من العلماء التونسيين ومنهم الامام ابن عرفة »وقد نقل 
عنه فى مختصره قصة فى آجرة الشهادة! »أما عن أبرز تلامذته من طلبة المغرب 
الأوسط ءفيذكر صاحب نيل الابتهاج وبقية المصادر التي ترجمت له الإمام المقري الذي 
سبق تعريفه وقد قال عنه نقلا عن التنبكتي :"أنه حافظ فقهائها في وقته” .وكذلك الامام 


الفقيه الخطيب ابن مرزوق وهو الآخر سبق وأن عرفنا به . 


أبو مهدي عيسى الغبريني:(ت815ه/1415م) هو عيسى يق خمد وق محمد وخ محمد 
بن يحيى بن مهدي الغبريني التونسي ».عالمها وصالحها وقاضي الجماعة بها »وهو يعد 
من أحد تلامذة الامام ابن عرفة التونسي المتميزين »وبشأن تميزه هذا عند شيخه ابن 
عرفة قال فيه أبو العباس القلشاني نقلا عن صاحب نيل الابتهاج ما يلي :"استناب ابن 
عرفة وقت سفره للحج تلميذه القاضي الجليل أبو مهدي الغبريني على امامة جامع الزيتونة 
وهو المشار إليه في كلامه وتلميذه حينئذ قاضي الجماعة ثم استقل بالإمامة المذكورة بعد 
وفاته »وبقي عليها حتى توفي ليلة السبت سابع وعشرين من ربيع الثاني عام خمسة عشر 
وثمانماقة"2 . 


و من خلال هذا النص يتضح ,أن سبب اختيار الإمام ابن عرفة لأبي مهدي عيسى 
الغبريني تلميذه لاستنابته له في إمامة جامع الزبتونة »لم تكن عشوائية أو صدفة »وإنما 
يعود السبب في ذلك إلى المستوى الرفيع والمكانة العلمية المتميزة التي بلغها والدراسات 
العليا التي وصل إليها هذا الأخير في مجال العلم والتفقه والفتوى سواء بين الجيل الواسع 


من مثقفي ذلك العصر من رفقائه من تلاميذ الإمام ابن عرفة بتونس أو من خارجها. 


0 التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق.ص410. 
3 نقسه)صن26: 


157 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ومن تلامذته الذين درسوا عليه قال السخاوي نقلا عن صاحب نيل الابتهاج 
مايلي:'أخذ عنه أحمد القلشاني والشرف العجيسي وغيرهما"! ويضيف في نفس السياق 
قائلا:" بل أخذ عنه غالب تلاميذ ابن عرفة المتأخرة وغيرهم كالبسيلي وأبي يحيى بن عقبة 
وعمر القلشاني وأبي القاسم القسنطيني وأبي الحس علي بن عصفور وابن ناجي و في 
خلف كثير” .»أما عن طلبته أو تلامذته من المغرب الأوسط ءفنجد الشيخ الثعالبي الذي 


قال في شأنه:"شيخنا أوحد زمانه علما ودينا "3. 


- ابن جماعة التونسي (ت712ه/1312م): هو أبو بكر يحيى بن القاسم بن جماعة 
الهواري»أخذ مبادئ تعليمه الأولى من شيوخ تونس وفي مقدمتهم ابن واصل؛ ءأما عن 
تلامذته الذين تكونوا عليه من طلبة المغرب الأوسط فنذكر : 


- ابنا الامام: وهما أبو زيد عبد الرحمن وأبو موسى عيسى ابنا محمد بن عبد الله بن 
الامام »يعرفان بابني الامام خصهما في هذا الشأن الونشريسي نقلا عن التنبكتي بقوله 
:"هما الشيخان الراسخان الشامخان العالمان المفتيان الفقيه العلامة آخر صدور أعلام 
الغرب شهادة أهل الانصاف شرقا وغريا أبو زيد والعلامة النظار آخر أهل النظر جمع 
أشتات المعارف أبو موسى” ءنشأ بمدينة برشك؟ التي كان أبوهما اماما بها »ومنها رحلا 
إلى تونس أخر المائة السابعةءفقرأ بها على علمائها »وبعد رحلة طلب العلم عادا إلى 
بلدهما ليستقرا بتلمسان »حيث استقبلهما السلطان الزياني أبو حمو موسى الأول بكل حفاوة 


“التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق »ص296. 

2 نفسه »ص‌296. 

7 نفسه »مص 295. 

4 ابن القاضي المكناسي «درة الحجال»المصدر السابق»ص 447. 

” التنبكتي »كفاية المحتاج »المصدر السابق»ج1 .ص187 ءابن مريم »المصدر السابق»ص123. 

° مدينة قديمة بناها الرومان على ساحل البحر المتوسط .بعيدة عن مستغانم بعدة أميال (بين شرشال 
وتنس) ينظر الحسن الوزان .وصف افريقياءالمصدر السابق .ج2 .ص32. 


158 


الفصل الثالث: :..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وبنى لهما المدرسة التي سبق ذكرها واختصهما بالفتوى والشورى! وبعد وفاة أبي حمو 
موسى الأول سنة 718ه/1398م خلفه ابنه السلطان أبو تاشفين وقريهما إليه »وفي 
درت ا رحلا إلى المشرق والتقيا بكبار العلماء كشيخ الاسلام 0 الدين بن 
تيمية 7 ويكفيهما فخرا أنهما قد ناظرا شيخ خ الإسلام ورائد السلفية آنذاك الإمام تفي الدين 
بن تيمية (728هم/1327م) وتفوقا عليه في بعض المسائل وهو الأمر الذي أحدث له 
مضايقات واحراجات أمام طلابه وزملائه في القدس الشريف .وحول هذه الحادثة قال 
المقري نقلا عن صاحب البستان 'وقد سمعته أنا عليهما »ويقصد 'صحيح البخاري الذي 
سمعاه على الحجار":وناظرا تقي الدين بن تيمية فظهر عليه وكان ذلك من أسباب محنته 
3 »ونظرا لما أبداه من تفوق في العلوم الدينية وعلى رأسها المسائل الفقهية ومناظراتهم 
لكبار علماء الفقه »فقد أثنى عليهما علماء المشرق حيث قال عنهما أحد علماء المشارقة 
في هذا الصدد 'بهما يفتخر المغرب"»أما عن تكوينهم العلمي بتونس عفقد ذكر لنا الامام 
المقري تلميذهما نقلا عن صاحب البستان أنهما 'كان قد رحلا في شبابهما من بلدهما 


تلمسان إلى تونس عفأخذا عن أبى جماعة وابن القطان والبطرنى من المائة السابعة... 


+3 يحيى ابن خلدون ءبغية الرواد»المصدر السابق»ص15 ءابن عماد الحنبلي »شذرات الذهب المصدر 
السابق»م3 .ج6 .ص80. 

2 هو أحمد تقي الدين بن تيمية »يعرف بشيخ الاسلام »فهو المجتهد المطلق لغزارة علمه وسرعة الحفظ 
وقوة الادراك .تأهل للفتوى والتدريس دون العشرين فكان ملما بالعلوم النقيلة والعقلية (ت728ه).ينظر 
ابن عماد الحنبلي »شذرات الذهب .م3 .ج6 .ص80 ءابن فرحون المالكي ءالديباج المذهب »المصدر 
السابق»ج1 .ص486ءابن خلدون التعريف بابن خلدون .ص22 التنبكتي ءنيل الابتهاج»المصدر 
السابق»ص 245 و291 »ابن مريم »البستان»المصدر السابق .ص123. 

3 نفسه»ص123. 

4 التنبكتي .نيل الابتهاج»المصدر السابق»ص 166» عبد العزيز فيلالي»دراسات في تاريخ الجزائر 
».ص189 . 


159 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


“ثم ورد في أوائل المائة الثامنة تلمسانءثم رحلا بعدها إلى المشرق في حدود العشرين 
وسبعمائة "!. 


وهكذا ندرك من خلال هذه النتصوص تلك الجولات والرحلات العلمية التي قام 
بها ابنا الامام إلى حواضر العالم الإسلامي مغريا ومشرقا وعلى رأسها مسقط رأسهما 
تلمسان في بناء معارفهما وجودة تكوينهما واتساع ثقافتهما الفقهية التي استفادا منها وأفادا. 


- البحيري(ت858ه/1454م):هو عبد الله بن سليمان بن قاسم البحيري التونسي »عاصر 
الامام بن عقاب التونسي »واختص في قضاء الانكحة بتونس .كما تولى التدريس بها 7 
»ذكره صاحب نيل الابتهاج قائلا في شأنه:"الامام الراوية العلامة قاضي الأنكحة من 


معاصري الامام بن عقاب”3 » أما عن أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنجد : 


ابن مرزوق الكفيف (824ه--901ه/1421م-1495م):الذي عرف برحلاته للحواضر 
العلمية ببلاد المغرب الإسلامى بتونس وفاس إلى جانب تلمسان ويجاية »وكان قد لازمه 
وأخذ عنه في المسائل الفقهية »الأمر الذي ساهم في بروز مكانته العلمية“ »وهذا ليس 
بجديد عن أسرة كأسرة بني مرزوق »وحتى يميز عن سلفه أصبح يكنى بالكفيف”. 
الحفخصي (القرن الثامن والقرن التاسع الهجري/14-15م): هو أن خت الله محمة ين 


أحمد الحفصي الأمير ابن السلطان أبي العباس التونسي ءيعرف بالحسين أخو السلطان 


ˆ ابن مريم »البستان »المصدر السابق»ص123. 

7 التنبكتي ءكفاية المحتاج »المصدر السابق»ج1 .ص176. 

3 التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق »ص221. 

“4 نصر الدين بن داود »علماء أسرة المزارقة»المرجع السابق» .ص101. 
5 نفسه .ص101. 


160 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أبى فارس »صاحب تونس كان من جلة فقهاء تونس وعلماءها أ»أما عن من أخذ عنه 


من تلامذة المغرب الأوسط فنذكر : 


الونشريسي(834ه/1430م): أحمد بن يحيى بن محمد عبد الواحد بن علي 
الونشريس ©»نشأ بمدينة تلمسان وأخذ عن علماءها العقبانيين والمزارقة في مختلف العلوم 
الدينية”ءقال صاحب البستان في شأن فتاوى معياره ما يلي:'أما فتاوى أهل افريقية وتلمسان 
فاعتمد فيها على نوازل البرزلي والحخصي والمازوني فيما يظهر لمن طلعها والله أعلم'4 
»وعليه ومن خلال النص يتضح لنا أن الونشريسي في معياره قد اعتمد على عدة فتاوى 
منها فتاوى الحفصي التونسي ونوازل البرزلي والمازوني. 


2-1 القراءات والرسم: اهتم طلبة المغرب الأوسط بدراسة علم القراءات والرسم كغيرهم 
من طلبة العالم الإسلامي «وعلى رأس ذلك كان اهتمامهم بالشاطبية” واسمها الكامل 


'حرز الأماني ووجه التهاني"»وهي نظم لكتاب التيسير في القراءات السبع لأبي عمر 


ˆ التنبكتي»نيل الابتهاج»المصدر السابق»ص 542. 

۶ جبال شاهقة عامرة بالسكان تقع غرب الجزائر وجنوب مدينة تنس في الداخل .ينظر ليون الافريقي 
»وصف افريقياءالمصدر السابق .ج2 .ص 45. 

7 التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص135 ءابن مريم »المصدر السابق»ص53 الحفناوي 
.ق1 المرجع السابق »ص62. 

* ابن مريم »المصدر السابق .ص54. 

5 الشاطبية 'قصيدة لامية في القراءات »وتعرف كذلك بحرز الأماني »ذكر ابن خلكان أن عددها ألف 
ومئة وسبعون بيتا »ولقد أبدع فيها صاحبها كل الابداع »وهي عمدة قواعد هذا الزمن في نقلهم »وهي 
مشتملة على رموز عجيبة واشارات خفيفة »ينظر ابن خلكان ونبات الأعيان .ج4 المصدر 
السابق »ص71 ,المقري ءنفح الطيب »المصدر السابقءج2 .ص24 ,ابن غازي »فهرس ابن غازي 
.تحقيق محمد الزاهي »مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر .الدار البيضاء .1979 .ص38 


161 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الداني" نظمها أبو القاسم الرعيني الشاطبي ”ءبالإضافة إلى بعض الشروح كشرح حرز 
الأماني لابن أجروم ”الذي تناول فيه مختلف القراءات »واس تدل فيه بحجج ما قرأ بقراءة 
معينة »وشرح التيسير لابن أبي السداد وكتاب ترتيب الأداء وبيان الجمع في الاقراء لأبي 
الحسن الانصاري هذا إلى جانب ضبط الخراز واسم الكتاب الكامل هو 'مورد الظمان في 
رسم القرآن 'لمحمد الأموي الشريسي الشهير بالخراز عأما عن أبرز الشيوخ المدرسين لعلم 


القراءات بالمغرب الأدنى فنذكر : 


-البلوي القيرواني (ت1378/780م):هو عبد الله الشبيبي البلوي القيرواني الإمام العالم 
الصالح الفقيه العلامة المتقن الأستاذ .قال تلميذه أبو القاسم البرزلي في شأنه نقلا عن 
التنبكتى مايلى:'كان شيخنا فقيها راوية صالحا متفننا »قرأت عليه القراءات والفقه والحديث 
والنحو والفرائض والتنجيم في علم الأوقات »وحضرت مجلسه ولازمته من عام ستين 


وسبعمائة إلى عام سبعين وأجازني جميعها” . 


ˆ هو أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني »أحد الأئمة في علم القراءات وروايته وتفسيره في معرفة رسم 
مصاحف الأمصار بوالتيسير في القراءات طبقات القراء »توفي بدانية سنة 446ه .ينظر ابن العماد 
الحنبلي ءشذرات الذهب ,المصدر السابق»ج3 .ص 272 المقري»ءنفح الطيب »المصدر السابق .ج2 
؛“ص 135. 

2 هو أبو القاسم الشاطبي .ولد سنة 538ه عقرأ القراءات على ابن اللامة »روى عنه أبو بكر ابن 
وضاح »توفي سنة 590ه »من تصانيفه حرز الأماني »ينظر ابن العماد الجنبلي »شذرات الذهب»المصدر 
السابق .ج4 .ص 301 ,السبكي ءطبقات الشافعية »المصدر السابق»ج4 .ص297. 

37 ابن أجروم »هو أبو عبد الله بن داود الصنهاجي المعروف بابن أجروم »نشأ ودرس بفاس «برز في 
النحو واللغة وعلم القراءات منذ شبيبته »توفي عام 723ه/1323م .من تصانيفه المقدمة الأجرومية في 
النحو »وقد وضعت عليها شروح كثيرة »ينظر حول ذلك السيوطي .بغية الوعاة في طبقات النحويين 
والنحاة »تحقيق أبو الفضل ابراهيم .ط1 القاهرة 1961٠‏ .ص102ءابن القاضي «جذوة الاقتباس .ج1 
.ص233 . 

“التنبكتي هنيل الابتهاج»المصدر السابق »ص213 »كفاية المحتاج »المصدر السابق»ج2 »ص 169. 


162 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ويستتتج من هذه النص المتعلق بالعلوم التي اختص بتدريس ها الشيخ البلوي 

القيرواني وأهم تلامذته الذين تكونوا وأخذوا عليهء أن هذا الأخير كان نادرة ونابغة زمانه 
»فقد كان فصيحا متواضعا لا يغيب على مشكل أو سائل »كما كان صاحب كرامات »وقد 
انتفع به غالب من قرأ عليه وذلك لحسن نيته وكثرة بيانه »أما عن أبرز تلامذته من طلبة 
المغرب الأوسط .فنجد معظم طلبة المغرب الأوسط الذين قصدوا الديار التونسية بالمغرب 
الأدنى في فترة عصره. 

- ابن عقاب ( ت851هم م/1447م): محمد بن محمد بن ابراهيم بن عقاب الجزمي 
التونسي ءذكره القلصادي في رحلته قائلا :'"شيخنا ويركتنا أوحد زمانه » العديم في أوانه 
»كان فقيها محدثا أستاذ مقرئًا إماما علامة قاضيا ...'! وقد سمحت له كفاءته العلمية هذه 
بتولي قضاء الجماعة بتونس» وأن يكون أستاذ جليلا وبارزا بمدارسها وبذلك انتفع به خلق 
كثير2 عأما إذا أردنا الوقوف عند أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط الذين أخذوا 
واستفادوا منه في علم القراءات فنجد: 

الامام ابن مرزوق الكفيف (ت901هم/1495م):” عرف بكثرة رحلاته لحواضر العالم 
الاسلامي مشرقا ومغريا في سبيل العلم والتحصيل ”» قال عنه الإمام أبو عبد الله بن 
الإمام”:" 


1 التنبكتي كفاية المحتاج »المصدر السابق »ج2»ص166. 

7 نفسه. ص166. 

3 ابن القاضي ,درة الحجال .ج2.المصدر السابق»ص144 ٠‏ التنبكتي نيل الابتهاج »المصدر 
السابق»ص 575.ابن مريم »المصدر السابق .251 «عادل نويهض ,المرجع السابق» ص 292 . 

4 التنبكتي» نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص574ءالمقري المصدر السابقءم5.ص419.ابن مريم 
المضيذر السايق يضن250. 

” هو ابن العباس الصغير صاحب رحلة وأحد تلامذة ابن مرزوق الكفيف ينظر حوله ابن مريم »المصدر 
نفسه .ص 259 التنبكتي ءنيل الابتهاج»المصدر السابق »ص575. 


163 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


علم الأعلام حجة الإسلام آخر حفاظ المغرب"!. 


- البرزلي: هو أبو القاسم بن أحمد بن اسماعيل بن محمد بن المعتل البلوي القيرواني ثم 
التونسي المعروف بالبرزلي »ولد عام( 740ه/1339م)»أخذ عن علماء المغرب الإسلامي 
في كل من تلمسان وفاس ءثم رحل إلى تونس وأص يبح مفتيها وفقيهها وحافظها وامام 
الجامع الأعظم »وهو أحد البارزين الحافظين للمذهب المالكي عله ديوان كبير في الفقه 
والفتاوى »ذكره صاحب البستان قائلا في شأنه'نزيل تونس ومفتيها وفقيهها وحافظها 
العلامة أحد الأئمة في المذهب صاحب الديوان الكبير في الفقه والفتاوى »كان رحمه الله 


تعالى اماما علامة بارعا حافظا للفقه متفقها فيه بحاثا نظارا مستحضرا للمذهب” . 


أما عن مشيخته فيقول نقلا عن ابن مريم :'وممن أخذت عنه الشيخ الفقيه الرحالة 
الراوية المحدث أبو عبد الله محمد بن مرزوق الخطيب وقد أجازني إجازة عامة »ومنهم 
الشيخ الراوية المحدث المسن الصالح الزاهد أبو الحسن البطرني قرأت عليه القراءات 
السبع وكتبا كثيرة ومنهم الفقيه الامام المؤلف المتفنن العالم أبو عبد الله بن عرفة الذي 
قرأت عليه سنين كثيرة »قرأت عليه بعض مسلم وسمعت عليه جميعه وجميع البخاري 
والموطأ وعلوم الحديث لابن الصلاح وجميع التهذيب مرارا وابن الحاجب الفرعي وكثير 
من الأصلين والمعالم الفقهية لابن التلمساني وجمل الخونجي بشرح ابن واصل وقرأت 
عليه مختصهه في المنطق وفي الأصلين وأجازني جميع ما يحمله ويرويه وغيرهم 
كثيرون” » وعليه فليس هناك أدنى شك »أو ما يدعو للاستغراب إذا كان موصوفا بشيخ 
الاسلام من قبل علماء عصره عفنظرا لملازمته للعلماء وأخذه عنهم واجازتهم له ومنهم 
حسبما ذكر في فتاوية نقلا عن صاحب نيل الابتهاج الامام ابن عرفة الذي لازمه نحو 


1 التنبكتي» المصدر السابق» ص575 » الكتاني» المصدر السابق». ج1 .ص 525. 


164 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أربعين عاما »فأخذ هديه وعلمه وطريقته وجالس غيره كثيرا في الفقه والرواية والحديث 
وغيره وحصل بذلك على علما كثيرا! »وقد أخذ عنه غير واحد من طلبة المغرب الأدنى 
نذكر من بينهم أبو القاسم بن ناجي والوضاح والشيخ جلول وغيرهم”» أما عن أبرز 
تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر : 


عبد الرحمن الثعالبي (ت 875ه/1471م): الذي سبق لنا التعريف به ءوالذي أخذ عنه 
في العلوم الفقهية والفتاوى بالدرجة الأولى »واستفاد منها استفادة كبيرة في مجال التدريس 
ءوفي ميدان توليه قضاء الجزائر الذي لم يدم فيه طويلا »وفي ميدان التأليف كذلك” . 


3-1 التفسير : 


إلى جانب علم الفقه وعلم القراءات والرسم ءاهتم طلبة المغرب الأوسط بالمغرب 
الأدنى بدراسة علم التفسير*الذي وجد عناية كبيرة من المسلمين لأنه منبع العلوم الشرعية 
التي تعتمد على منهج القرآن والسنةءواذا أردنا الوقوف عن جملة كتب التفسير التي 
اعتنت بتفسير القرآن وتدبره حتى يسهل على الناس معرفة أحكامه وما فيه من أوامر 


ونواهى وكانت متداولة بين علماء وطلبة المغرب الاسلامى نذكر كتاب "الزنمخشري”"3 


ˆ التنبكتي »نيل الابتهاج»المصدر السابق .ص373. 

ابن مريم» المصدر السابق»ص152 »التنبكتي .كفاية المحتاج »المصدر السابقءج2 .ص18 .التنبكتي 
»نيل الابتهاج »المصدر السابق »ص374. 

7 ابن مريم»البستان »المصدر السابق»ص 152 .التنبكتي .كفاية المحتاج »المصدر السابق»ج2 .ص18 
.التنبكتي ءنيل الابتهاج »المصدر السابق»ص374 »رمضان يخلف ,المرجع السابق .ص25. 

4 يقصد بالتفسير بالمأثور ما نقل عن الأقدمين »ويشمل ذلك تفسير القرآن والسنة وأقوال الصحابة 
والتابعين ءينظر الذهبيءالتفسير والمفسرونءدار إحياء التراث العربي »بيروت .ج1 »ص152 . 

° هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي من كبار أئمة العلم و التفسير واللغة والدين 
والأدب ولد سنة 467ه »وسافر إلى مكة وبقي بها زمنا ثم تنقل بين البلدان وعاد إلى الجرجانية »وتوفي 
بها سنة538ه ءله عدة مؤلفات منها المفصل وأطواق الذهب والأنموذج والمقامات والكشاف وهو أشهر 


165 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الكشاف الذي شرحه محمد بن عطية »وقد وصل هذا الشرح إلى بلاد المغرب في منتصف 
القرن الرابع عشر! وأيضا على الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي ثم ظهرت عدة 
تفاسير للقرآن الكريمءأما عن أبرز شيوخ التفسير بالمغرب الأدنى نذكر : 

-عبد الستار التونسي(ت749ه /1348): هو أبو عبد الله بن عبد الستار التونسي يعد 
أحد علماء تونس الأخيار »إلى جانب كونه امام وخطيب جامع الزيتونة ومفتيها* عرف 
عند علماء عصره وطلبة المشرق والمغرب الاسلامي إلى جانب فضله وورعه ومتانة دينه 
والالتزام به »بغزارة رصيده العلمي والمعرفي الذي أشاع به أنوار البلاد الاسلامية برمتها 
ءوليس المغرب الأدنى فحسب ءحيث كان لتكوينه الدراسي الجيد على أبرز شيوخ العلم 
حينها دور وفضل في تهافت طلبة العلم من كل حدب وصوب للأخذ عنه والاستفادة من 
علومه وخصوصا علم التفسير خاصة » وصفه لنا صاحب نيل الابتهاج قائلا:'وهو ثاني 
أبي الحسن المنتصر في الفضل والولاية والعلم »والمستمع الراوية العالم العامل خطيب 
جامعة الأعظم »امام من أئمة الفروع والتفسير وسراج يقتدى به »انتهى فضله إلى أقصى 
أمد وأنار بأنوار معارفه البلاد »وترادف عليه القصاد .... ولازمته وشاهدت له كرامات 
ومقامات لا تصدر إلا عن مثله"”,ومن أبرز تلامذته في علم التفسير بالمغرب الأدنى 
وغيره »فنجد قد أخذ عنه كل من الامام ابن عبد السلام وخالد البلوي“أما فيما يخص 


أبرز طلبته الذين استفادوا منه في هذا العلم من طلبة المغرب الأوسط فنجد: 


كتبه وتناول فيه تفسير القرآن الكريم وغيرها من المؤلفات ينظر ابن خلكانء»المصدر السابق»ج5 
.ص 169 .الزركشي تاريخ الدولتين »المصدر السابق»ج7 ص178» الغبريني عنوان الدراية »المصدر 
السابق»ص 364. 

3 ابن خلدون » المقدمة »المصدر السابق »ص440 . 

* محمد بن مخلوف»شجرة النور المصدر السابق:»ص210. 

3 التنبكتي »كفاية المحتاج »المصدر السابق»ج2 .ص37. 

مت ف ما ت اا اسايق عضن 210 


166 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المقري الجد" (759ه/1358) : سبق لنا ترجمته »كان آية من آيات الله الكبرى»وكانت 
له معرفة تامة بالعربية والآداب والتاريخ علاوة على العلوم الشرعية قال ابن الخطيب في 
الاحاطة بخصوصه :كان مشارا إليه اجتهادا ودؤبا وحفظا وعناية واضطلاعا ونقلا ونزاهة 
“يقوم أتم قيام على الفقه والتفسير والعربية »ويحفظ الأخبار والتاريخ ويشارك مشاركة 
فاضلة في الأصلين والجدل والمنطق »ويكتب ويشعر ...ويتكلم في طريق الصوفية 
ويعتني بالتدوين” »ومن تأليفه :القواعد والحقائق والرقائق في التصوف .والتحف والطرد 
في غاية الحسن :وعمل من طب لمن حب »مشتمل على فنون من احاديث حكيمة 
كأحاديث الشهاب وسراج المهتدين لابن العزلي وشرح جمل الخونجي” ومن أشهر تلامذته 


لسان الدين ابن الخطيب وعبد الرحمن بن خلدون وغيرهم “. 


ومن هذا كله يتضح لنا أن الامام المقري لم يكن فقط طالبا وانما كذلك كان مدرسا تكوّن 
عليه وتخرج عليه العديد من التلاميذ من طلبة المغرب الاسلامي »كما كان إلى جانب 


ذلك مؤلفا اشتهر بالعديد من التصانيف التى أثر بها الجانب الثقافى. 


_ البرزني(ت844ه/1440م) :هو أبو القاسم بن أحمد بن محمد بن المعتل البلوي 
القيرواني الشهير بالبرزلي »أحد تلامذة ابن عرفة الذي قرأ عليه سنين كثيرة ما تزيد على 
الثلاثين سنة »وعن ذلك يقول صاحب البستان ابن مريم 'قرأت عليه بعض مسلم وسمعت 


عليه جميعه »وجميع البخاري والموطأ وكثير من الأصول والمعالم الفقهية لابن التلمساني 


7 أصله من مقرة بفتح الميم وتشديد القاف وهي قرية من قرى بلاد الزاب سكنها سلفه ثم تحولوا لتلمسان 
وبها ولد ونشأ وأخذ تعليمه عن علماءها »ينظر ,التنبكتي .كفاية المحتاج»المصدر السابق»ج2.ص75 
.ابن الخطيب «الاحاطة .مج2 .ط1 1974 .القاهرة .ص201 . 

2 نفسه »مج2 .ص226 التنبكتي ءنيل الابتهاج»المصدر السابق »ص395 ءيحيى ابن خلدونءالمصدر 
السابق »ص121 . 

3 ابن مريم المصدر السابق .ص164-163 ,التنبكتي »كفاية المحتاج»المصدر السابق»ج2 .ص84. 
* نفسه .ج2 .ص84 . 


167 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


»وسمعت عليه كثيرا من المحمصل والقاء التفسير غير مرة وأجازني جميع ما يحمله 
ودرويه"!؛ أما عن أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط الذين أخذوا عنه في مجال 


التفسير فنذكر : 


-عبد الرحمن الثعالبي: (ت875ه/1471م):قال السخاوي بخصوصه نقلا عن التنبكتي 
ما يلي:'كان اماما علامة مصنفا »اختصر تفسير ابن عطية في جزأين»وشرح فرعي ابن 
الحاجب في جزأين »وعمل في الوعظ والرقائق وغيرها”»عرف الثعالبي بحبه للعلم والرغبة 
في تحصيله وفي هذا الصدد نجده قد أخذ مبادئه الأولى في قريته ءثم بعدها انتقل إلى 
بجاية سنة( 802ه/1400م) حيث أخذ فيها عن شيوخها العلماء »ويعد ذلك انتقل إلى 
تونس سنة(809ه/1406م) وأخذ فيها عن الامام البرزلي »وحول هذا يقول 'ثم دخلت 
تونس عام تسعة أوائل عشرة »وأصحاب ابن عرفة متوافرون »فأخذت عنهم كشيخنا واحد 
زمانه أبي مهدي عيسى الغبريني» وشيخنا الجامع بين علمي المنقول والمعقول أبي عبد 


الله الآبي »وأبي القاسم البرزلي وأبي يوسف يعقوب الزغبي وغيرهم". 


ثم ارتحل بعدها إلى القاهرة »وأخذ عن علمائها وعلماء بلاد المشرق قبل عودته إلى 
مدينة الجزائر واستقراره بها »حيث أسس فيها رواية معروفة ومسجد مشهورءواشتعل 
بالتدريس والتأليف إلى أن توفي سنة 875ه/1470م ودفن بزاوبته و هو يزار إلى يومنا 
هذا“ »وهكذا نجد رحلاته العلمية الكثيرة في سبيل التحصيل العلمي » قد أفادته افادة كبيرة 


+ ابن مريم البستان »المصدر السابق»عص.ص 151.150. 

7 التنبكتي كفاية المحتاج »المصدر السابق»ج1 .ص201. 

3 عبد الرحمن الثعالبي »الجواهر الحسان في تفسير القرآن .طبعة الشركة الوطنية للنشر والتوزيع .الجزائر 
1.ص40. 

“4 يحيى بوعزيز أعلام العلم والثقافة. ج2 .ص108. 


168 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ونلمس ذلك من خلال ملازمته للعديد من شيوخ العلم البارزين وفي مقدمتهم الشيخ البرزلي 
الذي أفاده افادة واسعة في علم التفسير. 


أما عن أهم مؤلفاته في علم التفسير فنذكر منها :"الجواهر الحسان في تفسير 
القرآن". و 'العلوم الفاخرة في أحوال الأخوه' »و روضة الأنوار ونزهة الأخبار' و"المختار 
في الجوامع في القراءات" » و'شرح مختصر ابن الحاجب في الفقه"' وبذلك عفقد أثر عبد 
الرحمن الثعالبي بتأليفه في التفسير والفقه والتصوف الحقل العلمي»وأخذ عنه علماء 
كثيرون منهم على وجه الخصوص علماء مسقط رأسه نذكر من بينهم محمد بن يوسف 
السنوسي وأخوه لأمه علي بن محمد النالوتي ومحمد بن عبد الكريم المغيلي وابن مرزوق 
الكفيف” . 


4-1 الحديث: 


يعتبر هذا العلم من بين العلوم التي عرفت اقبالا من قبل التلمسانيين وهو علم بالقوانين 
التي يعرف بها أحوال السند والمتن وغايته معرفة الحديث الصحيح من غيره وينقسم إلى 
قسمين: علم الحديث بالرواية »وعلم الحديث بالدراية »ومن أشهر كتب الحديث التي كانت 
في متناول علماء المغرب الأوسط نجد كتب الصحاح منها صحيح مسلم »صحيح 
البخاري»وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن أبي دوود وجامع الكناني»” وقد ظهرت 
شروحات عدة في الحديث منها شرح على صحيح مسلم لأبي محمد خلفة بن عمر الوشتاني 


“درس في تونس زمنا »وهو محدث ومفسر »له كتاب في الحديث يسمى اكمال المعلم »وقد 


1 يحيى بوعزیز »أعلام العلم والثقافة »المرجع السابق.ص108. 
2 ابن مریم »المصدر السابق» ص190. 
5 لخضر العبدلي»المرجع السابق.ص268. 


169 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


حضي باهتمام المحدثين في العصر الحفصي لأنه تضمن عدة شروحات ومنها شرح كتاب 


المازري! والقاضي عياض”. 


وللإشارة ءفقد تعددت المؤلفات في علم الحديث ومنها "المستوفى في رفع أحاديث 
المصطفى" ءو'سنن القوم في آداب الليلة واليوم" جميعها للمحدث التونسي عثمان ابن 
عتيق القيسي المهداوي المتوفى سنة( 659ه/ 1261م)” »وكذلك عبد الرحمن بن محمد 
بن علي الأنصاري الأوسي المعروف بابن الدباغ المولود بالقيروان سنة 
(605ه/1208م)ءوالمتوفى سنة( 699ه /1299م)ءله الأريعون حديث »و 'مشارع أنوار 
القلوب ومفاتيح أسرار الغيوب” » ومنهم أيضا ابن بزيزة صاحب المؤلفات العديدة في 
الحديث منها "الاسعاد في مقاصد الإرشاد" وهو رسالة في ثمانية وعشرين ورقة فيها 


أربعين حديثا في فضل القرآن” عأما عن أبرز علماء الحديث بالمغرب الأدنى فنذكر: 


الأبي(ت827ه/1423م): هو محمد بن خليفة الوشتاني أبو عبد الله الشهير بالأبي؟ء 


ˆ هو أبو عبد الله محمد بن عمر التميمي المازري »محدث من فقهاء المالكية نسبة إلى مازر بجزيرة 
صقلية »توفي سنة 536ه .ينظر حوله الغبريني »عنوان الدراية »المصدر السابق»ص382. 

7 القاضي عياض »هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي السبتي المالكي 
»ولد سنة 476ه ورحل إلى الأندلس ».تولى قضاء سبتة »من مؤلفاته »ترتيب المدارك وتغريب المسالك 
وكتاب الشفا في أحوال المصطفى توفي سنة 544ه .ينظر ابن خلكان ءوفيات الأعيان »المصدر 
السابق»ج3 .ص 483. 

3 ابن الشماع»المصدر السابق عص.ص 54-53. 

“محمد محفوظ .المرجع السابق .ج2 .ص29. 

7 نفسه .ج2 .ص291 

° الأبي بضم الهمزة نسبة لأبة قرية من تونس بينظر القرافي »توشيح الديباج »المصدر السابق»ص 189 


100 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وصفه صاحب نيل الابتهاج :'بالامام المحصل النظار المالكي › عالم بالحديث من 
أهل تونس"؛ أما الامام السخاوي فقال بشأنه:"ويعجبني الأخذ عنه”. 
ومما يستفاد من هذه النصوص ٠‏ هو أن العالم الأبي »كان واحدا من علماء الحديث 
البارزين في مدينة تونس حاضرة المغرب الأدنى »وقد تتلمذ على علماءها »وفي مقدمتهم 
الامام الشيخ أبي عبد الله بن عرفة الشهير وقد كان الامام السخاوي من أشد المعجبين 


بالأخذ عنه,أما عن تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر : 


- عبد الرحمن الثعالبي (ت875ه/1471م): الذي افادته رحلاته إلى حواضر العالم 
الإسلامي بعلم غزير أهله بأن تكون رائد من رواد العلم خصوصا في علم التفسير 
والحديث.وفي هذا الإطار يقول :"ثم رجعت لتونس »فوجدت شيخي أبو مهدي عيسى 
الغبريني قد مات وخلفه في موض عه الشيخ أبو عبد الله محمد القلشاني »فأخذت عنه 
ولازمته مدةء وأخذت عن البرزلي في المدة الأخيرة البخاري لم يفتني من سماعه عليه إلا 
ليسير ولم يكن يومئذ بتونس من أعلمه يفوتني في علم الحديث من تعالى ١إذا‏ تكلمت 
أنصتوا بوتلقوا ما أرويه بالقبول فضلا من الله سبحانه ثم توضعا وإذعانا للحق واعترافا 
به" »كما يضيف في ذات السياق أن بعض فضلاء المغارية هنا »ويقصد بذلك بالمغرب 
الأدنى محل وجوده يقول لي :"لما قدمت علينا من المشرق رأيناك آية للسائلين في علم 
الحديث »وذلك فضلا من الله تعالى ومنة منه سبحانه »ومع ذلك لا أسمع بمجلس روي 
فيه الحديث إلا حضرته جعل الله ذلك خالصا ومبلغا إلى مرضاته ونعوذ بالله من أن يكون 


ذلك فخر وة" . 


7 التنبكتي نيل الابتهاج »المصدر السابق»ص193. 
7 نفسه .ص189. 

7 الثعالبي الجواهرء الحسان المصدر السابق»ص25. 
“الثعالبي الجواهرء الحسان »المصدر السابق »ص25 


1/1 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وعليه ومن خلال هذا النص ندرك التفوق الذي أحرزته شفخصية الثعالبي في 
ميدان علم الحديث مثلما أحرزته كذلك في ميدان التفسير :وقد أصبح من خلال هذا 
النبوغ والتفوق آية يض رب بها المثل بين أقرانه العلماء »ومع ذلك فإذنا نجده في آخر 
المطاف .وبعد تلك الرحلة الطويلة في أرجاء العالم الاسلامي يفضل حياة الخلوة 
والتصوف .ولكن هذا لا يعني أبدا أنه كان بعيدا عن مواكبة حركة العصر السياسي ولم 


يكترث بما يجري حوله من أحداث . 


- البطرني :( ت 848ه-/1444م):هو محمد بن سالم بن حسن البطرني الزناتي 
الأنصاري التونسي ءذكره البرزلي نقلا عن التنبكتي قائلا في شأنه : 'شيخنا الفقيه الراوية 
المحدث المسن المقرئ الصالح "' .كما ذكره في نفس السياق قائلا :'وممن أخذت عنه 
الشيخ الراوية المحدث المسن الصالح الزاهد أبو الحسن البطرني ءقرأت عليه القراءات 
السبع” .وكذلك ذكره ابن قنفذ نقلا عن التنبكتي قائلا فيه :'شيخنا الفقيه الخطيب الصالح 
'"”»أما عن تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر :يحيى بن محمد التلمساني (ت 


1605 . 
5-1 التصوف: 


اهتم طلبة المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى بدراسة علم التصوف الذي شهد شيوعا 
وانتشارا واسع في العصر الحفصي "”.وللإشارة ءفقد اتخذت الصوفية عدة أسماء تبعا 
لمؤسسيها عفالشاذلية تنسب إلى الشيخ نور الدين أبو الحسن الشاذلي »الذي يعتبر مؤسسا 


1 الثعالبي» المصدر السابق »ص 97. 

2 ابن مريم »المصدر السابق»ص150. 

7 التنبكتي »نيل الابتهاج»المصدر السابق »ص97 
“ القرافي »المصدر السابق »ص247. 

5 ابن خلدون .المقدمة »المصدر السابق»ص467. 


172 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


للصوفية في افريقية » ولد ببلدة غمارة سنة( 593 ه /1197م )ءومنها العروسية والتي 
تنتسب إلى أحمد بن عروس الهواري المولود سنة( 778ه /1376م)ءسافر إلى المغرب 
الأقصى وأقام مدة ءثم عاد إلى تونس ولازم الصلاة بجامع الزيتونة وشاع خبره حتى سمي 
بسلطان المدينة والتف حوله الناس وينى له السلطان الحفصي محمد المنتصر الزاوية 
المعروفة باسمه » ولم يكن التصوف مقتصرا على الرجال »بل هناك من النساء من 
اشتهرت ومنهن السيدة المنوبية عائشة بنت عمران ابن الحاج سليمان والتي ولدت سنة( 
9ه /1193م )وحفظت القرآن الكريم »وكانت تمتهن الصوف وغزله ءثم انتقلت إلى 
العاصمة تونس »واتصلت بالشيخ أبي الحسن الشاذلي وتلقت عنه طريقته »وبنت لها زاوية 
انعزلت فيها للعبادة » إلى أن توفيت سنة( 665ه ١1266م)‏ .وكان ذلك في زمن الخليفة 
المنتصر الحفصي. 


وقد تمخض عن الصوفية ظهور مؤلفات تتناول سيرة ومناقب الأولياء الصوفيين 
»ومن أشهر المؤلفين في هذا المجال »علي بن عمر بن محمد أبي القاسم الهواري »وهو 
تونسي الأصل ولد سنة( 584ها1188م) وكان من أصحاب الشيخ ابن سعيد الباجي 
»ألف عدة كتب في مناقب الأولياء منها 'مناقب الأولياء وبيان ترياتهم ومزاراتهم'و 'مناقب 
أبي الحسن الشاذلي" وأبي سعد الباجي وغيرها ' ءأما عن أبرز علماء التصوف بالمغرب 
الأدنى نذكر: 

الزغبي(860ه/1455م): أبو يوسف يعقوب العلامة الفقيه المحقق المفتي من 
أكابر أصحاب ابن عرفة التونسي »ولي قضاء القيروان ثم الجماعة بتونس بعد أبي مهدي 


عيسى الغبريني”» أما عن أبرز تلامذته الذين أخذوا عنه في علم التصوف فنجد: 


2 التنبكتي »نيل الابتهاج »المصدر السابق .ص 645 »كفاية المحتاج »المصدر السابق ج2 .ص 264. 


1/3 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


عبد الرحمن الثعالبي (ت 875ه/1471م) الذي سبق لنا ترجمته. 


الزييدي: (ت 740ه ا1339م) هو محمد بن حسن بن عبد الله القرشي التونسي عالم 
صالح وزاهد »اشتهر بعلمه وخاصة علم الأنساب »غير انه وللأسف لم تطلعنا مصادر 
ترجمته بمعلومات وافية عنه خصوصا فيما يتعلق بتكوينه العلمي »وعن مشيخته ورحلاته 
العلمية باس تثناء ما ذكره ابن بطوطة حوله في رحلته بكونه:"من علماء تونس"ءأما فيما 


يخص تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنجد قد أخذ عنه الامام ابن مرزوق الجد”. 
2- العلوم اللسانية 


2- 1 علوم اللغة العربية: حرص علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى على 
دراسة فنون اللغة العربية الثلاثة سواء النحو أو الأدب أو البلاغة وذلك لتعلقها بعلوم 
الدين وتسهيلا لفهم أحكامه »ففي النحو فقد تدارس طلبة العلم في المغرب الأدنى 
كتاب (سيبويه)ة .و (ألفية ابن مالك)4 


1 ابن بطوطة»المصدر السابق»ص 85 

ت#نفسهء»ص 85. 

3 سييويه»أبو بشر عمر بن عثمان الحازمي الملقب بسبويه »إمام النحاة وأول من بسط علوم النحو »ولد 
سنة 148ه وتوفي سنة 180 »ينظر ابن عماد الحنبلي »شذرات الذهب «المصدر السابق»ج10.ص 
2 الذهبي سير أعلام النبلاء المصدر السابق» ج80 .ص351. 

4 ابن مالك هو أبي عبد الله محمد جمال الدين بن مالك المولود سنة 600ه والمتوفى سنة 272ه إمام 
في النحو »ومن أشهر مؤلفاته كتاب (الخلاصة) الذي عرف بين الناس باسم (الألفية) جمع فيه خلاصة 
علمي النحو والتصريف .وأشار فيه إلى مذاهب العلماء وبيان ما يختاره من الآراء من مقدمة كتاب شرح 
ابن عقيل تأليف محمد بن محي الدين عبد الحميد ج1 .ص70 :10. 


1/4 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وكتاب (الجمل) للزجاجي! و(المفصل) للزمخشري .كما عكفوا على دراسة بعض 
كتب ابن عصفور” ومنها (المقرب)ءولم يقتصر الأمر على دراسة هذه الكتب فقط .بل 
قام أدباء المغرب الأدنى بوضع الشروحات والمختصرات” على هذه الكتب تسهيلا لطلبة 
العلم. 


أما عن فن البلاغة فلم يحظى باهتمام كبير من قبل أدباء المغرب الاسلامي وفي 
مقدمتهم أدباء المغرب الأدنى »ويرى ابن خلدون أن السبب في ذلك أنهم يعتبرون العلوم 
البلاغية شيء كمالي في العلوم اللسانية” بولذلك لم يأخذوا من علوم البلاغة بعلم 
البديع وذلك لإضفاء جمال على اللفظ ءولذلك أكثروا من المحسنات البديعية من جناس 
وسجع ونحو ذلك »وهو ما أدى إلى التكلف والمبالغة في ذلك ءأما بالنسبة لفن الأدب في 
المغرب الأدنى والذي شمل النثر والشعر.فقد عرف هو الآخر اهتماما من قبل سلاطين 
المغرب الأدنى ولو بدرجة اقل مقارنة بما عرفته العلوم الدينية ءواذا أردنا الوقوف عن 


جملة علماء المغرب الأدنى الذين برزوا في المجال اللغوي والأدبي نذكر: 


ˆ الزجاجي .هو أبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق النهاوندي شيخ العربية في عصره من كتبه (الجمل 
الكبرى) و(الزاهر) توفي سنة 337ه .ينظر محمد بن مخلوف .شجرة النور الزكية »المصدر السابق٬1‏ 
.ص226»التنبكتي نيل الابتهاج المصدر السابقءج ص74. 

7 ابن عصفور »هو أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرميءولد بإشبيلية سنة 597ه 
ام أديب ونحوي شهير نزيل تونس »توفي سنة 667ه ءينظر الغبريني ءعنوان الدراية »المصدر 
السابق »ص317 ١النيفر‏ »عنوان الأديب عما نشأ بالبلاد التونسية من عالم وأديب .جءالمرجع السابق2 
.ص 339. 

الغبريني» المصدر السابق .ص123. 

“ابن كلحدوخ ؛المقدمة #المضدن السايق »ص 552: 

د يوسف أحمد حوالة» المرجع نفسه»ج1:ص197. 


1/5 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- ابن القصار(ت790ه/1388م): هو أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي التونسي 
الشهير بابن القصار كان على ما قيل إماما علامة محققا عارفا بالنحو وغيره »كما عرف 
بكثرة شروحه منها شرح حسن على البردة »وشرح شواهد المغرب في مجلد وحاشية على 
الكشاف حسب ما قيل » كان حيا بعد التسعين وسبعمائة حسب مصادر ترجمته! غير أن 
هذه المصادر لم تطلعنا على تكوينه العلمي وخصوصا فيما يتعلق بالشيوخ الذين تتلمذ 
عليهم ورحلاته العلمية في سبيل استكمال نبوغه وبلوغ نهمه العلميءأما عن أبرز تلامذته 
من طلبة المغرب الأوسط الذين أخذوا عنه في هذا الفن اللغوي نذكر: 

- ابن مرزوق الحفيد (ت842ه ا1439م) الذي اشتهر بشرحه لقصيدة البردة والتصانيف 


الشهيرة حسب مترجميه”. 


- ابن عصفور: (ت 670 12711م3 فق أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن 
علي الحضرميء ولد بإشبيلية سنة( 597ه12001م) أديب نحوي شهير »نزيل تونس »كان 
حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس بسبب سعة إطلاعه وتفوقه العلمي وقد وصفه 
الغبريني في هذا الصدد قائلا عنه: 'شهير الذكر رفيع القدر من أهل إشبيلية قرأ بها على 
جماعة من أكابر العلماء ومنهم أبو علي الشلوبين فحصل له ما لم يحصل لغيره"". 


عرف بتنقلاته بين كل من الأندلس ويجاية التي اس توطن فيها »وكان بها أستاذ 


للأمير أبي يحيى بن عبد الواحد أبي حفص .ثم ارتحل إلى حاضرة افريقية فحظي بها 


1 التنبكتي .كفاية المحتاج »المصدر السابق» ج1»ص43. 

7 القرافي »المصدر السابق .ص53 »محمد بن مخلوف المصدر السابق »ص226. 
3 محمد بن مخلوف »شجرة النور»المصدر السابق.ص266. 

* نفسهء,ص 266. 


1/6 


الفصل الثالث: :..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


عند المنتصر بالله1 وكان أحد خواص مجلسه »أحد أساتذته الذين كانوا يدرسونه إضافة 
إلى خلف كثير من الطلبة الذين أقبلوا عليه وأخذوا عنه وانتفعوا به بما فيهم طلبة المغرب 
الأوسط .وللإشارة »لم يشتهر أبي الحسن بن عصفور بالتعليم والتدريس فقط وانما عرف 
كذلك بالتأليف العديدة » ومنها "المقرب" وهو كتاب بارع وضع شروحات عليه وعلى 
الجمل وله 'شرح أبيات الايضاح" ولم يسبقه أحد بمثله »كما نجد كلامه في جميع تأليفه 
سهل منسك محصل” »وان تآليفه النحوية هذه وان دلت على شيء فهي تدل على مكانته 
الأدبية الرفيعة» وبالتالي يستحق أن يكون حسب قول صاحب عنوان الدراية "أن يكون 
كلامه مقدما على كلام غيره من المعبرين من النحاة"3,أما عن أبرز تلامذته من طلبة 


المغرب الأوسط الذين أخذوا عنه فى ميدان الدراسات النحوية فنذكر: 


- أبو اسحاق التلمساني(ت 699هاه1299م) :هو أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر 
الأنصاري المعروف بالتلمساني الامام الفقيه الأديب »العارف بالش روط المبرز في 
الفرائض أخذ عن أبي علي الشلوي ءولقي ابن عصفور وابن عميرة وابن محرز وأجازوا له 
»وعنه روى جلة منهم أبو عبد الله بن عبد الملك «صاحب تأليف المنظومة المشهورة في 
الفرائض تعرف بالتلمسانية »التي لم يؤلف مثلهاء وأخرى في السير ومدح النبي صلى الله 
عليم وسلم”. 


“هو الأمير المنتصر بن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد أبي حفص كان ببجاية ثم تولى السلطنة بتونس 
(647ه-675ها1249م) وهو الذي نكبه وذلك بالالقاء به بثيابه بالجابية »وتثاقل الحاضرون عن 
اخراجه »ولما رجع لمحله بثيابه >المبتلة »وكان اليوم شديد البرد أصابته حمى مات بسببها بعد ثالث يوم 
ءينظر الغبريني »عنوان الدراية»المصدر السابق .ص267. 

7 نفسه .ص 267. 

3 الغبريني » عنوان الدراية» المصدر السابق »ص268. 

مم يخ مكلوق ؛ المصيدر الان ص 202 


177 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- ابن عريية ( ت 659ه ١1261م):!‏ هو أبو عمرو عثمان بن عتيق بن عثمان القيسي 
المهداوي المعروف بابن عربية »أحد العلماء الأعلام وأئمة الاسلام »كان حافظا للحديث 


مقدما في علوم الأدب فحلا من فحول الشعراء” . 


وللإشارة »فقد برز ابن عربية في شعر المدح وقد أجازه الأمير الحفصي أبو زكريا 
بجائزة سنية »وتشهد عليه في ذلك تصانيفه المفيدة التي ألفها في هذا الميدان كتاب الزهرة 
في مسند العشرة" »وكتاب "آثار الصحابة" وله ديوان في مدح السلاطين الحفصيين سماه 
'قصائد المدح ومصائد المنح" وغير ذلك وله تخمين نفيس على الشقراطسية“وللعلم فقد 
كان من نظراء ابن الأبار ومن خواص الأمير أبي زكريا الحفصي وله قصيدة مدح بها أبا 


زكريا المذكور متشوقا إلى المهدية المنستير : 


كر جدة الك تهب لي وين خجاة مكن.والتسساتير 
وهنا اى العا الت سقفت ما شان نان يها المعاطيز 
لكن بها رجم مجوفة يست من أن تقررييي منها المقاديز 
ومن أجمل ما قاله مهنئا الخليفة المنتصر ومعزيا له في أبيه ما يلى: 


يلد الزمال للفتى ثم ييوقع بضرر هذا الدهرٍ ثم ينتفع 
لئن قد انطوّى طود الإمامة فلقد جلّى شمش الخلافة مطاغ؟ 


ايحية ىن ت اد ا ه189 : 

2 نفسهء»ص 189. 

نفسه»ص189- 190. 

4 هي قصيدة لامية في مدح النبي »وهي تتكون من 35 بيتا من بحر وسيط »وهي لعبد الله الشيخ يحيى 
بن علي زكريا الشقراطيسي - توفي سنة 466ه بينظر محمد محفوظ .تراجم المؤلفين المرجع 
السابق. ج3اص204. 

5 ارق مكارت التصيدر افا 150 

أ مد القن ء المرجم الان ا271 


178 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ولم يكن لون المدح مقتصرا على مدح السلاطين» وانما مدحت من خلاله المدن 
التونسية كذلك شأن المهدية والمنستيرء ومن أبرز الشعراء الذين حذو حذو ابن العربية 
التونسي في هذا اللون من الشعر ونقصد بذلك المدح نذكر الشاعر: 
- ابن الفكون: أبو علي حسن بن عمر الذي ظهر في أوائل القرن السابع الهجري 141م 
من قسنطينة! ونظم قصيدة امتدح فيها مدينة بجاية قائلا في مطلعها: 


ذفن الان ود وشاكيهما فالناصرية” ما إن مشلها بال 
بر وبحر وموج للعيون به مسارحٌ بان عنها الهم والنكد 


حيثُ الهوى والهواء الطلقٌ مجتمعٌ حيثُ الغتى والمتى والعيشة الرغدة 
2- العلوم العقلية: 


اعتنى علماء المعرب الأوسط بالمغرب الأدنى بدراسة العلوم العقلية التي يهتدي إليها 
الإنسان بفكره وعقله“ وذلك لحاجة الناس لها في قوام أمور دنياهم”, وقد شملت هذه العلوم 
الرياضيات من حساب وجبر وهندسة وفلك وتنجيم وطب وتشريح وعلم الهيئة والكيمياء 
وعلم الفلاحة والميكانيكا وغيرها من العلوم التطبيقية»أما عن أبرز مصنففات التي كانت 


متداولة في هذا النوع من العلوم في مختلف أرجاء بلاد المغرب الإسلامي ءوكانت متناولة 


لتر تي لمر الندارق يمن 334 

7 الناصرية يقصد بها بجاية »ينظر حول ذلك ياقوت الحموي - معجم البلدان»المصدر السابق .ص 134 
ا افر اق خو 

3إين لفون اة والمضبدن التاق »صن 4768 

الكت كتاية المحتاع بالنصور الاق ع1شن3ة: 


179 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


بالتدريس والتعليم' نجد 'أرجوزة ابن الياسمين في الجبر” و'مختصر الجبر" لابن بدر 
الإشييلي” . 

وبالإضافة إلى ذلك كان لهم اهتمام بدراسة تلخيص كتاب أعمال الحساب لابن البناء 
رت 721ه ا1321) * وغيرها من المؤلفات »› غير أنه وعلى الرغم من الكم الهائل من 
المؤلفات عفقد تركزت الدراسات في الحساب والجبر والفرائض في حواضر المغرب 
الإسلامي على تلخيص أعمال الحساب ومختصر الحوفي »وقد صارت هذه المؤلفات 
معتمد عليها من قبل الدارسين والباحثين في هذا المجال ببلاد المغرب وخارجها 
وأصبحت مخور الحلقات الدراسية والمؤلقات الشارحة والملخصة لمسائله”. 


وفي المقابل .فإن هذا لا ينفي وجود علوم عقلية اخرى ببلاد المغرب الاسلامي 
عموما والمغرب الأدنى على وجه الخصوص «ومنها علم الطب الذي ش هد في العهد 
الحفصي اهتماما من قبل سلاطين الدولة الحفصية وفي مقدمتهم السلطان أبي زكريا 
الأول والسلطان أبي فارس الذي أنشأ بيمارستانا عظيما في تونس وبالتالي ظهور كوكبة 
من الأطباء الحفصيين والتي فاقت شهرتها أطباء أوريا في مجال الطب والتي اشتهرت 
بمؤلفاتها القيمة كالطبيب أحمد بن أبي العباس الخميري صاحب كتاب 'تحفة القادم' › 


وأيضا ابن القوبع القرشي المولود سنة( 664 ه ١1265م‏ ) والذي كان له اهتمام بالطب° 


17 محمد المنوني»المرجع السابق»ص 259-258. 

7 ابن خلدون »المقدمة »المصدر السابق»ص 1063. 

7 عبد الله بوخلخال »التعبير الزمني عند النحاة العرب .ديوان المطبوعات الجامعية .الجزائر .ج2اص22 
وما بعدها »فيلالي ٬تلمسان‏ في العهد الزياني المرجع السابق»ج2»ص470. 

“4 ابن مريم »البستان»المصدر السابق »ص 222 

” نفسه »ص 211. 

5 محمد محفوظ » المرجع السابق .ج2 »ص241 ءبرنشفيك» المرجع السابق .ج2 »ص394. 


180 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ءوالى جانب ذلك فقد اهتم الحخمصيون بعلم الفلك والنجوم »حيث عرفوا علم الأزياج! 
وظهرت مؤلفات في هذا العلم منها مؤلفات ابن الكماد أحمد بن علي التميمي الذي ضبط 
الأزياج قبل سنة( 679ه 1280م)2عأما عن أبرز علماء المغرب الأدنى الذين برزوا 


واشتهروا في مجال العلوم العقلية فنذكر: 


- الأبي( ت 827ه 14233م): بحكم ما عرف عنه من فضل وسعة علم » ويروزه 
وتمكنه الجيد في العلوم العقلية »انهال عليه طلبة العلم للأخذ عنه والتزود بمعارفه ومنهم 
الامام ابن ناجي وأبي حفص القلشاني وأبي زيد الثعالبي”»وكغيره من العلماء »فلم يكتفي 
الأبي بالأخذ والعطاء »بل اشتهر بالتصنيف والتأليف منها 'شرح نبيل على صحيح 
مسلم'سماه "إكمال الأكمال",وله 'شرح المدونة" وله 'نظم وتفسير” والى جانب ذلك عفقد 
تولى الأبي قضاء الجزيرة وكان ذلك سنة( 808ها14056م)7 وبذلك فقد كان مشواره 
العلمي حافلا بالانجازات العلمية و المعرفية وتولى المناصب الادارية الساميةءأما عن 


أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط .فقد أخذ عنه : 


- عبد الرحمن الثعالبي (ت 875هل ١1471م)‏ والذي يصفه عندما يتحدث عن حياته 
العلمية في عاصمة الحفصيين قائلا عنه "ثم دخلت إلى تونس في أواخر 


9ه 1406م) وأوائل عام( 14071810) فوجدت أصحاب ابن عرفة متوافرين »فأخذت 


ˆ علم الأزياج » الزيج هو جدول حسابي يبين مواقع النجوم ويحسب سير الكواكب ومنه يستخرج التقويم 
»ينظر عمر فروخ »المرجع السابق»ص 116. 

2 يوسف بن أحمد حوالةءالحياة العلمية في إفريقية»المرجع السابق .ص215. 

7 نفسهء»ص 244. 

“نفسه »ص 244. 

“نفسهء)ص 244. 


181 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


عنهم وحضرت مجالسهم ومنهم شيخنا الجامع بين علمي المنقول والمعقول أبو عبد الله 
محمد بن خلف ا و عمدتي على الا , 

- ابن عرفة: (ت 803ه (1400م) " ذكره ابن حجر قائلا "كان شيخ الاسلام بالغرب 
»مهر في الفنون وأتقن المعقول حتى صار المرجع في الفنون إليه ببلاد الغرب” أما ابن 
القاضي فقد قال في شأنه كان حافظا للمذهب ضابط لقواعده مجيدا للعربية والأصلين 
والفرائض والحساب وعلم المنطق وغير ذلك أما عن سر تفوقه هذا فيعود إلى الاجتهاد 
الذي تميز به والمطالعة والمذاكرة وملازمته لجلة الشيوخ الذين تتلمذ على أيديهم وفي 
مقدمتهم ابن عبد السلام الذي لازمه كثيرا وأخذ عنه الفقه والحديث والقراءات العشر وعلما 
غزيرا »وعلى السطي الفرائض .وعلى ابن أندراس العلوم العقلية وعلى ابن الحباب النحو 
والمنطق والجدل وعلى الأبلي الحساب وسائر المعقول وغيرهم“. 


وبفضل هذا الكم الهائل من الشيوخ الذين تكون عليهم »وما اجتمع له من العلوم 
ستحق بأن يوصف بشيخ الاسلام بالغرب وكان من نتائج ذلك أن رحل إليه الناس 
وانتفعوا به '”.وهكذا فقد كرس حياته للتدريس والفتوى ولم يتولى من المناصب سوى 
الخطابة والامامة بجامع الزيتونة ابتداء من سنة( 772ه (1370م)” »وزيادة على ذلك 


ءفقد برع في ميدان التأليف .ومن أشهرتآليفه نذكر : "الأصول" عرض فيه طوالع 


7 أحمد أبو راس ءفي عجائب الأسفار ولطائف الأخبار - مخطوط 1220 المكتبة الوطنية - الجزائر 
- ورقة 25. 

2 نفسه ورقة 25 . 

7 ابن القاضي المصدر السابق»ص272. 

* محمد يق مخلوف: المصدر السايق:ضص 1060 

” نفسه .ص106. 

° الرصاع » الفهرست» المصدر السابق- ص83 - عاشور بوشامة »العلاقات الدولة الحفصية بدول 
المغرب المرجع السابق .ص85. 


182 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


البيضاوي »ومختصره في المنطق! بالإضافة إلى مختصره في الفقه الذي أفاد فيه 
وأبدع”ءأما عن أبرز تلامذته من طلبة المغرب الأوسط فنذكر ابن مرزوق العجيسي الذي 
أخذ عنه وانتفع بمعارفه في هذا المجال العقلي. 


4-العلوم المركبة: 


4- 1 علم التاريخ: من بين المؤلفات التي استأثر بها المغاربة بشكل عام وطلبة المغرب 
الأوسط بشكل خاص بالمغرب الأدنى نذكر كتاب "تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية" لابن 
النخيل بن ابراهيم بن عبد العزيز (ت 618ه/1221م)3»وكذلك كتاب "العبر" للمؤرخ 
والفيلسوف وعالم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون التونسي (ت 808ه/1405م)“ وتعتبر 
المقدمة الشهيرة جزء منهءو للاشارة فقد كان قدمه هدية للسلطان الحفصي أبو فارس عبد 
العزيزء وكذلك كتاب أبو العباس أحمد بن الحسن ابن قنفذ أو ابن الخطيب (ت 
9ه/1406م) 'الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية" والذي سرد فيه الأحداث التاريخية 
بد من نشأة الدولة الحفصية إلى غاية انهاء الكتاب في سنة( 806ه/1403م)5, "الأدلة 
البتنة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية" لأبو عبد الله أحمد بن الشماع (ت 
6 )))وءوكتاب تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية لمحمد بن أحمد بن اللؤلؤ 
الزركشي الذي كان كاتبا بديوان الإنشاء في الدولة الحفصية (883-820ه/1417- 


8) » وللتذكيرفقد سبق وأن ذكرنا أن المؤرخ ابن النخيل له كتاب بنفس الاسم وريما 


* محمد بن مخلوف ,المصدر السابق »ص 110 .ابن القاضي »المصدر السابق»ج2»ص273. 
7 نفسه .ص110. 

3 محمد محفوظ المرجع السابقء ج1» ص-ص 147-108. 

4 خير الدين الزركلي؛المصدر السابق» ج1» ص-ص 107-106. 
5 ابن قنفد»الفارسية»»المصدر السابق»ص17. 

ابن الشماع »الأدلة النورانية»المصدر السابق»ص12. 


183 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


دل ذلك على أنه أخذ تسمية كتابه من ابن النخيل وقد نقل الزركشى فى كتابه هذا عن ابن 


4- 2 الجغرافيا والرحلات: لقد اعتنى المغارية بتدوين رحلاتهم وإنتاجهم الجغرافي والمعرفي 
الذي خلفوه وراءهم» وقد اتكب علماء المغرب الأوسط على قراءتها وأخذ المعرفة والعبرة 
منها. وفي هذا الصدد» فقد لمع بعض المؤرخين الجغرافيين المغارية الذين مزجوا علم 
الجغرافيا والتاريخ» فكانت كتب الرحلات» ومن أشهر كتب الرحلات التي استفاد منها علماء 
المغرب الأوسط رحلة ابن بطوطة الذي بدأها سنة (725 ه/1325م) وانتهى منها سنة( 
6 هم وقد زار خلالها بلاد المغرب والشام والعراق» وكان قد قدم من خلالها 
وصفا جغرافيا يشمل المدن ككلءوفي كل النواحي وهو الأمر الذي جعل منها ذات طابع 
ممتع للقارئ! و رحلة العبدري الذي مزج فيها بين الوصف الجغرافي الدقيق للأحوال 
المناخية» والمدن والبلدات التي زارها والوصف الثقافي والعلمي» للعلماء وذكر مؤلفاتهم 
وأشعارهم”ءورحلة تخللها الوصف الجغرافي والثقافي هي الأخرى في آن واحد”. وقد كانت 
استفادة علماء المغرب الأوسط من خلال اطلاعهم عليها كبيرة . 


5- نماذج عن اختصاصات علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


استطاع المغرب الأدنى ان يجلب أنظار علماء المغرب الأوسط منذ وقت مبكر 
بحكم صلة الجوار والقربى» فرحل إليه عدد لا يحصى منهمء وقد أشارت كتب التراجم 
والطبقات والسير إلى ذلك مؤكدة على بداية التواصل العلمى والثقافى والبشري بين المغربين 


ابن بطوطة» المصدر السابق»عص-ص 19-18. 
#اسماعيل سرهنك» تاريخ دول المغرب» دار الفكر الحديث للطباعة والنشرء » بيروت 1408» ص 9. 
#رودرت برانشفيك» المرجع السابق» ج1» ص 415. 


184 


الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


والأدنى وخصوصا في الفترة الممتدة ما بين القرن السابع الهجري والتاسع الهجري/ (13- 


وفى هذا الصدد سنورد عينة من علماء المغرب الأوسط الذين حلوا بالمغرب الأدنى 


خلال هذه الفترة» وذلك حسب نوعية اختصاص كل واحد منهم على سبيل المثال في هذا 


الجدول التالي» وقد جاء ترتيبهم زمنيا باعتماد مجموعة من المصادر المتوفرة : 


. 


نوغ الت 


اسم الرحالة 


أبو العباس 
الغبريني 
(ت704ه/130 
4م( 


الآبلي 


(757ه/1358 


م( 


الشريف 
لتلمساني(ت 
1/4771( 
ابن الخطيب 
الجد(ت 
1م 


( 


5 


1 


1 


ا 


155 


3 
3 


5 


0 


2 


5 
ك 


المصدر 


الغبريني »عنوان 


الدرايةهص 05 


الحفناوي »المرجع 


السابق ص93 


ابن مريم البستان 
»ص 167 


السابق »ص107. 


الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ابن مرزوق 
الحفيد(ت 
2م 
( 
ابن مرزوق 
الكفيف (ت 
1496/1ء 
( 
الونشريسي 
(834ه/1430 
م( 
ابني الإمام 
أبوزيد 
(ت741ه/134 
0م( 
ابني الإمام أبو موسى 
(ت 749ه/1348م) 
عبد الرحمن الثعالبي 
(ت875ه/1471م) 
أبواسحاق 
التلمساني 
(ت699ه/126 


6م( 


ابن الفكون 


186 


الحفناوي »المرجع 


السابق »ص 166 


المرجع نفسه» ص167 


ابن القاضي »جذوة 


الاقتباس» ج1:118 


»ص 133 


المرجع السابق »ص 133 


المرجع نفسه»ص 17/76 


المرجع نفسه»ص 17/76 


المرجع نفسه»ص 109 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


(أوائل القرن 
السابع 
الهجري/14م) 


العقباني 
(ت871ه/146 


7( 
الرصاع 


(ت894ه/1 
489.م( 


7 الحفناوي »المرجع 
السابق »ص118 


إن المتتبع لحركة العلماء وطلبة المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى والتي رصدناها من خلال 
هذا الجدول يتأكد لديه ما يلى: 


- ازدهار العلوم الدينية وعلى رأسها علم الفقه وأصوله وأصول الدين والعريية والنحو 
والفرائض والعلوم العقلية من حساب وفلسفة وفلك. 

- سيادة الدراسات الفقهية مقارنة مع باقي الدراسات أو الاختصاصات الأخرى .ويعود سر 
الاهتمام بالدراسات الفقهية» ووفرة الإنتاج الفكري في ذلك لكونها تعد من أعظم العلوم 
الشرعية وأجلها قدرا وأكثرها فائدة لأنها منتقاة من الكتاب والسنة» ولما كانت توفره هذه 
من عرف بالتفوق العلمي الكبير. 

- انتشار ظاهرة التصوف في أوساط العلماء والصلحاءء واحترامهم في أوساط الجماهير 


وتقديرهم. 


187 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ثانياً: منافسة علماء المغرب الأوسط لعلماء المغرب الأدنى 


نظرا للتطور الكبير في المؤسسات العلمية بالمغرب الأوسطء وشيوع ظاهرة التعليم في 
كل مستوياته» أصبح المغرب الأوسط يسير نحو الريادة العلمية وذلك بفضل جيل من 
العلماء الذين أصبحوا شيوخا حاولوا ابراز قدراتهم المنهجية العلمية من خلال ما عرفوا به 
من روح تنافسية شريفة مع جيرانهم من علماء المغرب الأدنى:وللإشارة» فقد تجسدت 
المنافسة في تلك المناقشات التي كانت تدار فيما بينهم والتي كان يشعر من خلالها علماء 
المغرب الأوسط بأنهم يمكنهم بها أن يتجاوزوا المشيخة الحفصية» وأن يكونوا مستقلين في 
الرأي والتفكيرء بل والريادة فيهما!. 

وعن تلك المناقشات التي جمعت بين ثلة من كبار علماء المغرب الأوسط وبعض علماء 
المغرب الأدنى» فقد سجل لنا الونشريسي في معياره جانبا من المنافسة التي جمعت بين 
أبي القاسم الغبريني نجل أبي العباس الغبريني صاحب عنوان الدراية الذي كان قاضيا 
للحضرة الحفصية في تونس وكبيرؤ المفتيين فيها الذي رد بقسوة على كل من المقري الجد 
(759ه/1357م)» والشريف التلمساني (ت 711ه/1369) حول مسألة التراجع على 
الوصية بعد أن يشترط صاحبها عدم التراجع» وكانت هذه الفتوى بين (750ه- 
9 1357م)؛ ورد الغبريني يبدو أنه كان بين سنة (770-765ه/1363- 
8 )2). 


وللإشارة» فلما ورد ابن مرزوق الخطيب (ت 781ه/1379م) على تونس في هذه 


الفترة قبل انتقاله إلى مصر قام بالرد على فتوى الغبريني دفاعا كما قال عن أبي عبد الله 


عبد الد قربان» التلاة 1 ضرت جاية وت 5 » قراءة تأرىخية»› 
1 عبد الجليل قريان» التلاقح العلمي بين حاضرتي بجاية وتلمسان في العصر الوسيطء قراءة تاريخي 
مقال :نمق مجلة عور الحديةة: تيقد 10 حف رة 0013/41494 :سن 155 

2 عبد الجليل قريان» التلاقح العلمي »المرجع السابق» ص 156 


188 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ثم لما علم بذلك الشريف التلمساني رد هو الآخر على كل من الغبريني وابن مرزوق بجواب 
دك 


ويذلك فقد أثرت الدراسات الفقهية والأصولية» وتنوعت فيها طرق الاستدلال والنقاش» 
وبالتالي فقد أفادت الحركة العلمية في تنوع المناهج والرؤى والفكر بحوالي مئة صفحة بين 


جواب ورد وتعقيب في مسألة فرعية واحدة”. 


وفي الواقع» لم تقتصر هذه المناقشات على هذه المسألة» بل هناك مسألة أخرى 
حتى وان بدأت مناقشاتها في عشربنات القرن الثامن سنة (727ه/1326م)» إلا أن علماء 
المغرب الأوسط دخلوا في صلب النقاش في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري/14م: 
وذلك بعدما توطدت أركان مدرسة المغرب الأوسط وهذه المسألة تعلقت بقضية الشرف من 
قبل الأم التي كانت محل جدل بين علماء المغرب الأدنى في بداية الأمرء إذ كان القاضي 
أبو اسحاق ابن عبد الرفيع التونسي يرى أن الشرف لا يثبت من جهة الأم ”» بينما دخل 
علماء المغرب الأوسط في هذا النقاش في النصف الثاني من القرن الثامن في سنة 
(770ه/1368م) وقد مثل ذلك كل من الشريف التلمساني وابنيه عبد الله وأبي يحيى» 
وسعيد بن محمد العقباني» وقاسم بن سعيد العقباني» وعلى بن محمد بن منصور الأشهب 
وكلهم يرى الشرف من قبل الأم بطريقة المغرب الأوسط الذي يفرق بين النسب والفضلية 
كما جاء في فتوى الشريف التلمساني“. 


ˆ عبد الجليل قريان؛ المرجع السابق» ص 156. 

2 الونشريسي» المصدر السابق» ج9» ص-ص 354-268. 

3 نفسهءج 12» ص 394-385. 

4 الونشريسيء المعيار المعرب»المصدر السابق » ج 12» ص 207-193. 


189 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وللعلم» فقد بقيت هذه المنافسة حتى عصر ابن مرزوق الحفيد (ت842ه/1439ء) 
الذي كتب رسالة كاملة حول إثبات الشرف من قبل الأم وذلك سنة( 818ه/1415م)! 
وبقيت فتاوى الشرف تلقي بظلالها في الثقافة السياسية إلى أواخر الدولة الزيانية» فقد حاول 
التنسي(ت 899ه/1493م) أن يثبت شرف نسب الزيانيين ضمن كتابه الذي أهداه إلى 
السلطان الزياني تحت عنوان 'نظم الدر والعقبان في شرف بني زيان'”»وعليه ويفضل هذه 
المناقشات التي دخل فيها علماء المغرب الأوسط مع علماء المغرب الأدنى» أثبتوا تفوقهم 
في النقاش وقدرتهم في المناظرة ومنافسة غيرهم من علماء المغرب الأدنى في المجال 
العلمي والمعرفي» وهو ما جعل المغرب الأوسط يفضل مدارسه وشيوخه وعلماءه موثلا 
لعلماء المغرب الأدنىء يرحلون إليه للعلم والاستزادة من العلوم والتفاعل مع علماءه 
ومناهجهم. 

وخير دليل على اهتمام علماء المغرب الأدنى بعلماء المغرب الأوسط نلمسه عندما 
تم استدعاء العالم التلمساني الآبلي وهو بتونس من قبل السلطان المريني أبي عنان» وعند 
مروره ببجاية توقف للتدريس بها مدة شهر كامل كأستاذ زائر بطلب من علماءهاء كما رحل 
أبو العباس أحمد بن موسى البجائي إلى تلمسان للقراءة على عبد الله بن محمد الشريف 
التلمساني (792ه/1389م) وابن الشريف التلمساني المشهور الذي كان يدرس بالجامع 
الأعظم بتلمسان ويحضره إلى جانب ذلك الطلبة الفاسيين وكان من شأنهم حفظ المسائل 
والنقل على عادتهم”. 

وبهذه المشاركة في المناقشات والتفوق الذي برز به علماء المغرب الأوسط أمام 


جيرانهم من علماء المغرب الأدنى» نالوا عبارات الإعجاب والإثراء من قبل فضائل العلماء 


1 الونشريسي» المصدر السابق» ج 12 ص 3-/207. 
2 التنسي» المصدر السابق» ج1 ص 21. 
ابن مريم»البستان»المصدر السابق» ص 117. 


190 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ليس فى المغرب الأدنى فحسب» بل عند علماء الأندلس» فقد كان لسان الدين بن الخطيب 
يراسل الشريف التلمساني» ويطلب منه تقديمه لمؤلفاته الجديدة! كما كان سعيد بن لبيب 
العالم الأندلسي الشهير كلما أشكلت عليه مسألة راسله فيها وطلب رأيه”ء في ذلك الصدد 


قال فيه ابن عرفة لما توفي: 'لقد ماتت بموته العلوم العقلية"3. 
ثالثاً: تكوين شخصيتهم العلمية 


بالرغم من خصوبة بيئة المغرب الأوسطهء فإن العديد من علمائه فضلوا الرحلة إلى 
بيئات أخرى وفي مقدمتها بيئة المغرب الأدنى التي كانت تستهويهم لما كانت تتوفر عليه 
من مراكز ثقافية كانت تغص بالعلماء الأجلاء للدراسة والمناظرة واستكمال رصيدهم العلمي 
والمعرفي» والسعي إلى نيل الشرف في تحصيل السند» ومن ثم إلمامهم بالفنون المختلفة» 
والمساهمة في تكوين شخصيتهم العلمية» والقدرة على إثبات الذات في أوساط معاصريهم 
قن العا 


فكما هو شائع ومعروف» فإن الكثير من العلماء لم يشتغلوا بالتدريس ولم يتولوا 
المناصب الرفيعة إلا بعد ممارسة الرحلة في طلب العلم التي كانت تشعر الرحالة بالاحترام 
في بلدهم وترفع من مكانته العلمية» بحيث يصير لآرائه وعلمه قيمة» واعتبار عند الناس 
تجعله يقبلون عليه للإفادة والاستفادة» وفى هذا الصدد يرى ابن خلدون أن "من كان قليل 
البضاعة من الحديث فيتعين عليه طلبه ورواياته والجد والتشمير في ذلك"”ءولا يتأتى ذلك 


إلا إذا تميز العالم بالدقة والتحري والاتصال المباشر بالشيوخ» ذلك أن منهاج المحدثين 


1 ابن مريم» المصدر السابق» ص 175.المقري» المصدر السابق» ج6» ص 25. 
2 التنبكتي» نيل الابتهاج»المصدر السابق» ص 438. 

3 نفسه» ص 435 ابن مريم» المصدر السابق» ص 170. 

“ الحسن الشاهدي» المرجع السابق»ج1» ص 97. 

” ابن خلدونءالمقدمة»المصدر السابق»ص 102. 


191 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


يعتمد على تنويع الرواية والبحث على العلوم في السند وطلب الكمال والقرب وكل هذا يعد 
بالنسبة للعلماء مكسبا في رحلات ومصدر فخر على غيرهم! وفي هذا الصدد يذكر صاحب 
فهرس الفهارس أنه لما رجع عبد الرحمن الثعالبي من رحلته وقد حصل على ما أراد من 
الإسناد العالي نال بذلك إعجاب محدثي عصره كما سبق ذكره قائلا :'وكان بعض فضلاء 
المغارية هناك يقول لي:'لما قدمت علينا من المشرق رأيناك آية للسائلين في علم 
الحديث”»وأما عن جملة علماء المغرب الأوسط الذين رحلوا إلى المغرب الأدنى بهدف 
تكوبن شخصيتهم المعرفية نذكر: 
أبو العباس الغبريني: (644ه/1315م)ء ارتحل إلى افريقية أو المغرب الأدنى للاستفادة 
من مجالس الفقيهين أبو العباس بن عجلان (ت 678ه/1879م) وأبو محمد عبد المجيد 
(686ه/1287م)3 فانتفع برؤيتهم » وتبرك بمشاهدتهم”» كما تزود أيضا من علم الأصول 
والتفسير والحديث» وهي علوم من شأنها أن تمرن المؤرخ على تأصيل المسائل وارجاعها 
ببصيرة إلى أصولها ومنابعها ومن ثم تفسيرها وتحليلها من غير إفراط ولا تفربط وهي ميزة 
نجدها عند من جمع بين التاريخ وعلم أصول الدين. 

كما كان للغبريني تكوين علمي على يد كبار اللغويين كأبي عبد الله التميمي الذي 
لازمه طويلاء فقرأ عليه النحو واللغة والآداب والتصوف» وهو ما ساهم في انتفاع صاحب 


1 ابن مرزوق» المسند الصحيح» المصدر السابقء ص 146 التنبكتي» نيل الابتهاج» المصدر السابق» 
ص 179. 

7 مسعود كواتي» وآخرونء أعلام مدينة الجزائر ومتيجة» تصدير عبد الرحمن حاجيات» دار الحضارةء 
ط1 الجزائر 2007» ص 95. 

3 الغبريني» المصدر السابق» ص 357. 

“نفسه. ص 109. 


192 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الترجمة به» وجعل الغبريني يقول عنه :"ما رأيت في علم العربية مثله"!» كما أورد لنا 
الغبريني في كتابه عنوان الدراية النص الكامل لإجازة الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد 
بن حسين الخشني (ت في النصف الأول من القرن السابع هجري/ 13م) للفقيه أبي عبد 
الله محمد بن عبد الحق التلمساني ثم أورد نص رسالة هذا الأخير ثنى فيها عليه”. 

ابنا الإمام: أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله (ت741ه/1340م) وشقيقه 
عيسى بن محمد بن عبد الله أبو موسى (ت حوالي 749ه/1348م) من كبار فقهاء المالكية 
في وقتهماء ولدا ونشآ ببرشك ثم رحلا لتونس حيث واصلا تعليمهما وأخذا عن كبار علمائها 
وعلى رأسهم ابن جماعة» وابن القضار والبطرني وغيرهم» وأدركا الشيخ المرجاني من إعجاز 


المائة السابعة المتوفي سنة (766ه/1364م)3. 


المقري: محمد بن أحمد بن أحمد التلمساني (759ه/1359م) باحث واديب وقاضي 
من كبار علماء المذهب المالكي في عصره. ولد وتعلم بتلمسان» ثم انتقل إلى تونس 
لمواصلة تعليمه على كبار علماءها وعلى رأسهم الإمام عبد الله ابن عبد السلام“وحول ذلك 
يقول:'ثم رحلت إلى تونس» فلقيت بها ابن الجماعة وفقيهها أبا عبد الله ابن عبد السلام 


فحضرت تدريسه وأكثرت 0-57 » غير أننا لا ندري بالضبط كم استغرقت رحلة محمد 


7 الغبريني»عنوان الدرايةهعص 389» مغزاوي مصطفى» أبو العباس الغبريني البجائي 
(ت704ه/1304م) ومنهجه من خلال كتابه عنوان الدراية مقال ضمن مجلة عصور الجديدة» العدد 
4-3: 2012-2011» جامعة وهران» ص 73. 

7 الغبريني» المصدر السابق » صءص 253-252. 

3 محمد بن مخلوفءالمصدر السابق» الغبريني»المصدر السابق» ص 219. 

4 عمار هلالء العلماء الجزائريون في البلدان العربية الإسلامية فيما بين القرنين التاسع والعشرين 
الميلاديين (14/3ه)ءديوان المطبوعات الجامعية؛ الجزائر > 1995» ص71» كذلك عادل نوبهضء المرجع 
السابق»ء ص 312. 
”ناصر الدين سعيدوني» المرجع السابق» ص251. 


193 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المقري إلى تونس» ومتى بدأت وحتى متى انتهت . وبعد عودته إلى بلده تلمسان» شد رحاله 
إلى المغرب الأقصى بقصد الإلتقاء برجال العلم والاستفادة من علومهم ومعارفهم وريط 
الصلة معهم» توفي بفاس يوم الأريعاء 29 جمادى الأول(عام 759ه/1358م) وحملت 
جثته بعدها لتلمسان فدفن بها'. 
الشريف التلمساني:(771-710ه/1379-1310م) 
اشتهر بالفقه »انتقل إلى المغرب الأدنى سنة(740ه/1339م) وحضر مجالسه العلمية وأخذ 
عن مشايخه”. 

وهكذا ساعدت هذه الرحلات التي قام بها علماء المغرب الاوسط باتجاه المغرب الادنى 
بشكل كبيرفي اكتمال شخصيتهم العلمية »و مساهمتهم في بناء النهضة الثقافية في العالم 
الاسلامي . 


رابعاً: تولي المناصب والوظائف الإدارية الهامة 


لم يقتصر اهتمام علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى على دراسة العلوم المتداولة 
وفقطء فهناك منهم من سمحت له الفرصة بفضل ما تميز به من غزارة علم تفوق كفاءته 
من تولى مناصب ووظائف هامة بالمغرب الأدنى ساهمت فى ازدياد شهرته وحسن سيرته 
وصنيعه» ومن بين هذه الوظائف التى شغلوها ببلاد المغرب الأدنى نذكر: 
1-التدريس: اشتهر في هذا الميدان جملة من علماء المغرب الأوسط الذين عرفوا برصيد 
معرفي رفيع المستوى جعل منهم قبلة لطلبة العلم من كل حدب وصوب وعلى رأسهم 


طلبة المغرب الأدنى ومن هؤلاء نذكر: 


1 ابن مردم» المصدر السابق» ص 4 . 
- لسان الدين ابن الخطيب» الإحاطةءالمصدر السابقءج3»ص325. 


194 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأبلي: (ت 757ه/.1356م) أصل أجداده من أبلة بالأندلس» 
ثم انتقلت عائلته إلى تلمسان بالمغرب الأوسطء ويها نشأ وعكف على تحصيل العلم وتدريسه 
مخالفا اتجاه أبيه وأعمامه الذين اشتغلوا بالجندية في ذلك!. 

عرف الأبلي بحبه للعلم» ولقاء الكثير من العلماء داخل تلمسان أو خارجهاء وقد عكف 
على دراسة كتب التعاليم وتفوق فيهاء وقد ساعده هذا النبوغ العلمي الذي تميز به بأن يلتحق 
ويندمج في طبقة العلماء بمجلس السلطان أبي الحسن المربني بفاس الذي صحبه مع غيره 
من العلماء في حركته إلى الأندلس وحضر معركة طريف» ثم انتقل معه إلى افربقية سنة 
(748ه/1347م) ومكث بتونس حيث تفرغ للتدربس بها وقد أخذ واستفاد وانتفع منه العديد 
من علماء المغرب الأدنى وفي مقدمتهم ابن خلدون الذي تعلم عليه وأجازه وقد ذكره في 
رحلته قائلا في شأنه :'ومنهم شيخ أهل المغرب لعصره في العلوم العقلية ومفيد جماعتهم 


أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأبلي» قرأت عليه بعض 'موطأ مالك" وأجازني بسائره"”. 


والواقع» لقد كان الأبلي أحد الأستاذان الذين أثرا في ثقافة ابن خلدون الشرعية 
واللغوية إلى جانب محمد بن عبد المهيمن الحضرمي إمام المحدثين والنحاة بالمغرب الذي 
أخذ عنه الحديث والسيرة وعلوم اللغة كما استفاد منه في العلوم العقليةء وكانت تشمل 
المنطق وما وراء الطبيعة والعلوم الرياضية والعلوم الطبيعية والفلكية والموسيقى”. 

وزيادة على ابن خلدون» فقد أخذ عنه واستفاد وانتفع بعلمه كذلك الإمام ابن عرفة 


التونسي“ والى جانبهم الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة عندما مر بتونس عند عودته 


“عبد الحميد حاجيات» الحياة الفكرية بالجزائر المرجع السابق» ص 451. 

7 ابن خلدون» رحلة ابن خلدونءالمصدر السابق» ص 240. 

3 اسماعيل سراج الدين» مع رحلة ابن خلدون؛ إعداد خالد غرب ومحمد السيدء مكتبة الإسكندرية: 
6 ص ص 15-14. 

مد بن مقر ف المصندر السا حن 221: 


195 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


من رحلته الذي قال هر الكش فى شات ها ل ريت يتون. اذ داك الل الام خاد 
العلماء وكبيرهم أبا عبد الله الأبلي» وكان في فراش المرض» وباحثني عن كثير من أمور 


« 0 
رحللي . 


الشريف التلمساني: (ت771ه/1369م) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد العلوي الشريف 
الحسني المعروف بالشريف التلمساني» ولد بتلمسان سنة (710ه/1310م) ونشأ بهاء وتعلم 
على علمائهاء ذكره عبد الرحمن بن خلدون في رحلته قائلا:'نشأ هذا الرجل بتلمسان وأخذ 
عن مشيختهاء واختص بأولاد الإمام» وتفقه عليهما في الفقه» والأصولء والكلام» ثم لزم 


شيخنا الأبلي وتضلع من معارفه» فاستبحرء وتفجرت ينابيع العلوم من مداركه'2. 


إن هذا التكوين العلمي الذي حظي به أبو عبد الله الشريف التلمساني جعله كغيره 
من علماء المغرب الأوسط قبلة لطلبة العلم للأخذ والاستفادة منه وفي مقدمتهم طلبة المغرب 
الادنى وعلى رأسهم ابن خلدون الذي قال فيه نقلا عن ابن خلدون:"هو فارس المعقول 
والمنقول الفهامة المحقق العمدة الحافظ كان من اعلام العلماء والأئمة الفضلاء أعلم من 
في عصره بإجماع" وقد كان الأستاذ بن لبيب يعترف بفضله ويراجعه في المسائل» ومما 
يذكر عنه أنه اجتمع بابن عبد السلام بمجلس دروسه وعارضه في مسألة كان الحق فيها 
ظهر له» فاعترف بفضله ووقعت بينهما مذاكرات علمية وأخذ كل عن صاحبه“. 


3 انو ر امي الما هن 62 

2 عبد الرحمن ابن خلدون» الرحلة»المصدر السابق» ص 70. 
مخت بن تخوت شه القن الذكية المصددر السا ن 234 
“4 نفسه » ص 234. 


196 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ومن خلال ما سبق ذكره ندرك ذلك الرصيد العلمي الكبير الذي تميز به أبو عبد الله 
الشريف التلمساني والذي جعله يتفرق عليهم في ديارهم والذي نلمسه في تلك المسائلات 
التي كانت تتم بينه وبين علماء عصره ومن بينهم علماء المغرب الأدنى . 
ابن مرزوق الخطيب: (ت 781ه/1379م) عرف بثقافته الواسعة» وتحصيله لمعارف غزيرة 
في شتى أصناف العلوم» وأهله لأن يكون معلماء حيث وبعدما درس في بداية مشواره بمدرسة 
العباد واعترافه من علم ابني الإمام والأبلي بعد رحلته للأندلس بغرناطة في الفترة الممتدة 
من (754-753ه/1353-1352م)! درس عند السلطان أبي سالم من (760ه1358 - 
2ه/1360م) وبعدها كانت وجهته تونس حيث كلفه السلطان أبو اسحاق بالتدريس 
بمدرسة الشماعين وتسمى بالمدرسة الشماعية” وبقي يعلم بها ما بين سنة ( 765ه 1363- 
72 !| ام أي إلى غاية رحلته إلى الاسكندريةة وقد تخرج على يديه العديد من 
فضائل علماء المغرب الأدنى طيلة سبعة سوات كاملة التي اعتكف فيها على التدريس وبث 
العلم والتربية الخلقية التي قضاها بين طلبة المغرب الأدنى“ ومنهم أبو حفص القلشاني» 


وابن التجاني والقلصادي إلى جانب خلق كثير” . 


ˆ المقري »المصدر السابق»ء ج2»ص242. ابن قنفذ القسنطيني» انس الفقير وعز الحقيرء تحقيق أبي 
سهل نجاح» عوض صيام دار المقطم» ط1» القاهرة» 201» ص»ص 141-140. 

2 الزركشيءتاريخ الدولتين »المصدر السابق» صءص 17-32-24» 

3 التنبكتي» نيل الإبتهاج»المصدر السابق» ص 452 نوال بلمداني» المرجع السابق» ص 86 

* يحيى بوعزيزء المرجع السابق» ص 47. 
مكمة ين مخلوق» المصدر ‏ السايق صر 209. 


197 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


2- الكتابة السلطانية: هي أداة استعملها الإنسان لينقل لغيره ما لديه من أفكار 
ومعارف اخترعها 'ءواذا أردنا الوقوف عند جملة علماء المغرب الأوسط الذين تولوا هذه 
الخطة بالمغرب الأدنى فنذكر: 
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد أحمد الإدريسي المعروف بالجزائري:هو حفيد الفقيه 
الجليل اجن عبد الله الإدريس» كان من الأدياء الكتاب» وهو من نظراء الشيخ ابن عبد الله 
التميمي في علم النظم والعريضء ومن صفاته كان حسن النظم والنثر مليح الكتابة» وكان 
كثير التجنيس» يأتيه عفوا من غير تكلف» ولأجل ذلك حسن نظمه»ء وكان مليح التواشيح 
إن طال في شعره أعرب وإن اقتصر واقتصد أعجب. 
أبو عبد الله محمد بن عمر البجائي التنسي المعروف بابن عمر (ت740ه/1339م) هو 
الفقيه المتفنن» الكاتب البليغ العالم الأديب» رحل إلى الحج.ء وأثناء رحلته هذه التفى بكبار 
أئمة العلم وروى عنهم »ومنهم رضي الدين الطبري الذي روى عنه الكتب الخمسة بالحرم 
الشريف سنة (713ه/1313م)2 وقد انتفع بعلمه خلق كثير قال خالد البلوي في شأنه:'له 
شعر رائق ونثر فائق وتآليف متطرفة" وقد أهله مستواه الأدبي بأن يكون صاحب خطة 
الإنشاء بتونس“ . 
محمد بن عمر البجائي المليكشي: (ت740ه/1339م) يلقب بأبي عبد الله التجاني 


المليكشي نسبة إلى بني مليكش بضواحي بجاية فقيه متصوف» وشاعر وأديب» يعد واحد 


1 طيطح نصيرة» الكتابة السلطانية ي عصر الخلافة الأموية بالأندلس (422-316ه/1031-929م) 
رسالة ماجستيرء جامعة وهران» 2009» ص28. 

*مهنة ين موف المضدن السنايق »هن 218 

فة ين مكلوف كنحرة النور الزكية) المضدن السايق .ص 218: 

4 نفسه» ص218. 


198 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


من أكابر علماء المغرب الأوسط في هذه الفترة!»وعند مقتل أبي حمو موسى الأول سنة( 
8ه/930م) واضطراب الأحوال في الجزائرء انتقل إلى الأندلس وأقام بمالقة مدة ثم بعدها 
رحل إلى تونس» وتقلد فيها خطة الكتابة» واستقر بها إلى أن توفي سنة (740ه/1339م) 
ذكره الحضرمي نقلا عن عمار هلال قائلا عنه:"كان صدرا في الطلبة والكتاب» فقيها كاتبا 
أديبا حاجا راوية متصوفا فاضلا صاحب خطة الإنشاء بتونس» ذو تواضع وايثار وقبول 


حسن» له شعر رائق ونثر فائق وكتابة بليغة وتآليف مستظرفة” . 


3- الرسل4 (التمثيل الديبلوماسي)؟: يعد منصب أو وظيفة الرسل من الوظائف 
السياسية التي عرفتها بلاد المغرب الإسلامي إلى جانب وظيفة التدريس والكتابة السلطانية 


ˆ التنبكتي» نيل الإبتهاج» المصدر السابق»ء ص239, المقري»المصدر السابق» ج2» ص240ء 
الحفناوي»المرجع السابق» ص 176. 

2 عمار هلال المرجع السابق» ص 71. 

3 عمار هلال» نفسه» » ص71. 

“ يقال وفد شخص ما على الأمير أي جاءه رسولا وعندما نجمع كلمة وفد تصبح وفوداء والاسم الوفادة» 
وأوفده إلى الأمير بمعنى أرسله وقد ورد السفير بمعنى الرسول الذي يصلح بين قومين» ومن أصلح بين 
القوم فهو سفير » ينظر محمد بن أبي بكر الرازني» مختار الصحاح» دار الكتاب العربي بيروت؛( 
2ه/1987-ص301)» مصطفى إبراهيم وآخرون» المعجم الوسيط. دار -الدعوة» اسطنبول 
(1989/1410-م1- ص 433)» الفيروز أبادي» القاموس المحيط دار الكتب العلمية» ط1» بيروت 
(1416ه/1995م ص 113).» إبراهيم محمد آل مصطفىء سفارات الأندلس إلى ممالك أوريا المسيحية 
الكاثوليكية.( 1031-255/422-138م)- مكتبة الثقافة الدينية» ط1» القاهرة 2013» ص39. 

د تعرف الدبلوماسية بأنها "عملية التمثيل والتفاوض التي تجري بين الدول والتي تتناول علاقاتها 
ومعاملاتها ومصالحا" وهي كذلك 'عملية إدارة وتنظيم العلاقات الدولية عن طريق المفاوضةء وهي 
طريقة تسوية وتنظيم هذه العلاقات بواسطة السفراء حوالمبعوثين كما أنها المهمة الملقاة على عاتق 
الدبلوماسي» أي قل إنها فنه" وعليه فقد اعتبرت كفن لإقناع الآخرين بالإمتثال لما فيه تحقيق المصلحة 
القومية » ينظر إسماعيل صبريء العلاقات السياسية الدولية دراسة في الأصول والنظريات » منشورات 
ذات السلاسل» ط5»؛ الكويت( 1408ه/1987م)» ص 391» محمد فاضل زكي الدبلوماسية في النظرية 


199 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


خلال هذه الفترة المعنية بالدراسة» غير أن المصادر التاريخية كانت شحيحة ولم تطلعنا 
على عدد رسل المغرب الأوسط الذي تقلدوا هذا المنصب ببلاد المغرب الأدنى باستثناء 
محمد بن قاسم العقباني. 
محمد بن أحمد بن قاسم العقباني: (ت 871ه/1467م) ولد بمدينة تلمسان» ولم تذكر 
المصادر متى ولد بالضبط» درس على جده الإمام قاسم العقباني وعلى علماء آخرين العلوم 
العربية الفقهية واللغوية والأصولية» وتضلع مثل جده ووالد جده في مادة الفقه الإسلامي» 
وأصبح له باع في الإفتاء والنوازل ساعده على تولي منصب القضاء بتلمسان ووظيفة 
التدريس!. 

ونتيجة لأحداث السياسية التي عاشها محمد بن قاسم العقباني والمتمثلة في ازدياد 
أطماع السلاطين الحفصيين على تلمسان واماراتها ذهب سفيرا من قبل السلطان الزياني 
إلى تونس» واشترك مع بعض وجوه تلمسان في توقيع الصلح مع سلطان تونس الحفصي 
أبو عثمان بن محمد بن أبي فارس عبد العزيز الذي قرر أن يغزو تلمسان بقواته ليؤدب 
أميرها الجديد محمد بن محمد بن أبي ثابت الذي قام بفرض سيطرته عليهاء واخرج من 
تلمسان صاحبها وأميرها أبا العباس أحمد بن أبي حمو”ءوكان يتكون وفد المصالحة من 
ثلاثة شيوخ هما الشيخ أبو العباس أحمد بن الحسنء والفقيه أبو عبد الله بن أحمد بن قاسم 
العقباني مترجمنا وأبو الحسن على ابن حمو بن أبي تاشفين خال الأمير محمد المتمرد 
والجالس على العرش» واستظهروا له بعقد أمضاه عدد من أعيان تلمسان يؤكد أن جميع ما 


والتطبيق» نشر وزارة المعارف» ط1ء بغداد» (1380ه/1960م) »ص 8,. بدوي محمد طه»ء مدخل إلى 
عنم العاذقات الدولية: ذان الفيضتة الدرية » يريك 41392 2972 عضن 298: 

5 عب الرحمن الجيلالي» المرجع السايق +3 ص 199. 

2 عبد الرحمن الجيلالي» تاريخ الجزائر العام “المرجع نفسه» ص 199. 


200 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


عن عزمه غزو المدينة على أن يبايعوه نيابة عن صاحبها الذي سيدخل تحت طاعتهء 
ويحكم تلمسان بإسمه» فقبل عرضهم ورجاء هم» وأعلن الأمير محمد طاعته له» فرحل وعاد 
إلى تونس في شهر صفر من عام ( 867ه/1462م)!. 

وبحت نت الأميق. الزياتي: سن ف ارق إلى كرتن رقا من قله يحمك هدية إلى 
صاحبهاء تؤلف من القاضي محمد بن أحمد العقباني ورجل من بني عمومه» ذهب إلى 
تونس في أواخر جمادى الثانية( 868ه/1368م)» وعندما وصل هذا الوفد إلى تونس وجد 
السلطان الحفصي مريضا وفي غفوته» فبقي ينتظر حتى فاق من غفوته واستعاد وأبلغ بخبر 
هذا الوفد التلمساني وبالهدية التي جاء بها إليه» ففرح بها غاية الفرح وأمر بتزيين الأسواق 


والساحات العامة ابتهاجا بهذا الحدث السعيد.وفرح السكان واستبشروا خيرا2. 


وللإشارة» فقد بقي محمد العقباني ورفيقه بتونس أريعة شهور كاملة وزيادة» ثم عادا 
إلى تلمسان في شهر ذي القعدة بهدية صاحب تونس وصحبهما مندوب من سلطان تونس 
يدعى محمد بن فرج الغربي ليحضر تسليم الهدية وبؤكد صداقة عرش تونس حاضرة المغرب 
الأدنى لعرش تلمسان حاضرة المغرب الأوسطة3.لكن سرعان ما فسدت العلاقات بين العرشين 
بسبب اثارة الشقاق والشكوك بينهماءففي عام(870ه/1466-1465م) وفد على سلطان 
تونس أبي عثمان زعماء بني عامر وسويد وغيرهم من أعراب تلمسان» وقدموا له شكاوى 
عديدة ضد أمير تلمسان الزياني محمد بن 5 ثابت» وأكدوا له بأن هذا الأمير نكث عهده 
وبيعته للعرش الحفصي بتونس واقترحوا عليه أن يجهز جيشا لغزو تلمسان ومعاقبة هذا 


الأمير العاصي وأعطوا له وعدا ثابتا ليؤيده وبنصره. 


1 عبد الرحمن الجيلالي» المرجع السابق» ص 9. 
2 الزركشي» تاريخ الدولتين» المصدر السابق» ص 30. 
5 عبد الرحمن الجيلالي» المرجع السابق» ج22 ص 100 


201 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وعندها قبل السلطان الحفصي عرضهمء وخرج جنوده من تونس واتجهوا إلى بجاية 
ليلحق بهم بنفسه سنة (870ه/1466م) وتمكن من الاستيلاء على منطقة الأوراس 
وحصونهاء ثم واصل سيره نحو تلمسان عبر الهضاب العليا وبايعه سكانها وعندما وصل 
إلى ظاهر تلمسان عام (871ه/1466م) اصطدم مع سكانها وتقاتلا معهم يوما كاملا 
وتقدم حتى وصل إلى المنصورة وشدد الحصار عليها'ءوعندئذ إلتجأ أعيان تلمسان كالعادة 
إلى الوسائل الدبلوماسية بإيعاز من الأمير الزياني» وتألف وفد للمقاومة تزعمه القاضي 
محمد بن أحمد العقباني وخرج إلى معسكر السلطاني صبيحة يوم السبت وطلب منه العفو 
عما بدر منهم ومن الأمير الزياني وسلموا له عقد البيعة الذي حرره فقبل سلطان تونس 
العرض» ورحل عن تلمسان ورجع إلى بلاده تونس التي وصل إليها سنة (871ه/1467م)”. 

وهكذا يعد الفضل في كل هذه المفاوضات» وهذا الاتفاق إلى القاضي محمد بن 
أحمد بن قاسم العقباني الذي توفي بعد ذلك بعدة أشهر فقط وكان ذلك يوم 23 ذو الحجة 
عام (871ه/1467م)ء وكان على ما يبدو آخر نجم من نجوم أسرة العقباني وأعلامها الذين 
احتكروا منصب القضاءء عشرات السنين ولأجيال عديدة» ولم يحدثنا التاريخ بعد ذلك عن 
علم آخر ولكن من يدري لريما تظهر وثائق جديدة تكشف لنا جديدا عن هؤلاء المعروفين 
وعن الذين لم نعرفهم أصلا. 
4- القضاء : 


يعد منصب القضاء من الوظائف الحساسة في العالم الإسلامي ذلك لأنها عماد 
وقوام الحكم» وهو من الوظائف التي تهدف إلى الفصل في النزاعات والخصومات بين 
الناس وذلك طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة» وللإشارة» فعند 


0 عبد الرحمن الجيلالي» المرجع السابق» ج22 ص 1. 
2 نفسه» ص 102-101. 


202 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


اطلاعنا وتفحصنا لكتب التاريخ بشكل عام وكتب السير والتراجم يظهر لنا أن خطة القضاء 
كانت موجودة بكل حواضر العالم الإسلامي مغريا ومشرقا وعلى رأسها حاضرة المغرب 
الأدنى تونس» وغالبا ما كان القاضي يعين من طرف السلطانء وذلك لأهمية المنصب من 


جهة وخطورته من جهة أخرى! . 


ونظرا لخطورة هذا المنصبء فإن الكثير من فقهاء القيروان بالمغرب الأدنى كانوا 
يمتنعون على تقلده » واذا ما تولى البعض منهم نراهم يعمدون إلى جعل شروط يبدو من 
خلالها إقرار مبدأ الفصل بين سلطة القضاء وسلطة الأمير ”ءوللتملص من تقلد القضاء نرى 
البعض منهم كانوا يستندون ببعض العلل كالتظاهر بالمرضء أو عدم صلاحيتهم للقضاءء 
وعدم القدرة على تحمل طاقته» وتكون حيلة الأمير أو الوالي في الإرغام على القبول باليمين 
في تنفيذ الحق أو التهديد بالقتل كالإلقاء من سقف الجامع أو بإحضار الفقيه لدى الأمير 


ولو في ثوب بيته والسيف بين يدي الأمير إرهابا في القبول” . 


ومع ذلك وبالرغم من خطورته هذه» إلا أن هذا لم يقف عائقا أمام علماء المغرب 
الأوسط في تقلد هذا المنصب بالمغرب الأدنى نظرا لما تميزوا به من رجاجة في العقل 
ورصيد علمي غزير وتفوق وشجاعة. وإذا أردنا التعرف على أشهر علماء المغرب الأوسط 
الذين تقلدوا خطى القضاء بالمغرب الأدنى نذكر: 


7 محمد بن معمرء تاريخ القضاء الإسلامي ببلاد المغرب على عهدي المرابطين والموحدين » رسالة 
ماجستير» جامعة وهران 1993-1992» ص»ص 118-117-116. 

7 أبي عبد الله التميمي القيرواني» تحقيق أنس ابن الشيخ محمد الهادي العلاني المرجع السابق» المجمع 
التونسي للعلوم والآداب والفنون» » ط1ء قرطاج 2004» ص 19. 

3 أبي عبد الله التميمي القيرواني» نفسه » ص 19. 


203 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


أبو مهدي عيسى الغبريني : (ت813ه/1410م) من أهل بجاية» ينسب إلى بني 
غبرين إحدى بطون قبيلة زواوة الأمازيغية بالمغرب الأوسطاء يعد واحد من كبار فقهاء 
عصره» قاض وعالم بالحديث» نشأ بتونس» أخذ عن جملة من العلماء منهم أبو زيد الثعالبي 
وابن ناجي وأحمد القلشاني وعمر القلشاني والبسيلي» وابن عقيبة والزنديوي وأبو القاسم 
القسنطيني وأبو الحسن ابن عصفور وخلائق غالبهم تلاميذ ابن عرفة”. 

إن قائمة هؤلاء التلاميذ الذين درسوا على مترجمنا تثبت مدى سعة علمه ومدى تفوقه 
على أهل زمانه من شیوخ عصره» وقد ساعده نبوغه هذا على أن يتولى قضاء تونس وامامة 
جامع الزبتونة”» وفي هذا الشأن قال أبو العباس القلشاني:"استناب ابن عرفة وقت سفره 
للحج تلميذه القاضي أبا مهدي الغبريني على إمامة جامع الزبتونة» وهو المشار إليه في 
كلامه» وتلميذه حينئذ قاضي الجماعة» ". 

محمد بن قاسم بن عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الرصاع: (ت 894ه/1489م) 
يعد من أشهر علماء الجزائر في تونس خلال القرن التاسع الهجري(/15م)؛ قاض ونحوي 
وخطيب عارف بالحديث» وهو من كبار فقهاء المالكية ولد الرصاع بتلمسان» ويها تلقى 
تعليمه وأخذ عن شيوخهاء غير أنه نشأ في تونس التي استقر بها نهائيا وكان ذلك حوالي 
(831ه/1427م) ونظرا لمستواه الثقافي الجيد وغزارة علمه» بتولى خطة قاضي الجماعة 
بهاء ثم اقتصر في آخر أيامه على إمامة جامع الزيتونة والخطابة والتدريس به حيث تصدر 


للإفتاء واقراء الفقه وأصول الدين والمنطق العربية وغيرها من علوم عصره وقد استمر هكذا 


+ ابن خلدون» العبر» المصدر السابق» ج6» ص-ص 445-196. 

7 التنبكتي» نيل الإبتهاج» المصدر السابق» ص 296» محمد بن مخلوف» شجرة النور الزكيةء المصدر 
السابق» ص 243. 

3 عمار هلالء العلماء الجزائريون في البلدان العربية» المرجع السابق» ص 296. 

4 التنبكتي» نيل الابتهاج» المصدر السابق» ص 296. 


204 


الفصل الثالث:..........الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


إلى أن وافته المنية بتونس!:وعليه يمكن القول بأن سر نجاح علماء المغرب الأوسط في 
تولي منصب القضاء يرجع بالدرجة الأولى إلى التمكن العلمي الذي تميزوا به إلى جانب 


ما تميزوا به من صبر وذكاء ولباقة في عرض الحجج والمناقشة. 


ومنه نستنتج بأن انشغالات علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى لم تكن في 
مجال واحدء وانما كانت متنوعة» حيث نجد منهم من انشغل بالتحصيلء وبالتالي تطوير 
معارفه العلمية وتكوين شخصيته؛ ومنهم من انصب اهتمامه على تولي المناصب الرفيعة» 


وبالتالي أفادواء ومنهم من عكف على الإنشغالين» وبالتالي أفادوا واستفادوا. 


205 


الفصل الرابع 
نماذج من الإنتاج العلمي لعلماء المغرب الأوسط 
بالمغرب الأدنى ما بين القرن السابع والتاسع 


الهجربين/الثالث عشر- الخامس عشر الميلاديين 


أولاً: علماء المغرب الأوسط وظاهرة التأليف 

1- الأسباب السياسية لظاهرة التقصير في ميدان التأليف 

2- الأسباب الشخصية أو الذاتية التي ادت إلى التقصير في ميدان التأليف 
ثانياً: الإنتاج العلمي لبعض علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 
1- في مجال العلوم النقلية 


2- في مجال العلوم العقلية. 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


قدم علماء المغرب الأوسط بالمغرب لأدنىء إنتاجا علميا ثريا و حافلا بشتى العلوم 
والمعارف التي كان لها إسهام الكبير في تقدمه و تقدم الأمة الإسلامية و ازدهارها على 
مدى قرون عديدة» وقد حمل مشعل هذا العطاء و الإنتاج العلمي كوكبة من العلماء 
والمفكرين الذين كرسوا كل جهودهم للدراسة الجادة و البحث العلمي في كل مجالات العلوم 
والفنون وأسهموا من خلالها في دفع الحركة العلمية و النهضة الفكرية في كل الاتجاهات. 


وحتّى نبرز جهود علماء المغرب الأوسط وننشر تراثهم» لأنه تعبير صادق عن ثقافة 
المجتمع» بكل ما تحتويه من كثرة أو قلة» وضعف أو قوة و تقليد أو اجتهادء كان لابد لنا 
في هذا الفصل الرابع والأخير من هذه الدراسة أن نقف عند ذلك الإنتاج العلمي الذي 
عرف به علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى والذين ساهموا من خلاله في إثراء الحركة 


العلمية بدول المغرب الإسلامي بشكل عام و ليس فقط الحركة العلمية بالمغرب الأدنى. 


208 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


اولاً: علماء المغرب الأوسط وظاهرة التأليف: 
عندما نتصفح كتب السير والتراجم» نقف على حقيقتين و هما: 


أولا: ليس كل رحالة المغرب الأوسط الذين حلوا بالمغرب الأدنى خلال الفترة الممتدة ما 
بين القرن السابع والتاسع الهجري/الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين» كان هدفهم 
الدراسة والتحصيل لاستكمال تكوينهم المعرفي الذي بدؤه في المغرب الأوسطء وانما هناك 
نخبة منهم اتجهت نحو ميدان الكتابة والتأليف نظرا لما كانت تتمتع به من رصيد علمي 


وثقافي غزير. 


ثانيا: رغم وصول علماء المغرب الأوسط لهذه المراتب الراقية في العلم وهذه المكانة 
العلمية المتميزة وهذا الاجتهادء إلا أنهم لم يتركوا لنا ثمرات تلك الجهود الفذة في شكل 
مؤلفات» فبالرغم من أنهم قد امتازوا بالجد والتفوق في العلوم» فإنهم قد قصروا تقصيرا كبيرا 
في ميدان التأليف اوخير دليل على ذلك ابني الإمام الذين وصلا مرتبة عالية قلما نجد لها 
نظيرا في المشرق والمغرب الإسلامي › وهما العالمان اللذان خصهما العباس الونشريسي 
بقوله:'وأما ابنا الإمام فأعلاهم طبقة الشيخان الراسخان الشامخان العالمان المفتيان 
الشقيقان العلاماتان آخر صدور المغرب بشهادة أهل الإنصاف شرقا وغريا ابو زيد العلامة 
النظار آخر أهل النظر وجامع أشتات المعارف ابو موسى ابن الإمام” يكفيهما في هذا 


المقام أنهما ناظر تقي الدين بن عماد بن تيمية3 وظهر وتفوق عليه » ومع ذلك 


ˆ عبد الجليل قريان: التعليم بتلمسان المرجع السابق» ص356. 

2 الحفناوي» المرجع السايقءج2ءص 16. 

3 ابن تيمية بن عماد: هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن الله بن تيمية الحرانيء المجتهد, 
توفي سنة 728ه/1327م)؛ ينظر ابن حجر :الدرر الكامنة» ج1» ص 88. ابن ثغري بردي: النجوم 
الزاهزة في مارك مص رارت تكن راهم على طرخان» المؤيسة المصرينة العامة ازى“ 


209 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


فقد بقيت مؤلفات الفقيه ابن تيمية الكثيرة مبثوثة في العالم الإسلامي كله. في الوقت الذي 
لا نكاد نسمع عنهم ولا عما خلفوه من مؤلفات شيئا!.حيث لم تحدثنا المصادر عن هذه 
التآليف ماعدا ابن فرحون الذي ذكر أن لهما تصانيف عديدة دون ان يذكر أسماؤهاء ولعل 
سبب ذلك يعود إلى كثرة أسفارهما من جهة أي عامل اللإستقرار» واستنفاذ كل أوقاتهما في 
التعليم والتدريس والوعظ والإرشاد من جهة أخرى» وقد أجمع علماء وكتاب التراجم والسير 
على أن ابنا الإمام كان على درجة عالية من العلم والثقافة وسعة الاطلاع »وقد افاد 
بعلومهما أجيالا من الطلاب والعلماء في المغرب والمشرق الإسلاميين» واشتهرا بسمعتهما 
في أصقاع المغرب الإسلامي وبلاد الأندلس وبلاد المشرق” . 

وكذلك الشأن بالنسبة لأبي الفضل المشدالي(ت731ه/1331م) الذي عاصره السخاوي 


وحضر دروسه وأكثر في مدحه»ء لكن وللأسف لم يذكر لنا المؤرخون تأليفه بمرور الزمن» 
في الوقت الذي بقيت كتب السخاوي” وآثاره العلمية تشع عبر القرون؟ والى وقتنا هذا. 


حوالترجمة والطباعةء بلا تاريخ» ج9» ص 271. ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب. دار المعارف 
الإسلاميةء ج1“ ص 109. 

' يشير التنبكتي أن لأبي زيد بن الإمام كتاب واحد وهو عبارة عن شرح على ابن الحاجب الفري › 
ينظر نيل الإبتهاج» ص 247. 

“الحفناوي »المرجع السابق»ص17. 

3 ينظر ترجمته في السخاوي: الضوء اللامع» ج8» ص 2. ابن العماد الحنبلي» شذرات الذهب»المصدر 
السابق» ج28 ص15. 

* قدرت مؤلفات السخاوي ب 270 مؤلفا. ينظر حول ذلك مشهور بن حسن آل سلمان أبو عبيد وأحمد 


الشقيرات» مؤلفات السخاوي» دار ابن حزم» ط1» 1998 ص52. 


210 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


1- الأسباب السياسية لظاهرة التقصير في ميدان التأليف 


أن المشرق الإسلامي كان نوعا ما في استقرار سياسي وأمنيء وهو ما أتاح لعلمائه 
الفرصة الكافية للتأليف والنسخ وانتشار المؤلفات» وفي المقابل فإن المغرب الإسلامي كان 
على عكس ذلكء وهو ما دفع بعلمائه في هذه الظروف اللاأمنية بسبب الفتن والحروب 
المستمرة إلى الاكتفاء بما حصلوه من معارف وعلوم دون تدوينها في الكتب'. 


2-تأثير الحروب في ضياع وفقدان الكثير من المؤلفات المغربية كما هو الشأن بالنسبة 
لكتاب'شرح التلقين" لإبراهيم بن يخلف بن عبد السلام التنسي الذي يقع في عشرة أسفار 
والذي ضاع في حصار تلمسان”. 


2-الأسباب الشخصية أو الذاتية التي أدت إلى التقصير في ميدان التأليف 


أ. طبيعة أهل المغرب الإسلامي المبنية أو القائمة على الثقافية الشفوية» وعدم 


جنوحهم نحو الكتابة وتدوين الأفكار في حالات قليلة جدا3. 


ب . انتشار المؤلفات المشرقية فى المغرب» واهتمام علماء المغرب بالنقل عن العلماء 
القدامى وخاصة المشارقةء ساهم في ابتعاد العلماء عن عملية التأليف. 


خاصة وأن الطلبة العلماء ظلت هممهم متعلقة بالمنقول عن العلماء القدامى ومعظمهم من 


المشرق” 


ˆ عبد الجليل قريانءالتعليم بتلمسان» المرجع السابق» ص 358. 

2 ابن مرزوق: المجموع» ميكرو فيلم» الخزانة العامة» الرباط رقم: 20. ورقة 86-77 وجه» التنبكتي: 
نيل الإبتهاج» ص 38.ابن مريم: المصدر السابق» ص 67. 

3 عبد الجليل قريان» المرجع السابق» ص 358. 

4 ابن خلدون: المقدمة» المصدر السابق ص 482. 

° عبد الجليل قريان» التعليم بتلمسان» المرجع السابق» ص 358. 


211 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


ج. إهمال أهل البلاد للعلماء جعلهم يكتفون بما جادت به قرائحهم دون تدوينها في 
مؤلفات كثيرة» وخير دليل على ذلك الحادثة التى تعرض لها ابن خميس.! 

ومع ذلك تبقى عمليات البحث في تراث علماءنا الأجداد والأسلاف لازمة عليناء حتى 
لا يبقى إنتاجهم حبيس النسيان واللامبالاة. 
ثانياً: نماذج من علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى وانتاجهم العلمي 

1- الانتاج العلمي في مجال العلوم النقلية 
ابن مرزوق الخطيب (ت 781ه/1379م):ولد ابن مرزوق الخطيب بتلمسان سنة 
(711ه/1311م)ونشأ وتعلم على يد شيوخها وفي مقدمتهم أفراد أسرته المزارقة التلمسانيين 
الأمر الذي أكسبه ثقافة دينية ولغوية متينة» كما عرف بكثرة زيارته لحواضر العلم 


الإسلامية والتقاءه بكبار شيوخها في سبيل الحصول على العلم والتحصيل والمعرفة”. 


وفي سنة (764ه/1362م)حل بتونس» فلقي الترحاب والحفاوة من السلطان أبي إسحاق 
ووزيره أبي محمد بن تافراجين ٠‏ وقد تولى بها الخطابة بجامع الموحدين» كما قام بالتدريس 
بمدرسة الشماعين وظل محافظا على مكانته في عهد السلطان ابو البقاء خالدء ولما 
حاصر أبو العباس الحفصيء تونس واستولى عليها (772ه/1370) عزل ابن مرزوق من 
الخطابة انتقاما منه» فكان لذلك وقع مؤلم عليهء فعزم على السفر إلى المشرق ودخل 


الإسكندرية (773ه/1371م)» واستقر بالقاهرة حيث' لقي الحفاوة الكبيرة» وقلد مناصب 


+ عبد الجليل قريان» 2 المرجع السابق» » ص 358. 
* ابن مرزوق الخطيب: المسند الصحيح الحسنءالمصدر السابق» ص 22» ناصر سعيدوني: المرجع 
السابق» ص 190» لخضر عبدلي: التاريخ السياسي والحضاري لدولة بني عبد الواد » ص 271. 


212 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


علمية رفيعة وظل معززا مكرما عند الخاصة والعامة إلى أن وافه الأجل سنة (781ه 
1 

/1379م)1. 

-إنتاجه العلمي (أهم مؤلفاته) لم يقتصر عمل ابن مرزوق على تولي وظيفة الخطابة 

والتدريس وانما اعتكف على وظيفة التأليف كذلك» وفي هذا الإطارء فقد ترك لنا العديد من 

التصانيف أغلبها شروح وتقاييد» بعضها قد يكون فقد والبعض ما يزال موجودا ومن ذلك 


نذكر: 
-في علم الفقه 


في (544ه/1149م)2 استبحر فيه» وكان الاقبال عليه كبيرا من أهل العدوتين بنظم 


مقطوعات تتضمن الثناء على الكتاب المذكورء والإطراء على مؤلفه ومنهم لسان الدين ابن 
الخطيب الذي قال فيه. 


كفاك إعجازا كتات الشقًا والصبخ لا يتكرُ عند الوضوح 


يا خيرَ مشروح وف واكتقى منهًابن مرزوق بخير الشروح 


- شرح الأحكام الصغرى لعبد الحق بن عربي الإشبيلي”: قالت عنه سلوى الزاهري: ما 
رأيت مثله فى التحصيل والنقل والفائدة .1 


1 لخضر عبدلي: التاريخ السياسي والحضاري لدولة بني عبد الواد المرجع السابق» ص 193. 

#نصر الدين بن داوود »الحياة الثقافية »المرجع السابق »ص 48. 

هو الفقيه الجليل المحدث الحافظ العابد الزاهد القاضي الخطيب أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن 
بن عبد الله بن حسين بن إبراهيم الأزدي الإشبيلي» له تآليف جليلة منها الأحكام الكبرى في 
الحديث:والأحكام الصغرى» ينظر الغبريني» عنوان الدراية» المصدر السابق» ص ص 19-18 


213 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- إزالة الحاجب عن فروع ابن الحاجب» وهو شرح لكتاب ابن الحاجب الفرعي في علم 
الفقه الإسلامي . 


-إيضاح المراشد في أجوبة أبي راشد وهو في حكم المفقود. 
-"أرجوزة هى ألفية فى محاذاة الشاطبية" 

-إسماع الصم في إثباث الشرف من جهة الأم. 

في علم التصوف 


صلى الله عليه وسلم ومنها: 


ان تك وة باحق جح ررتُ فض نل المشزد 
هذا بالإضافة إلى نظم كثير منهم القصيدة التي ألفها في سجنه في تلمسان قائلا فيها: 


رفعهث أموري لباري النسم وموجوئنا بعد سبق العدهة 
- جنى الجنتين في فضل الليلتين في فضائل ليلة القدر وليلة المولد النبوي الشريف. 'هو 
كتاب جليل ينبأ عن الاطلاع الواسع الذي يتمتع به ابن مرزوق”وبقي منه أجزاء يذكرها 
ابن عمار في شرح تفضيل ليلة المولد عن ليلة القدر.3 


*الغبريني» المصدر السابق» ص ص 19-8. 
ابن المرزوق» المناقب» المصدر السابق .ص 315. 
ابن مرزوق» المسند» المصدر السابق» ص3 5. 


214 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- الأريعين المسندة في الخلافة والخلفاء» وهو كتاب له صلة بكتابه السابق إيضاح 
المراشدءوهي الأريعين في فضل الصلاة على سيدنا محمد.والأريعين في فضل العلم 
ءوالأريعين عن الصحاح أملاها بعد صلاة الجمعة»وقبل العصر وغير ذلك4 


- كتاب فى الصبر. 
في علم الحديث: 
_وإزالة الحاجب عن فروع ابن الحاجب وهو شرح لفروع ابن الحاجبة 

_شرح الأحكام الصغرى لمؤلفه عبد الحق الإشبيلي وهو خاص بعلوم الحديث؟. قام بشرحه 
ابن مرزوق 

في علم اللغة والأدب: 

0 ألفية العراقى 

-" المقنع الشافي" وهو أرجوزة في 1700 بيتا 


في علم الفهارس والسير والتراجم 


“ابن المرزوق» المناقب» المصدر السابق»ص134. 
”نصر الدين بن داوود» المرجع السابق»ص66. 

ابن مرزوق» المسند» المصدرالسابق» ص52. 

“ابن مرزوق» المناقب» المصدرالسابق» ص314. 

° ينظر حوله ابن عماد الحنبلي» شذرات الذهبء المصدر السابقءج5» ص234. 

° التنبكتي» النيل » المصدر السابق »ص455. المقري نفح الطيب» م5» ص418»: ابن مريم» المصدر 
السابق » 189» الزركلي» الأعلام» المصدر السابق »ج6» ص226. 


215 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- عجالة المستوفر المستجار في ذكر من سمع من المشايخ دون من أجار من أئمة 
المغرب والشام والحجاز» هو عبارة عن فهرس لشخصيات علمية من الرجال والنساء الذين 
استمع إليهم ابن مرزوق» وهي فهرسة » وهو متلاشى يكاد لا يقرأ'» وبقي من هذا العمل 
بعض النماذج التي اقتبسها ابن الخطيب» وابن فرحون» وابن حجرء والمقريءوابن عمار» و 
للإشارة يوجد هذا الكتاب مخطوطا فى الرياط”. 

-المجموع: يعد مصدرا بالغ الأهمية في التعريف بأسرته من فقهاء تلمسان» والده وجده 
لأمه أبى اسحاق التنيسي وشقيقه ابي الحس التنيسيء» وختمه بالتعريف بنفسه”. 
وهذا المجموع بدون عنوان » ولا مقدمة يتخلله بترا في صفحاته عدد أوراقه96 ورقة. 

عدد الأسطر به أريعة وعشرين سطرا. 

عدد الكلمات مابين 12 و14 كلمة 

حجمه20سم 28.05 سم 

تاريخ تأليفه في أوائل سنة (763ه/1361م) »حيث كان مسجونا بفاسءنسخ للمرة الأولى 
في عشرين جمادى الثانية (870ه/1465م) ٬ليوسف‏ بن عبد الرحمن الهبري ونسخ للمرة 
الثانية في 08 شعبان ( 1003ه/1549م) علي يد عبد الله أحمد بن أحمد التيجاني“. 
يتضمن المجموع اربع ابواب وخاتمة . 

أنصر الدين بن داوود» المرجع السابق» ص66. 

2 ابن مرزوق الخطيب» المسند» المصدر السابق» ص 23. 

تصارة خطيف» المرجع السابق» ص35. 


“نصر الدين بن داوود » المرجع السابق» ص ص 65-64. 


216 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الباب الأول: في النسب والقبيل الذي يرجع اليه »و فيه فصلين 
الباب الثاني: وهو ترجمة لحياة جده لأبيه محمد بن مرزوق (681ه/1282م)» وفيه 
الباب الثالث: ويتناول فيه الحديث عن أبيه أحمد »ويضم 18 فصلا . 
الباب الرابع: ويتناول الحديث عن جده لأمه إبراهيم بن يخلف توفي 
(680ه/1281م)»ويضم 18 فصلا. 
خاتمة: خصصها للترجمة الذاتية من مولده إلى غاية (763ه/1361م). 

غير أن من أشهر وأهم المؤلفات التي عرف بها يبقى مؤلفه أو كتابه "المسند 
الصحيح الحسن في مأثر مولانا أبي الحسن" »وقد عد من خلاله من أبرز أعلام التراث 


التاريخي بالمغرب الإسلامي» وهو يشمل عرض مفصل لحياة أبي الحسن المريني 
وانجازاته العمرانية وتشجيعه للعلماء والأدباء وغير ذلك. 


وهو كتاب نفيس في تاريخ المغربين الأدنى والأقصىء وتاريخ السلطان المريني أبي 

الحسن والأحداث التي حصلت خلال هذه الفترة» وفيه جانب مهم عن حياته السياسية 
والدينية والثقافية! 

وللإشارة» فقد وضع ابن مرزوق كتابه المسند بتونس بعد عشرين سنة من وفاة 


السلطان أبي الحسنء فكان تعبيرا عن وفائه لولي نعمته وعملا موجها لكسب رضا البلاط 


'يحيى بوعزيز: أعلام الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة » المرجع السابق» ج2» ص 60. 


217 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المريني بفاس» وأملا في استرجاع مكانته المعهودة وأملاكه المسلوبة» وهذا ما جعله 


يسترسل في إطراء السلطان أبي الحسن ودبالغ في مدحه كتمهيد لمقدمه لفاس!. 


اعتمد العديد من المؤرخين على كتاب المسند كمرجع لأحداث عصر أبي الحسن» 
فرجع إليه المقري في كتابه نفح الطيب» والسلاوي في الاستقصاءء كما اعتمد عليه ليفي 
بروفنسال(7509762©21 1.671) وبلاشير فيما كتبه عن تاريخ المغرب المريني”. 

يتوفر كتاب المسند على نسختين مخطوطتين إحداهما بمكتبة الأسكوريال بإسبانيا 
والأخرى بالخزانة العامة بالرباط» جلبت من جنوب المغرب» كما نال اهتمام الباحثين» إذ 
ترجم ليفي بروفنسال مقتطفات منه إلى الفرنسية ونشرها في مجلة هيسبرس سنة 1925 
وتخصصت الباحثة الأستاذة ماريا خيسوس في دراسته فترجمته إلى الإسبانية» ووضعت 
مقدمة له بمدريد 1973ء ثم عملت على تحقيق نسخته العربية التي طبعت بالجزائر سنة 


. 1 


وعليه يمكن القول بأن مسند ابن مرزوق بالمقارنة مع المصادر الأخرى» فهو 
یکی نے الان ت ان وسفاهيمها ررك رها رفا الحضاف: 


-ابن أبي عمار المسيلي(789ه/1390م): هو أحمد بن محمد فقيه من أهل مدينة 
المسيلة بالمغرب الأوسط واليها كان ينسب» وريما قيل المسيلي بالباء تصحيفا.4 


1 يحيى بوعزيز: أعلام الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة »المرجع السابق»ج2» ص 60. 
7 ناصر سعيدوني: المرجع السابق» ص 196» كذلك: 
Hadj sadok (m) ibn marzuk .in encyclopédie de l’eslam ; nourelle edition ; T.‏ 


3. P 890.892. leri prorençal (E) un nouveau teste d’istoire merinide de musnad 
dibn marzuk. In hesperis/ 1925/ p 182. 


3 ابن مرزوق الخطيبء المسندء المصدر السابق» ص ص 61-60. 


4 نفسه» ص 99. 


28 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


رحل عن بلده إلى تونس» فأخذ عن عدد من كبار الفقهاء كعبد الرحمن ابن خلدون ومحمد 
ابن عرفة الورغمي» وعيسى بن أحمد الغبريني وأحمد ابن القصار الآزدي»وكان من كبار 
فقهاء المذهب المالكى فى وقته. 


انتاجه العلمي(اهم مؤلفاته):من المجالات التي خصها بالتصنيف نذكر: 


علم التفسير من أهم مؤلفاته التي عرف بها نذكر تفسيره الجليل للقرآن الكريم وكان قد قيده 
عن الإمام ابن عرفة» وهو مؤلف فيه فوائد كثيرة وزوائد ونكت وقد وقع له فيه قصةء 
وذلك أنه لما ألفه سمع بذلك الأمير الفقيه الحسين ابن السلطان أبي العباس الحفصي»› 
فراسله في ذلك وطلبه منه فامتنع وماطله أياماء ثم أرسل إليه وأمر رسله أن لا يفارقوه حتى 
يسلمه لهم» فلما رأى الشيخ صاحب الترجمة الجد في الأمر أخذ منه من سورة الرعد إلى 
الكهف» ودفع لهم الباقي» فمشوا به ثم مات ومات الأمير أيضاء وبيع التقيد في تركتهء 
فسافر به مشتريه إلى بلاد السودان» فبقي أهل تونس لا شعور ولا علاقة لهم بهء فلذلك 
كان أصل نسخه من نسخة السودان» ومن هناك انتشر ٠»‏ وقد كان الشيخ لما طولب به 


اختصر منه تقيدا صغيرا جدا وهو موجود بيد الناس”. 
ابن مرزوق الحفيد: (ت 842ه/1439م) 
انتاجه العلمي (أهم مؤلفاته): 


ولم يقتصر ابن مرزوق الحفيد في مشواره العلمي على التدريس وفقط وإنما في تونس» 
خاض معترك الكتابة والتأليف وترك لنا قائمة طويلة من الكتب والمؤلفات في مختلف 


1 التند لتنبكتي» نيل الإبتهاج» المصدر السابق ع ص 99. عبد الوهاب بن منصور: المرجع السابق» ج4. 
ص 403. 
2 التنبكتي» نيل الإبتهاج» المصدر السابق »> ص 100 


219 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المعارف الإسلامية» تزيد عن أريعين مؤلفا! بعضها طبع وبعضها ما يزال مخطوطا 
والبعض موجود والبعض الآخر اندثر بفعل عوامل الزمن وعن أشهر مؤلفاته. 
في علم الفقه: 

له تلك المؤلفات التى شملت تلك الأسئلة التى عرف بها وألفها نتيجة تلك الأسئلة التى 
كانت ترد عليه من علماء عصره وعلى رأسهم علماء المغرب الأدنى وكان قد أجاب عنها 
نذكر منها: كتابه المسمى "اغتنام الفرصة في محادثة عالم قفصة" الذي كان عبارة عن 
أجوبة لمسائل علمية في الفقه والتفسير وردت عليه من عالم قفصة الشيخ أبو يحيى ابن 
عقيبة7 وكذلك مؤلفه الآخر الذي أسماه 'المعراج إلى استمطار فوائد الأستاذ ابن سراج" 
وهو كذلك كتاب جاء في شكل أجوبة على الأسئلة التي وردت عليه من الشيخ أبو القاسم 
ابن سراج الغرناطي في النحو والمنطق”. 
-مختصر الحاوي في الفتاوي" لابن عبد البر التونسي. 
في علم الحديث: له 
-"شرح في اللغة والأدب في علم الحديث علي ابن الحاجب" 
-'شرح على الث ۴ I‏ 


- في علم التصوف: 


“التنبكتي» نيل الانتهاج »المصدر السابق» ص 06. 
7 محمد الفاضل بن عاشور,أعلام الفكر الإسلامي» المرجع السابق» ص 97. 
3 نفسه» ص 97. 


220 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- النصح الخالص في الرد على المدعي رتبة الكمال للناقص". في سبعة كراريس» رد به 
على فتوى الإمام قاسم العقباني بإصابة بعض أعمال وأقوال صدرت عن بعض المتصوفةء 
التونسين. 

- و'نور اليقين في شرح أولياء الله المتقين' 

في اللغة والأدب: 

-"المفاتيح المرزوقية لحل الأقفال واستخراج خبايا الخزرجية"! في العروض والقوافي 


-ثلاثة شروح على البردة الأكبر المسمى "إظهار صدق المودة في شرح البردة" ضمنه 
سبعة فنون في كل بيت و كتاب أدبي يدرج ضمن اللغة 'الأوسط' و"الأصغر" المسمى 
الإستيعاب لما فيه من البيان والإعراب” . 


و"المفاتيح القرطاسية في شرح السقراطسية" و"الروضة" وجز في علم الحديث ومختصر فيه 
ألفية العراقي و"المقنع الشافي" وهو أرجوزة في الميقات في 1700 بيتا و'أرجوزة ألفية في 
محاذاة الشاطبية" و"أرجوزة" نظم بها تلخيص ابن البناء و"أرجوزة" نظم بها جمل الخونجي› 
و'نهاية الأمل في شرح الجمل" في المنطق» و'أرجوزة" اختصر بها ألفية ابن مالك. 

وهكذا تأكدت سمعته الذائعة بالكتب القيمة التي صدرت عنه»ء فطافت في المشارق 
والمغارب وذلك من خلال تلك الرسائل المحررة والفتاوى المدققة التي حفلت بها كتب 


الفتاوى والنوازل وقد تضمن كتاب المعيار للونشريسي'» كثيرا منها . 


1 الخزرجية نسبة لمحمد بن أبي زيد زيد الخزرجي وهي مساهمة أدبية عن رسالة في علم العروض 
شرحها من قبل أحمد بن قنفد القسطيني سماها بسط الرموز الخفية في عروض الخزرجيةء ينظرء عادل 
نويهض ٠‏ معجم أعلام الجزائر » المرجع السابق»ء ص 91» جيلالي عبد الرحمن» تاريخ الجزائر الثقافيء 
ح2؛ ص215. 

2 التنبكتي» المصدر السابق ص 521 عادل نويهضء المرجع السابق ص 291. 


221 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وعليه يمكننا القول أن ابن مرزوق الحفيد كان بحرا من العلوم والمعارف الإسلامية 
المتنوعة وشيخا وأستاذا لجيل بحاله من الشيوخ والعلماء وطلاب العلم في مختلف أنحاء 
العالم الإسلامي الواسع شرقا وغرياء وكما كان مكتبة بحالها بما خلفه لنا من كتب 
ودراسات مكثفة وغزيرة جعلت ابن مرزوق الحفيد يوصف بالاجتهاد لأنه جرى في مجال 


الاختيارء وتدقيق الأنظار مع أئمة الفقه المتقدمين» بل والمتأخرين. 


النقاوسي: ( 765ه/1364م) هو أحمد بن العباس »من فقهاء المالكية» حافظء نحوي› 
وأديب» له مشاركة في علوم التفسير والحديث واللغة والمنطق» أخذ عن أبي علي منصور 
بن أحمد بن عبد الحق المشذالي (731-631ه/1330-1233) وابن راشد القفصي» رحل 
من تلمسان قبل الحصار. 


وللإشارة ءفقد استقر بتونس واشتغل بالتدريس» لقيه أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي 
الأندلسي قبل سنة (765ه/1363م) وذكره في رحلته المسماة "تاج المفرق في تحليه أهل 
المشرق" فقال: "كان حافظا مجيداء وعارفا مديدا ومدرسا مفيداء» رحل من تلمسان قبل 
الحصارء فدخل تونس وهو الآن أحد مدرسيها الإمام وأوحد من برع في علمي البيان 
والكلام» وأوجد الناس للدار إذا خاض بحر العلوم بسوابح الأقلام» أديب العصر ونحويه 


وبيانيه وحكميه ومنطقيه”. 
انتاجه العلمي(أهم مؤلفاته): 


من أشهر تأليفه التي قراها عليه البلوي بالمغرب الأدنى تأليفه المسمى 'الروض 


الأريض في علم القريض' وتأليف في الأدب» و 'حديقة الناظر في تلخيص المثل السائر' 


1 التنبكتي: نيل الإبتهاج» المصدر السابق» ص 3 عادل نوبهض » المرجع السابق ص 290. 
2 عادل نويهض» معجم أعلام الجزائر» المرجع السابق» ص 332. 


202 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


في البيان و'شرح المصباح"' لابن مالك و"إيضاح السبيل إلى القصد الجليل في علم الخليل" 
شرح على عروض ابن الحاجبء وله تآليف غيرها عرف قدرها واشتهر ذكرها!. 
- أبو العباس الغبريني البجائي (ت704ه/1304ءم): 

يعد الشيخ أبو العباس بن أحمد الغبريني من أعلام مدينة بجاية في القرن السابع 
الهجري» (13م) و إن أدرك أربع سنوات من القرن الثامن الهجري / (14 م)» ويذلك 
يكون قد عاش بين سنتي (644 - 704 ه / 1246 - 1304 م)» فيبدو قد ولد قبل وفاة 
مؤسس الدولة أبو زكرياء (628 - 647 ه / 1227 - 1249 م) بثلاث سنوات» و توفي 
قبل وفاة السلطان أبو عبد الله المنتصر بالله (694 - 209 ه / 1294 - 1309 م) 
بخمس سنوات» و بهذا يكون قد عاصر سبعة من حكام الدولة الحفصية بما فيهم الداعي؛ 


قادوا الدولة في ظروف متباينة في أوضاعها السياسية والاجتماعية و هم على التوالي: 


1. أبو زكرياء يحي بن أبي محمد بن عبد الواحد الحفصي (625ه - 647 ه / 1227م 
1249 م). 


2. أبو عبد الله محمد المنتصر (647 ه- 675 ه / 1249م - 1276 م). 
3. أبو زكرياء يحي الواثق (675ه- 678 ه / 1276م - 1279 م). 
4. أبو إسحاق (678ه - 682 ه / 1279 - 1283 م). 


5. أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة المسيلي الداعي (681ه - 682 ه / 1282م - 
3م ). 


6. أبو حفص عمر (683ه - 694 ه / 1284م - 1294 م). 


7 أبو عبد الله محمد المنتصر بالله (694ه - 709 ه / 1294م - 1309 م 


آعادل نوبهض» معجم أعلام الجزائر» المرجع السابق ع ص 2. 


223 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


و يذكر القاضي النباهي أن أبا العباس حين تولى القضاء كان في حكمه شديدا مهيبا ذا 
معرفة بأصول الفقه» و حفظ لفروعه؛ و قيام على النوازل» و تحقيق للمسائل"!ءو قد كان 
للوظيف تأثير على سلوكهءإذ ذكر القاضي النباهي أنه عندما 'ولى خطة القضاءءترك 
حضور الولائم» و دخول الحمّام و سلك طريق اليأس من مداخلة الناس على الطريقة 
الح ةا 

و قد ورد في عنوان الدراية إشارات تدل على ميل أبو العباس لسلوك التصوف 
السني» و نلمس ذلك في ترجمته لأبي مدينء و موقف أبي علي المسيلي“ و أبي محمد 
عبد الحق الإشبيلي” و غيرهم من المتصوفة» و في الآن نفسه كان مشددا في التزام 
الأحكام الشرعية منكرا على كل من يخالفها من أدعياء التصوف°. 

وقد أشار إبن خلدون إلى أن أبا العباس حصلت له مكانة كائنة من جهة للسلطان 
فراح ضحية مؤامرة أحيكت له من طرف بطانة أمير بجاية أبو البقاء خالد”, فذكر أن هذه 
البطانة وجدت لسبيل في الغبربني أثناء غيابه في سفارة أرسله فيها الأمير الحفصي خالد 
بن يحي حاكم قسنطينة صحبة شيخ القرابة أبي زكرياء الحفصي إلى تونس لتأكيد 
المصالحة و الوفاق مع صاحبها السلطان محمد أبي عصيدة (694 - 709 ه)»ء فنجح 


حساده في بجاية في تحويل الأمير عنه و إغرائه بقتله بتهم باطلةء 


ˆ القاضي النباهي» تاريخ قضاة الأندلس وسماه كتاب المراقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتاء تحقيق 
لجنة إحياء التراث العربيء دار الآفاق الجديدة » بيروت» 1980. ص 132. 

* النبهاني» المراقبة العلياء المصدر السابق » ص 132. 

7 الغبريني» المصدر السابق» ص 55 و ما بعدها. 

4 المصدر نفسه» ص 66 و ما بعدها. 

” الغبريني» عنوان الدراية» المصدر السابق »> ص 77 و ما بعدها. 

° المصدر نفسه» ص 121. 

7 ابن قنفذ» الفارسية» 56 - 58 الزركشيء تاريخ الدولتين» ص 36. 


224 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


و تولى هذه المؤامرة كبير ضباط القصر 'ظافر الكبير" فتحول عنه السلطان 
وأضمر له شرا و عزم على قتله عند عودته من سفارته» و عندما عاد الغبريني منمهمته 
إلى بجاية ألقى القبض عليه و نفذ أمر قتله بسجنه الضابط 'منصور التركى" و كان ذلك 


سنة (704 ه/ 1304 م)!. 
و يمكن تلخيص أسباب قتله استنادا إلى نص ابن خلدون إلى: 


-اتهام خصوم أبو العباس من بطانة الأمير بزعامة 'ظافر الكبير" بأنه غير مخلص لأمير 
بجاية ودولته السلطان أبي إسحاق لما لجأ إليهم في فراره من ثأر الداعي أحمد بن مرزوق 
الذي احتل تونس و بجاية و فر منه أبو إسحاق إلى بجاية ليكون عند ولده أبي فارس» 
فطارده الداعي و اعتراضه ولده أبو فارس فقاتله حتى قتلء و لما سمع أبو إسحاق بذلك 
فر من بجاية إلى تلمسان» و مر ببني غبرين فأملك هناك و سلم إلى الداعي فقتله سنة 


2 ه. 


_إنساب إليه جملة من الجرائم منها إغراء بني غبرين قومه على السلطان أبي اسحاق لما 
لجأ إليهم في فراره » من تأر الداعي أحمد بن مرزوق الذي احتل تونس ويجاية وفر منه 
أبو اسحاق إلى بجاية ليكون عند ولده أبي فارسء وطارده الداعي واعترضه ولده أبو فارس 
فقاتله حتى قتل ولما سمع أبو اسحاق بذلك فر من بجاية إلى تلمسان ومر ببني غرين 
فأمسك هناك وسلم إلى الداعي فقتله (682ه/1283م). 


هذان سببان تذرع بهما خصوم أبو العباس لاتهامه بالانحراف عن أمير بجاية و هذا 


خلاف ما ذهبت إليه بعض المصادر التي ذكرت بأنه توفي بالطاعون سنة 


ابن خلدون 3 العبر» المصدر السابق» ج26 ص 405 ابن فرحون» الديباج» المصدر السابق» ص 
ص 136-135 


225 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


(704ه/1304م ) ! للالتباس بينه و بين أحد أفراد أسرته الذي قد يكون ابنه الذي يحمل 
نفس الاسم» والذي يكون قد هلك فعلا بالطاعون بعد عشرة سنوات من ذكر أبي العباس 
الغبريني. 

وهكذا » فقد عرف أبو العباس الغبريني بقوة شخصيته وسعة معارفه واهتمامه بالفقه وميله 
إلى التاريخ وتعاطيه الشعرء وتقلده لوظيفة القضاء ببجاية وفي غيرها”» فنال بذلك احتراما 
كبيرا في البلاط الحفصي لما قدمه إلى المغرب الأدنى3, كما عرف زيادة على ذلك 
بتعاطيه للكتابة والتأليف. 


انتاجه العلمي(اهم مؤلفاته): 


عند إمعان النظر في فهرسة مروياته و العلوم التي أخذها من شيوخه نراه مشاركا 
في علوم عدة من القرآن الكريم تفسيرا و قراءات »و في الحديث الشريف وعلومه و الفقه و 
أصوله و العربية و فنونها من نحو و أدب» و أصول الدين و دلالته والتصوف و قواعده و 
الرقائق و المأثور من الأذكارء إضافة إلى المعرفة التاريخية والمنطق و الفلسفة“ و مع 
ذلك فإن المصادر التي ترجمت له لا تذكر سوى مؤلف واحد له هو "عنوان الدراية فيمن 
عرق من العلناء. فى الماقة افا بحا الذى اتر را ضيه كدو لفت فر 
أرجاء إفريقية و الأندلس و المشرق من خلاله و بهذا الكتاب الخالد حفظ لنا أسماء علماء 


بجاية و من ورد عليها من الأعلام» حيث أسدى خدمة جليلة لهؤلاء الأعلام و لمدينة 


1 من الذين ذهبوا إلى أن تاريخ وفاته كان سنة 714ه ابن مخلوف» شجرة النور الزكية» المصدر 
السابق» ص 754 - 215. 

2 ابن مخلوف» شجرة النور؛ المصدر السابق» ص ص 155-154. 

7 الحفناوي» المرجع السابق» ص 23. 

4 ناصر الدين سعيدوني» المرجع السابق» ص 128. 


226 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


بجاية بخاصة» فعرف فيه بشيوخ العلم ورجال الفكرء والتصوف» و الأدب التي ازدانت بهم 
بجاية من القرن السابع الهجري (13 م). 

أما تاريخ الشروع في تأليفهء فقد أشار إليه المؤلف في مقدمة كتابه حيث قال: 
'و إني قد رأيت أن أذكر في هذا التقييد من عرف من العلماء بجاية في هذه المائة السابعة 
التي نحن في بقية العشر الذي مر خاتمتها ختمها الله بالخيرات و جعل ما بعدها مبداء 
للمسراتء أذكر منهم من اشتهر ذكره و نبل قدره و ظهرت جلالته وعرفت مرتبته في العالم 


و مكانته"!. 


يعتبر هذا الكتاب نافذة مشرقة عن تاريخ و حضارة بجاية »أبرز فيه مؤلفه المكانة 
العلمية لهذه المدينة و دورها في استقطاب أهل العلم و طلبته و أهل التضوف و مريديه 


والأقياء و رواده و الشعراء و عشاقه. 


استهل الغبريني كتابه بترجمات إضافية لبعض علماء القرن السادس الهجري 
(13م) (كما أشرنا إلى ذلك)» ثم يستعرض تراجم علماء المائة السابعة الذين أخذ عنهم أو 
سمع بهم أو التقى و إياهم ببجاية مبتدئا بذكر شيوخه مستهلا بترجمة الشيخ أبي محمد 
عبد الحق بن ربيع (675 ه/ 1276م) مختتما بذكر ما عرفه عن الشيخ أبي عبد الله 
المعروف بابن الجنات(610 ه/ 1213م)” فكان مجمل عددهم مائة وشخصية واحدة» و 
كان عدد من ترجم له مائة و ثمانية من شيوخ علم و رجال فقه وتصوف وصلاح. 

و من خلال هذا العدد الوفير من العلماء الذين ازدحمت بهم بجاية» نستطيع 
التعرف على ذلك النشاط الثقافي الخصب الذي برز في هذه المدينة» و عند التدقيق في 


تراجم هؤلاء الأعلام نلاحظ تنوع في النشاط الثقافي لهذه المدينةء الذي لا تخرج عن تلك 


7 نقسة؛ ضن 302 و ها بعدها: 


227 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الاتجاهات السائدة فى البلاد الإسلامية» وهى بلا شك تشكل الهيكل الأساسى للثقافة 
العربية الإسلامية في المراكز الثقافية جميعاء و يمكن حصر هذا النشاط في العلوم 


الرئيسية الثلاثة الآتية: 


أولا- العلوم الشرعية: كانت العلوم الشرعية في مقدمة الموضوعات التي درست»› 
وهي تشمل الفقه التفسير و القراءات القرآنية و الحديث الشريف» و كانت جميع هذه 
العلوم تدرس الجامع الأعظم ببجاية» و في غيره من دور العلم الأخرى. 

ومن خلال نظرة فاحصة إلى تراجم علماء بجاية نتأكد من أن القسم الأكبر من 
علماء بجاية كانوا من جلّة شيوخ العلوم الشرعية» و قد تصدروا للتدريس و الإقراء والسّماع 
مدة طويلة» وعلى كثرتهم لا يمكن ذكرهم جميعاء و كان على رأس هؤلاء: الفقيه أبو علي 
المسيلي» والفقيه المحدث الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي والمقرئ الراوية الضابط أبو 
العباس أحمد بن محمد بن حسن الصدفي (674 ه/ 1275م)! والإمام الفقيه الأصولي 
أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن الخزرجي الشاطبي (691 ه/ 1292م)” وغيرهم كثير. 

ثانيا-العربية وعلومها: حظيت علوم العريية بعناية كبيرة في مدينة بجاية» وتمثلت 
تلك العناية في مظاهر متعددة كان من أبرزها أن اللغة العربية في نحوها وبلاغتها وأدبها 
مادة أساسية تدرس بالجامع الأعظم ببجايةء بقية المساجد الأخرى» وقد اشتهر من علماء 
العربية ببجاية أبو طاهر عمارة بن يحي بن عمارة الشريف الحسيني (من أهل القرن 6 ه 
/ 12م)* والشيخ النحوي اللغوي التاريخي أبو عبد الله محمد بن الحسن بن ميمون 
التميمي القلعي (673 ه/ 1274م)4 والأديب النحوي اللغوي أبو الحجاج يوسف بن سعيد 
1 الغبريني» عنوان الدراية» المصدر السابق» ص 55. 

2 نفسه» ص 108. 
3 نفسه»ص108. 
* الغبريني» عنوان الدراية» المصدر السابق» ص 126. 


228 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


بن يخلف الجزائري (7 ه / 13 م) و الأستاذ النحوي التاريخي أبو الحسن علي بن مؤمن 
بن محمد الحضري المعروف بابن عصفور (669 ه/ 1270م )أ و غيرهم كثير. 

ثالثا: العلوم العقلية: كان يتعاطى هذه العلوم نخبة من كبار علماء بجاية ومتصدرهم ممن 
استوطن في الأندلس إضافة إلى الوافدين من المشرق فكان منهم الشيخ القدوة أبو الحسن 
علي بن محمد بن أحمد الحرالي التيجيني (ت 637 أو 638ه)” والشيخ الفقيه الصوفي 
أبو عبد الله محمد بن علي الطائي محي الفين دن عردي (ت 640ه)ة3 والشيخ ا مخمة 


عبد الحق بن ابراهيم بن محمد بن سبعين المرسى (ت 669ه)4 . 


والى جانب هذه العلوم الرئيسية توجد علوم أخرى أخذت طرائقها إلى الحياة العلمية 
ببجاية» وقد أشار إليها صاحب "'عنوان الدراية" ويأتي في مقدمتها التاريخ والطب 


اکا والتراقضن کا يدركنة ف من ا ااا ف ت 


إنتاجه العلمي (أهم مؤلفاته): ومن أشهر مؤلفاته التي اشتهر بها كتابه في علم التاريخ 
والسير والتراجم. 

-كتاب "عنوان الدراية"» فيمن عرف من العلماء في المئة السابعة ببجاية» هو كتاب في 
تراجم مشاهير أعلام بجاية» وهو كتاب جليل غزير المادة عظيم النفع كبير الفائدة عرف 
فيه بمائة وثمانية من كبار شيوخ العلم وشيوخ التصوف الذين عاشوا ببجاية في القرن 
السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي إلا ثلاثة عاشوا بها قبل دخول ذلك القرن وهما 


الشيخ أبو مدين الغوث دفين العباد بتلمسان (594ه/1198م)ء والشيخ حسن بن علي 


1 الغبريني» المصدر السابق» ص 6. 
ف ص 266 وما ها 
ك ص 145 ايها 


4 نفسه» ص 158» وما بعدها. 


209 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


المسيلي الملقب بأبي حامد الصغير لكونه نهج في كتابه "التفكير" نهج أبي حامد الغزالي 
في كتابه 'الإحياء" (ت نحو 580ه/1185م) وأبو محمد بن عبد الحق الإشبيلي صاحب 
الأحكام الكبرى والصغرى ومتولي الخطابة بجامع بجاية (ت581ه/1185م)! وذيله 
ببرنامج ذكر فيه مروياته والشيوخ الذين رواها عنهم. 

وبعد استعراضه لكل هؤلاء يخلص الغبريني إلى إثبات برنامج خاص بشيوخه الذين 
أخذ عنهم معللا ذلك بقوله: 'لما أتيت على ذكر ما شرفت ذكره رأيت أن أذكر بعد ذلك 
طريق استفادتي مما استفدت منه وتلقي ما تلقيته من العلم لينتفع به من له إرب وليجده 


منظوما كيف يريد من له عليه بحث وطلب”. 


وقد صنف الغبريني شيوخه حسب نوعية المعارف التي أخذها عنهم وهي علوم فهم 
واستيعاب (علم الدراية) وعلوم تلقين وحفظ (علم الرواية) فعلم الرواية حسب ما أثبته يشتمل 
على علم الفقه وعلم الاصلين "أصول الدين وأصول الفقه وعلم التصوف وعلم المنطق"". 
أما علم الرواية فيضم تفسير القرآن وعلوم الحديث وعلم الفقه وعلوم العربية وعلوم 
التصوف والتذكير ..." وكان في ذلك حربصا على رواية ما تلقاه من معارف بذكر أسانيد 
فيذكر سنده وسند شيخه إلى أن يصل إلى المؤلف الأصليء فهو مثلا في ذكره لكتاب 
الكشاف للزمخشري يورد أنه حدثه به أبو عبد الله محمد الكناني عن أبي الحسن علي بن 
السراج عن أبي عبيد الله السلفي عن مؤلفه الزمخشري”. 

لقد كان الباعث على تأليفه هو معرفة رجال السند والترجمة لهم حتى تكون صفاتهم 
ومزاياهم العلمية واضحة للمتلقي والقارئ للكتاب4. إن كتاب عنوان الدراية لأبي العباس 
7 ناصر الدين سعيدوني» من التراث التاريخي والجغرافي» المرجع السابق > ص 129. 
2 نفسه »ص 130. 


4 الغبريني» المصدر السابق» ص 35. 


20 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الغبريني حسب تعبير عد الوهاب بن منصور "من الكتب التي كتبت سطورها بماء الذهب 
ويفتخر بتأليفها أهل المغرب الأوسطء ولولاه لجهل أعلام وضاع علم كثير"!. 

وعليه فهو يعد بحق أثرا علميا نفيسا يكشف لنا عن الإزدهار العلمي والأدبي ببجاية 
والجزائر» ويطلعنا على النشاط الدراسي الذي كان يتحلى به أجدادنا في طلبهم للعلوم 
والآداب» كما يعد مرجعا لكتاب التراجم بعده» يأخذون منه ويعتمدون عليه عند ذكرهم 
لعلماء بجاية ونواحيها فى هذا القرن» وعند التعرف على الأحداث التى عرفتها بجاية 
وبعض بلاد المغرب وافريقية والأندلس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولا سيما ما يهم 
الحياة الثقافية التي نجح الغبريني في تكوين صورة متكاملة عنها إلى حد كبير في فترة 
الهجرة المكثفة لعلماء الأندلس نحو تونس مرورا ببجاية التي كانت محطة استقبال لهم 
وموطن استقرار لبعضهم”. 

وللإشارة» فقد أثار هذا الكتاب نظر المرحوم الأستاذ محمد بن أبي شنب ونال 
إعجابه» وهو ما دفعه إلى البحث عن نسخه المخطوطة وحققه ثم طبعه بالمطبعة الثعالبية 
بالجزائر سنة 1910م» وقد كان بطبعه لهذا الكتاب قد أحرز عملا جليلا خدم به الحركة 
العلمية وأمد المثقفين بانتاج فكري يربط حاضرهم بماضيهم المجيدة. ولا نجد وصفا أجمل 
لغة وأعمق معنى من وصف العلامة الأديب الجزائري محمد بن أبى شنب رحمه الله إذ 
يقول عن كتاب عنوان الدراية في مقدمة تخريجه للكتاب ما نصه 'كتاب تلوح أنوار الحقائق 


من سبل عباراته ويعبق شذا عرف المعارف من بيان إشاراته“ 


^ عبد الوهاب بن منصورء المرجع السابق» ج4» ص 241. 

2 ناصر سعيدوني» من التراث التاريخي والجغرافي» المرجع السابق» ص 131. 
3 الغبريني: المصدر السابق ص 34. 

* مغزاوي مصطفى» المرجع السابق» ص 78. 


231 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وهكذا توفي الغبريني» وقد خلف ما يحيي ذكراه كما أحيا هو بكتابه "عنوان الدراية" 


ذكرى فقهاء وصلحاء وعلماء وفضلاء كاد الزمان أن يأتي على ذكرهم فتندرس أخبارهم 


وتتوارى أنباؤهم فنحرم بذلك من أنوار أقوالهم وعظيم أفعالهم. 


-ابن الرصاع: (ت-894ه/1489م) هو محمد بن قاسم بن عبد الله الأنصاري قاضء» 


نحوي» خطيب» عارف بالحديث» من فقهاء المالكية» ولد بتلمسان ونشأ واستقر بتونس سنة 
(831ه/1427م) وولي قضاء الجماعة بهاء ثم اقتصر في أواخر أيامه على إمامة جامع 
الزيتونة والخطابة فيه» وتصدر للإفتاء واقرار الفقه وأصول الدين والمنطق والعربية وغيرهاء 


ومات بتونس» وللإشارة عرف بالرصاع لأن جده الرابع كان نجارا يرصع المنابر» وبزين 


السقوف» وهو الذي صنع منبر الشيخ أبي مدين!. 

انتاجه العلمي(اهم مؤلفاته):ومن أثاره وتآليفه: 

-في علم الفقه: 

-"الهداية الكافية" طبع في شرح الحدود الفقهية لابن عرفة. 

في علم الحديث: 

-"الجمع الغريب في ترتيب آي مغني اللبيب" مخطوط في الأحمدين بتونس. 
-"التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح'" مخطوط. 

-في علم التصوف: 


-'تذكرة المحبين في شرح أسماء سيد المرسلين" مخطوط. 


عادل نوبهضء معجم أعلام الجزائر» ص 152. 


232 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


-"تحفة الأخيار في الشمائل النبوية" مخطوط في مجلة ضخمة . 
في علم اللغة والأدب: 

- "إعراب كلمة الشهادة"!. 

في علم الفهارس والسير 

و'فهرسة الرصاع' طبع. 


وهكذا كان ابن الرصاع متنوع الرصيد العلمي» وقد ساعده ذلك بأن يشغل القضاء 
والخطابة والإفتاء والتدريس وكذلك بأن يبرز في الكتابة والتأليف الذي تشهد عليه فيه كثرة 


مصنفاته ومؤلفاته. 
-ابن قنفذ القسنطيني ( ت 810ه/ 1409م ) : 


هو أبو العباس أحمد بن حسن علي المعروف بابن القنفذ الشهير بابن الخطيب نسبة 
إلى تولي جده الخطابة طيلة ستين عاما و كذلك والده من بعده ” ولد عام 
(740ه/1339م0). 


نشأ ابن قنفذ في قسنطينة» في عائلة علم و دين و تصوف » فوالده درس على يد 
علماء من المشرق و المغرب » كما ترك مؤلفين اثنين هما : المسنون في أحكام الطاعون 


1 القرافي: توشيح الديباج» المصدر السابق» ص 157.» السخاوي: الضوء اللامع» المصدر السابق» 
ج8» ص 287.التنبكتي: نيل الإبتهاج» المصدر السابق»ء ص 323: ابن مريم: البستان» المصدر 
السابق»ء ص 283» بن مخلوف :شجرة النور» المصدر السابق» ص 259» الحلل السندسية في 
الأخبار التونسية» المصدر السابق» ص 679. 

2 .ابن القنفذ القسنطينيء الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية . المصدر السابق .ص40. عبد القادر 
قوبع: دور ابن قنفذ القسنطيني في تاريخ الحياة السياسية والثقافية والدينية للجزائر الحفصية» المرجع 
السابق مقال ضمن مجلة عصور الجديدة العدد 4رهران -2012-2011»ص ص 53 54. 

اين مرزوق؟ السك » المضدر السابق ض46 


233 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


> و المسائل المسطرة فى النوازل الفقهية » أما جده لأبيه فقد تولى الخطابة » كما تولى 
القضاء طيلة ثلاثين سنة !. 


درس ابن القنفذ على والده و على جده لأمه » ثم على علماء قسنطينة و على رأسهم 
علماء البيت الباديسي مثل حسن بن ابي القاسم بن ميمون بن باديس القسنطيني (707ه- 
4م 1382-1308م)و حسن بن أبي القاسم بن ميمون بن باديس ابن عم الأول و 
ابن خالته اللذين درس عليهما علم الحديث” . 


ولما بلغ سن التاسعة عشر انتقل إلى المغرب الأقصى حيث قضى ثمانية عشرة سنة 
أخذ فيها عن علماء كثر في علوم متعددة كالفقه و الحديث و المنطق و الفلك والحساب › 
وأخذ عن الشريف التلمساني (771-710ه/1369-1310م) العلامة الشهير بشارح 
الجمل » و ابن مرزوق التلمساني ( 781-615ه/1379-1315م) صاحب شرح العمدة 
)» و أبو زيد عبد الرحمان ابن الشيخ أبي الربيع سليمان اللجائي (ت773ه/ 1371م) و 
0 عمران موسى بن محمد بن معطى العبدوسي (ت 776ه/ 1374م) و أبو محمد عبد 
الله الوانغيلي ( 779ه/1377م) و أبو العباس أحمد القباب الذي أخذ عنه أصول الفقه و 
الحديث في فاس » كما أخذ عن أحمد بن محمد الخزرجي الشهير بابن الشماع الذي أخذ 
عنه المنطق3 

و للإشارة » عند عودته من المغرب ٠‏ لم يبق ابن القنفذ بقسنطينة سوى سنة واحدة 
ليرحل إلى تونس أين أخذ بها الفقه على محمد بن الشيخ أحمد البطرني الأنصاري بتونس 
( 793-703ه/1390-1303م) » و أبي عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي ( 
803-6ه/1400-1316م) أشهر علماء تونس في وقته4 


لايق القنفة: الوقيات. #العضصدسن السابق. :صن 356: 

”نفسه» ص376. 

7 حول شيوخه ينظر ابن قنفد » أنس الفقير و عز الحقير»المصدر السابق ص25 و ما بعد. 
* نفسه .» ص376. 


234 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


تولى ابن القنفذ وظائف متعددة كالقضاء بدكالة بالمغرب الأقصى »› و الخطابة 
والإمامة و الإفتاء و القضاء بقسنطينة مما ساعده على التقرب من حواضر السلطة 
الحفصية! 


5 


و يبدو أن وفاة ابن قنفذ كانت سنة (809ه 1406م) و ذلك حسب رواية الزركشي 
في تاريخ الدولتين و هوما رجحه المؤرخ المحقق الأستاذ محمد الشاذلي النيفرء لأنه ذكر 
التاريخ بالكامل الليلة و الشهر و السنة مما يوحي بأنه أطلع على سجلات الدولة الحفصية 
التي تثبت تاريخ وفاة ابن القنفذ باعتباره قاضيا لديها”. 


ولد ابن القنفذ و الدولة الحفصية لم تتخلص من آثار الهزات السياسية التي تعرضت 
لها » فبعد توحيد الدولة على يد أبي يحيى بن أبي بكر سنة(718ه/ 1318م) لم تلبث 
أن انقسمت عن نفسها » ما أغرى المربنيين باحتلالها و إزالة ملك الحفصيين اللذين بقيت 
قسنطينة ملاذهم الأخير و حصنهم الوحيد أين استقر الأمير أبو العباس الحفصي » و رغم 
تعرض قسنطينة لحملة مرينية جديدة » و أسر أبي العباس نفسه » إلا أنه تمكن من الفرار 
بعد مقتل السلطان المريني أبي عنان و تحالف مع أبي سالم المريني الذي استطاع بعدها 
السيطرة على تونس » و بعث الدولة من جديد و هذه النقطة ستشكل المؤشر السياسي 
لأهم في كتابات ابن القنفد3 


أما فى الجانب العلمى و الثقافى . فقد عرفت بلاد المغرب الإسلامى فى القرن 
الثامن هجري/ (14م) حركة علمية كبيرة عكستها حركة التواصل العلمي و تنقلات 
الشخصيات العلمية. 


ن النقة + الفارسبية + الفضدن الاق صن 2198 اتن الف أف الحقرى و غر الدين الحثير 
اضر اسان ص1 

* ابن القنفذ : الفارسية » المصدر السابق» ص64. عبد القادر قويع : دور ابن قنفد»المرجع السابق ص 
55. 

3 انق كلفرن» المصيذو الاق مالفين» + 6ن7 51 7ن 386. 


235 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


و من بين العلماء الذين تأثربهم في الجانب الثقافي بالمغرب الأدنى نذكر ابن عرفة 
صاحب المختصر في الفقه » و عبد الرحمن بن خلدون و أبو العباس الغبريني ويحي بن 
خلدون» في التاريخ و البطرني» و ابن جماعة التونسي» و أبو محمد التجاني وأبو علي 
المشدالي و ابن غريون البجائي» و ابن عبد النورء و ابن عبد الرفيع» وابن قداح» و أبو 
الحسن بن عسيلة القفصيء و ابن راشد» و أبو الحسن المنتصر! 

أما بالمغرب الأقصى فقد تأثر ابن القنفذ بانتشار دراسة الفلك ( العلوم السماوية) 
حيث أخذ عن اللجائي تلميذ ابن البناء (721ه/1321م) و الفلك › و المنطق › كما تأثر 
بالتصوف الذي ظهر جليا في كتابه أنس الفقير.” و هكذا نرى كيف ساهمت تنقلات ابن 
القنفذ بين حواضر العلم الكبرى قسنطينة و فاس و تلمسان و تونس في توسع معارفه 
وموسوعيته و تصوفه» أمّا عن عصره وأهمّ مؤلفاته تذكر لنا المصادر التي ترجمت له 
على أن عصره مثل عصر الموسوعيّة» حيث يندر الاختصاص والاكتفاء بعلم أو فن واحد 
من العلوم المختلفة» ويمكن أن نقف على ذلك من خلال تآليف ابن القنفذ الكثيرة » التي 
نجدها تتوزع على كل من علم الحديث و لفقه والأصول والمنطق وعلم التاريخ كالتراجم 
والسير والأنساب والوفيات وعلى الطب والتوقيت والفلك وعلم اللغة والقواعد و البلاغة...؛ 
وكان قد ذكر اغلب مؤلفاته في ثبت كتبه (807ه/1404م) أما عن بقية كتبه التي الفها 
بعده » فقد ضاع اغلبها*. 


لقد ألف ابن قنفذ كتبا بلغ مجموعها حوالي ثلاثين مصنفا في مختلف العلوم النقلية 
والعقلية» وقام بشروح واختصارات للكثير من مؤلفات من سبقوه لم يحقق منها لحد الآن 
سوى عدد قليل لا يتعدى خمس مؤلفاته» أما بقية مخطوطاته الأخرى» فلم يعرف عن 


الغبريني: المصدر السابق .ص140. 

”عبد القادر قوبع: دور ابن قنفذ القسنطيني المرجع السابق -<ص56 

7 ينظر الثبت الذي كتبه ابن القنفذ في آخر كتابه الوفيات » و أيضا تحقيق الأستاذ النيفر في كتاب 
ابن قنفذ: الوفيات » المصدر السابق-ص-ص 68-83. 


236 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


مكانها شيئاء ماعدا القليل منها الموزع بين خزائن الرباط والقاهرة والجزائر وتونس وحتى 
بريطانياء أما الباقي منها فيبقى في عداد المفقود! 
وعليه يتبين لنا أن إبن قنفذ كان ذا ثقافة متنوعة وموسوعية» وهي ثمرة جد واجتهاد وتلقى 
العلم من كبار علماء عصره في المغربين الأوسط والأقصى اللذان كانت لهما الصدارة في 
تخصصاتهم» فأحرز بذلك على مصادر كثيرة في علوم حد البراعة» وانتشر صيته ووصف 
بحبر فاس وقسنطينة. 

ومما يجدر ذكره أن إبن قنفذ بدأ التآليف مبكر في رحلته الأولى في طلب العلم 
بالمغرب وذلك من خلال كتابين” ألفهما به» وبعد رجوعه من المغرب وتونس واستقراره 
بقسنطينة تفرغ لتصنبف تلك المؤلفات المتعددة والمتنوعة في مختلف العلوم والتي أشار 
إليها في آخر كتابه 'الوفيات" الذي ذيل به شرف الطالب في أسنى المطالب» حيث وضع 
إبن قنفذ سنة807ه/1404م ثبت بأسماء مؤلفاته التي بلغت سبعا وعشرين مؤلفا في فنون 


متنوعة من فقه وتوحيد وطب وفلك وغيرها. 


ودبدو أن كتبه كانت أعز ما يملك لشدة تعلقه وعنايته بهاء وفي هذا المقال يستوقفها ما 
قاله فى هذا البيتان حول إعارة الكتب وهو يحدث بها المستعير على إعارتها قائلا فى ذلك: 


بالله يا مستعيرٌ الكتب دعني فإن إعارةٌ الكتقب عار 
فمحبوبي من الدنيا كتابي وهل أبصرت محبويا يعار 


“إبن قنفد «الفارسيةء المصدر السابق »ص 82. 

”نفسه» ص 82 

3 الكتابان هما: كتاب الطالب لمسائل أصول ابن الحاجب» وكتاب حط النقاط عن وجوه أعمال 
الحساب» ينظرء ابن مريم» البستان المصدر السابق »ص 308ءابن قنفد شرف الطالب» المصدر السابق 
ص 49 


237 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


وقد وجدت له بعض الرسائل ونسب إليه البعض الآخر من مؤلفات لم يذكرها هو في 
ثبته الذي وصف فيه أسماء كتبه حتى سنة( 807ه/1404م)ء وقد جاء في بداية الثبت 
قوله 'وأعلم أن معرفة الكتب وأسماء المؤلفين من الكمال» ومعرفة طبقات الفقهاء» وأزمانهم 
من مهمات المطالب وكذلك معرفة ما ألف في عصر المسائل" وجملة تأليفه ذكرها في 
قوله"! وقد سألني رجل عما في التواليف ليكتب ذلك في رحلتهء فأمليت عليه عن ذلك ما 
صادف الوقت زمانه لحرصه على هذه المسائل وسنردها ها هنا تكملة لعرض”. 


إنتاجه العلمي (أهم مؤلفاته) 
في علم الفقه والأصول : 


لقد تنوع انتاج إبن القنفذ في هذا المجالء فقد كان له إسهام في الفقه و أصوله حيث ألف 
فى الفقه عدة شروحات منها: 


- تقريب الدلالة في شرح الرسالة : و هو ما شرح الرسالة إبن القنفذ أبي زيد القيرواني في 
أريعة أسفار لإبن أبي زيد القيرواني » و هو الكتاب الوحيد الذي أشار إليه إبن القنفد في 
الفارسية حيث قال :" و رأيت في أيام حضوري بمرفع الكتب بالقبة شرحي لرسالة إبن أبي 
زيد القيرواني رفعه للخليفة أبي فارس من نسخة قاضي الجماعة أبي عباس أحمد 
الغبريني'3. 

2- اللباب في إختصار الجلاب“ يعتبر ضائعا. 


3- معونة الرايض في علم الفرائض! و هو شرح على الأرجوز التلمسانية في الفرائض 
لأبي إسحاق إبراهيم بن أبي بكر الأنصاري المتوفي سنة (690م/1291م)2. 


“أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي - 52- ص 388. 

2 إبن القنفذ » شرف الطالب في أسنى المطالب» تحقيق عبد العزيز صغير خان - مكتبة الرشد 
السعودية ص 308 - ط1- 2003/1424م- ص 50-49 إبن مريم - المصدر السابق »ص308. 

3 إبن قنفذء الفارسيةء المصدر السابق»ص 69. 

4 هو مفقود » ينظر إبن قنفذء الوفيات» المصدر السابق»ص 13. 


238 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


4- بغية الفارض من حساب الفرائض و يعتبر مفقودا هو أيضا. 
5- تفهيم الطالب لمسائل أصول إبن الحاجب” » و كان الإبتداء في تنفيده أول سنة سبعين 
و سبعمائة و الظاهر أن إبن القنفذ شرح كتاب الأصول و يحتمل أن شرحه هذا كما قال 


ألفه بإيجاز و قد إنتشر و ذاع آنذاك. 


6- تحفة الوارد في بيان الشرف من جهة الوالد“ و هو غريب كما وصفه إبن القنفد والمراد 
و الغاية من تأليفه أن إبن قنفذ يرى بأنه من ليس بشريف من جهة والده و هو إبن شريفة 
فلا يدعى الشرف و حول ذلك يقول :" إعلم أن هذه المسألة محدثة و قريبة الحدوث و قد 
إتفق أهل الأمصار من مختلف الأعصار أن من والده غير شريف فلا يدعى بشريف”. 


- في علم الحديث و علومه : 
- 1 - أنوار السعادة في أصول العبادة : قال عنه مؤلفه و هو شرح لقوله عليه الصلاة و 


السلام " بني الإسلام على خمس " الحديث؟ في كل قاعدته من الخمس أريعون حديثا و 


- 2 - شرف الطالب في أسنى المطالب.” 


7 هو شرح للأرجوزة التلمسانية للفرائضءينظر ابن قنفد»الوفيات»المصدر السابق»ص13. 

۶ ابن فرحونءالديباج»المصدر السابق »ص ص 91-90۰ 

ر ارد كط إن اف الزات المصدى السانق: د 15 

4 توجد منه مخطوطة بالقاهرة»و أخرى بتونسءينظر إبن القنفذ »بشرف الطالبءالمصدر السابق ص 
44. 

5 ان افد القارمنية#المصضدر الان »صن 70 

“إسماعيل البخاري »صحيح.البخاري ءباب الإيمان.ع1»ص8 صحيح مسلمءالإيمان باب أركان الإسلام- 
ج1- ص 45 يعبر ضائعاءينظر قنفذ»الوفيات»المصدر السابق ]ص 14: 

7 هو شرح على منظومة المسماة قصيدة الغزالية الغرامية من القاب الحديث لأبي العباس بن فوج 
الإشبيلي و هي في عشرين بيتاء لم يشرح منها إبن القنفذ إلا سبع عشرة بيتانو توجد شرف الطالب في 


29 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


يعد هذا الكتاب كما صرح مؤلفه نفسه مختصرا كما اعتبره مدخلا للكتب علوم الحديث 
ليقرئها المبتدئ للوصول إلى فهمها! و قد إنتهج فيه إبن القنفذ منهجا سار عليه إلى إتمام 
شرحه للقصيدة » حيث يبدأ أولا بالجانب اللغوي في البيت تم يتعرض لجانب الإعراب 
بالحركات و النقط تم الجانب البلاغي و لهذا يصلح هذا الشرح أن يكون مقررا دراسيا 
للمبتدئين من طلبة العلم لأنه يختصر الآراء في المسألة.” 

في علم التصوف: من بين تأليفه التي أبدى من خلالها مساهمته في ميدان التصوف نذكر 
كتاب أنس الفقير في ذكر الأولياء و الصالحين »و زيارتهم و التبرك بهم» وهذا المجال 


الزهدي لزمه بعد عودته إلى مسقط رأسه قسنطينة. 


2- كتاب أنس الفقير:3 


يعرف هذا الكتاب بأنس الفقير و عر الفقيرء إلا أن إبن قنفذ يزيد بعد ذكر هذا العنوان 
قوله " في رجال من أهل التصوف أبي مدين و أصحابه" و مما لاشك فيه أن هذه العبارة 


و يدور هذا البحث الذي قام به أبن قفذ عن الحياة الصوفية قي المغرب في القرن الثامن 
الهجري (/14م) من خلال ذكر سياحته و ملاقاته لرجال التصوف» و لذلك فإن المهم من 


عذة مخطوطات منها سبعة بالرياط و أربعة بتونس و ثلاثة في مصر و إثنان بباريس بنظر إسماعيل 
البخاري صحيح مسلم -ح1- المصدر السابق» ص 8. 

1 بلفرح عبد الرحمن » إبن القنفذ القسنطيني 'حياته و أثاره'(470ه-810ه/1407-1339م) ماجستير في 
التاريخ دوالحضارة الإسلامية»جامعة وهران ء2008-2007 - ص 96. 

بلفرح عبد الرحمن » إبن القنفذ القسنطيني 'حياته و أثاره'»المرجع السابق ءص107. 

ابن قنفد الوفيات »المصدر السابقءص 13» أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي »ج2»ص65. 


200 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


هذا الكتاب هو ما شاهده هو بنفسه و اتصالاته الشخصية برجال التصوف لذكر أخبارهم 
و مجاهداتهم و الإشارة إلى ما تمتاز به سيرة كل واحد منهم!. 


توجد للكتاب عدة نسخ محطوطة بخزانة المحفوظات لعامة الرياط والقروبين كما يتميز 
الكتاب بأسلوب متنوع”» فإذا كان في الخطبة يستعمل السجع وبتألف في كتابه ٠‏ أما إذا 
كان عن مشاهداته و زيارته لمختلف النواحي التي تكلم عنها فإنه يعتمد أسلوب بسيط 
وعلى لغة لا تخلو أحيانا عن بعض الألفاظ العامية كالمخايد الوسادات ونحوها وعندما 
يحكى كلام عن بعض الصوفية ممن التقى بهم يأتي بعبارات تكاد تكون عامية كقوله مثلا 
5 ل سرحك نركب بها 31 
- في علوم اللغة: كذلك الحال فإننا نجد لابن قنفذ عدد من المؤلفات نذكر منها: 
1- هداية السالك في بيان ألفية إبن مالك و هو في حكم المفقود.4 


2- الإبراهيمية في مبادئ العربية” وهو مختصر لقواعد في النحو و الصرف على شاكلة 
ما يؤلف في ذلك الزمن أهداه إلى بعض الأمراء الحفصيين المعاصرين له و قد يكون 
حسب روايته أبا إسحاق إبراهيم.© 


2- التخليص في شرح التلخيص” الظاهر أنه شرح حول التلخيص في البلاغة 
للقروبين محمد بن عبد الصمد بن عمر موصليء 


* بلفرح عبد الرحمن ٠‏ إبن القنفذ القسنطيني 'حياته و أثاره"؛ المرجع السابق »عص96. 

2 ابن قنفد» أنس الفقيرء المصدر السابق»ص52. 

3 نفسه»ص 52. 

4 يعتبر ضاتعاء ينظر ابن قتنفد؛ الوفيات »المصدر السابقءص41. 

57 هو ضائع» ينظرء ابن قنفد» شرف الطالب» المصدر السابق»ء ص41. 

5 اين قنفد الفارسيةء المصدر السابق »ص 79. 

7 ينظر فهرس المخطوطات بالرباط» ص 134»التمحيص في أنس الفقيرء التمحيص في المكتبة 
القومية بتونس» التلخيص» ينظر الوفيات» المصدر السابق ”ص 15. 


241 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


3و له شروح عديدة لكتابه تلخيص المفتاح فى البلاغة! 


5- تبسيط الرموز الخفية في شرح عروض الخزرجية” لضياء الدين أبي محمد بن عبد الله 


بن محمد الخزرجي المالكي الأندلسيء و هي من البحر الطويل مطلعها. 
و للشعر ميزات تسمى عروضا: بها النقص والرجحان يريهما الفتى“. 
- في علم التاريخ والسير والتراجم 
لقد ترك إبن قنفذ أعمالا هامة في التراجم والسير وما تزال مصدر لا غنى للباحث عنها 
“خاصة تراجم الأعلام ووفياتهم رغم اختصارها. 
1 -كتاب الوفيات:5 


هو تكملة ذيل لكتاب 'شرف الطالب" جعله ثبتا عبارة عن وريقات استهله بذكر الرسول 
صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة من المائة الأولى مقيدا وفاتهم كما تعتبر الوفيات مصدرا 
وفيات رجال وعلماء قسنطينة ويجاية وتلمسان والمغرب الأقصى والأدنى وإفريقياء وقد 
وضع له ابن القاضي ذيلا تحت عنوان 'لفظ الفوائد' 

إن هذا الكتاب عبارة عن تاريخ صغير لوفيات الصحابة والعلماء المحدثين والمفسرين 
والمؤلفين. وفي شأنه ذكر القادري في نثر المناني لأمل القرن الحادي عشر والثاني قائلا:' 
رأيت تأليف أصغر حجما وأغزر علما مرتبا على مدار السنين بوجه لم يسبق إليه من 
الهجرة النبوية إلى المائة التاسعة الذي ألفه العلامة الإمام أحمد بن حسن بن علي بن 


1 ابن القنفذء الفارسية» المصدر السابق» ص 82. 

۶ يعد مفقوداء ينظر ابن القنفذ» المصدر نفسه» ص 82.؛ بلفرح عبد الرحمن» المرجع السابق» ص 110 
3 مفقوداء ينظر ابن القنفذء الوفيات» ص 15. 

بلفرح عبد الرحمن» المرجع السابق»ء ص 110 

"أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي» المرجع السابق» ج2» ص83. 


202 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


الخطيب ابن قنفذ القسنطيني» وذيله العلامة المؤرخ أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي 
العافية الشهير بابن القاضيء ابتداؤه من أول المئة الثامنة إلى تمام المئة العاشرة» كما ذيل 
أيضا كتابه المسمى 'بدرة الحجال" كتاب 'وفيات الأعيان" الإمام شمس الدين بن خلكان 
من مجموع ذلك التاريخ من الهجرة النبوية إلى تمام المئة العاشرة» وقد بناه على الإختصار 
والتقريب وإفادة 'وفيات الأعيان" على أحسن ترتيب.! 

وللإشارة» فقد نكر ابن قنفذ في كتاب الوفيات عشرين من علماء المغرب الأوسط أو 
لهم من العشرة الثانية من المائة السادسة أبو الفضل بن النحوي (513ه/ 1119م) وفي 
العاشرة شيخ التاريخ أبو مدين شعيب دفين العباد سليمان وفي العشرة الثانية من السنة 
السابعة الشيخ الفقيه أبو زكريا الزواوي توفي ببجاية (611ه/ 1214م )وفي العشرة الثالثة 
القاضي محمد محمد بن عبد الحق التلمساني (ت 625ه/1228) . وفي العشرة السابعة 
المحدث أبو الحسن علي بن علي بن ميمون بن القنفذ (ت661 ه/1262م) وفي العشرة 
الثامنة أبو محمد عبد الحق بن ربيع البجالي ت (675ه/1276م) والعشرة الأولى من 
المئة الثامنة الفقيه وقاضي الجماعة ببجاية أبو العباس أحمد بن محمد الغبريني» وفي 
العشرة الخامسة الإمام عبد الله محمد الشريف التلمساني (ت 761ه/1359م) وغيرهم 
كثير "2. 

يعد هذا الكتاب من المصادر المهمة» رتبه إبن قنفذ على القرون وعلى تواريخ وفياتهم 
مستهلا ذلك بوفاة سيدي الخلق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم سنة11هء وأنهى به على 
العشرة الأولى من المائة التاسعة أي سنة 807ه/1404م: كما يعد هذا من المصادر 
المهمة كذلك التي يمكن الاعتماد عليها ليسرها وسهولة منهجهاء حيث يعتمد عليها 
المؤلفون لمعرفة تاريخ وفيات مشاهير الرجال والأعلام والفقهاء وخصوصا العلماء 


2 نفسه » ص 81. 


203 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


منهم."أوبالرغم من أن تراجم هذا الكتاب قصيرة جدا. إلا أنه نال شهرة كبيرة في الأوساط 


العلمية» وأخذ عنه عدد كبير من مؤلفي كتب السير والتراجم ومن بين الكتاب الذين أخذو 
عنه» نذكر التنبكتي مثلا في نيل الإبتهاج» وابن مريم التلمساني في بستانه والحفناوي في 
كتابه تعريف الخلف برجال السلف والزركلي في الأعلام وغيرهم.” 


وللإشارة» فقد إعتمد عادل نويهض عند تحقيقه للوفيات على مخطوطين حصل على 
إحداهما من مدينة تلمسان 1963م» يرجع تاريخ نسخها إلى القرن التاسع الهجري 15م 
على يد ابراهيم بن قاسم بن سعيد بن محمد العقباني والثانية حصل عليها من مدينة 
قسنطينة» وليس فيها تاريخ نسخها لتأكل أوراقهاء ولما قارن بينها وبين طبعتي مصر والهند 
اتضح أنه لا يوجد اختلاف بين المخطوطين. 
-2- كتاب وسيلة الإسلام بالنبي عليه السلام: 


يعد هذا الكتاب حسب ما ذكره ابن قنفذ من أجل الموضوعات في السيرة لاختصاره فقد 
ذكره ابن قنفذ مع جملة أسماء كتبه التي ألفها والتي ذكرها في آخر كتابه الوفيات'3. 

يعد هذا الكتاب الذي ألفه ابن قنفذ في السيرة النبوية من أنفس الكتب لقيمته الجليلة » فقد 
وضح فيه إبن القنفد أمورا في السيرة النبوية بأسلوب مختصر و أجاد فيه و ذلك يفضل 
إطلاعه الواسع و تنوع ثقافته» حيث أخد له السيرة و سلط من خلاله على جوانبها أضواء 
كانت في حاجة إلى إيضاح و تبيين معتمدا و مستفيدا من مصادر من سبقوه» وهذا و إن 
دل على شيء فإنما يدل على قدرة إبن قنفد على التأليف والإحاطة بالمعنى» و إلتزام الدقة 
في المعلومات. 


1 إبن القنفذ الفارسيةء المصدر السابق- ص 67. 

* إبن القاضي المكناسي» جدوة الإقتباس لمن حل من الإعلام بمدينة فاس( دب.د.ط) 1991-ج1.:ص 
79. 

ابن القنفذ أنس الفقير وعز الحقير -المصدر السابق» ص ب. 

“ابن القنفذ الفارسيةء المصدر السابق حص ص 200-199. 


244 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


3- الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية:! هذا المؤلف هو في ذكر الدولة الحفصية أهداه 
إبن قنفد للسلطان أبي الفارس الحفصي الذي كان من المقربين منه يحضر مجالسه التي 
وصفها في تاريخه الذي ألفه له (806ه/1403م) بقسنطينة و سماه باسمه الفارسية في 
مبادىء الدولة الحفصية و رفعه إليه مثنيا عليه فيه مادحا سلاطين بني حفص”. 


يعتبر كتاب الفارسية من أهم كتب ابن قنفد إذ هو أثمن المصادر التي ألفت عن الحياة 
العلمية و الأدبية و الفكرية في العهد الحفصي”3 عموما و عهد أبي العباسي أحمد و عهد 
أبي فارس بالأخص حيث ذكر فيه مجالس المستنصر من أعلام الفقهاء و الأدباء كأبي 
بكر بن سيدي الناس و لذي و إبن العصفور و كذلك أشار إلى إنشاء القصور والمنشآت 
العمرانية و من خلاله علينا القول بأن إبن القتفد كان مؤرخا لأحداث الدولة الحفصية 
خاصة و أنه كان أحد المشاركين بها » كما أرخ كذلك للحروب الصليبية والتي عرفها 
العالم الإسلامي في مشرقه و مغريه و بالأخص حملة لويس التاسع على تونس في 3 
محرم 648ه/1239م و الحمله الثامنة سنة 1271.و أخيرا يبقى إبن القنفد بحكم إرتباطه 
بالدولة الحفصية مصدرا مهما لتأريخ هذه الدولة و ما علافته من أحداث داخلية و خارجية 
إنطلاقا من إطلاعه على وثائقها و معايشته لبعض قوادها وسلاطينها”. 
- 4 - طبقات علماء قسنطينة” هو كتاب في رحال و ألام قسنطينية لم يذكره إبن القنفد 
فى تبته: 
و بكم ما عرف به من نبوغ مبكر قد ألفه كتابيين أثناء طلبه للعلم و هما تفهيم الطالب و 
حط النقاب. 


3 انق القفذ الفارسية» المصددر السايق» .سن صن 198--199. 

-نفسه» ص ص 200-199. 

3-عبد القادر قوبع» المرجع السابق»ء ص62. 

اجان لرن ان اله الى حيافه ر رن ارخ افاي .كن 83. 
ينظ ئ الشف الزات المضتر السا ص 17 


245 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- 5 - المسافة السنية في إختصار الرحلة العبدرية! و هو شرح مختصر للرحلة العبدرية 
للعبدري. 


2- الانتاج العلمي في مجال العلوم العقلية 
-ابن مرزوق الخطيب ت 781ه/1379م): 
انتاجه العلمي (أهم مؤلفاته) 
لم تطلعنا كتب السير والتراجم على اسهامات ابن مرزوق الخطيب في مجال العلوم 
العقلية باستثناء تأليفه الذي صنفه في مجال : 
في علم الفلك والتنجيم: والمعروف ب : 
- كتاب التنجيم”. 


ابن مرزوق الحفيد: (ت 842ه/1439م) : كان له صيت كبير في ربوع 
المغرب الإسلامي حتى أصبح يلقب برئيس علمائه بدون منازع» يعد أية في تحقيق العلوم 
“جمع بين الشريعة والحقيقة على أصح طريقة وبالتالي جمع بين علوم الظاهر والباطن”. 
انتاجه العلمي (أهم مؤلفاته) 


بالرغم من اسهاماته وريادته في فني المنقول والمعقول .إلا أن كتب التراجم التي 
ترجمت له اكتفت كما سبق وأن أشرنا له في العلوم النقلية بإشارات فقط تأكد على كونه قد 


1-يعتبر ضائعاء ينظر ابن قنفذ»ء الوفيات» المصدر السابق» ص14. 

- ابن مرزوق : المصدر السابق» ص 51-50-49-48. التنبكتي: نيل الإبتهاج» ص 237-236»: 
يحيى بوعزيز: أعلام الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة؛ دار الطباعة للنشر » الجزائر» 2009ء ج2ء 
ص50 

3 ابن مريم البستان» المصدر السابق» ص 239. 


246 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


خاض ميدان التأليف في المجالين العقلى والنقلى » دون ان تطلعنا على عناوين هاته 
التصانيف والتي لريما يعود السبب في عدم ذكرها إلى فقدانها أو ضياعها! . 
-ابن قنفد القسنطيني (ت 810ه/1407) 
من خلاله ثبت المؤلفات التي تركها إبن القنفذ الذي وضع له لائحة في كتابه شرف 
الطالب يظهر بأن إنتاجه الرياضي أو ماله صلة بالرياضيات من جبر و حساب و ذلك و 
غيره يقارب ربع إنتاجه الكلي”. 
انتاجه العلمي (أهم مؤلفاته) 
-الحساب و الرياضيات : 
1- مبادئ السالكين في شرح رجز بن الياسمين و هو شرح لأرجوزة أبن الياسمين في الجبر و 
المقابلة التي شرخها إبن القنفذ بالطريقة التقليدية و المستخلص من هذا الشرح هو استعماله 
للرموة الرياضية فى حل المعاد لاك و قبفيله لكثيرات الحدود: 
2 -بغية الفارض من الحساب و الفرائض”. 
3- التلخيص في شرح التلخيص وهو تلخيص حط النقاب“. 
ړ- سراج النقاب في علم الأوقات5 و هي رسالة صغيرة في أريع ورقات تفع في سبع 


صفحات في كل صفحة خمسة و عشرون سطرا حجمها 17×24 بخط مغريي واضح؟. 


3- ابن مريم البستان» المصدر السابق » ص240. 

2-بلفرح عبد الرحمن» ابن قنفذ حياته وأثاره» المرجع السابق»ء ص110. 

- مفقود بنظر إبن القنفذ » الوفيات - ص 15. 

4- مفقود بالرباط المكتبة الجنسية رقم 63 85 » المكتبة العامة 1070ءورد في أنس الفقير "التمحيص" 
ص ر ينظر إبن القنفذء الوفيات» ص 15. 

”- ورد في فهرس المخطوطات الرباط ص 133 شرح التقات و مثله في أنس الفقير بنظر إبن القنفذء 
الوفيات» المصدر السابق» ص 14. 

6- إبن القنفذ الفارسية-المصدر السابق ص 78. 


247 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


5-حط النقاب عن وجوه أعمال الحساب! » يعد من أهم مؤلفاته في الرياضيات سنة ( 
2جمما) ) بعد إثنين و ثلاثين سنة من عمره قضاها في الطلب و التحصيل و هذا 
الكتاب في مضمونه هو شرح للكتاب تلخيص أعمال الحساب. 

-في علم الفلك: 

و كذلك برز ابن القنفذ في علوم الفلك حيث نجز له أكثر من كتاب في هذا الموضوع 
منها: 

- 1 القنفذية في إبطال الدلالة الفلكية3 و هو في علم الفلك يشبه في شرحه منظومة بن 
أبي رجال التي يقول في مطلعها:" و بعد فإني لما رأيت أرجوزة الفاضل أبي الحسن على 
بن أبي الرجال القيرواني حاصرة لأكثر القواعد في القضايا النجومية أردت إيضاح معانيها 
و بيان مبانيها على الطريق العلمي عند القوم و إن كنت أعتقد صحة ذلك". 

- 2 تحصيل المناقب و تكميل المأرب” في حكم المفقود و توجد نسخة منه بالخزانة 
العامة بالرياط تحت رقم 512 ب 3 - 266 مكرر. 

- 3 سراج الثقات في علم الأوقات ورد إسمه في مخطوطات الرياط و رقمه 4620 لكنه 
مفقود. 

- 4 تسهيل العبارة في تعديل الإشارة' إشتمل على أريعين باب و ستين فصلا . 

-بلفرح عبد الرحمنء ابن قنفذ حياته وأثاره» المرجع السابقء ص86. 


2-نفسه» ص 52. 


نفسه» ص 115. 
4_ بشير ضيف» فهرسة معلمة التراث الجزائري القديم والحديث» منشورات تسالة؛ الجزائرط2002-1- 
ج3-ص 215. 


7- هو شرح لكتابه تدبير الطالب في تعديل الكواكب» و توجد نسخة مخطوطة في الخزانة العامة بالرباط 
248 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


- 5 تيسير المطالب في تعديل الكواكب» و يعتبر هذا الكتاب من نوادر ما ألف إبن القنفذ 
في هذا المجال» حيث قال عنه " و لم يهتد أحد على مثله من المتقدمين'2. 


- 6 وقاية الموقت نكاية المنكت. 
- 7 تقديرات فى مسائل مختلفة4. 


- 8 شرح المنظومة الحسابية في القضايا النجومية” لإبن الحسن على بن أبي الجال 
القيرواني. 


- و السراج في العمل بالإسطلاب» أرجوزة في نظم إبن القنفذ مبثورة الأول» عدد أبياتها 
7+ و أدلها جعلته أرجوزة مفيدة في فنها محوزة بخط مغربي© 
- في علم الطب: 

بالنسبة لهذا التخصص له مؤلف واحد سماه ب"أنس الحبيب عند عجز الطبيب" و له 


أرجوزة فى الأغدية و الأشرية بدايتها " الحمد لله القادر المنير الأحد الفرد القدير الفاطر 
الباري المصور› الغفار الملط المهيمن القهار أحمدة على التوالى اللهم حمدا كثيرا دافعا 


أ-ابن فنفذ» الفارسيةء المصدر السابق-ص113. 

7- يسمى أحيانا تسهيل المطالب» منه نسخة مخطوطة بالخزانة العامة بالرياط تحت رقم 512» ينظر 
ابن قنفذ الوفيات ص14» بلفرح عبد الرحمن» ابن قنفذ حياته وآثاره» المرجع السابق» ص115. 

ابن قنفذ» الفارسية؛ المصدر السابق» ص82. الوفيات» المصدر السابق» ص15» شرف الطالب» 
ص 13.» بلفرح عبد الرحمن» المرجع السابق» ص116. 

“- هو شرح للكتاب تيسير الطالب في تعديل الكواكب ءبنظر الوفيات -المصدر السابق-ص 13ء 
بلفرح عبد الرحمن» المرجع السابق» ص116. 

7- منه ثلاث نسخ بالخزانة العامة بالرياط و أريعة بتونس و واحدة بلندن بالمحن البريطاني ينظر إبن 
القنفذ - الوفيات- ص 16. 

“- يعتبر ضائعا ينظر غبن القنفذء الوفيات» المصدر السابق-ص 5 1نو شرف الطالب في المصدر 
السابق - ص 42 و بشر طبقا فهرسة معلمة الثرات الجزائري في و الحديث» منشورات تسالة» الجزائر 
ط1 - 2002-ج3- ص 215 كذلك بلفرج عبد الرحمن »المرجع نفسه ص 115. 


209 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


للنقم ... و جعل الطب قسم الدين بقوله علمان بالتبين القول في طابع الحبوب الشهرة و 
التجريب" 

و نهاية المخطوط:" و إعلم بأن صحة الأبدان هي التي تنفع في الإنسان و أحوج إليه 
الأمر لكونهم أئمة بلا إمتراء..." و موضوعها الطب و الصيدلة و البيطرة و الحيوان 
والنبات» أما الموضوع الثانوي فيها في الأغدية و الأشربة و عدد أبيات هذه المنظومة 248 
بيتا و تاريخ تأليفها بحسب البيت الأخير في رجب 782ه/1380م1. 

- في علم المنطق: لإبن القتفذ مؤلفات في المنطق منها. 

د- شرح لرجز في المنطق” نظمه صاحبنا الفقيه الحافظ أبو عبد الله محمد بن الشيخ 
الفقيه أبي زيد عبد الرحمن المركشي الضرير. 

2- تلخيص العمل في شرح الجهل في المنطق للخونجي3 

وعليه يمكننا القول أن حركة التأليف التى خص بها علماء المغرب الأوسط بالمغرب 
الأذنى» قد ساهمت فى تنشيط الحياة الثقافية وتفعيل الحقل الثقافى فى المغرب الأدنى 
وبين المغربين الأدنى والأوسطهء وتزويده بمعلومات وبمادة علمية جديدة وقيمة عن التاريخ 
الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الصوفي والسياسي لأعلام من علماء وصلحاء وفقهاء 
المغرب الإسلامي من المغرب الأدنى والأوسط والأقصى عن سلاطين كانوا يستحقون أن 
يدخلوا التاريخ من بابه الواسع» بفضل منجزاتهم التي صنعوهاء ومن تزويد حواضر العالم 
الإسلامي وليس حاضرة المغرب الأدنى بهذه المؤلفات العلمية التى أضافت في تاريخه 


المشوق: وتالقة رخدت وأحيكخناعفه من الأجداذة» وا ااا كنا انتطاعوا من خلال 


1-ينظر الوفيات» المصدر السابق» ص17. 

7- توجد نسخة من هذه المنظومة ضمن مجموع رقم 515 بالخزانة الجنسية بالرياط عدد أوراقها سبعة 
وقياسها 200×130 سم ينظر بلفرج عبد الرحمنء المرجع الثاني 11. 

3- يعتبر ضائعاء ينظر إبن قنفذ الوفيات ص 13. 


250 


الفصل الرابع:.............الإنتاج العلمي لبعض لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 


مؤلفاتهم هذه» في التعريف بأنفسهم» والتعريف بمكانتهم العلمية التي بلغوها من خلال هذه 
الوقفة السريعة لنا مع مشوارهم العلمي والسياسي الراقي والرفيع الذي صنع لهم صورة 
ساطعة في الآفاق من جهةء وأكد على شخصيتهم العظيمة التي لعبت دورا ثقافيا كبيرا من 
جهة أخرى حيث نجدهم قد شغلوا في المغرب الإسلامي عموما وبالمغرب الأدنى على 
وجه الخصوص مناصب سامية لم تكن تسند إلى لمن برهن على كفاءة ومقدرة علمية 
كبيرة» حتى في زمن عرف بسيادة التآليف النقلية على غيرها من التآليف العقلية» وكثرة 
الشروحات العقلية. 


كما أننا لا يمكننا أن ننسى تذكر المنهج الموسوعي الذي كانوا يتميزون به» حيث كانوا 
يكتبون في جميع فنون العلم والمعرفة حتى ولو كان ذلك بقدر قليل» لكنهم لم يقيدوا أنفسهم 
بالاختصاص كما هو شان كل من العالم المؤلف ابن مرزوق الخطيب أو ابن مرزوق 
الحفيد أو الغبريني أو النقاوسي وغيرهم كثيرون. فلهم منا كل الإحترام والتقدير لما صنعوه 


لنا من تاريخ ورقي وحضارة كخير سلف نسأل الله أن نكون لهم خير خلف. 


251 


5 


خاتمة 
وفي نهاية المطاف لقد توصل البحث إلى جملة من النتائج هي: 


1-إن ما وُجد مِنْ علاقات ثقافية بين المغربين الأوسط والأدنى» ميّزها الترابط والانفتاح على 
بعضها البعض» رغم الجو المشحون بالفتن و القلاقل والحروب التي كانت تندلع بينهما بين 
الفينة والأخرى» ويشهد على ذلك حركية العلماء التى ظلت موجودة فى ظل هذه الظروف 


ا 


2- ازدهار الحركة العلمية ببلاد المغرب الإسلامي خصوصا في القرن الثامن الهجري/ 
4م بسبب خصوية الحقل العلمي» والذي نقف عليه في تنوع العلوم النقلية والعقلية» والكم 
الكبير لفضائل العلماء الذين ذاع صيتهم داخل بلاد المغرب الإسلامي وخارجه» ومن 
العوامل التى ساهمت في ذلك نذكر: 

3-النزعة العلمية التي كان يتميز بها سلاطين المغربين» حيث كان معظمهم من العلماء 
والأدباء ساهموا بفضل ما كانوا يتميزون به في إثراء وتطوير الحياة الثقافية بالرغم من 
الحروب فيما بينهم. 

4-تشجيع ملوك وسلاطين المغربين للعلماء» وتقريبهم من مجالسهم» واجراء الأرزاق عليهم» 
وحضور دروسهم تشجيعا لهم واحتراما لمقامهم. 


وأثرها فى تنشيط العلاقات الثقافية وتمتينها. 
6-من مظاهر الترابط الثقافي بين المغربين تنظيم المناظرات والاحترام المتبادل والرحلات 


العلمية. 


5 


7-و لما كان التصوف من أقوى التيارات الفكرية في بلاد المغرب الإسلامي خلال مرحلة 


هذه الدراسة» فقد أثر هو الآخر بأفكار فلسفته الداعية فى جوهرها إلى الزهد و نبذ ملذات 


252 


5 


کا 


حياة الدنياء و الاقتصار منها على الخشن من المأكل و الملبس فى انتشار عمليات الوقف› 


و ذلك بتحقير المال في أعين هذا التيار و مريديه. 


8-لقد غلبت على هذه المراكز العلوم الدينية و الفقهية و علوم العربية و الحساب المرتبط 
بعلم الفرائض التي كانت سوقها نافعة آنذاك. 
9- كان المنبع الأصلي الذي تزودت منه هذه العلوم المشرق الإسلامي و هذا بعد مرورها 
بمصر و إفريقية و الأندلس» و هناك تخضع لتأويلات و اجتهادات إضافية و تتأثر بصورة 
أو بأخرى بالنسبة المحلية» و لعل في تأريخ الفقه و إن كان المغرب مدينا بذلك للمشرق» 
إنتاجهم الثقافي المحلي. 

وخلاصة القول» إن الهدف الأسمى من دراستنا لهذا النوع من المواضيع وخوضهم للمرة 
الثانية بعدما سبق لنا وأن تناولناه بالدراسة في مرحلة الماجستير كان ضرورة التأكيد على 


أواصر الأخوة التي أوجدها التواصل العلمي والثقافي دون انقطاع» إلى يوم الناس هذا. 


253 


اعبد العزيز الفيلالي» تلمسان في العهد الزيني» ج2» ص: 626. 
255 


الملاحق 


256 


“مخطوط المسند الصحيح» نسخة من مكتبة الأرسكوريال 


¢ رقم: 


. 6 


0 کک 


3 2 2 و دز ار 


س مہ جا ا 


الملاحق 


تابن قنفذ الفارسية» المصدر السابق» ص: 96. 


الملاحق 


الملاحق 


"محمد بن رمضان شاوش» باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان» دوان المطبوعات 
258 


259 


عبد العزيز سالم تاريخ المغرب الكبير 


¢ 


ض22 


200 


١ “عيد‎ 


يز سالم 


¢ 


تا 


ربخ 


١ 


5-0 


الكبد ج 


2 ص: 828 


7 
E 


RELA yi 
2 2 


1 


261 


0 


فهرس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية 


فهرس الآيات القرآنية 
الآية رقمها الصفحة 
الأحزاب 11 125 
الجن 18 47 
الأنعام 163-162 47 


فهرس الأحاديث النبوية 
الحديث الإحالة الصفحة 
فتح الباري لنشر صحيح البخاري دار الحديث القاهرة طبعة 01 1998 
المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم » تحقيق محمد حسني إسماعيل 
الشافعي .دار الكتب العلمية.ط1.بيروت»1986. 


صحيح ابن حيان.تحقيق شعيب الأرنؤوط مؤسسة الرسالة.ط2.بيروت 2 1983 


263 


فهرس الأعلام 
فهرس الأعلام 
حرف الألف 
- إبراهيم بن عبد الرحمن الحفصي:13 
- إبراهيم التازي: 91- 142 
- إبراهيم محي الدين بن عربي:129 
- إبراهيم بن يخلف التنسي: 86- 105 
- إدريس الأول: 94 
- ابن مرزوق الحفيد: 38- 74/-186-176-154-143-132-124-121- 
250-245-221-218-0 
- أحمد القسنطيني: 64 
- أحمد القلشاني: 57- 64- 157- 158 -204 
- أحمد العاقل: 24- 25- 26. 
- أحمد الغماري: 91 
- أحمد بن زاغو : 130-121-101- 138 
- أحمد الحباك التلمساني: 138 
- أحمد المقري: 88- 90- 100- 108 
= أحمة يق محمد د أن عمار المسيلي: 7- 49- 59- 217- 222 
- أحمد بن العباس النقاوسي: 221- 250 
- أحمد بن صعد الأنصاري: 44- 142 


حرف الباء 


- أبو بكر محمد بن عبد الله بن داوود بن الخطاب المرسي الأندلسي: 86- 106 
- أبو بكر بن خطاب: 135 


حرف التاء 
- تقي الدين بن تيمية: 208 


265 


فهرس الأعلام 
- أبو تاشفين الزياني: 12- 13- 14 
- ابن تافراجين: 211-62 
- ابن التجاني: 193 
حرف الثاء 
- الثعالبي عبد الرحمن: 74- 80- 158- 165- 168- 169- 171- 174- 
181- 192 
E‏ 
- ابن جماعة التونسي:235-158 
حرف الحاء 
- حسن بن أبي القاسم بن ميمون بن باديس: 233 
حرف الخاء 
- الخطيب بن مرزوق الجد:56- 153- 174 
- خلوف المغيلي: 78 
- ابن خلدون: 17- 33- 34- 56- 61- 10- 73- 74- 76- 78- 87- 
5- 96- 97- 100- 111- 112- 124- 128- 134- 135- 136- 
7- 140- 141- 142- 143 


حرف الراء 
- الرشيد الموحدي: 01 
- عبد الرحمن الثعالبي: 181-174-171-169-168-165-91-80-74- 
192-6 


- عبد الرحمن بن خلدون: 17- 56- 95- 97- 167- 183- 196- 235 
الربصاع: 39- 58- 60- 62- 63- 64- 187- 204- 231- 232 


266 


فهرس الأعلام 

حرف الزاي 
أبو زكرياء يحي الملقب بالواثق: 7- 41- 65- 222 
أبو زيد عبد الرحمن ابن الإمام: 99 
أبو زيان بن عثمان بن أبي تاشفين: 76 
أبو زيان محمد الثاني بن أبي حمو موسى الثاني: 103 
أبو زيد عبد الرحمن بن عتيق البلوي: 99- 158 
الزمخشري: 121- 122- 165- 229 
الزبيدي: 174 
الزنديوي: 50- 204-58 
ابن زيتون: 150- 151 

حرف السين 
سوط النساء (والدة يغمراسن: 4 
سعيد بن محمد العقباني: 243 
سحنون عبد السلام بن سعيد: 37- 125- 150 
سيدي الهواري: 91 
سيدي السنوسي: 91 
سيدي الحلوي: 97- 102 
السعيد بن يخلف: 12 
5 سعيد عثمان بن يغمراسن: 9- 95 

حرف الشين 


267 


فهرس الأعلام 
الشريف التلمساني: 100- 185- 188- 189- 190- 191- 194- 196- 
7-- 242-233 


الشبيبي: 162-71-39-38 
الشاذلي: 234-173-172-49 
ابن الشماع: 32- 40- 53- 63- 233 
اد 
الصفاقسي: 152 
ابن صعد التلمساني: 142-118 
حرف العين 
أبو عبد الله الحفصي: 19 
أبو عبد الله محمد المتوكل على الله: 26 
أبو عبد الله البحيري: 49- 54- 57- 160 


178 


أبو عبد الله التنسي: 79- 122- 142 


أبو عبد الله بن أحمد الشريف التلمساني: 100- 185- 188- 189- 190- 191- 
4- 196- 197- 233- 242 


أبو عبد الله محمد الشريف: 119- 132- 190- 242. 
أبو عبد الله المقري: 100- 107- 156 
أبو عبد الله محمد بن أحمد العلوي: 196 


أبو عبد الله الرصاع: 58- 62- 63- 64- 204- 231 


268 


فهرس الأعلام 
أبو عمران عثمان الحفصي: 26 
أبو عمران موسى بن عيسى بن يحي المغيلي المازوني: 117 
ابن عمار :213- 215 
الم ع ادو وذ 
افك حقاب 64 163-1603154 
ابن عربية: 34- 48- 178 


ابن عبد السلام: 35- 37- 54- 56- 60- 61- 125- 182- 151- 156- 
6- 182- 193- 196- 210 


عائشة بنت عمران بن الحاج سليمان: 173 
حرف الغين 
الغافقي: 50- 63 
حرف الفاء 
أبو فارس: 21- 22- 23- 24- 35- 42- 61 -66- 161- 180- 183- 
0- 224- 237- 244- 
حرف القاف 
قاسم بن سعيد العقباني: 187- 189- 243 
قاسم العقباني: 200- 202- 220 
أبو القاسم بن البراء: 53- 55 
أو القاسم القسنطيني: 54- 57- 158- 204 


269 


فهرس الأعلام 
ابن قنفذ القسنطيني: 58- 143- 172- 183- 232- 234- 235- 236- 
8- 239- 240- 241- 242- 243 


ا اا 2102106 
حرف الكاف 


الكفيف ابن مرزوق: 154- 155- 160 


حرف اللام 
الأبي: 39- 54- 59- 74- 168- 171-170- 181- 182- 244 
الحم 156 
لويس التاسع: 6- 244 
ابن الامام: 87- 96- 99- 208 

حرف الميم 
محمد بن متضوز الأشهب: 189 
محمد بن أبي ثابت: 25- 80- 200- 201 
محمد بن قاسم بن عبد الله الأنصاري: 204- 231 
محمد بن محمد بن تافراجين: 211 
محمد بن عمر البجائي المليكشي: 198 
موسى بن علي: 12 -13- 18-14 


المسيلي: 7- 49- 59- 114- 217- 222- 223- 227- 229 


270 


فهرس الأعلام 
المقري: 88- 90- 100- 107- 108- 156- 157- 159- 167- 188- 
3- 194- 215- 217 
حرف النون 
ابن ناجي: 38- 39- 158- 165- 181- 204 
حرف الواو 
الونشريسي: 80- 158 161- 186- 188- 208 


الورغمي محمد بن عرفة: 39- 48- 54- 59- 61- 62- 74- 055- 157- 
38- 164- 165- 167- 168- 171- 173- 181- 182- 191- 195- 
218-4--231--233-::235- 


حرف الاء 
يحي بن خلدون: 235 
يوسف بن تاشفين: 98-94 
يوسف السنوسي:169-143-142-141-139 
أبا يعقوب بن عمران اليوسفي: 91 


يغمراسن بن زبان: 75- 84- 85- 97- 105- 106 


271 


فهرس الأماكن والبلدان 


فهرس الأماكن والبلدان 

حرف الألف 
إفريقية: ط- ز- ي- 31- 32- 40- 48- 61- 161-113-109-64- 
230-225-195-192-176-3 


المغرب الإسلامي: 64-46-24-41-40-36-35-34-33-30-11-1- 
144-143-137-129-120-115-107-98-97-95-77-75-69- 
208-207-199-180-179-175-167-166-165-164-160-18- 
250-249-245-234-216-210-9 


المغرب الأوسط: 34-30-27-26-25-24-22-18-16-12-7-6-2-1- 
111-107-106-105-104-102-101-99-98-97-68-66-39-6- 
127-126-125-124-123-122-121-120-118-116-113-2- 
140-139-138-137-136-134-133-132-131-130-129-8- 
189-188-187-185-151-150-149-148-145-144-143-1- 
203204-201-200-199-198-196-195-194-192-191-0- 
249-242-230-217-211-208-7. 


المغرب الأدنى: 72-69-64-42-40-37-36-35-34-33-32-31-30- 
166-165-163-162-156-154-151-150-149-148-98-81-5- 
187-185-184-183-181-180-179-175-174-172-171-0- 
201-200-198-197-196-195-194-192-191-190-189-188- 


273 


فهرس الأماكن والبلدان 


250-249-235-225-221-219-211-208-207-5 
المغرب الأقصى: 233-194-173-156-113-98-94-31-28-6-5-1- 
241-235-4 
المغرب الإسلامي: 233-194-173-156-113-98-94-31-28-6-5-1- 
241-235-4 


العالم الإسلامي: 120-116-114-106-102-98-95-80-72-65-46- 
244-221-209-203-202-194-172-171-163-161-156-4- 
249 


الدولة الحفصية: 66-65-52-27-21-20-19-18-13-12-10-7-6- 


244-234-2252-183-180-149-119-9 
الدولة المرينية: 27 
الدولة الزيانية: 190-143-142-130-79-78-27-21-2 
الدول الإسلامية: 87 

حرف الباء 


بجاية: 113-109-88-20-19-17-16-15-14-13-11-9-8-7- 
154-152-151-135-129-126-125-119-118-116-115-5- 
227-226-225-224-223-222-202-198-190-179-176-0- 

242-241-230-229-8 


274 


فهرس الأماكن والبلدان 
بغداد: 179-104-65-33 
بونة: 14 
باجة: 50-43-14 
برشك: 99 


حرف التاء 


تاكرارت: 04 


تكرو: 79 


تامزيزدكت: 05 


تلمسان : 23-22-21-20-19-18-15-13-12-11-7-5-4-3-1- 


-95-94-91-88-87-86-80-79-78-76-75-41-38-26-25-4 


-112-111-110-109-108-106-104-102-101-100-99-97-6 


-235-233-231-228-224-221-215-213-211-119-118-6 


243-242-241-7 


275 


فهرس الأماكن والبلدان 


تونس: 32-31-2024-15-14-13-12-11-9-8-7-6-5-4-3-2-1- 
58-54-52-5051-47-46-43-42-40-39-37-36-35-34-3- 
150-149-116-115-94-87-80-74-73-70-68-67-65-64-60- 
168-166-164-163-161-160-159-158-157-156-155-4- 
188-183-181-181-180-176-174-173-172-171-170-168- 
202-201-200-199-198-197-196-195-194-193-190-9- 
233-231-230-224-223-221-218-216-211-205-204-3- 


244-236-235-4 


حرف الجيم 
جامع الزبتونة: 66-64-63-60-55-53-49-48-47-46-44-40-9- 
231-204-182-173-160-157-154-153-68-7 


جامع القصبة: 49-48 
جامع الهواء : 58-50-48 
الجزائر: 195-113-20-10. 
حرف الحاء 
حمزة (بلاد): 20 
حرف الخاء 


خراسان (مدينة يابران): 83 


206 


فهرس الأماكن والبلدان 


حت كدان 
دلس: 10 

حرف الراء 
رهيو: 07 
بني راشد (قلعة): 20 

حرف الزاي 


الأزهر: 111 


الزيتونة (جامع): 92-90-87-80-49-78. 


حرف السين 
سيدي بلعباس 
السويقة (باب) 
الاسكندربة: 193 
الساورة (إقليم): 132 
حرف الفاء 


فاس: 206-159-157-111-16-01 


حرف القاف 


277 


فهرس الأماكن والبلدان 
قسنطينة: 73-18-12-11 
القيروان: 78-76-75 
قرطبة: 118 
القدس الشريف: 161-114. 
القاهرة: 118-111 

حرف الميم 

مليانة: 20-07 
مراكش: 82-08-04 
ممر جاجنة: 11 
معسكر: 131-14 
مستغانم: 20 


متيجة: 20 


مالي : 100 


مالقة: 100 


278 


فهرس الأماكن والبلدان 
مازونة: 129-128 
المهدية: 10 
حرف النون 
نذرومة:1135-14 


الأندلس: 195-193-126-118-115-119-58-75-74-71-06 


حرف الهاء 
هوارة: 20 
هنين: 14 

حرف الواو 
وهران: 131-130-129-113. 
وجدة: 122-14. 

حرف الكاف 
كنورس :100 


279 


فهرس القبائل 


فهرس القبائل 
حرف التاء 
قبيلة توجين: 07-04-02 
حرف الثاء 
الثعالبة: 20 
حرف الدال 
الدواودة: 21 
حرف الزاي 
زناتة: 03 
قبيلة زواوة: 199 
حرف العين 
قبائل بني عامر: 197-21 
حرف الغين 
قبيلة بني غرين: 215 
حرف الميم 
قبيلة مغراوة: 04-03 
مليكش: 195-20-04 
المرابطين: 125 
حرف السين 
قبائل سليم: 11 
قبائل سويد: 197-21 
حرف الكاف 


كتامة: 15 


281 


قائمة المصادر والمراجع 


القرآن الكريم : 
المصحف الشريف برواية ورش عن الإمام نافع » المؤسسة الوطنية للكتاب 1983م» طبع 
المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية» وحدة الرغاية 1984م. 
الحديث الشريف. 
- أبو نعيم إسحاق الأصبهاني (ت 460ه/1068م)»: المسند المستخرج على صحيح 
الإمام مسلم» تحقيق محمد حسنيء إسماعيل الشافعي» دار الكتب العلمية» ط1ء بيروت» 
6 ج3. 
-ابن حجر العسقلاني فتح الباري لنشر صحيح البخاري» دار الحديث القاهرة طا 
1998 
أولا: المصادر 
أ- المخطوطة: 
ابن الأعرج (محمد الحسني السلماني) 
- زيدة التاريخ وزهرة الشماريخ» الخزانة الحسنية؛ الرياط رقم 170. 
2. ابن خطاب (أبو بكر الأندلسي) (ت 686ه/1287م): 
-فضل الخطاب في نثر بن الخطاب» مخطوط الخزانة الملكية العامة بالرياط 
تحت رقم 4605 ورقة 40-39. 
3. ابن مرزوق (أبو عبد الله محمد الخطيب) (ت 781ه/1379م) 
-المجموع» الخزانة العامة الرباط تحت رقم 20. 
4. ابن عرفة (محمد بن محمد) (ت803ه/1400م) 
-التفسير» مخطوط دار الكتب الوطنية» تونس» تحت رقم 10110» ص 116. 
5. أبو راس المعسكري (محمد بن أحمد بن ناصر الراشدي) (1238ه/1822م)ء 
-عجائب الأسفار ولطائف الأخبار» مخطوط غير مرقم بمخبر مخطوطات شمال 
إفريقياء جامعة وهران» ورقة 79. 


حم 


6 البلوي (خالد بن عيسى بن أحمد) (ت أواخر القرن الثامن هجري/14م) 
-متاع المفرق في تحلية علماء المشرق» مخطوط بالمكتبة الوطنية» تونس تحت 
رقم 14792. 


283 


قائمة المصادر والمراجع 


7. المازوني (محمد بن أبي عمران المنيعلي) (ت 833ه/1478م): 
- الدرر المكنونة في نوازل مازونة» مخطوط الخزانة العامة» الرباط تحت رقم ق 


521. 
ب - المطبوعة: 
8. ابن أبي دينار (أبو عبد الله محمد أبي القاسم الرعيني القيرواني) (ت 
2ھ/1681م(« 


-المؤنس في أخبار إفريقية وتونس» تحقيق محمد شمام» المكتبة العتيقة» تونس 
1م. 
9. ابن أبي زرع (علي بن عبد الله الفاسي) (ت 741ه/1340م): 
- الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس» 
تحقيق عبد الوهاب بن منصورء دار المنصور للطباعة والوراقة» الرباطء 1972م. 
10. -الذخيرة السنية في أخبار الدولة المرينيةء تحقيق عبد الوهاب بن منصورء 
منشورات دار المنصور للطباعة والوراقة» الرياط 1972م. 
1. ابن بطوطة (محمد بن عبد الله اللواتي) (ت 756ه/1355ءم)ء 
-رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفارء 
تحقيق علي المنتصر الكتاني» مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع» بيروت»› 
5م. 
2. ابن ثغري (أبو المحاسن جمال الدين) (ت 871ه/1469م)؛ 
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» تحقيق إبراهيم علي طرخات» المؤسسة 
المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعةء طبعة القاهرة (دت). 
13 ابن الحاج النميري (إبراهيم بن عبد الله بن محمد) (ت ما بعد 
4ھ/1372(« 
-فيض العباب وافاضة قداح الآداب في الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب» قام 


بإعداده ودراسته محمد بن شقرونء الرياط (دت). 


4. ابن خلكان (أبو العباس أحمد بن محمد) (ت 681ه/1283م): 


284 


قائمة المصادر والمراجع 


-وفيات الأعيان وأبناء الزمان» تحقيق إحسان عباس» مطبعة الغرب- بيروت» 
0م ج3-ج4. 

15. ابن خلدون (أبو زيد عبد الرحمان بن خلدون) (ت808ه/1405م): 
-المقدمة» دار الفكر العربي للطباعة والنشرء بيروت» 007م. 


16. ....... كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبرير 
ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» مطبعة بولاف المصريةء 1284ه» ج7. 

17. ... التعريف بابن خلدون رحلته غريا وشرقاء دار الكتاب اللبنانيء 
1979 

18. ......... شفاء السائل لتهذيب المسائل» تحقيق أغناطيوس عبده الخليفةء 


المطبعة الكاثوليكية» بيروت» 1959م. 
19. ابن خلدون (أبو زكريا يحي بن محمد) (ت 780ه/1378م) 
- بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد» تحقيق عبد الحميد حاجيات»› 
المكتبة الوطنية» الجزائر» 1980م» ج1. 
0. ابن الخطيب (لسان الدين) (ت 776ه/1374م) 
- الإحاطة في أخبار غرناطة» حققه وقدّم له: محمد عبد الله عنان» مكتبة 
الخانجي» القاهرة» ط2ء 1973م. 
1. ابن الجوزي (البغدادي) 
- تلبيس إبليس» دار الكتب العلمية» بيروت» الطبعة الثانية» 1987م. 
22, ابن رشيد (أبو عبد الله محمد بن عمر السبتي) 
- ملا الغيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة إلى الحرمين مكة وطيبة» تقديم 
وتحقيق محمد الحبيب بن الخوجة» الدار التونسية للنشرء تونس» 1982م» ج2. 
3. ابن سحنون (محمد التنوخي) (ت 256ه/869م) 
- أداب المعلمين» تحقيق محمود عبد المولى» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» 


الجزائر» 1981م. 
4. ابن الشماع (أبو عبد الله أحمد بن محمد) 


285 


قائمة المصادر والمراجع 


- الأدلة البينة النورانية فى مفاخر الدولة الحفصيةء تحقيق الطاهر بن محمود 
المعموري»› الدار العربية للكتاب» تونس» 4 م. 

25. ابن صلاح 
- أدب المفنى والمنفى» دراسة وتحقيق موقف بن عبد الله بن عبد القادر» دار 
الوفاء» دنت 

26. ابن عماد الحنبلي (ت 1085ه/1674م) 
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب» المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع» 


بيروت دث. 
2 ابن عذارى المراكشي (أبو العباس أحمد المراكشي) (كان حيا 
0/2 ) 


- بيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب» قسم الموحدين» نشر كلية الآداب» 
جامعة محمد الخامس» الرياط 1963م» ج5. 

28. ابن غازي (العثماني المكناسي) 
- فهرس ابن غازي» تحقيق محمد الزاهي» مطبوعات دار الغرب للتأليف والترجمة 
والنشرء الدار البيضاءء 1979م. 

9. ابن فرحون (إبراهيم بن علي بن محمد) (ت 799ه/1397م) 
- ديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب» مطبعة السعادة» ط1؛» مصرء 
92 

0. ابن مرزوق (أبو عبد الله محمد الخطيب) (781ه/1379م) 
- المسند الصحيح الحسن في مأثر مولانا أبي الحسن» تحقيق ماريا خيسوس»› 
الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» 1981م. 

31. ........ المناقب المرزوقية» تحقيق سلوة الزاهري» منشورات وزارة الأوقاف 
والشؤون الإسلامية» ط1ء مراكش» 2008م. 

32. ابن مريم (أبو عبد الله محمد بن أحمد) (كان حيا سنة 1014ه/1605م)؛ 
-البينان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان» نشره محمد بن أبي شنب» ديوان 
المطبوعات الجامعية» الجزائر» 1986م. 


256 


قائمة المصادر والمراجع 


3. ابن قنفذ (أبو العباس أحمد القسنطيني) (ت 810ه/1407م) 
- الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية» تقديم وتحقيق: محمد الشاذلي النيفر وعبد 
المجيد التركي» الدار التونسية للنشرء تونس» 1968م. 

34. ........شرف الطالب في أسمى المطالب» تحقيق: عبد العزيز صغير 


5 .........أنس الفقير وعز الحقير» نشره وصححه محمد الفاسي وأدولف 
36. .........كتاب الوفيات» تحقيق: عادل نوبهضء منشورات المكتب التجاري 


37. ابن الطواح (عبد الواحد بن محمد التونسي) 
- سبك المقال لفك العقال» تقديم وتحقيق: عبد الواحد الزغلاني والأستاذ سعد 
غراب» 1978م. 

8. ابن القاضي (أحمد بن محمد بن أحمد) (ت 1025ه/1316م) 
- درّة الحجال في عرّة أسماء الرجالء القاهرة» 1970م. 

9. ابن الأزرق الأندلسي 
- بدائع السالك في طبائع الملك» تحقيق: محمد بن عبد الكريم» دار العربية 
للكتاب» ط3 بيروت» 0م a‏ 

40. البيدق (أبو بكر بن علي الصنهاجي) (عاش في القرن السادس 
الهجري/12م) 
- أخبار المهدي بن تومرت» تحقيق: عبد الحميد حاجيات» المؤسسة الوطنية 
للكتاب» ط2 الجزائر» 1986م. 

4 البغدادي (إسماعيل باشا) (ت 429ه/1073م) 
- هدية العارفين» مكتبة المثنى» بغدادء 1م ج1. 

32. التنبكتي (أبو العباس أحمد بن أحمد) (ت 1032ه/1642م) 
- نيل الابتهاج لتطريز الديباج على هامش ديباج ابن فرعون» المطبعة الجديدة 
بفاس (دت). 


287 


قائمة المصادر والمراجع 


43. 1 25057171101 كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج» تحقيق : علي 
عمر› مكتبة الثقافة الدينيةء طا القاهرة, 2004م. 
ا التنسي (محمد بن عبد الله) (ت 899ه/1494م) 


- نظم الدرٌ والعقيان في بيان شرف بن زيان» تحقيق: محمود بوعياد» المكتبة 
الوطنية الجزائرية» 1405ه/1985م. 

5. الثعالبي (أبو زيد عبد الرحمان بن محمد) (ت 875ه/1470م) 
- الجواهر الحسان في تفسير القرآن» طبعة الشركة الوطنية للنشر والتوزيع› 
الجزائرء 1990. 

46. الحميري (محمد بن عبد المنعم السبتي) (ت في أواخر القرن 09ه/15م) 
- الروض المعطار في خير الأقطار (معجم جغرافي)» تحقيق: إحسان عباس» 
دار العلم للطباعة والنشرء لبنان» 1975. 

7. الحموي (شهاب الدين) (ت 626ه/1228م) 
- معجم البلدان» دار المأمون» بيروت» 1357ه/1938م. 

8. الدباغ (أبو زيد عبد الرحمان بن محمد الأنصاري التنوخي) 
- معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان» المكتبة العتيقة» تونس» ج1. 

49. الذهبي (شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان) (ت 748ه/1347م) 
- سير أعلام النبلاء تحقيق: بشار عواد معروف ومحي هلال السرحان» مؤسسة 
الرسالة» بيروت- لبنان» ط1ء 1985م. 

0. الوزير السراج (محمد بن محمد الأندلسي) (ت 1149ه/1736م) 
- الحلل السندسية في الأخبار التونسية» تونس» 1970م» ج1. 

51. الوزان (حسن بن محمد الفاسي المعروف بليون الإفريقي) (ت 
7ھ/1552م( 
- وصف إفريقياء ترجمة عن الفرنسية محمد حجي ومحمد الأخضرء منشورات 
الجمعية المغريية للتأليف والترجمة والنشر» الرياطء 1980م» ج2. 

2. الونشريسي (أحمد بن علي) (ت 914ه/1508م) 


288 


قائمة المصادر والمراجع 


- المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب» 
تحقيق مجموعة من الأساتذة بإشراف محمد حجيء دار الغرب الإسلامي» بيروت› 
1م. 

53. الرصاع (أبو عبد الله محمد الأنصاري) 

54. الزركشي (أبو عبد الله محمد بن إبراهيم) (كان حيا 894ه/1488م) 
- تاريخ الدولتين الموحدية والحفصيةء تحقيق وتعليق محمد ماضورء المكتبة 
العتيقة, تونس» دت. 

55 السهروردي (شهاب الدين أبو حفص) 
ج عوارف المعرفةء دار المعرفةء بيروت» 2]ه. 

56. السبكي (عبد الوهاب الكافي) 
طا القاهرةء دلت» ج4 

57. السخاوي (شمس الدين محمد بن عبد الرحمان) (ت 902ه/1497م) 
-الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» القاهرة» 1936م. 

58. السيوطي (جلال الدين عبد الرحمان) (ت 911ه/1505م) 
- بغية الوعاة في طبقات النحودين والنحاةء تحقيق: أبو الفضل إبراهيم» ط1ء 
القاهرة» 1961م. 

9. السلاوي (أبو العباس أحمد الناصري ) (ت 1315ه/1897م) 
- الاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى»ء مطبعة النهضة» مصرء 
594/1 م. 

0. العبدري (أبو عبد الله محمد بن محمد) (ت في أواخر القرن السابع 
الهجري/13م) 
- رحلة العبدري المسماة الرحلة المغربية» تقديم وتعليق: محمد الفاسي»: جامعة 

1. العمري (شهاب الدين بن فضل الله) (ت 749ه/1348م) 


289 


قائمة المصادر والمراجع 


- وصف إفريقية والمغرب والأندلس أواسط القرن الثامن الهجري» مقتطف من 
كتاب مسالك الأنصار في ممالك الأمصارء تعليق: حسن حسني عبد الوهاب» 
مطبعة النهضة تونس» دت . 

62. العبد الوادى(أبو حمو موسى بن يوسف بن زبان)(ت 1389/۸791 

ي سی 2 7 
-واسطة السلوك في سياسة الملوك» تحقيق وتعليق: محمود بوترعة» دار النعمان 
2.3 الغبريني (أبو العباس أحمد بن أحمد) (ت 704ه/1304م) 

- عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية» تحقيق: رابح 
4. الغزالي (أبو حامد محمد بن محمد) (ت 505ه/1111م) 
E‏ إحياء علوم الدين» دار الثقافةء الجزائر» 1م. 

5. القابسي (أبو الحسن علي) (ت 403ه/1013م) 
- الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين» تحقيق 
وترجمة: أحمد خالد» الشركة التونسية للتوزيع» ط1ء 1986م. 

66. القرافي (بدر الدين) 
الطبعة الأولى» القاهرة» 2004م. 

7. القلصادي(علي بن محمد بن محمد القرشي الأندلسي)(ت891ه/ 1486م) 
- رحلة القلصادي» دراسة وتحقيق محمد أبو الأجفان» الشركة التونسية للتوزيعء 
تونس» 1978م. 

68. القاسمي (جمال الدين) 
- الفتوة في الإسلام» تحقيق: محمد عبد الحكيم القاضيء المكتبة السلفية لتحقيق 
التراث» الجزائر» دث. 

69. القاضي عياضء (موسى بن عمرو السبتي) (ت544ه/1149م) 
- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» تحقيق: أحمد كبير 
محمود» دار مكتبة الحية, بیروت» دت . 


290 


قائمة المصادر والمراجع 


 .0‏ لكتاني (محمد القيرواني) 
- تكميل الصلحاء والأعيان لمعالم الإيمان والأولياء بالقيروان» تحقيق: عبد 
المجيد فيلالي؛ دار الكتب العلمية» ط1ء بيروت؛: 2005م. 

1. الكتاني (أبو العباس أحمد بن عبد الحي) 
- فهرس الفهارس والإثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات» تحقيق: 
إحسان عباسء دار الغرب الإسلامي» ط2؛ بيروت. 


4 


2. الأب (أبو عبد الله محمد بن خلفة أبو شتاني) (ت827ه/1423م) 
- إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم» 1328م؛ ج6 
3 الإدريسي (محمد بن عبد العزيز الشريف) (ت 560ه/1164م) 
- المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» تحقيق: محمد حاج 
صادقء ديوان المطبوعات الجامعيةء الجزائر 1983م. 
4. الإصطخري (أبو إسحاق إبراهيم ) (ت 339ه/1050م) 
- كتاب المسالك والممالك» تحقيق: محمد جابر عبد العالي ومحمد شفيق غريال» 
دار العلمء القاهرة» 1385ه/1961م. 
75. المراكشي (محي الدين عبد الواحد) (ت في النصف الثاني من القرن 
13/47( 
- إعلام ممن حلّى بمراكش من أعلامء المكتبة الملكية» الرياطء 1983 ج4. 
6. المقري (شهاب الدين أحمد بن محمد) (ت 1041ه/1631م) 
- نفح الطيب من غصن الأندلس الطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب»› 
تحقيق محمد محي الدين عبد الحميدء المكتبة التجارية الكبرى» القاهرة» 1949م. 
71 .........أزهار الرياض في أخبار عياض» نشر مصطفى السقاء وابراهيم 
الأبادي وعبد الحفيظ شلبيء القاهرة» 1942م» ج6. 
78. المعسكري (أبو راس محمد بن أحمد بن ناصر الراشدي) (ت 
8ھ /1822م( 
- فتح الله و منته في التحدث بفضل ريي ونعمته» تحقيق: محمد عبد الكريم 
الجزائري» المؤسسة الوطنية للكتاب» الجزائر» 1990م. 


291 


قائمة المصادر والمراجع 


79. المغراوي (أحمد بن أبي جمعة) 
- جامع جوامع الاختصار والتبيان فيما يعرض للمعلمين وآباء الصبيان» تحقيق: 
أحمد جلول بدوي» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع؛ الجزائر» (ب ت). 
80. مخلوف (محمد بن محمد) 
- شجرة النور الزكية في طبقات المالكيةء دار الفكر للطباعة والنشر (دت) 
20.1 مؤلف مجهولء الاستبصارء تحقيق سعد زغلول عبد الحميد» دار الشؤون 
الثقافية» بغداد» 1986م. 
82. الخضر (محمد حسين) 
- تونس وجامع الزيتونة» جمع وتحقيق: علي الرضا التونسي» دطء 1981م. 
83. بن خوجة (محمد) 
صفحات من تاريخ تونس» تقديم وتحقيق: حمادي الساحلي والجيلالي بن الحاج 
يحي» دار الغرب الإسلامي » بيروت (دت). 
84. النباهي(ابو الحسن علي بن محمد المالقي)(ت القرن الثامن 
الهجري/14م) 
- المراقبة العليا معجم فمكن يستحق القضاء والفتياء دار الآفاق الجديدة 
بيروت:1983. 
5. البكري الأندلسي 
معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضعء دار الكتب العلميةءط1.1998م 
6. البلاذري (أحمد بن يحي بن جابر) 
فتوح البلدان »تحقيق رضوان محمد رضوانءدار الكتب العلميةءبيروت»1978. 


ثانيا: المراجع 
أ- المراجع العربية: 
07 بن خوجة (محمد) 
- تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديدء تونس» 1993م. 


292 


قائمة المصادر والمراجع 


8. بن منصور (عبد الوهاب) 
- أعلام المغرب العريي» المطبعة الملكيةء الرباط 1986م» ج4. 

0.9 بن الديب (عبسي وآخرون) 
- الحواضر والمراكز الثقافية في الجزائر خلال العصر الوسيط. 

0. بن عاشور (محمد الفاضل) 
- أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربيء مكتبة النجاح» تونس. 

91. بوعياد (محمد) 
- جوانب من الحياة في المغرب الأوسط في القرن التسع الهجري / 15م» الشركة 
الوطنية للنشر والتوزيع» 1982م. 

02 بوعرفة الهلالي (عبد القادر) 
- أعلام الفكر والتصوف بالجزائر ما قبل الميلاد إلى القرن السادس عشر 
ميلادي» دار الغرب للنشر والتوزيع» وهران» 2004 چ1 

0.3 بونابي (الطاهر) 
- التصوف في الجزائر خلال القرنين 6و17 الهجريين/ و13-12 الميلاديين» دار 
الهدى للطباعة والنشر والتوزيع» عين مليلة- الجزائر » 2004م. 

4. بوبة (مجاني) 
- إشعاع القيروان عبر العصورء المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون» ط1ء 
تونس» 2009م ج1. 

5. بوخلخال (عبد الله) 

-التعبير الزمني عند النحاة العرب» ديوان المطبوعات الجامعية» الجزائر» ج2. 


6. بوعزيز (يحي) 
- أعلام العلم والثقافة في الجزائر المحروسة»2-1», الدار البيضاء للنشر والتوزيع» 
الجزائر» دار الطباعة للنشر والتوزيع» الجزائرء 2009م» ج2. 

7. بلعربي (خالد) 


293 


قائمة المصادر والمراجع 


- الدولة الزيانية في عهد يغمراسن» دراسة تاريخية وحضارية» 633ه/681م» 
4م-1282م: دار الألمعية للنشر والتوزيع» ط1ء الجزائر» 2011م. 

8. بوكرديمي (نعيمة) 
- الرحلة العلمية لعلماء تلمسان إلى فاس خلال القرن الثامن الهجري/14م» دار 
الغرب الإسلامي» وهران» 2011م. 

99. بوداود (عبيد) 
- ظاهرة التصوف في المغرب الأوسط ما بين القرنين السابع والتاسع 
الهجري/13و 15م» دراسة في التاريخ السوسيو ثقافي» دار الغرب للنشر والتوزيع» 
وهران» 2003م . 

0. الحفناوي (أبو القاسم محمد) 
- تعريف الخلف برجال السلف» مؤسسة الرسالة» بيروت- المكتبة العتيقة» تونس» 
ط1» 1982م. 

1. الجيلالي (عبد الرحمان) 
- تاريخ الجزائر العام» مكتبة بيروت» 1965م» ج1. 

2. الدولاتي (عبد العزيز) 
- مدينة تونس في العهد الحفصيء تعريب: محمد الشابي وعبد العزيز الدولاتي» 
دار سراس للنشرء تونس» 1981م. 

3. الساحلي (حماد) 
- تاريخ إفريقية في العهد الحفصيء دار الغرب الإسلامي»ء ط1ء بيروت» 1408. 


4. السنوسي (محمد) 

- مصاهرات الظريف» المجلد الأول» تونس» 1298م» ج1. 
5. الشاهدي (حسن) 

- أدب الرحلة في العصر المريني» منشورات عكاظ الرياطء 1990» ج1. 
6. شاوش (محمد بن رمضان) 


294 


قائمة المصادر والمراجع 


- باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة بني زيان» ديوان 
المطبوعات الجامعية» الجزائر» 1995م. 
7. الغزاوي (عبد الرحمان) 
- تاريخ المغرب العربي في العصر الإسلامي» دار الخليج» طاء الأردنء 
1م. 
8. الطويلي (أحمد) 
- مراكز الثقافة والتعليم بمدينة تونس في العهد الحفصيء الجوامع والمدارس 
والمكتبات» مركز الثقافة التونسية» تونس» 2000م. 
9. الطمار (محمد بن عمرو) 
- تاريخ الأدب الجزائري» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» 1973م. 
0. العروسي (محمد المطوي) 
- السلطنة الحفصية» دار الغرب الإسلامي» بيروت» 1986م. 
1. القيرواني (أبي عبد الله التميمي) 
- تحقيق أنس ابن الشيخ محمد الهادي العلاني» المجمع التونسي للعلوم والآداب 
والفنون» ط1ء قرطاج» 2004م. 
2. المنوني (محمد) 
- ورقات عن الحضارة المغريية في عصر بني مرين» منشورات كلية الآداب 
والعلوم الإنسانية» الرياطء 1979م. 
3. المتولي (محمد) 
- حضات الموحّدينء دار توبقال» دار البيضاءء 1989م. 


4. النيفر (محمد وآخرون) 
- عنوان الأريب كما نشأ بالبلاد التونسية من عالم أديب» دار الغرب الإسلاميء 
طا بيروت» 6م. 

5. توات (الطاهر) 


295 


قائمة المصادر والمراجع 


- أدب الرسائل في المغرب العربي في القرن السابع والثامن» ديوان المطبوعات 
الجامعية» 1991م. 

6. حاجيات (عبد الحميد) 
- أبو حمو موسى الزياني» حياته وآثاره» الشركة الوطنية للنشر والتوزيع» الجزائر» 
4م. 

117. .........امتداد نفوذ الحفصيين إلى المغرب الاوسط ضمن كتاب الجزائر 

8. حساني (مختار) 
- الحواضر والأمصار الإسلامية الجزائرية» دار الهدىء الجزائر» 2011 ج2- 
ج4. 

9. حركات (إبراهيم) 
- مدخل إلى تاريخ العلوم بالمغرب المسلم حتى القرن 15/9م: العلوم الإنسانية 
والعقلية» دار الرشاد الحديثة» ط1ء الدار البيضاءء ج2. 

0. حواله (يوسف بن أحمد) 
- الحياة العلمية في إفريقية المغرب الأدنى منذ إتمام الفتح وحتى منتصف القرن 
الخامس الهجري (90ه/450م)» مركز البحوث للدراسات الإسلامية» ط1ء مكة 
المكرمة» 2000ء ج1. 

1. دهينة (عطاء الله) وآخرون 

2. عليوان (سعيد) 
- محمد بن يوسف السنوسي وشرحه لمختصره في المنطق دراسة وتحقيق معهد 
الفلسفة» جامعة الجزائر» 1987م. 

3. سرهنك (اسماعيل) 
3 تاريخ دول المغرب» دار الفكر الحديث للطباعة والنشرء بيروت» 1408. 

4. سراج الدين (اسماعيل) 


296 


قائمة المصادر والمراجع 


- مع رحلة ابن خلدون» إعداد: خالد عزب ومحمد السيّدء مكتبة الاسكندرية؛ 
06م. 
5. سعيدون (ناصر) 
- من التراث التاريخي والجغرافي للمغرب الإسلامي» تراجم مؤرّخين رحالة 
وجغرافيين» دار الغرب الإسلامي» ط1ء بيروت» 1999م. 
6. شلبي (أحمد) 
- تاريخ التربية الإسلامية» مكتبة النهضة المعرية» ج2. 
7. شكر (مصطفى) 
- دول العالم الإسلامي ورجالهاء دار العلم للملايين» ط1ء 1993م. 
8. هلال (عمار) 
- العلماء الجزائريون في البلدان العربية الإسلامية فيما بين القرنين التاسع 
والعشرين الميلاديين/14-13ه» ديوان المطبوعات الجامعية» الجزائرء 1995م. 
9 . فيلالي (عبد العزيز) 
- دراسات في تاريخ الجزائر والمغرب الإسلامي» دار الهدى» الجزائرء 2012م. 
0. ........... تلمسان في العهد الزياني» موفم للنشر والتوزيع» الجزائرء 


- التعليم بتلمسان في العهد الزياني» جسور للنشر والتوزيع» ط1 الجزائرء 
011 

2. كحالة (عمر رضا) 
- معجم المؤلّفين» دار إحياء التراث العريي» دمشق» 1961م» ج2. 

3. كواني (مسعود وآخرون) 
- أعلام مدينة الجزائر ومتيجة» تقدير: عبد الرحمان حاجيات» دار الحضارة 
ط1ء الجزائر» 2007م. 

4. الرازي (محمد بن أبي بكر) 
- مختار الصحاح. دار الكتاب العربي» بيروت» 1987م. 


297 


قائمة المصادر والمراجع 


15 . زكي (محمد فاضل) 
- الدبلوماسية في النظرية والتطبيق» نشر وزارة المعارف» ط1» بغداد, 0ام. 
6. بدوي (محمد طه) 
- مدخل إلى علم العلاقات الدولية» دار النهضة العربية» بيروت» 1972م. 
7. صبري (اسماعيل) 
- العلاقات السياسية الدولية» دراسة في الأصول والنظريات» منشورات ذات 
8. محمد آل مصطفى (إبراهيم) 
- سفارات الأندلس إلى ممالك أوريا المسيحية الكاثوليكية (255/422-138- 
1) مكتبة الثقافة الدينيةء ط1 القاهرة, 3 . 
9. همحفوظ (محمد) 
0. مععموري (الطاهر) 
- جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهدين الحفصي والتركي من سنة 
03 ممم إلى سنة 7ه/1/05م الدار العربية للكتاب» دت» 1980م. 
11 . الباجي (محمد بن مامي) 
- مدارس تونس من العهد الحفصي إلى العهد الحسنيء المعهد الوطني للتراث» 
تونس» 2006م. 
2. نويهض (عادل) 
- معجم أعلام الجزائر» مؤسسة نويهض للثقافة» بيروت» ط3» 1983م 
3 . يحي (محمد) 
- فهرس الخزانة العلمية الصحية بسلاء منشورات معهد المخطوطات العربية 
144. سعيد المرابطي: 


298 


قائمة المصادر والمراجع 


فهرس المخطوطات العربية المحفوظة فى الخزانة العامة الرباط»منشورات الجزائر 
العامة للكتب والوثائق ءط1ء الجزائر 1986. 

5. ناصر الدين سعيدوني» من التراث التاريخي للمغرب الإسلامي ءتراجم 
مؤلفين ورحالة جغرافيين»دار الغرب الإسلامى.ط]1ءبيروت 09 . 

ب- المراجع المترجمة: 

6. بروتشفيك (روبير) 
- تاريخ إفريقية في العهد الحفصي إلى القرن 18 ميلادي» ترجمه إلى العربية: 
حمادي الساحلي» دار الغرب الإسلاميء بيروت» 8 م. 

7. بل ألفريد (بيل) 
- الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي» ترجمة: عبد الرحمان بدوي» دار الغرب 
الإسلاميء بيروت» 7ام. 

8. جرجستراس 
- التطور النحوي واللغة العربية» سلسلة محاضرات ألقاها في الجامعة المصريةء 
مطبعة السياج» 1929م. 

ج: المقالات: 

9. بوعزيز (يحي) 
- مركز بجاية الحضاري ودوره في إثراء الحضارة العريية الإسلامية في نهضة 
إيطاليا وجنوب غرب أوروياء مجلة الحضارة الإسلاميةء العدد01. 

0. بورويبة (رشيد) 
- جولة عبر مساجد تلمسان» مجلة الأصالةء العدد 26» الجزائر. 


1. بلمداني (نوال) 
- ابن مرزوق الخطيب وكتابه المناقب المرزوقية» مقال ضمن مجلة عصور 
الجديدف الد 43 بجاسفة وهراق» :2012-2011 

2. حاجيات (عبد الحميد) 


299 


قائمة المصادر والمراجع 


- الحياة الفكرية بتلمسان في عهد بني زبان» مجلة الأصالة» السنة الرابعةء العدد 
6» جويلية أوت 1975م. 

3. ...........تلمسان مركز الإشعاع الثقافي في المغرب الأوسط مقال ضمن 
مجلة الحضارة الإسلامية. العدد1, وهران» 3م. 

4. الفاسي (محمد) 
- الرحالة المغارية وآثارهم» مقال ضمن مجلة دعوة الحق» العدد 2ء السنة الثانية 
نوفمبر 1958. 

5. قريان (عبد الجليل) 
- التلاقح العلمي بين حاضرتي بجاية وتلمسان في العصر الو سيط قراءة 
تاربخية› مقال ضمن مجلة عصور جديدة» العدد 10» صيف جودلية 3 م. 

6. غزاوي (مصطفى) 
- أبو العباس الغبريني البجائي (ت 704ه/1304م) ومنهجه من خلال كتابه 
عنوان الدراية, مقال صمن مجلة عصور الجديدة» العدد 3و 4 جامعة وهران» 
2012-1م. 

7. المنوني (محمد) 
- نشاط الدراسات الرياضية في مغرب العصر الوسيط مقال ضمن مجلة المناهل 
تصدرها وزارة الشؤون الثقافية» العدد 33 5م. 

8. القوبع (عبد القادر) 
- دور ابن القنفذ القسنطيني في تاريخ الحياة السياسية والثقافية والدينية للجزائر 
الحفصية؛ مقال ضمن مجلة عصور الجديدة» العدد 4» وهران 2012-2011م. 


د. المعاجم: 
9. الفيروز (آبادي) 
- القاموس المحيط دار الكتب العلمية» ط1ء بيروت» 1985م. 
0. مصطفى (إبراهيم وآخرون) 


300 


قائمة المصادر والمراجع 


- المعجم الوسيط دار الدعوة» اسطنبول» 1989م: م1. 
ه- الرسائل الجامعية: 

1. هكيوي (محمد) 
- العلاقات السياسية والفكرية المغاربية للدولة الزيانية منذ قيامها من نهاية عهد 
أبي تاشفين الأول (633ه/1236م/737ه/1337م)_دكتوراه دولة في الفنونء 
مرقونة »جامعة تلمسان. 

2. لعرج (عبد العزيز) 
- المباني المربنية في إمارة تلمسان الزيانيةء دراسة أثرية معماربة وفنية»_رسالة 
دكتوراه في الآثار الإسلامية» معهد الآثار» مرقونة » جامعة الجزائرء 1999م؛: 
ج1. 

3. بوداوية (مبخوث) 
- العلاقات الثقافية والتجارية بين المغربين الأوسط والسودان العربي في عهد دولة 
بني زيان» دكتوراه دولة في التاريخ» مرقونة » جامعة تلمسان 2006-2005م. 

4. علوي مصطفى 
- تلمسان من خلال كتب الرحالة والجغرافيين المغارية والأندلسيين من القرن 
السابع الهجري إلى القرن التاسع الهجري (15-13م)» أطروحة دكتوراه في تاريخ 
المغرب الإسلامي الوسيط مرقونة » جامعة سيدي بلعباس» 2015-2014م. 

5. مبطي المسعودي (جميلة) 
- المظاهر الحضاربة فى عصر بنى حفص منذ قيامها 621ه وحتّى سنة 
9ه رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي» كلية الشريعة 
والدراسات الإسلامية» مرقونة » جامعة أم القرى» المملكة السعودية»ء 2000. 

6. بلحسين (إبراهيم) 
- العلاقات الثقافية بين المغربين الأوسط والأدنى من القرن 07 إلى القرن 
53-9 1م؛ رسالة ماجستير منقولة» قسم الثقافة الشعبية» مرقونة » جامعة 
تلمسان» 2005-2004م. 

7. بلغيث (محمد الأمين) 


301 


قائمة المصادر والمراجع 


- الريط بالمغرب الإسلامي ودورها في عصر المرابطين والموحدينء رسالة 
ماجستير» معهد التاريخ» مرقونة » جامعة الجزائر» 1987م. 

8. بوشامة (عاشور) 
- علاقات الدولة الحفصية بدول المغرب والأندلس» ماجستير في التاريخ 
الإسلامي» قسم التاريخ» كلية الآداب» مرقونة » جامعة القاهرة» 1991م. 


9. خطيف (صابرة) 


٠. 
9 


والتعليمي» رسالة ماجستير في التاريخ الإسلامي الوسيطء مرقونة » جامعة الأمير 
عبد القادر» قسنطينة» 2004-2003م. 
0. بلفرج عبد الرحمن: 
ابن قنفد القسنطينيء حياته وآثاره» (810-470ه/1407-1339م)» »مذكرة ماجستير في 


التاريخ والحضارة الإسلاميةء مرقونة» جامعة وهران»2007. 
1. يوسف قرفور: 
الأعمال الرياضية لابن قنفد ء مذكرة ماجستيرء كلية العلوم الإنسانية» مرقونة 
جامعة الجزائر 1983 


باللغة الأجنبية: 
Belhamissi (m): - histoire de Mazouna des arigines a nos jours S.N.E.D.‏ 
Alger.1981.‏ 

172. Barges (G) Tlemcen ancienne capitale de royaume de ce nom , sa 
topographie, son histoire Ernest laroux, paris 1959. 

173. Marçais (G) -Tlemcen ville d’art et histoire, 2°™congrés de la 
fondation des sociétés sarants de Afrique du Nord, publié par soin de la 
société historique algérienne tom1, Alger, 1936. 

174. Marçais (6G) L’architecture musulmane d’occident, 601105 Afrique 
orient, paris, 1955 

Marcais (6) -et William les monuments arabes, volume 1 paris, 1903. 


302 


قائمة المصادر والمراجع 


175. Brunchuving (R) quelque remarque historiques sur les medersas en 
tunisie, R.T.N6.1931. 
Brunchuving (R) Ibn as samma historien hafside AL.E.O.1934-1935.11. 
Bourouiba (R): - religieux musulman en Algérie. N.E.O Alger 2%*™ édition 


1981. 

176. Brosselard: - inscription arabesde Tlemcen tombeaux des familles et 
makkari et el kbani , revue africain 5 °" année 1130 novembre 1861. 

177. Jean lion PAfricain: -description de l’afrique trd par aepouderd 


libraire :ل‎ Amérique d’ orient paris 1981. 

178. Dhina (A) -le Royaume Abdelouadide a 1’époque d’ Abou hamou 
Moussa 1% O.P.U. Alger. 1985. 

179. Levi provençal (E): - Moreau teste d’ histoire mérinides de musnad 
d’ibrn maryuk in hesperis 1925. 

180. Hadj sadak (M) -ibn marzouk ency lopedies mourelle edition 
T3.1990 

181. Hadj Roger idris. - Le barberie oriontale sous les zisides , paris. 2 


303 


فيوس الموضيوغات 


كلمة شكر و تقدير 

المقدمة أ 
اا 01 
الفصل الأول: دوافع و أسباب رحلة علماء المغرب الأوسط إلى المغرب الأدنى 

المبحث الأول: مكانة المغرب الأدنى العلمية 32 
المطلب الأول: انفتاح بيئة المغرب الأدنى و حرية الأخذ العلمي 35 
المطلب الثاني: اختصاص مدينة القيروان بالعلوم الفقهية 37 
المطلب الثالث: وفرة المؤسسات التعليمية و المكتبات (الخزائن العامة) 41 
أولا: الزوايا 42 
ثانيا: الجوامع 46 
ا : المذارس 52 
رابعا: المكتبات و الخزائن العامة 65 
المطلب الرابع: نظام التعليم في المؤسسات التعليمية 70 
المبحث الثاني: الرغبة في الاستزادة العلمية و لقاء الشيوخ 73 
المطلب الأول: الرغبة في الاستزادة العلمية 73 
المطلب الثاني: الرغبة في لقاء الشيوخ 74 
المبحث الثالث: المناخ السياسي بالمغرب الأوسط 76 
الفظلب الأول الصراعات الساسة 76 
المطلب الثاني: الضغوطات السياسية 78 


الفصل الثاني: عوامل ومظاهر الحركة العلمية بالمغرب الأوسط ما بين القرنيين السابع و التاسع 
الهجريين/ (15-13م) 


1. عوامل تطور الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 56 
المبحث الأول: دور السلطة السياسية بالمغرب الأوسط في تشجيع العلم و العلماء 86 
المطلب الأول: حفاوة سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء 86 
المطلب الثاني: أسباب اعتناء سلاطين المغرب الأوسط بالعلماء 89 
المبحث الثاني: انتشار المؤسسات التعليمية 90 


302 


فيوس الموضيوغات 


المظلبي الأول المؤيسات الدينية 


أولا: الزوايا 

ثانيا: الكتاتيب 
ثالثا: المساجد 
المطلب الثاني 
أولا: المدارس 
ثانيا: المكتبات 


المبحث الثالث: 
المطلب الأول: 


المطلب الثانى 
المبحث الرابع: 


المطلب الأول: 


المطلب الثاني 
2. مظاهر 
الميحة الأول 


النظلب الأول: 


المطلب الثاني 
المطلب الثالث 
المطلب الرابع: 
المبحث الثاني 


المطلب الأول: 


المطلب الثانى 
المطلب الثالث 
الفصل الثالث: 


لفتحت الأول: 
المطلب الأول: 


#الستمسات ا 


عقد المجالس العلمية و تنظيم المناظرات 
عقد المجالس العلمية 
: تنظيم المناظرات 
انتشار المراكز العلمية 
المراكز الرئيسية 
: المراكز الثانوية 
الحركة العلمية بالمغرب الأوسط 
: أصناف العلوم 
العلوم النقلية 
: العلوم اللسانية 
: العلوم العقلية 
العلوم الاجتماعية و الراحلات 
: مراحل التعليم وطرق التدريس ومناهجه 
مراحل التعليم 
: طرق التدريس 
:مناهج التعليم 
الانشغالات العلمية لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 
دراسة العلوم المتداولة في المغرب الأدنى 
العلوم النقلية 


303 


91 

91 

93 

94 

99 

99 
103 
105 
105 
108 
112 
113 
117 
121 
121 
122 
102 
137 
141 
144 
144 
144 
145 


149 
149 


فيوس الموضيوغات 


المطلب الثاني: العلوم اللسانية 

المطلب الثالث: العلوم العقلية 

المطلب الرابع: العلوم الأخرى 

المطلب الخامس: نماذج عن اختصاصات علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى 
المبحث الثاني: منافسة علماء المغرب الأوسط لعلماء المغرب الأدنى 

المبحث الثالث: تكوين شخصيتهم العلمية 

المبحث الرابع: تولي المناصب و الوظائف الإدارية الهامة 

الفصل الرابع: الإنتاج العلمي لعلماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى ما بين القرن السابع و 
الهجريين (15-14م) 

المبحث الأول: علماء المغرب الأوسط و ظاهرة التأليف 

المطلب الأول: الأسباب السياسية لظاهرة التقصير في ميدان التأليف 

المطلب الثاني: الأسباب الشخصية أو الذاتية التي أدت إلى التقصير في ميدان التأليف 
المبحث الثاني: نماذج من علماء المغرب الأوسط بالمغرب الأدنى وانتاجهم العلمي 
المطلب الأول: الإنتاج العلمي في مجال العلوم النقلية 

المطلب الثاني: الإنتاج العلمي في مجال العلوم العقلية 

الكاتمة 

الملاحق 

الفهارس العامة 

فهرس الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة 

فهرس الأعلام 

فهرس الأماكن و القبائل 

قائمة المصادر والمراجع 

فهرس الموضوعات 


304